مصطفى أبو زيد يطالب بإطلاق استراتيجية موحدة للصناعة المصرية
قال الدكتور مصطفى أبو زيد، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إن التجارب التنموية حول العالم رغم خصوصية كل حالة منها أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن تنمية الصناعة قادرة على تحسين كافة المؤشرات الاقتصادية للدولة، فضلاً عن خفض معدلات الدين والبطالة والفقر.
وأضاف خلال كلمته الجلسة المشتركة بين لجنتي الصناعة والاستثمار الخاص في المحور الاقتصادي للحوار الوطني والتي تناقش «سياسات توطين وتعميق الصناعة و تشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة»: ولنا في ماليزيا –التي مزق جسدها الصراعات العرقية والحروب الأهلية لتصبح أحد أهم مصدري الصناعات عالية التقنية بعدما كانت تصدر المواد الخام – والبرازيل التي استطاعت جذب استثمارات أجنبية قدرت بنحو 200 مليار خلال الفترة من 2004 وحتى 2011، رفعت الطاقة الإنتاجية للدولة، كذلك كوريا الجنوبية التي استطاعت التحول من ثالث أفقر دولة في آسيا إلى عاشر دولة صناعية في العالم، وغيرها كالصين وسنغافورة وألمانيا استطاعت أن تغير واقعها الاقتصادي انطلاقا من الصناعة، ومن هذا المنطلق نحتاج إلى ثورة صناعية في مصر، ولكى يحدث هذا لابد من النظر إلى التحديات ودراسة أسبابها ومعالجتها بالشكل الذى يؤدى إلى تحقيق تلك الثورة الصناعية المنشودة.
ورصد أبو زيد، التحديات، مشيراً إلى تعدد الخطط والاستراتيجيات والمبادرات، حيث توجد استراتيجية تعميق الصناعة منذ عام 2018، بالإضافة إلى تشكيل المجلس التنفيذي لإحلال الواردات وتعميق المنتج المحلى في نوفمبر 2021 ضمن برنامج الإصلاح الهيكلى الذى يتضمن أحد محاوره الأساسية قطاع الصناعة إلى جانب جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومبادرة ابدأ لتوطين وتطوير الصناعة المصرية، ولكل خطة واستراتيجية ومبادرة مستهدفاتها ومؤشراتها.
و قال الدكتور مصطفى أبو زيد: "في ظل عدم التنسيق بسبب غياب الأطر الحاكمة لدفع قطاع الصناعة، ليس هناك بيانات واضحة ودقيقة عن مكونات الأنشطة الصناعية الجاذبة للاستثمار والمراد تنميتها وتطويرها وزيادة مساهمتها في الناتج المحلى الإجمالي، وكذلك الأنشطة الصناعية التي يعزف عنها المستثمرون والقطاع الخاص لبحث أسباب هذا العزوف والعمل على إيجاد حلول عملية لمعالجة هذا الاحجام.
ولفت إلى تعثر خطط الدولة في ضم الاقتصاد غير الرسمي، حيث يمثل حجمه في بعض التقديرات إلى 50%، أي نتحدث عن 4 إلى 5 تريليون جنيه، وهذا يعنى أنه توجد نسبة معتبرة لا تدخل في حسابات الناتج المحلى الإجمالي وبالتأكيد يكون هناك تأثيرات سلبية على كلا من حجم الناتج المحلى الإجمالي ومعدل النمو، وأيضا الإيرادات الضريبية المهدرة على الاقتصاد المصرى، والنقطة الأبرز وهى عدم القدرة على صياغة قرار اقتصادى يعبر عن النظرة الكلية لواقع الاقتصاد المصرى في ظل عدم شمولية جزء كبير من الأنشطة الاقتصادية خارج الإطار الرسمي.
ولفت إلى ارتفاع أسعار الطاقة الموجهة نحو القطاع الصناعى خاصة فيما يتعلق بالصناعات التي تدخل الطاقة بها كمدخل أساسى لعمليات التصنيع كصناعة الحديد والصلب والأسمنت والسيراميك، وبالتالي المساهمة في زيادة تكاليف الإنتاج وبالطبع زيادة الأسعار مما يحد من القدرة على المنافسة داخليا وخارجيا.
وأشار إلى أن هناك سلع يتم استيرادها تكون تكلفتها أقل من مثيلاتها من السلع المحلية، وبالتالي تضعف من قدرة الصناعة الوطنية على مجابهة تلك الأسعار في السوق المحلى مما يسبب خسائر مادية قد تنتهى إلى الإفلاس والإغلاق التام، لافتاً إلى ضعف القدرات البشرية للعمالة الصناعية في مواكبة حركة التقدم التكنولوجى في مجال الصناعة بما يتعارض مع فكرة توطين ونقل التكنولوجيا.
كما لفت إلى تراجع دور السياسة النقدية في إتاحة التمويل اللازم للمشروعات الإنتاجية، حيث أشار تقرير صادر من مجموعة البنك الدولى وبنك الاستثمار الأوروبى تحت عنوان "ماذا يعيق قطاع الصناعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، حيث أوضح أن البنوك تمثل 2% من تمويل الشركات في مصر وهو أقل كثيراً عن المتوسط في المنطقة والذى يمثل 12%.
واقترح مصطفى أبو زيد، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، ضرورة الإسراع بإطلاق استراتيجية موحدة للصناعة المصرية محدد بها المستهدفات العامة والقطاعية ومؤشرات تنفيذ تلك الأهداف مع بيان مسئولية كل جهة عن تنفيذ ما يخصها في تلك الاستراتيجية لضمان الاتساق وتنفيذ السياسة العامة الاقتصادية للدولة المصرية.
وأوصى بإعادة النظر في دور الجهات ذات الصلة بعملية دفع الصناعة المصرية في الوصول إلى تحقيق مستهدفات برنامج الإصلاح الهيكلى والذى يهدف إلى زيادة مساهمة الناتج الصناعى في الناتج المحلى الاجمالي، وضرورة قياس الأثر التطبيقى لقانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة منذ إصدار اللائحة التنفيذية في عام 2021 وحتى الآن في المساهمة في ضم الاقتصاد غير الرسمي للاقتصاد الوطنى لبيان نجاح القانون بتحقيق المستهدف منه بما يتضمنه من حوافز من عدمه في قطاع الصناعة خاصة فى الصناعات المغذية أم يحتاج إلى تعديلات في شكل الحوافز الممنوحة أو الإجراءات الخاصة بتقنين الأوضاع.
وطالب بضرورة الإسراع في إعداد خريطة صناعية متكاملة البيانات محددة قطاعيا وجغرافيا يسهل معها التعامل من قبل القطاع الخاص، وبالتالي يكون أثرها إيجابيا على زيادة الاستثمار الخاص، وتكثيف الجهود فيما يتعلق بتأهيل وتدريب ورفع كفاءة العنصر البشرى في القطاع الصناعى بما يضمن تحقيق ما تستهدفه الدولة المصرية في توطين ونقل التكنولوجيا.
وتابع: لا بد من تقديم وتقييم الدعم اللازم للقطاع الصناعى، فيما يتعلق بإتاحة التمويل والوصول إلى المتوسط الحالي في منطقة الشرق الأوسط بنسبة 12%، إلى جانب زيادة معدل الاستثمار إلى 15.2% في عام 2023/2024 وفقا لخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لزيادة الاستثمارات الصناعية، والتي في نهاية الأمر يؤدى إلى ارتفاع مساهمة الصناعة إلى 16.2% من الناتج المحلى الإجمالي وخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة وزيادة الإيرادات الضريبية والتي بدورها تساهم في خفض عجز الموازنة.
وأكد أنه لابد من إجراء دراسة تحليلية للقائمة المقترحة بعدد 152 سلعة لإحلالها محل الواردات لبيان مدى قدرة استجابة القطاع الخاص على الاستثمار بعدد محدد من تلك السلع وإنتاجها بنفس الجودة والمعايير العالمية وفقا للأساليب الفنية والتكنولوجية المستخدمة في نفس إنتاج السلع المستوردة.
وأشار إلى ضرورة العمل على توسيع قاعدة المصدرين عبر تيسير الإجراءات وتقليل زمن صرف المساندة التصديرية، حيث إن نسبة مساهمة القطاع الخاص 1% من جملة الصادرات المصرية بسبب أن القطاع الخاص النسبة الأكبر تتجه نحو تجارة الجملة والتجزئة، وبالتالي نحتاج إلى صياغة سياسات تصديرية جاذبة وأكثر فاعلية للقطاعات الإنتاجية بالقطاع الخاص لرفع قدرتها على التصدير، وهذا يتطلب انعقاد المجلس الأعلى للتصدير لوضع الأطر والسياسات التصديرية لتحقيق المستهدف 100 مليار دولار صادرات مصرية.
كما أوصى بمراجعة سياسات إصدار قرارات رسوم الإغراق لما لهذه القرارات من تأثير مباشر على استدامة إنتاجية المصانع المصرية من جهة وعلى تكلفة المنتج النهائي والاسعار على المواطنين من جهة أخرى.