آخرهم محمود ياسين.. "الزهايمر" يستهدف الفنانين.. قصص هجوم ملتهم الذاكرة على نجوم الفن.. وطبيب مخ وأعصاب يوضح الأسباب
الخميس 15/أكتوبر/2020 - 01:35 ص
طرق "الزهايمر" أبواب العديد من الفنانين، واشتبك معهم في صراعاتٍ طويلة أودت بحياة الكثر منهم، وما زال هناك من يقاتل مع هذا المرض اللعين، وكان آخر ضحاياه الفنان محمود ياسين، الذي رحل عن عالمنا صباح الأربعاء، بعدما قاوم بشجاعة حتى آخر لحظة، قبل أن يرفع المرض أعلامه السوداء، فوق منزل بطل "الرصاصة لا تزال في جيبي"، الكائن في الهرم، معلنًا انتصاره، ليعم الحزن على جميع أطياف الشعب المصرى.
ليس محمود ياسين وحده الذي راح ضحية الزهايمر، فهاذا الوحش الكاسر تتعددت ضحاياه، مُستهدفا الأسرة الفنية، واحدًا تلو الآخر، وكأنه يُخطط كي يسلب منهم أعز الذكريات التي سجلتها ذاكرتهم خلال فترة عملهم الفني، ويمحو قصص الحب الأسطورية التي عاشها معظمهم، حتى أنهم لا يمكنهم استرجاع التاريخ الذي سجلوه عبر السينما أو التلفزيون، أنه يستخدم أشد عقاب يمكن أن يُسببه مرض.
عمر الشريف
في عام 2012 داهم الزهايمر الفنان الكبير عمر الشريف، وظل يصارعه لمدة 3 سنوات، كانت كفيلة بأن تُسقط أقوى قلاع المواجهة ضد هذا المرض، وبدأت علامات السقوط تبدأ حين اتبست على "الشريف" أسماء أشهر أفلامه ونسى أين تم تصويرها، وفي مرحلة أخرى من الصراع تطور هجوم عدو عمر الشريف لدرجة أنه جعله يصعب عليه تحديد في أي مرحلة يعيش، وظلت حالته تزداد سوءًا، لكنه بقى لفترة يقاوم ليعرف من هو، وأنه ممثل مشهور، لكن حينما يراه شخص في الشارع ويقترب منه فإنه يعتقد أنه شخص يعرفه بالفعل ونسي شكله واسمه، بينما في الغالب يكون مجرد معجب.
وفي أشد اللحظات بأسًا انقطعت الأخبار عن الفنان عمر الشريف بناء على توصيات الأطباء، وعندما سأل عن زوجته السابقة الممثلة فاتن حمامة بعد أيام من وفاتها في يناير 2015، أخبروه بأنها قد تُوفيت، بعدها تدهورت حالته وأضحى النجم السينمائي البالغ من العمر 83 عاما يجد صعوبة في تذكر ما فعله أمس.
وقبل أن يهزمه المرض عاش الشريف الذي ولد بالإسكندرية في فندق بمنتجع الجونة السياحي المطل على البحر الأحمر، لكن ذلك الهدوء لم يواريه من الزهايمز الذي كان خصمًا عنيدًا يأبى الخسارة، وبعدما أخبروه في يناير بوفاة فاتن حمامة - الممثلة التي اعتنق الإسلام كي يتزوجها عام 1955- ظل على فترات متقطعة يسأل أبناءه: "كيف حال فاتن حمامة؟".
قدم عمر الشريف العديد من الأعمال الإبداعية، أما آخر أعماله فكان الفيلم العلمي 1001 اختراع وعالم ابن الهيثم، وكان من إخراج أحمد سالم، وجزء من حملة الأمم المتحدة السنة الدولية للضوء، والتي تديرها منظمة اليونسكو، قبل أن يسرقه الزهايمر في 2015، وهو نفس العام الذي رحلت فيه زوجته.
رشدي أباظة
قرر الزهايمر مطاردة رشدى أباظة مبكرًا، عندما بلغ 50 عامًا اكتشف الأمر بالصدفة بعدما سقط على الأرض أثناء تصوير مشهد فى فيلم "الأقوياء"، لازمه المرض 3 سنوات مما أثر على مركز الذاكرة، وفى آخر أيامه كان يتعامل مع أمه على أنها غريبة عنه ولا يعرفها، وأعلن ألزهايمر انتصاره في 27 يوليو 1980.
من المعروف عن "أباظة" أنه أكثر نجوم السينما المصرية وسامة وحضورًا، كان يتقن الحديث بخمس لغات وتزوج 5 مرات من تحية كاريوكا وسامية جمال وباربرا الأمريكية وصباح ونبيلة أباظة.
بدأت نجوميته الحقيقة في عام 1985 بعدما جسد ببطولة فيلم "امراة على الطريق"، وتوالت أعماله الناجحة منها "غروب وشروق، حكايتي مع الزمان، أريد حلا".
عايدة عبدالعزيز
بعد كل النجاح الذي حققته الفنانة الكبيرة عايدة عبدالعزيز، كان لابد أن تدفع ثمنًا لكن الثمن كان باهظًا، فقد هاجمها مرض ألزهايمر، وفقدت القدرة على تذكر أشياء مهمة في حياتها، وباتت تعتقد أن زوجها المخرج الكبير أحمد عبدالحليم ما زال على قيد الحياة.
قدمت عايدة عبدالعزيز أكثر من 78 عملًا إبداعيًا وبدأت مشوارها الفني من المسرح، إذ شاركت في أعمال مسرحية مهمة مثل "دائرة الطباشير"، و"النجاة"، ومنها إلى الدراما التلفزيونية، وشاركت في مسلسلات عديدة مثل "هالة والدراويش"، و"رحلة المليون"، و"محمد رسول الله"، و"زينب والعرش"، وحتى تاريخ كتابة هذه السطور ما زالت الصراع دائر بين "عايدة" والزهايمر.
نظيم شعراوي
لم يسعفه الزهايمر كي يحقق كل أحلامه، فعدما وصل إلى عالم الفن متأخرا وبدأ مشواره في نهاية الأربعينيات، وصنع نجوميته من خلال خشبة المسرح، هاجمه المرض بشراسة، وألزمه الفراش بعدما استنفد كل محاولات المقاومة وفك الحصار، ليعلن السقوط ويغادر عالم الأحياء في صباح حزين يوم 30 يونيو 2010.
اشتهر نظيم شعراوي بأدوار المسؤول صاحب الملامح الحادة، وقدم على شاشة السينما أفلاما مهمة كان آخرها دوره في فيلم "طيور الظلام" مع الفنان عادل إمام.
ماجدة الصباحي
فنانة شهيرة اسمها الكامل عفاف على كامل الصباحي، وشهرتها ماجدة، قدمت أكثر الأفلام الوطنية إبداعا وهو "العمر لحظ" والعديد من الأعمال قبل أن يخطفها ألزهايمر إلى عالم النسيان حيث فقدت القدرة على التذكر وإدارة شؤونها.
ولدت ماجدة الصباحي في 6 مايو 1931 وبدأت مشوارها الفني في فيلم "الناصح" إنتاج 1949 أمام إسماعيل ياسين، وتحمست للإنتاج الفني وقدمت أعمالا فنية مهمة، وما زالت تقاتل في مع معركة غير متكأفئة مع ذلك الوحش.
عبد الفتاح القصري
قصته تشبه كثيرًا قصص السينما، إذ تحالف الزهايمر مع زوجته ومهد لها الطريق لتنفيذ خيانة كبيرة، حين أصيب "القصري" بالعمى في أواخر أيامه، واستغلت زوجته التي كانت تصغره بـ 13 سنة مرضه وأجبرته على بيع كل ممتلكاته لها، وطلبت الطلاق ثم تزوجت من صبى كان القصري يعطف عليه، أصيب الفنان الكبير بعد ذلك بالاكتئاب وتصلب في الشرايين، مما أثر على المخ وأفقده الذاكرة لسنوات طويلة حتى رحل في 8 مارس عام 1964.
طبيب مخ وأعصاب يوضح الأسباب
وتعليقا على انتشار مرض الزهايمر بين الوسط الفنى، قال الدكتور محمد إبراهيم الحيص، طبيب المخ والأعصاب والطب النفسى، خلال حديثه لـ"مصر تايمز" إنّ عائلة أمراض الزهايمر "ديمنشيا"، يتفرع منها الزهايمر ديمنشيا، نسبة لمكتشفه ألويس الزهايمر، مشيرًا إلى أن الأشخاص الأكثر عرضة للمرض هم الذين يتجاوز عمرهم الـ 65 عامًا، بنسبة 30%، أما من تتجاوز أعمارهم الـ 85 عامًا فإن أكثر من 60% منهم قد يعانون من الزهايمر.
وأشار طبيب المخ والأعصاب والطب النفسي، إلى أنّ أكثر الأسباب التي تؤدي إلى مرض الزهايمر هي الإجهاد الزهني، وعدم أخذ قسطًا من الراحة، بالإضافة إلى كثرة المشاكل الأسرية، والتعرض للضغوط النفسية باستمرار، والإكثار من تناول المنبهات، لافتًا إلى أنّ الفنانين المصابين بالمرض تخطت أعمارهم السن المحدد، وبالتالي فإن فرصة إصابتهم كانت كبيرة.
وعن الوقاية من مرض الزهايمر قال "الحيص" أن الأشخاص الذين يداومون على تنشيط الدماغ من خلال ممارسة الأعمال الحسابية أو الكتابة، فرصة إصابنهم بالمرض تكون نادرة، وذلك سببه أن الزهايمر يستهدف الدماغ المنهمكة وليست النشطة، لذا فإن المحاسبين والكتاب نادرًا ما يصابوا بالمرض.
ولفت الدكتور محمد إبراهيم، إلى وجود علاج لمرض الزهايمر يمكن أن ينتج عنه شفاء كامل في بداية ظهور الأعراض، وعلاج آخر يأخذ بانتظام مدى الحياة، مثل علاج السكر والضغط، وذلك عن طريق زيادة مادة "الأستيل كولين" المسؤولة عن وظائف الانتباه والتركيز، والوظائف المعرفية، مشيرًا إلى أنه هناك حالات لا ينصح باستعمال هذا العلاج الفعال معها، وهي التي تكون مصابة بأمراض القلب، ويُستخدم معها العلاج النفسى.
ودعا طبيب المخ والأعصاب والطب النفسي، إلى ضرورة ممارسة الرياضة بانتظام، والإهتمام بالتغذية الصحية الجيدة، والتقليل من تناول المنبهات، ومحاولة التخلص من الضغوط، وتنشيط الدماغ عن طريق القراءة والكتابة والحفظ وإجراء العمليات الحسابية البسيطة للوقاية من الزهايمر.