125 جريحاً في اشتباكات "المنطقة الخضراء" بالعراق
اقتحم متظاهرون مناصرون للتيار الصدري السبت مبنى البرلمان العراقي داخل المنطقة الخضراء المحصنة في وسط بغداد، للمرة الثانية خلال أقلّ من أسبوع، احتجاجاً على مرشح خصوم الصدر السياسيين لرئاسة الوزراء، معلنين اعتصاماً مفتوحاً داخله، وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية “فرانس برس”.
125 جريحاً في اشتباكات "المنطقة الخضراء" بالعراق
دخل مئات من المتظاهرين البرلمان وقاعته الرئيسية رافعين الأعلام العراقية وصور مقتدى الصدر، كما أفاد صحافيون في “فرانس برس” من المكان.
وهذه المرة الثانية خلال أيّام قليلة التي يدخل فيها مناصرو الصدر البرلمان العراقي بعد أن اقتحموا المبنى الأربعاء ورفعوا إشارة النصر والتقطوا الصور.
ومع هذه التطورات، يبدو أن الأزمة السياسية في العراق تزداد تعقيداً فبعد عشرة أشهر على الانتخابات التشريعية المبكرة في أكتوبر 2021، تشهد البلاد شللاً سياسياً تاماً في ظل العجز عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.
وسط هذا المأزق السياسي، يشنّ رجل الدين الشيعي النافذ مقتدى الصدر حملة ضغط على خصومه السياسيين رافضاً مرشحهم لرئاسة الحكومة.
وأعلن التيار الصدري أن المتظاهرين الذين اقتحموا مبنى البرلمان باشروا "اعتصاماً مفتوحاً" داخله.
صباح السبت، تجمّع الآلاف من المتظاهرين المناصرين للصدر على جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء المحصنة التي تضمّ مقرات حكومية وسفارات أجنبية، وتمكّن المئات منهم من تجاوز الحواجز الاسمنتية على الجسر والدخول إليها.
وقال المتظاهر حيدر اللامي لفرانس برس "خرجنا ثورةً للإصلاح ... ونصرة للسيد القائد مقتدى الصدر. ... لن نبقي على الفاسد، والمجرّب لا يجرّب. هؤلاء لا ينفعون بشيء، لقد تسببوا لنا بالأذى منذ العام 2003، ولم نرَ منهم نتيجة، سرقونا".
أطلقت القوات الأمنية العراقية الغاز المسيل للدموع والمياه في محاولة لتفريق المتظاهرين وردعهم. وشاهد مراسل لفرانس برس محتجين وهم يسعفون مصاباً من بينهم غطت الدماء وجهه، فيما كان بعض المتظاهرين يحملون أشخاصاً مصابين بإصابات طفيفة.
وأفادت وزارة الصحة العراقية في بيان أن مؤسسات وزارة الصحة استقبلت 125 جريحًا، 100 منهم مدنيون و25 من رجال الأمن.
جدد المتظاهرون رفضهم لاسم محمد شياع السوداني الذي رشّحه الخصوم السياسيون للصدر لمنصب رئيس الوزراء في الإطار التنسيقي الذي يضمّ كتلاً شيعية أبرزها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الموالي لإيران.
من حديقة البرلمان، قال ستار العلياوي البالغ من العمر 47 عاماً إنه يتظاهر ضدّ "الحكومة الفاسدة والفاشلة" التي سيشكّلها خصوم الصدر، مضيفاً "لا نريد السودانيـ الأحزاب مرفوضة، الأحزاب التي حكمت البلد 18 عاماً، سنقيم اعتصاماً هنا تحت قبّة البرلمان، سننام في البرلمان".
ويذكّر الصدر خصومه باستمرار بأنه لا يزال يحظى بقاعدة شعبية واسعة ومؤثرا في سياسة البلاد رغم أن تياره لم يعد ممثلاً في البرلمان.
وفي حين يمارس الضغط الشعبي على خصومه، ترك الصدر لهم مهمة تأليف الحكومة، بعد أن استقال نواب التيار الصدري الـ73 في يونيو الماضي من البرلمان، بعدما كانوا يشغلون ككتلة، أكبر عدد من المقاعد فيه.
في الأثناء، أعرب الإطار التنسيقي في بيان السبت عن "القلق البالغ" من الأحداث الأخيرة، و"خصوصًا التجاوز على المؤسسات الدستورية واقتحام مجلس النواب".
ودعا "جماهير الشعب العراقي المؤمنة بالقانون والدستور والشرعية الدستورية الى التظاهر السلمي دفاعا عن الدولة وشرعيتها".
إثر تسارع الأحداث، دعا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في بيان موجه إلى "القوات الأمنية"، إلى "حماية المتظاهرين ... والمتظاهرين إلى التزام السلمية في حراكهم".
وترقّباً لتظاهرات السبت، شدّدت السلطات الاجراءات الأمنية، وأقامت حواجز اسمنتية على الطرقات المؤدية إلى المنطقة الخضراء.
وأعلن الإطار التنسيقي الخميس تشكيله فريقاً تفاوضياً "للتباحث مع جميع القوى السياسية بخصوص تشكيل الحكومة وإكمال الاستحقاقات الدستورية"، وفق بيان.
ليل الجمعة، قام مؤيدون للصدر بمهاجمة مكاتب محلية في بغداد تابعة لحزب الدعوة الذي يتزعمه نوري المالكي، ومكاتب لتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، المنضوي في الإطار التنسيقي، كما أفاد مصدر أمني.
وقال زعيم تيار الحكمة في مقابلة مع بي بي سي عربي الخميس "كنا نتمنى أن ينتظروا لتشكيل الحكومة ومن ثم يقيِّمون اداءها إن كان جيدا فليعطوها فرصة وإن كان اداؤها شيئاً آخر، ليعترضوا عليها".
يبدو العراق عاجزًا عن الخروج من الأزمة السياسية إذ لم تفضِ إلى نتيجة المحاولات والمفاوضات للتوافق وتسمية رئيس للوزراء بين الأطراف الشيعية المهيمنة على المشهد السياسي منذ العام 2003. وغالبا ما يكون المسار السياسي معقدا وطويلا في العراق، بسبب الانقسامات الحادة والأزمات المتعددة وتأثير مجموعات مسلحة نافذة.