إخوان اليمن الى أين؟
الإثنين 09/مايو/2022 - 12:52 ص
ربما تكون جميع الأطراف والقوى السياسية اليمنية رحبت بالمساعي الأممية لإيجاد حل سياسي للأزمة التي تعصف بالبلاد، منذ 8 سنوات وخلفت أسوأ أزمة إنسانية في العالم، لكن العديد منها سقطت في أول اختبارٍ لها بينما كانت جهود المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروند برغ تأتي بنتائج ملموسة خلال الشهر الماضي.
كانت الأمم المتحدة نجحت في إقناع الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي المدعومة من إيران في الدخول بهدنة تستمر لمدة شهرين، وتنص على وقف جميع العمليات القتالية وفتح مطار صنعاء الدولي للرحلات التجارية إلى العاصمتين المصرية القاهرة والأردنية عمان، وفك الحصار الذي يفرضه الحوثيون على مدينة تعز ودخول سفن محملة بالمشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، على أن تذهب إيراداته إلى رواتب الموظفين.
ومضى أكثر من شهرٍ على دخول الهدنة سريان التنفيذ وتنتهي في بداية يونيو المقبل، لكن الوضع يراوح مكانه، إذ عرقل الحوثيون تنفيذ بنود الهدنة، بما في ذلك، عرقلة تشغيل الرحلات التجارية من مطار صنعاء وفك الحصار عن مدينة تعز، بينما شن حزب الإصلاح الفرع المحلي لجماعة الإخوان المسلمين هجومًا إعلاميًا بلا هوادة على المساعي الأممية والسعودية الهدافة إلى إيجاد حل سياسيٍ للأزمة اليمنية.
حزب الاصلاح الذراع اليمنية لتنظيم الإخوان المسلمين، عمليا ينضوي في إطار معسكر الحكومة اليمنية المناوئة للحوثيين، وقد تمكن خلال سنوات الحرب الثمان وحتى قبل ذلك ومنذ 2011 من التغلغل وفرض سيطرة شبه كاملة على مؤسسات الدولة بما فيها مؤسسة الرئاسة وقاد عملية أخونة منظمة في الجيش والامن.
لكن هذا الانجازات التي حققها إخوان اليمن من منظورهم تعرضت لانتكاسة كبيرة مطلع ابريل نيسان المنقضي، بعد إجراء تغيير سياسي كبير تمثل بإنشاء مجلس قيادة رئاسي ضم ثمان شخصيات مثل بعضها قوى صاعدة يعتبرها الاخوان معادية لهم، وهذا المجلس لاينفي نيته في اعادة هيكلة كل مؤسسات الدولة بطريقة تقضي على الانفراد فيها وتشرك كل القوى الفاعلة.
هذا الامر يعني عمليا انهاء سيطرة الاخوان على مفاصل الدولة الى جدي كبير خصوصا بعد الفشل السياسي والعسكري والاقتصادي الذي صبغ قيادة وسيطرة الاخوان طوال العقد المنصرم.
واقع يجعل حزب الاصلاح ممثل تنظيم الاخوان في اليمن في مفترق طرق، فإما ان ينحني للموجة القوية ويقبل بما جرى وسيجري لمصلحة البلاد، او أن يضع قدميك على الطريق الذي شلكله إخوان مصر مثلا باللجوء الى الارهاب وتحريك الخلايا والتنظيمات الارهابية ضد خصومه، وسن حزب اعلامية وكل جهد ممكن لإفشال جهود المجلس الرئاسي والقوى الاقليمية الداعمة له ولليمن وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
ومن خلال الاحداث المتسارعة خلال الشهر المنقضي من عمر التغيير، يبدو جليا ان إخوان اليمن قد اختاروا الطريق الثاني، اذا شهدت الايام الماضية عمليات ارهابية تكاد تكون شبه يومية، وقبلها اثارت حادثة هروب مجموعة من أخطر الارهابيين من سجن في وادي حضرموت بطريقة مريبة وهي منطقة تسيطر عليها قوات موالية لحزب الاصلاح الاسلامي.
كما أن آلة الإعلام والدعاية التابعة لحزب الإصلاح تشن هجومًا على المساعي الدولية، بالتوازي مع هجوم مماثل على مجلس القيادة الرئاسي الذي شكله الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي وأسند إليه صلاحيات رئيس الجمهورية في إبريل الماضي".
الحملات الإعلامية المنظمة تهدف إلى إثارة الرأي العام وتبديد فرص الحل السياسي للأزمة اليمنية". ويملك حزب الإصلاح العديد من الوسائل الإعلامية منها قنوات "يمن شباب، والمهرية، وسهيل، وقناة بلقيس المملوكة للقيادية البارزة في الحزب توكل كرمان". وتعمل هذه القنوات للتعبير عن سياسية الحزب بطريقة غير مباشرة.
إن القيادية كرمان تتولى إدارة الحملات الإعلامية المنظمة، كما تتولى، تمويل شبكة واسعة من الصحفيين والنشطاء مسنودة إليهم مهمة الهجوم المتواصل على المساعي الدولية والسعودية لحل الأزمة اليمنية. وتحدث عن وجود قيادات سياسية أخرى من الحزب ذاته تدير هذه الحملات، لكنه رفض الإفصاح عن اسمائها.
الهجوم الذي تشنه وسائل إعلام الإصلاح يتزامن مع هجوم مماثل تشنه الماكينة الإعلامية للحوثيين، وبنفس الوتيرة حيث يشترك الطرفان في تقاطع مصالح يعتبران ان اي تغيير سياسي سيهدد مصالحهما المتراكمة كم إطالة أمد الحرب.
وتوقفها يعني القضاء على مصالحهما". ويبدوا أن الحوثيين يتخذون من الهدنة الأممية ورقة للمناورة وإعادة ترتيب صفوفهم من جديد، تمامًا كما حدث أثناء المعارك التي دارت في مدينة الحديدة الواقعة على البحر الأحمر عام 2018.
واستفاد حزب الإصلاح من سلطات الرئيس السابق عبدربه منصور هادي الهشة، وتمكن من التغلغل داخل مؤسسات الدولة وإقصاء جميع القوى السياسية وسيطر على مؤسسات حكومية بالكامل، بما في ذلك المؤسستين العسكرية والأمنية.
وحتى الان كوادر حزب الإصلاح تسيطر على جميع الدوائر في الدفاع اليمنية وقيادة المناطق والألوية العسكرية وصولًا إلى قيادة الجبهات في الكثير من المحافظات اليمنية كمأرب، وحرض. وأضاف، أن الحزب عين شخصيات غير كفؤة ما أدى إلى حدوث العديد من الانتكاسات العسكرية وسقوط محافظة الجوف بالكامل بقبضة الحوثيين.
وعانت القوات الحكومية من عديد انتكاسات عسكرية، إذ فقدت السيطرة على جبهة نهم الاستراتيجية الواقعة عند البوابة الشرقية للعاصمة اليمنية صنعاء، ومحافظة الجوف، بالكامل.
كما فقدت السيطرة على جبهات محافظة البيضاء، ومديريات في محافظة مأرب، وثلاث مديريات في محافظة شبوة الغنية بالنفط والمطلة على بحر العرب. وتدخلت ما يعرف بـ"ألوية العمالقة الجنوبية في محافظة شبوة وتمكنت من استعادة المديريات الثلاث في يناير الماضي".
ويقول اليمنيون ومعهم مراقبون أن سقوط بعض هذه الجبهات العسكرية كان نتيجة لتفاهمات بين حزب الإصلاح والحوثيين خلال العاميين الماضيين.
ويضيفون أن هناك اتفاق بينهما على إطالة أمد الحرب، لأنها تحولت إلى ورقة مربحة بالنسبة للجانبين". لكن هذه التفاهمات لم تكن الأولى، بل يتحدث مراقبون عن وجود قنوات تواصل بين الجانبين منذ عدة أعوام، ولم تنقطع حتى في ظل الحرب وانضواء حزب الإصلاح في إطار معسكر الحكومة اليمنية.
ويذكر المراقبون بمشاركة شيوخ قبليين موالين لحزب الإصلاح في إسقاط محافظات ذمار، وعمران، وصنعاء بقبضة الحوثيين عام 2014، وبتوجيه وزير الداخلية اليمنية حينذاك "عبده حسين الترب" الموالي للحزب، لعناصر وزارة الداخلية بعدم مقاومة الحوثيين أثناء اقتحام المؤسسات الحكومية في العاصمة اليمنية صنعاء.
الهجوم على مجلس القيادة الرئاسي هو بسبب توجهه نحو إعادة إصلاحات المؤسسات الهشة والضعيفة، والقضاء على الفساد الذي أدى إلى شل هذه المؤسسات.. الإصلاح يخشى امتداد الإصلاح إلى المؤسسات التي يقودها، وبلاشك سيصل إليها".
حزب الإصلاح يحاول عرقلة أي إصلاحات بالهجوم على المجلس وابتزازه، وتعقيد فرص السلام في اليمن، تمامًا كما يفعل الحوثيون. وهناك هناك تجارة حرب مزدهرة، ولا يريد الإصلاح والحوثيين فقدانه"، متابعًا "تظل فرص نجاح المساعي الدولية قليلة في ظل استمرار الحوثيين والإصلاح في عرقلتها ووضع الألغام أمامها".