الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

في ذكرى ميلاد أمير الشعراء.. إرستقراطية أحمد شوقي.. درس في فرنسا.. ونُفيَ لإسبانيا.. ترعرع في كنف العائلة الملكية.. بايعهُ حافظ إبراهيم.. ومرض غامض كتب فصل النهاية

الجمعة 16/أكتوبر/2020 - 03:36 م
أحمد شوقي
أحمد شوقي

أعتلى أحمد شوقي عرش الشعر العربي، فهو صاحب موهبة شعرية فريدة جعلتة أحد أعظم شعراء اللغة العربية على مر العصور ، أحمد شوقي الذي حفر اسمه في الشعر العربي على مر التاريخ، وفي وقت قصير أصبح أحد أعمدة الشعر العربي الحديث، وصاحب قصائد الشعر الملحمي.

نشأة إرستقراطية في ظل قصر الخديوي 

ولد أحمد شوقي علي أحمد شوقي في حي حنفي بالقاهرة، 16 أكتوبر عام 1868، لأب شركسي وأم يونانية ، عملت جدته لأمه وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل فتكفلت بتربية الحفيد، لينشأ معها في القصر، لتنعم طفولة شوقي بمشاهد وصور لمناظر خلابة بحديقة القصر، وينعَم شوقي بنشأة إرستقراطية، وعناية كاملة من جانب العائلة نظراً لأنه كان وحيد والديه، وعندما وصل الرابعة من عمره إلتحق بكُتّاب الشيخ صالح، فحفظ القرآن وتعلّم مبادئ القراءة والكتابة، ثم إلتحق بمدرسة المبتديان، وظهرت فيها نبوغته الواضحة، لذا منح إعفاء من مصروفات المدرسة، وانهال على دواوين فحول الشعراء حفظاً، ليبدأ منذ حينها الشعر يجري على لسانه، أنهى شوقي تعليمة الثانوي في سن مبكرة، حيث كان يبلغ حينها الـ 15 من عمره عام 1885، والتحق مباشرةً بمدرسة الحقوق، حيث درس بها القانون، وانتسب إلى قسم الترجمة فدرس به ترجمة اللغة الفرنسية، وانتهى من دراسته عام 1889م، وفي تلك الأثناء خطفت موهبته الشعرية أنظار أستاذه الشيخ محمد البسيوني، حيث كان قد بدأ شوقي تنظيم الشعر أثناء دراسته الحقوق، وتعد تلك بواكير شوقي في الشعر، ورأى الشيخ محمد البسيوني في شوقي مشروع شاعراً كبيراً.



السفر لفرنسا

أرسل الخديوي توفيق أحمد شوقي إلى فرنسا على نفقته لإتمام دراسة الحقوق، فالتحق بجامعة مونبلييه لمدة عامين، ومن ثم انتقل إلى جامعة باريس، وقضى شوقي في مدينة باريس ومونبلييه 4 سنوات، تلك السنوات التي حسمت إتجاهات شوقي الفكرية والإبداعية، وظهرت خلالها أيضاً بدايات شوقي في مقاومة الاحتلال الإنجليزي، حيث اشترك مع زملائه في تكوين جمعية "التقدم المصري" التي كانت أحد أشكال العمل الوطني ضد الاحتلال، وحينها تكونت علاقة صداقة حميمة بين شوقي والزعيم مصطفى كامل، وأثرت الثقافة الفرنسية في شوقي حيث تأثر بالشعراء الفرنسيين، وبالأخص راسين وموليير، إلا أن قلبة ظل معلقاً طوال تلك الفترة بالثقافة المصرية وشعراء العرب.

عودة للوطن

عاد شوقي من فرنسا بعد 4 سنوات إلى مصر، ليبدأ ويحفر اسمه من ذهب بين الشعراء، حيث أطلق ديوانه "الشوقيات" وصدر الجزء الأول منه عام 1898، وجد شوقي عند عودته إلى مصر الخديوي عباس حلمي يجلس على عرش مصر، فعينة الخديوي بقسم الترجمة في القصر.

الأسرة الحاكمة ولية نعمة شوقي

ورأى الخديوي في شعر شوقي عوناً له في محاربة الإنجليز، فقرَّبه إليه وأرتفعت منزلته عنده، وفي تلك الأثناء توجه شعر شوقي نحو المديح للخديوي عباس، ويُرجع النقاد التزام شوقي بالمديح الدائم للأسرة الحاكمة إلى عدة أسباب من أهمها أن الخديوي هو ولي نعمة شوقي، وظل شوقي يعمل في القصر إلى أن خلع الإنجليز الخديوي عباس الثاني عن عرش مصر.


النفي لإسبانيا

استغل شوقي شعره في مهاجمة الاحتلال البريطاني، فما كان من الاحتلال إلا أن يغادر شوقي البلاد، فنفوه إلى إسبانيا عام 1914م، إلا أن هذا النفي كان بمثابة فرصة لشوقي، حيث أطلع في المنفى على الأدب العربي والحضارة الأندلسية، لاسيما قدرته التي تكونت في استخدام عدة لغات والاطلاع على الآداب الأوروبية، وأستطاع شوقي أن يعلم بالأوضاع الجارية في مصر حينها وهو في المنفى، فشارك في الشعر من خلال إهتمامه بالتحركات الشعبية الرغبة بالتحرير.

مُبايعات أمير الشعراء

عاد شوقي لمصر عام 1920، واستقبلة الشعب استقبال رائع واحتشد الآلاف لتحيته، وكان على رأسهم الشاعر الكبير "حافظ إبراهيم"، وبعد عودته أصبح شوقي شاعر الأمة المُعبر عن قضاياها، وحينها بويع شوقي أميراً للشعراء من قبل شعراء العرب: خليل مطران، وحافظ إبراهيم، وأمين نخلة، وشبلى ملاط، وخصه حافظ إبراهيم عند مبايعته بقصيدة جاء فيها: أمير القوافى قد أتيت مبايعًا وهدى وفود الشرقى قد بايعت معى.


المسرح الشعري 

بلغ شوقي قمة مجده بعد مبايعات الشعراء له أميراً للشعراء، فاتجه إلى فن المسرحية الشعرية، وبدأ التحول في شعر أحمد شوقي، حيث قام بوضع أول عمل مسرحي في شعره، وأخرج شوقي للشعب تراث مسرحي منه مسرحية "مصرع كليوباترا" سنة 1927، ثم مسرحية "مجنون ليلى" 1932، وكذلك في السنة نفسها "قمبيز" وفي سنة 1932 أخرج إلى النور مسرحية "عنترة"، ثم أدخل بعض التعديلات على مسرحية "علي بك الكبير" وأخرجها في السنة ذاتها، مع المسرحية النثرية "أميرة الأندلس"، بالأضافة إلى مسرحياته "الست هدى"، و"البخيلة"، و"شريعة الغاب"، ومن روايات أحمد شوقي "الفرعون الأخير"، و"الفجر الكاذب"، و"عذراء الهند".

مرض غامض يكتُب النهاية

أصيب أمير الشعراء وهو على مطلع الستين بمرض تصلب الشرايين، وأصيب في عام 1930 بمرض غير معروف، ذلك الذي أنهك قواه، وألزمه الفراش لمدة 4 أشهر، وفي مساء 13 أكتوبر عام 1932، غابت عن عالمنا شمس أمير الشعراء، وسلم الروح وسط محاولات الحاضرين إنقاذه من ضيق التنفس، وحين دفن كُتب على قبره بيتان من قصيدة "نهج البردة"، حيث نظم شوقي تلك القصيدة في مدح رسول الله (ص)، وأوصى قبل وفاته بذلك، وهذان البيتان هما:

يَا أحمدَ الخَيْرَ، لي جاهٌ بِتَسْمِيَتي 
وَكَيْف لا يَتَسامى بالرَّسولِ سَمِيّ؟ 
إنْ جَلَّ ذَنْبِي عَنِ الغُفْرانِ لي أمَلٌ 
فِي اللهِ يَجْعَلُنِي في خَيْرِ مُعْتَصمِ.