"سرابيط الخادم".. أقدم مستعمرات مدن الفيروز بجنوب سيناء تحتوي على 387 نقشاً ينتمون للدولتين الوسطى والحديثة
الكثير من أبناء الشعب المصري لا يعرفون منطقة سرابيط الخادم بمحافظة جنوب سيناء، فهى منطقة أثرية تجمع على أرضها تاريخا طويلا يحتاج إلى شهور للحديث عنها، لأنها منطقة جبلية يقطنها عدد قليل من الأسر البدوية، لكن لا يوجد اهتمام بهم إلا نادرا، بالرغم من أن المنطقة لو استخدمت سياحيا بالطرق الصحيحة، ستعود على مصر كلها بالخير.
الجمع بين دولتين
منطقة سرابيط الخادم، تجمع بين الدولتين القديمة والحديثة ، وقد يعتقد البعض أن اسم شبة جزيرة سيناء، أرض الفيروز، اكتسبته من تلك الجبال الغنية بجنوبها، تلك التلال التي حفر المصري القديم كهوفها وآبارها منذ العصر النيوليتي وخلال فترة البداري بحثًا عنه، فقد كشفت الحفريات الأثرية، التي قام بها عالم مصريات الإنجليزي السير وليام ماثيو فلندرز پتري، تلك المعسكرات التعدينية القديمة في جنوب سيناء، والتي يزينها معبد حتحور، الإلهة المصرية التي كانت مفضلة كحامية للمناطق الصحراوية.
أقدم المستعمرات
"سرابيط الخادم".. تلك المنطقة التي تقع بها أقدم مستعمرات معدن الفيروز، سُميت بذلك الاسم لوجود عدد كبير من الكتل الصخرية داخلها ، والتي أُطلق على كل منها اسم "سربوط" أي الصخر القائم، في حين ارتبط بها اسم الخادم، وهي التماثيل المنتشرة داخل المعبد، والتى كانت تمثل الخدم بالنسبة لسكان جنوب سيناء، لذلك عُرف الموقع والمعبد باسم "سرابيط الخادم".
أهمية سرابيط الخادم
تأتي أهمية سرابيط الخادم فيما خلدته من نقوش وكتابات الصخرية في المناجم والآثار المخصصة للإلهة حتحور في المعبد عن حملات التعدين التي قام بها ملوك الدولة الوسطى، وعلى الرغم من أن اسم أمنمحات الأول، أول ملوك الأسرة الثانية عشرة، هو أقدم اسم تم العثور عليه في سرابيط الخادم، إلا أن العديد من التماثيل والآثار كانت ترتبط بأسماء العديد من الملوك، علي رأسهم الملك سنفرو من الأسرة الرابعة، والملك منتوحتب الثالث ومنتوحتب الرابع من ملوك الأسرة الحادية عشر، بالإضافة إلأي نقش للملك سنوسرت الأول، ما يعني أن سرابيط الخادم شهدت انشطة مختلفة لاستخراج المعادن منذ الدولة القديمة.
387 نقشا لمنطقة سرابيط الخادم
تحتوي سرابيط الخادم علي ٣٨٧ نقشاً ينتمون للدولتين الوسطى والحديثة، بينهم حوالي ثمانية نقوش من عصر الدولة الوسطى، بالإضافة إلي 150 نقشًا تؤكد العديد من الحملات التعدينية خلال عصر المملكة الحديثة، خاصة بين عهدي الملكين أمنحتب الأول ورمسيس السادس، وقد أثبت المؤرخين أن تلك الأنشطة التعدينية لم تكن تخص منطقة سرابيط الخادم فقط، ولكنها تخص كل ما يُحيط بجبال وكهوف سرابيط الخادم أيضًا، بما في ذلك بئر نصب ووادي أبو جادة، كما أن النقوش لم تهتم بسرد تفاصيل تلك الحملات التعدينية ولكنها ايضًا رصدت المستوطنات التي كان يعيش داخلها العاملين في تلك المناجم، بالإضافة إلي مناطق معالجة المعادن ومناطق العبادة الصغيرة.
كما تحتوي سرابيط الخادم علي أكثر من ثلاثين نقشًا محفورًا في "الأبجدية السينائية"، وهو ما يُلقي الضوء علي تاريخ الأبجدية، والتي تم الكشف عنها في عام 1905، وتعود لعهد كل من تحتمس الثالث وحتشبسوت، ويطلق عليها البعض الأبجدية الكنعانية، لتأثرها ببعض الكتابات السامية على اعتبار أن سيناء كانت نقطة التقاء للقادمين من آسيا، وإن كان البعض يعتقد أن السبب في ذلك أن غالبية عمال المناجم كانوا أسري الحروب المصرية مع شعوب جنوب غرب آسيا، والذين كانوا يتحدثون اللغة السامية الشمالية الغربية، مثل الكنعانية التي كانت أسلافًا للفينيقيين والعبرية، وهو ما حاول عالم المصريات واللغويات البريطاني "ألان جاردنر" إثباته عام 1915، حينما قام بفك رموز ما يعرف بنظام الكتابة السينائية البدائية، وقد نشر الكاهن الأمريكي رومانوس فرانسوا بوتين من الجامعة الكاثوليكية الأمريكية العديد من المقالات حول تلك النقطة في مجلة هارفارد اللاهوتية، وذلك استنادًا إلى بعثة هارفارد إلى سيرابيط الخادم عام 1927، بالإضافة إلي البعثة المشتركة لجامعة هارفارد الكاثوليكية عام 1930.
معبد حتحور
يُعد معبد حتحور أحد المعابد لفريدة والمتميزة فى مصر القديمة، بل ومن أضخم الآثار الثابتة التي خلفها المصريون القدماء والمشيدة من الحجر في سيناء، ولكن ل وذو موقع متميز فوق قمة جبل السرابيط، بدء تشييده مطلع عصر الدولة الوسطى، وتحديدًا خلال فترة حكم الأسرة الثانية عشر، وقد تغيير شكل المعبد خلال الأسرات الحاكمة اللاحقة، فطيلة ما يقرب.