«عاملات بالعمة والفأس».. رحلة سيدات قنا في كسر قصب السكر بالجبال بحثًا عن لقمة العيش (فيديو وصور)
"بعد صلاة الفجر وداخل تروسيكل مجموعة سيدات يقفن بالعمة ملثمين والفأس والمنجل على أكتافهن" مشهد عصيب لم يتخيل أحد أنه متواجد على أرض الواقع داخل إحدى قرى محافظة قنا، كونه ذلك المشهد الذي تدمع له الأعين وتقشعر له الأبدان على حالهن وهن في حالة استعداد للرحيل على إحدى القرى بحثًا عن لقمة العيش داخل محاصيل القصب فكل منهن وظيفتها الخاصة مجموعة بالفأس لكسر القصب وأخرى لحمله وتخزينه في أكوام والأخيرة للتقشير وتجميع القلوح، مهمات صعبة على الرجال تحملها لكن الاحتياج الشديد جعل نساء قنا يمارسونها دون ظهور أي صوت لمعاناتهم.
تحت قيادة مقاول الأنفار الذي يجمع العمال الأغلبية من بينهم سيدات بعد آذان الفجر مباشرة يخرج بالتروسيكل وقبل مرور عدة دقائق يجد الجميع جاهزًا للرحلة الشاقة يوميًا يتنقلون من قرية لقرية ومن محصول لآخر لبدء مهمتهم في المهنة الأكثر صعوبة في صعيد مصر وهي كسر القصب لينتهوا من الوردية الأولي في العاشرة صباحًا حتي يحملهم مقاول الأنفار مرة أخرى لمنازلهم سيدات ورجال للراحة ساعتين قبل الخروج للوردية الثانية بعد الظهر حتى الخامسة مساءً، قد يكون ذلك عملًا معتادًا بالنسبة للرجال لكن السيدات مجبرين عليه للظروف القاسية التي تمر عليهم والضائقة المالية التي جعلت بعضهن لم ينظر إلى اللحمة منذ عامين.
"معايا ابني مريض بالقلب" بهذه الجملة الصعبة بدأت السيدة «م.ع،» حديثها ودموعها ترفض التوقف لاستكمال قصتها من شدة حزنها على حالة ابنها الذي يحتاج إلى رعاية طبية مستمرة والأدوية تكلفتها عالية، لذلك لجأت بعد انفصالها إلى العمل في كسر القصب داخل مختلف القرى ربطت العمة على جبينها والفأس والمنجل على كتفها وخرجت لجمع المال لتلبية احتياجات ابنيها، مشيرة أنها تعمل ورديتين من الفجرية حتى غروب الشمس ولو باستطاعتها ومتاح كانت عملت وردية ثالثة لتوفير ثمن عملية ابنها المريض.
وأضافت «أم محمد» بأنها منفصلة منذ 20 عامًا وتعيش في غرفة من الطوب اللبن لا أحد يستطيع الوقوف بداخلها من زحمة الأطفال بداخلها فلديها 5 أولاد بينهم ابنتها التي تزوجت وأنجبت طفلين ثم تُوفي زوجها في حادث فعادت إليها مرة أخرى للعيش معها، فزاد الحمل عليها أضعاف، وعلى الرغم من كبر سنها إلا أنها تعمل ورديتين في كسر القصب بموسم الشتاء وفي فصل الصيف تخرج كعاملة مع مقاول الأنفار في تنظيف الزراعات من الحشائش ومع ذلك لا يكفي دخلها توفير العيش الحاف لأسرتها وفاعلين الخير من حين لآخر يقومون بمساعدتها.
بينما قصة السيدة "ح.م" قائلة: "لجأت للشغلانة المميتة دي عشان الحوجة المرة" حيث تشتكي من الألم في جميع جسدها يديها التي تمسك الفأس لساعات طويلة وظهرها المنحني طوال الوقت ورقبتها أيضًا بينما رجليها التي تظل واقفة طوال فترة عملها كل ذلك في مهنة كسر القصب الذي تترحل إليها مثل السجينة داخل تروسيكل متجهًا إلى مكان زراعات القصب في جبال قنا لأن الأماكن القريبة ليس بحاجتهم إلى عاملات البعيدة فقط، وعن الظروف التي جعلتها تتحمل كل هذه المعاناة بأن زوجها سائق بالأجر اليومي ولديها 5 بنات فدخل واحد لا يكفيهم لذلك قررت تخوض الرحلة الشاقة مع سيدات قريتها في حصاد محصول قصب السكر.
وقال أبو مازن مقاول الأنفار المسئول عن السيدات العاملات في حصاد محصول القصب، أن كل سيدة تخرج معه لذلك العمل الصعب ب100 راجل فليس سهل على السيدة الخروج في شدة برودة الجو بعد آذان الفجر يوميًا للعمل في القصب، مطالبًا بالنظر إلى تلك العاملات بعين الشفقة وتوفير حياة كريمة لهم فكل حالة وراءها مأساة جعلها تنسى كونها سيدة ترتدي زي تظهر كأنها رجل وهى ملثمة وترتدي العمة بحثًا عن لقمة العيش لأسرتها.