الإثنين 25 نوفمبر 2024 الموافق 23 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
عربى ودولى

الحوثيون في شبوة .. فاتورة الدم الباهظة

الإثنين 18/أكتوبر/2021 - 08:26 م
صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

بعد 7 أعوام من سيطرة الحوثيين المدعومين من إيران على العاصمة اليمنية صنعاء لاتزال تلك الجماعة متشبثة بما تحت يديها، ولايبدو أنها في وارد خسارة الحرب رغم ما تلقته من ضربات مدمرة، على العكس تماما يتقدم الحوثيون ويسيطرون على مناطق جديدة، والسبب كما يرى مراقبون هو ضعف السلطة المعترف بها دوليا وسيطرة حزب واحد عليها بشكل كامل وهو حزب الإصلاح، الذراع اليمني من تنظيم الإخوان المسلمين، وهو ما جعل القوى الأخرى الوازنة تنفض من مائدة الشرعية تباعًا، وهو أيضًا سبب رئيس في فقدان قطاع غالب من اليمنيين ثقتهم بالسلطة الشرعية المعترف بها دوليا. 

مع تقدم ميليشيات الحوثي في مديرتي بيحان وعين غرب محافظة شبوة اليمنية الواقعة جنوبا لمركز موقس في مديرية العليا، والاتجاه إلى مثلث مفرق خر، حتى وصلت إلى مركز مديرية بيحان، بينما انسحبت قوات الجيش اليمني إلى مديرية عسيلان المجاورة.

والمناطق المذكورة تقع جنوب شرقي اليمن وفيها تتركز الثروات النفطية والغازية في اليمن ما يعني بدء مرحلة جديدة من الصراع إذا أحكم الحوثي سيطرته على شبوة إلى جانب مارب. 

وفي الأثناء، تعيش مدينة العليا عاصمة مديرية بيحان (التي تعد أكثر مديريات المحافظة سكانًا بعد عاصمة المحافظة)، فراغًا إداريًا وأمنيًا وتسود حالة من القلق والخوف بين المواطنين، فيما تستعد بعض الأسر للنزوح من المدينة بعد أن أحكمت جماعة الحوثي السيطرة عليها.

وكما هو حال السلطة الشرعية تبدو سلطات شبوة نسخة مصغرة تنعكس فيها كل عيوب الأخرى، فحزب الإصلاح الإخواني يسيطر بشكل كامل على محافظتي مارب وشبوة كما يسيطر على القوات والألوية العكسرية الكثيرة في المحافظتين، لكن تلك القوات لم تقاتل الحوثيين عندما سيطروا على مديريات شبوة الشهر الماضي بل انسحبت من مواقعها وثكناتها قبيل دخول الحوثيين للمديريات تاركة سكانها يواجهون مصيرًا مجهولًا، وهو ما يطرح الكثير من علامات الاستفهام خصوصًا في ظل الحديث عن تفاهمات سرية جرت وتجري بين الحوثيين وإخوان اليمن برعاية إيرانية - قطرية.

مؤخرًا تقدمت المليشيات الحوثية في مديرية عين في شبوة أيضًا وهي محافظة شاسعة المساحة، وسيطرت على عدد من مناطق المديرية، واشتبكت مع قبائلها، غير أنها تغلبت بفارق الإمكانات البشرية، والسلاح الثقيل، فيما تستمر بعض المواجهات بين الطرفين في مناطق أخرى من المديرية، ما أدى إلى إغلاق مدارس التعليم الأساسي والثانوي حتى إشعار آخر.

وقالت قوات الجيش اليمني، الثلاثاء، إنها تخوض معارك عنيفة ضد المليشيات المدعومة من إيران، مشيرة إلى أن العشرات سقطوا بين قتلى وجرحى، لكن سكان المنطقة يؤكدون أن القوات المحسوبة على حزب الإصلاح لم تشترك في القتال أيضًا.

واتجه الحوثيون غربًا باتجاه مديرية حريب التابعة إداريًا لمحافظة مأرب، في محاولة للسيطرة عليها، وراجت أنباء أكدتها المصادر عن تعرض مدير عام مديرية حريب ناصر القحاطي المرادي لإصابات بليغة أثناء المواجهات مع الحوثيين. 

نسخة جديدة


هذه ليست المرة الأولى التي تسيطر فيها جماعة الحوثي على محافظة شبوة، فقد سبق أن سيطرت عليها في أبريل 2015، واحتلت معظم مديريات المحافظة، ومن ضمنها مدينة عتق مركز المحافظة، لكنها انسحبت من المدينة بعد أربعة أشهر بعد ضغط من "المقاومة الشعبية القبلية"، وأبقت قواتها في مديريات بيحان حتى نهاية عام 2017.

هجوم حساس 


الهجوم الحوثي على شبوة، كبير وحساس، إن الحوثيين شنوا هجومًا كبيرًا عبر وادي خر، الواقع أسفل عقبة القندع التي تربط بين محافظتي شبوة والبيضاء.

فيما استطاع الحوثي اجتياز عدد من القرى الواقعة بين وادي خر وعاصمة مديرية بيحان العليا، وهي غنية وموقس وريدان ومفرق الدهولي، واجه "مقاومة شعبية" من قبيلة آل عياش، لكن بتفوقه العسكري من قدرات قتالية وبشرية استطاع الوصول إلى مركز مديرية بيحان العليا.

إن قوات الجيش الحكومي انسحبت من جبهة بيحان بعد ضغط من الحوثي، مشيرًا إلى وجود كتائب من ألوية الجيش، وهي اللواء 163، واللواء 19 مشاة، واللواء 21 ميكا، بالإضافة إلى القوات الخاصة، إلا أنها اضطرت إلى الانسحاب.

وتطرق إلى "المقاومة الشعبية" التي أبدتها قبيلة آل عياش في منطقة جبل نصيب ضد الميليشيات، مشيرًا إلى أن القبيلة واجهت الجماعة على الرغم من إمكاناتها التسليحية والبشرية المتواضعة، ما أدى إلى مقتل سبعة أشخاص وإصابة آخرين بجروح.

دوافع وأهداف


إن من بين الأهداف الرئيسة لإعادة سيطرة الحوثيين على محافظة شبوة، استخدامها كقاعدة لوجستية في حربها على محافظات الجنوب، باعتبار أن شبوة منطقة تتوسط المحافظات الجنوبية، بالتالي سيتخذها الحوثي مقرًا لإعداد وتجهيز قواته بكل الأسلحة والإمكانات المادية والبشرية للسيطرة على محافظات أبين وعدن غربًا، وحضرموت والمهرة شرقًا.

وباستعراض الدوافع والأهداف التي جعلت الحوثي يتجه إلى شبوة، "هناك أهداف عدة تدفع الحوثي لإعادة السيطرة على شبوة، فالمحافظة تعد واحدة من ثلاث محافظات يمنية منتجة للنفط، حيث توجد حقول النفط (جنّة) في وادي بلحارث في مديرية عسيلان، وتنتج عشرات الآلاف من النفط يوميًا، بالإضافة إلى حقول العقلة وعياذ، شرق مدينة عتق مركز محافظة شبوة، كما يوجد بالمحافظة مشروع ميناء بالحاف لتصدير الغاز الطبيعي المسال على ساحل البحر العربي جنوبًا، وهناك أسباب أخرى غير النفط تشجع الحوثي على السيطرة على شبوة، ومنها زيادة الضغط على قوات الحكومة في محافظة مأرب من الجهة الشرقية، بعد أن حاصرها منذ عدة أشهر من الجهات الغربية والشمالية والجنوبية، كما أن موقع شبوة الاستراتيجي، وسط اليمن، يجعلها تربط شرق اليمن بغربه وشماله وجنوبه، وللمحافظة حدود واسعة مع عدد من المحافظات اليمنية، وتشرف على ساحل بحري يمتد لأكثر من 250 كلم، ناهيك بمساحتها الجغرافية الكبيرة، إذ تعد ثالث محافظات الجمهورية اليمنية مساحة".