النوم والأحلام فى نظر المصريين القدماء.. صورة مصغرة من الموت
انتهاء حياتنا الدنيا . العالم هذا اسمه "دوات" (العالم النجمى / أعماق السماء / subconscious) .
الدوات هو العالم الحقيقى الذى تكتشف فيه الـمعبودات (قدرات الخالق) عن حقيقتها والتى نقابل فيه أرواح الأسلاف , و هناك نتلقى رسائل ربانية على هيئة رموز مستمدة من العالم المادى.
كانت الأحلام وسيله من وسائل الكشف عن المستقبل للشخص الرائى، وكان يُنظر اليها على انها علم من العلوم لأنها كانت تحتوى في بعض الأحيان على معلومات في مجالات مختلفه مثل علم العرافه والفلك، وكانت كتب الأحلام تُكتب على هيئة نصوص علميه حقيقيه فكانت تحتوى على نصوص طبيه وقانونيه.
واعتبر المصرى القديم تجربة الحلم واقع يستحق الاهتمام، فكان أول من أوجد دواء لإضطرابات النوم فاستخدم بذور الخشخاش (الأفيون) كمخدر لعلاج الأرق والصداع.
وشاعت الاحلام في العصر المتأخر وظهر ما يسمي بكتب الاحلام وان ظهرت اصلا في الدولة الوسطي والحديثة وفي هذه الكتب كانت تفهرس الاحلام ويتم تفسيرها ومن المعروف ان الذي يفسر الحلم هو كاهن السم الأحلام رسائل من الآلهة في عقيدة المصريين القدماء ، وكان المصريون يزورون المعابد وينامون في أسرّة مخصصة للأحلام، على أمل أن تصلهم رسائل الآلهة.
وكانت هناك أماكن لتفسير الأحلام تسمى دور الحياة
عُرفت دور الحياة في مصر منذ الدولة القديمة كانت توجد في المعابد الكبيرة مثل معبد الإله "مين" في مدينة "فقط" جنوب مصر، ونُظر إليها باعتبارها نوعاً من الأكاديميات أو المعاهد العليا أو الجامعات أو المكتبات، إذ جمعت بين العلوم المختلفة وكذلك العلماء والكتبة الذين لقبوا بألقاب عديدة منها "كتبة دار الحياة العارفون بالأشياء" و"علماء دار الحياة"، و"هيئة دار الحياة"، وكان يفترض بهم الإلمام بالسحر وفنونه والطب والمعارف العامة والدين. وبالإضافة إلى تفسير الأحلام، كان يُرجع إلى علماء دور الحياة، من أجل بعض الشؤون الدينية، والتحري عن الصيغ السرية للآلهة، وتأليف أناشيد التعبد للملوك، وتبين العلامات الإلهية في الحيوانات المقدسة، وصياغة الألقاب المناسبة لها.
وكانت فى مصر القديمة معابد مكرسة لحضانة الأحلام، أي صناعتها أو إحداثها عمداً، مع كهنة مقيمين بشكل دائم عرفوا بـ"سادة الأمور السرية"، وذلك لأغراض متعددة، منها تشخيص الأمراض والتعامل مع العلل عبر استدعاء الآلهة في الأحلام. فمن ينام في مكان مقدس يأمل أن تحضر الآلهة إليه، وإن لم يعط إجابة على الأسئلة بواسطة فم خاص، فإنه ربما يجد الإجابة في الدعاء والصلاة.
أصحاب الأحلام المتوقعة تطلب منهم ممارسة أنواع مختلفة من السلوكيات، منها عدم الإسراف في أنواع معينة من الأطعمة والمشروبات، مثل النبيذ واللحوم والبقول، وكذلك أي تعاملات جنسية. وكان عليهم أن يجتازوا طقوس التنظيف في الماء البارد. وفي الليل كانت هناك خدمات على ضوء المشاعل تشتمل على صلوات جياشة. وفي النهاية، كان المرضى ينامون في مهجع خاص، فيه عدد كبير من الثعابين الصفراء التي لا تؤذي. وعند استيقاظهم في اليوم التالي، بخبر المرضى أن الإله أتى في أحلامهم ونصحهم باستخدام دواء معين وأغذية، كي يتعاملوا مع أمراضهم وعللهم، وفي بعض الحالات كان المرضى يتم شفاؤهم في الليل.
في مصر القديمة كان هناك معابد مخصصة لصناعة الأحلام وإحداثها عمداً، وذلك لأغراض متعددة. تعرفوا إليها وفي العادة، يفسر الحلم في أحداث مشابهة، فمن يرى أنه يشرب دماً فهو ينتظر كفاحاً أو عراكاً، ومن يحلم بأنه يشرب من البول الخاص به، سوف يعيش بفضل ابنه، لأن مدلولات البول والنطفة وكذلك الابن متداخلة، والسيدة التي تلد قطة ستلد أبناءً كثيرين، لأن القطة خصبة الإنجاب.
وكان مفسري ألأحلام في مصر القديمة يفسرون كما نفسر نحن الأن أيضا فجزء كبير من تفسيراتهم كانو يدركون أهمية الأخذ في الاعتبار ظروف حياة الحالم ونوع الحلم فيها.
أن المصريين القدماء كانوا يعتقدون أن أحلام الخوف أو الكوابيس تصيب أصحابها بأضرار صحية، تحدثها عن طريق أساليب شيطانية، وعن طريق الأموات أو القتلى، وأن منع ظهورها ومعالجتها يكون عن طريق السحر أو الدواء. تغطية الوجه، التي ما زالت عادة شرقية حتى الآن، هي إجراء احتياطي وقائي اتبعه المصريون القدماء ضد ظهور أحلام الخوف. وهناك وصفات طبية كان يتم تحضيرها لحماية السيدات الحوامل من الكوابيس، لأنها تهدد بحدوث أضرار للجنين وهو في رحم أمه. وكانت هناك تعويذة أو رقية، يقولها المرء الذي يصاب بالأرق نتيجة هذه الكوابيس، وتتلى بعدما يأخذ خبزاً وأعشاباً طبية طازجة نقعت في جعة ومر، ويقوم بتدليك وجهه بها، فتذهب عنه كل الأحلام الشريرة التي يراها. وكان على الفرد ألا يحكي تفاصيل حلمه المزعج حتى لا يصبح حقيقة كذلك كان يؤخذ في الإعتبار عند التفسير الجانب الحسي للحالم وطبعه ومزاجه.
من المبادئ المهمة التي اعتمد عليها المصريون القدماء في تفسير أحلامهم، أن أي حلم يمكن أن يكون له تفسيرات مختلفة تبعاً للشخصية، لذلك يجب معرفة تخصص هذا الشخص ووضعه وحالته الاجتماعية، ومركزه المالي، وحالته الصحية وعمره ورغم ذلك، وجد اتفاق ما على تفسير عدد من الأحلام الرمزية. على سبيل المثال، الذي يقوم بأعمال بناء في بيته، يعني أن حياته ستدوم طويلاً، والتفسير نفسه ينطبق أيضاً على من مات في منامه. وإذا رأى رجل في حلمه أنه ينظر في بئر ماء عميقة، فهذا يعني أنه سيوضع في السجن، فالبئر العميقة تؤكد على فكرة احتباس الماء. ومن رأى نفسه مع من هو أكبر منه، بُشر بالترقية إلى منصب أكبر. أما اشتعال النار في الفراش، فهو نذير بطلاق الزوجة، ورؤية الرجل نفسه في المرآة كناية عن نفس ثانية معه، أي أنه سيتخذ زوجة ثانية.
مسألة تدوين كل حالات الحلم الممكن تخيُّلها فعلها المصريين القدماء وإستطاعوا صياغة دقيقة للأحلام في مفكّرة لإزالة كل مصادفة، فالأحلام عند قدماء المصريين كانت بالأهمية لتدوينها ودراستها دون ترك شئ للصدفه إذا أمكن ذلك. ومن هنا نشأت أولى مفاتيح الأحلام منذ أربعة آلاف سنة، ( 4000)عام.
وضع القدماء أولى مبادئ علم النفس، من خلال اهتمامهم بظاهرة الأحلام والرؤى، واعتبارهم أنها تعبر عن مشاعر ومحسوسات الشخص، كما يمكن من خلالها تحليل الشخصية واكتشاف العطب النفسي الذي شابها.
ولمصر الحق في أن تدّعي لنفسها مجد ممارسة هذا التفسير في العمق، للمرة الأولى إن تفاسير الأحلام الإغريقية والعربية والهندية قد تبنت فيما بعد الطريقة ذاتها، وأعاد عصرنا "اكتشافها" من جديد.
ويقول الدكتور حسن كمال، في كتابه “الطب المصري القديم”، بالرغم من أنهم كانوا يتعاملون مع أعراض تغير المزاج أو الاضطراب السلوكي والعقلي كنوع من المس الشيطاني، والذي غالبا ما كان يعالج بالسحر والتعاويذ والصلوات، إلا أنهم بجانب ذلك استخدموا أسلوب تفسير وتحليل الأحلام التي يراها الشخص في نومه، وحسب كمال فقد كان هناك غرفة مخصصة في معبد فيلة، كان يعتقد أن لها تأثيرا في تحرير العقل الباطن من قيود الجسد ليحلق في سماء الأحلام، معبرا عما يدور في نفس ذلك الشخص، فينام الرجل وإذا ما استيقظ سألوه عن حلمه، فيقومون بتفسيره وتحليله، وطبقا لذلك يتم تشخيص حالة الشخص، إذ يلمح كمال إلى أنه وجدت بعض التعليقات في بعض البرديات الطبية تصف حالة شخص بأنه يعاني من الحزن أو الخوف.
يشير كمال إلى نظرية السير آلان جاردنر، والتي شرح فيها كتاب الأحلام الفرعوني، والذي يعتقد أن الكتاب هو الأقدم من نوعه تاريخيا، ويعود إلى عصر الأسرة الثانية عشر (2000-1790 ق.م)، واصفا الكتاب بأنه عبارة عن جدول لما يراه الإنسان في نومه وأمام كل رؤيا تفسيرها.
ويورد حسن كمال بعض الأمثلة لتفسير بعض الرؤى الواردة بالكتاب، الذي قسم إلى ألواح يحتوي كل منها على مجموعة من الرؤى ما بين 5 إلى 28، وتبدأ جميعها بعبارة متكررة “إذا رأى شخص نفسه في الرؤيا…”، ومنها: يأكل اللوتس، فهو أمر جيد، وإذا رأى نفسه يسدد سهما إلى علامة يعني ذلك تحقيق هدفه، أما إذا نفسه يكسر إناء بقدمه، دل ذلك على حدوث مشاجرة أو أمر سيئ، وإذا رأى أنه يوخز نفسه بإبرة، فيعني ذلك أنه يكذب.
ويلمح كمال إلى أن القدماء اعتقدوا أن الشخص قادر على أن يصنع حلمه طبقا لسلوكه الشخصي وأفكاره ومعتقداته، مشيرًا إلى أن المصريين القدماء اعتبروا الحلم مثل عالم مواز حقيقي يمكن تحقيقه، لذلك فقد نشأ بينهم تقليد اعتمد على الدعاء إلى الآلهة لتحقيق الرؤى والأحلام.
ويوضح كمال أن قرطاس تفسير الأحلام والمسمى اصطلاحا كتاب الأحلام الفرعوني – طبقا لجاردنر – قسم الأشخاص إلى قسمين، قسم خيّر وقسم شرير، وأورد لكل فريق منهما تفسير الرؤى الجيدة والسيئة، ملفتا إلى أن ذلك يعني أن القدماء عرفوا أن ثمة علاقة تربط بين الأحلام والشخصية وأن كليهما يؤثر في الآخر.
قدماء المصريين اهتموا بتفسير الأحلام ودوّنوا كتب عنه , و من أشهر الكتب كتاب لتفسير الأحلام يُنسَب لكاتب مصرى
أسمه "قِنِى حِر خِبِش إف" , ويعتبر أول كتاب لتفسير الأحلام فى العالم .
كتاب الأحلام عبارة عن بردية من عصر الأسرة 19 (حوالى 1200 سنة قبل الميلاد) مكتوبة بالخط الهيراطيقى , عُثر عليها فى دير المدينة بالأقصر و محفوظة حالياً فى المتحف البريطانى باسم بردية شيستر بيتى البردية بتحتوى على 108 حلم و تفسيرها و بتبدأ بالأحلام المبشرة التى فيها بُشرَى وفى الآخرى تذكر الأحلام المخيفة والتى فيها نذير سوء .
و فى حالة الكوابيس و الأحلام السيئة الكتاب ينصح الحالم إنه أول ما يستقظ من النوم ياكل عيش طازج ( مخبوز) و معه منقوع أعشاب و يقول التلاوة هذه :
تعالى لى يا أمى , تعالى لى يا إيزيس يا أمى خلينى أشوف البعيد (إمنحينى
البصيرة)
ومن أمثلة الرموز التى وردت فى كتاب تفسير الأحلام المصرى :-
لو رأيت نفسك فى الحلم بتموت : إشارة لطول العمر .
لو رأيت نفسك فى الحلم بتجمع بلح : رزق سيأتى لك .
لو رأيت نفسك فى الحلم تدفن شخص عجوز : صحة و بركة و طول العمر .
لو رأيت نفسك فى المرأة : وفاة الزوجة و الزواج من أخرى .
لو رأيت نفسك بتشرب بيرة : ألم و معاناة .
لو رأيت فى الحلم تِعبان : فيه نزاع هيتحل .
لو رأيت نفسك بتغطس فى مياة باردة : شفاء من مرض .
لو رأيت أسنانك تقع : شئ مؤسف لأن معناه وفاة الحالم .
لو رأيت نفسك فى الحلم بتبص من شباك : الناس هتسمع صراخك .
لو رأيت بئر عميق : سجن .
لو رأيت فى الحلم قمر ساطع : غفران . لو رأيت فى الحلم قطة كبيرة : محصول وفير .
أذا حلم المرء انه يموت فهذا حلم جيد لانه انه يعني سيعيش عمر مديد
الواحد حلم بفرح معناه حزن أو نكد
لو واحد مثلا حلم انه ظهره عريان فهذا معناه انه سيصبح يتيم الاب أو الام
لو حلم انك تنظر في المرآه فهذا معناه حياه جديدة في العالم الآخر يعني موت
لو واحد حلم ان سريره ولع هذا حلم سيئ
وهناك احلام شهيرة في مصر القديمة مثل حلم المهندس أيمحوتب الذي حدث في عهد الملك زوسر ويطلق علي هذا النوع من الاحلام " الاحلام المقصودة " يعني النائم نام قاصدا ان يحلم والاماكن التي يحدث فيها هذا النوع من الاحلام يسمي " حضانة الاحلام " ويكون معبد او جزء من معبد مثل حضانة الاحلام التي كانت جزء من المشفي النفسي في معبد حتحور في دندرة او معبد خنوم في اليفانتين
.واحيانا ما تكون الاحلام المقصودة هدفها الاستشفاء من علة او مرض وهذه تحدث في معابد كثيرة في مصر القديمة
واستخدمت الاحلام في اغراض سياسية مثلما جاء في لوحة الحلم التي بين مخالب ابي الهول وحاول تحتمس الرابع في حلمه ان يثبت ان الاله جاءه في الحلم ليؤكد شرعيته.واحلام الملوك في الغالب كان يأتي فيها الالهة وان كان لا يمنع ان تأتي لافراد ايضا
ومن أشهر الأحلام فى مصر القديمة نجد
لوحة أبو الهول تعرف أيضا ب "لوحة الحلم" وهي لوحة تذكارية أمر بوضعها الملك "تحتمس الرابع" بين الذراعين الممتدة لتمثال أبو الهول في الجيزة وذلك تخليدا لحلم رآه قبل أن يعتلي عرش مصر في عام 1401 قبل الميلاد.
كان تحتمس الرابع هو ابن الملك "أمنحتب الثاني" و الملكة "تي عا" وهو الملك الثامن من الأسرة الثامنة عشر وقد حكم من 1401 إلى 1391 قبل الميلاد
وعندما كان "تحتمس الرابع" أميرا شابا في عصر الدولة الحديثة كان له عدد من الأخوات من أمهات مختلفات، وفي سبيل تأييد حقه في العرش، أشاع قصة عُرفت اصطلاحاُ باسم "قصة الرؤيا"، ومؤداها أنه في إحدى رحلات صيده للغزلان بصحراء الجيزة آوى إلى الظل بجوار تمثال أبو الهول، وأخذته سنة من النوم، فرأى الإله فيها يتحدث إليه، ويقول له في ما روي: "ولدي تحتمس.. تأملني فأنا أبوك، إني واهبك ملكي على الأرض لتصبح سيداً على الأحياء وستكون لك الأرض بطولها وعرضها".
وبشره بأنه سوف يتبؤ عرش مصر وطلب منه أن يزيل فيما بعد ما تراكم عليه من رمال.
بعد عدة سنوات اعتلى بالفعل الأمير "تحتمس الرابع" عرش مصر وأمر خلال السنه الأولى من حكمه بتسجيل هذا الحلم على لوحة كبيرة ووضعها بين ذراعي أبو الهول الممدودة بعد إزالة الرمال عنه ، حيث كان من عادة ملوك الدولة الحديثة التأكيد على أهليتهم في حكم مصر من قبل الآلهة.
وسجل ذلك الحلم عندما تولى العرش فى لوحة ذات شكل مستطيل حافته العليا مقوسة يبلغ ارتفاع اللوحة 144سنتيمتر وعرض حوالي 40سنتيمتر و سمكها حوالي 70سنتيمتر ، وفي الجزء العلوي من اللوحة شكلان منحوتان للملك "تحتمس الرابع" إلى اليمين وإلى اليسار يقدم القرابين لأبو الهول.
وفي نيل أسوان جزيرة فريدة عجيبة تسمى "سهيل".تتألف من جرانيت أسوان الشهير
يذهب علماء الآثار إلى أن النقش الموجود على هذه اللوحة يؤرخ للعصر البطلمي (ربما في عهد بطلميوس الخامس 205-180 ق. م).
ورغم أن النقوش تمت قبل 2200 سنة إلا أن الأحداث التي تحكيها اللوحة تعود إلى آلاف السنين الماضية السابقة على زمن اللوحة.
فهي تحكي عن واقعة مجاعة أصابت مصر في عصر الملك زوسر من الأسرة الثالثة ( 2686 ق. م – 2649 ق. م).
وهذا أمر بالغ الأهمية في الموضوع، فالفارق الزمني بين تاريخ الأحداث التي ترويها اللوحة وتاريخ نقشها يبلغ نحو 2450 سنة !
يقول النقش إنه في ذلك العام انتاب الملك شعور بالقلق مع تزايد الجفاف والقحط بالبلاد المصرية بسبب ضعف مياه النيل لسبع سنوات عجاف فأصاب الناس خوف وهلع وخرجوا عن كل قانون ونظام وهاجوا في شغب وقتل وسلب ونهب وفوضى عارمة.
وبالاستعانة بالمستشار والمهندس الشهير في ذلك الوقت "إيمحوتب" عرف الملك زوسر أن الفيضان رهين بإله الخلق "خنوم" في إليفنتين (أسوان) التي ينبع منها النيل من ينبوع مقدس.(لم يكن الاعتقاد وقتها بأن النيل يأتي من منابع الحبشة أو هضبة البحيرات الاستوائية.
سافر إيمحوتب إلى ينبوع النهر في إليفنتين (شلال أسوان) وخلال صلاته أخذته سنة من نوم فرأي في منامه خنوم يعده بإعادة الفيضان من جديد.
رجع إيمحوتب من أسوان إلى منف وقص على زوسر الرؤيا فسعد زوسر بالأمر وأمر بالاهتمام بعبادة خنوم وبث الحياة في معبده وتقديم العطايا له، فضلا عن منح ثروات لكهنة معبد خنوم في إليفنتين وأن يشارك المعبد في الأرباح التي يجنيها إقليم النوبة من التجارة.
أحلام الملوك هدفها التوظيف السياسي
ظهور الآلهة في أحلام الملوك تحمل دلالة معينة سياسية أو تاريخية، كأن يطلب الإله من الملك إصلاح وترميم هيكله المتهدم، وهذا ما يبرر أعمال سونسرت الأول في معبد اليفانتين في أسوان. وقد يعد الإله بتحقيق النصر قبيل قيام المعارك الحربية، كما حدث لكل من أمنحتب الثاني ومرنبتاح، وفي بعض الحالات كان الإله يعلم فرعون المنتظر بأنه اختاره ليعتلي العرش، وهو ما حدث لـ"تانوات آمون"، الذي فسر رؤياه باعتلائه عرش كوش ومصر، أو كما رأى تحوتمس الرابع أثناء غفوته الإله حور إم آخت، يعده بالعرش شريطة أن يزيح الرمال عن تمثال أبي الهول بالجيزة، الذي يمثل أحد مظاهره. وكثيراً ما ازداد تمسك بعض الملوك بالدين وكرامات معبودهم الأكبر "آمون رع"، كلما شعر أحدهم بشبهة يمكن أن تمس شرعية ولايته للعرش، حينئذٍ يسارع عبر الأحلام إلى تأكيد تدخل "آمون" رب الدولة بنفسه في اختياره، أو يسارع بتأكيد بنوته المباشرة له نتيجة لتقمصه روح أبيه حين أنجبه.
النوم فى نظر المصريين القدماء كان صورة مصغرة من الموت .
أثناء النوم أرواحنا بترتحل للعالم الآخر , وهذا نفس العالم الذى ننتقل إليه بعد
انتهاء حياتنا الدنيا . العالم هذا اسمه "دوات" (العالم النجمى / أعماق السماء / subconscious) .
الدوات هو العالم الحقيقى الذى تكتشف فيه الـمعبودات (قدرات الخالق) عن حقيقتها والتى نقابل فيه أرواح الأسلاف , و هناك نتلقى رسائل ربانية على هيئة رموز مستمدة من العالم المادى.
كانت الأحلام وسيله من وسائل الكشف عن المستقبل للشخص الرائى، وكان يُنظر اليها على انها علم من العلوم لأنها كانت تحتوى في بعض الأحيان على معلومات في مجالات مختلفه مثل علم العرافه والفلك، وكانت كتب الأحلام تُكتب على هيئة نصوص علميه حقيقيه فكانت تحتوى على نصوص طبيه وقانونيه.
واعتبر المصرى القديم تجربة الحلم واقع يستحق الاهتمام، فكان أول من أوجد دواء لإضطرابات النوم فاستخدم بذور الخشخاش (الأفيون) كمخدر لعلاج الأرق والصداع.
وشاعت الاحلام في العصر المتأخر وظهر ما يسمي بكتب الاحلام وان ظهرت اصلا في الدولة الوسطي والحديثة وفي هذه الكتب كانت تفهرس الاحلام ويتم تفسيرها ومن المعروف ان الذي يفسر الحلم هو كاهن السم
الأحلام رسائل من الآلهة في عقيدة المصريين القدماء ، وكان المصريون يزورون المعابد وينامون في أسرّة مخصصة للأحلام، على أمل أن تصلهم رسائل الآلهة.
وكانت هناك أماكن لتفسير الأحلام تسمى دور الحياة
عُرفت دور الحياة في مصر منذ الدولة القديمة كانت توجد في المعابد الكبيرة مثل معبد الإله "مين" في مدينة "فقط" جنوب مصر، ونُظر إليها باعتبارها نوعاً من الأكاديميات أو المعاهد العليا أو الجامعات أو المكتبات، إذ جمعت بين العلوم المختلفة وكذلك العلماء والكتبة الذين لقبوا بألقاب عديدة منها "كتبة دار الحياة العارفون بالأشياء" و"علماء دار الحياة"، و"هيئة دار الحياة"، وكان يفترض بهم الإلمام بالسحر وفنونه والطب والمعارف العامة والدين. وبالإضافة إلى تفسير الأحلام، كان يُرجع إلى علماء دور الحياة، من أجل بعض الشؤون الدينية، والتحري عن الصيغ السرية للآلهة، وتأليف أناشيد التعبد للملوك، وتبين العلامات الإلهية في الحيوانات المقدسة، وصياغة الألقاب المناسبة لها.
وكانت فى مصر القديمة معابد مكرسة لحضانة الأحلام، أي صناعتها أو إحداثها عمداً، مع كهنة مقيمين بشكل دائم عرفوا بـ"سادة الأمور السرية"، وذلك لأغراض متعددة، منها تشخيص الأمراض والتعامل مع العلل عبر استدعاء الآلهة في الأحلام. فمن ينام في مكان مقدس يأمل أن تحضر الآلهة إليه، وإن لم يعط إجابة على الأسئلة بواسطة فم خاص، فإنه ربما يجد الإجابة في الدعاء والصلاة.
أصحاب الأحلام المتوقعة تطلب منهم ممارسة أنواع مختلفة من السلوكيات، منها عدم الإسراف في أنواع معينة من الأطعمة والمشروبات، مثل النبيذ واللحوم والبقول، وكذلك أي تعاملات جنسية. وكان عليهم أن يجتازوا طقوس التنظيف في الماء البارد. وفي الليل كانت هناك خدمات على ضوء المشاعل تشتمل على صلوات جياشة. وفي النهاية، كان المرضى ينامون في مهجع خاص، فيه عدد كبير من الثعابين الصفراء التي لا تؤذي. وعند استيقاظهم في اليوم التالي، بخبر المرضى أن الإله أتى في أحلامهم ونصحهم باستخدام دواء معين وأغذية، كي يتعاملوا مع أمراضهم وعللهم، وفي بعض الحالات كان المرضى يتم شفاؤهم في الليل.
في مصر القديمة كان هناك معابد مخصصة لصناعة الأحلام وإحداثها عمداً، وذلك لأغراض متعددة. تعرفوا إليها
وفي العادة، يفسر الحلم في أحداث مشابهة، فمن يرى أنه يشرب دماً فهو ينتظر كفاحاً أو عراكاً، ومن يحلم بأنه يشرب من البول الخاص به، سوف يعيش بفضل ابنه، لأن مدلولات البول والنطفة وكذلك الابن متداخلة، والسيدة التي تلد قطة ستلد أبناءً كثيرين، لأن القطة خصبة الإنجاب.
وكان مفسري ألأحلام في مصر القديمة يفسرون كما نفسر نحن الأن أيضا فجزء كبير من تفسيراتهم كانو يدركون أهمية الأخذ في الاعتبار ظروف حياة الحالم ونوع الحلم فيها.
أن المصريين القدماء كانوا يعتقدون أن أحلام الخوف أو الكوابيس تصيب أصحابها بأضرار صحية، تحدثها عن طريق أساليب شيطانية، وعن طريق الأموات أو القتلى، وأن منع ظهورها ومعالجتها يكون عن طريق السحر أو الدواء. تغطية الوجه، التي ما زالت عادة شرقية حتى الآن، هي إجراء احتياطي وقائي اتبعه المصريون القدماء ضد ظهور أحلام الخوف. وهناك وصفات طبية كان يتم تحضيرها لحماية السيدات الحوامل من الكوابيس، لأنها تهدد بحدوث أضرار للجنين وهو في رحم أمه. وكانت هناك تعويذة أو رقية، يقولها المرء الذي يصاب بالأرق نتيجة هذه الكوابيس، وتتلى بعدما يأخذ خبزاً وأعشاباً طبية طازجة نقعت في جعة ومر، ويقوم بتدليك وجهه بها، فتذهب عنه كل الأحلام الشريرة التي يراها. وكان على الفرد ألا يحكي تفاصيل حلمه المزعج حتى لا يصبح حقيقة
كذلك كان يؤخذ في الإعتبار عند التفسير الجانب الحسي للحالم وطبعه ومزاجه.
من المبادئ المهمة التي اعتمد عليها المصريون القدماء في تفسير أحلامهم، أن أي حلم يمكن أن يكون له تفسيرات مختلفة تبعاً للشخصية، لذلك يجب معرفة تخصص هذا الشخص ووضعه وحالته الاجتماعية، ومركزه المالي، وحالته الصحية وعمره ورغم ذلك، وجد اتفاق ما على تفسير عدد من الأحلام الرمزية. على سبيل المثال، الذي يقوم بأعمال بناء في بيته، يعني أن حياته ستدوم طويلاً، والتفسير نفسه ينطبق أيضاً على من مات في منامه. وإذا رأى رجل في حلمه أنه ينظر في بئر ماء عميقة، فهذا يعني أنه سيوضع في السجن، فالبئر العميقة تؤكد على فكرة احتباس الماء. ومن رأى نفسه مع من هو أكبر منه، بُشر بالترقية إلى منصب أكبر. أما اشتعال النار في الفراش، فهو نذير بطلاق الزوجة، ورؤية الرجل نفسه في المرآة كناية عن نفس ثانية معه، أي أنه سيتخذ زوجة ثانية.
مسألة تدوين كل حالات الحلم الممكن تخيُّلها فعلها المصريين القدماء وإستطاعوا صياغة دقيقة للأحلام في مفكّرة لإزالة كل مصادفة، فالأحلام عند قدماء المصريين كانت بالأهمية لتدوينها ودراستها دون ترك شئ للصدفه إذا أمكن ذلك. ومن هنا نشأت أولى مفاتيح الأحلام منذ أربعة آلاف سنة، ( 4000)عام.
وضع القدماء أولى مبادئ علم النفس، من خلال اهتمامهم بظاهرة الأحلام والرؤى، واعتبارهم أنها تعبر عن مشاعر ومحسوسات الشخص، كما يمكن من خلالها تحليل الشخصية واكتشاف العطب النفسي الذي شابها.
ولمصر الحق في أن تدّعي لنفسها مجد ممارسة هذا التفسير في العمق، للمرة الأولى إن تفاسير الأحلام الإغريقية والعربية والهندية قد تبنت فيما بعد الطريقة ذاتها، وأعاد عصرنا "اكتشافها" من جديد.
ويقول الدكتور حسن كمال، في كتابه “الطب المصري القديم”، بالرغم من أنهم كانوا يتعاملون مع أعراض تغير المزاج أو الاضطراب السلوكي والعقلي كنوع من المس الشيطاني، والذي غالبا ما كان يعالج بالسحر والتعاويذ والصلوات، إلا أنهم بجانب ذلك استخدموا أسلوب تفسير وتحليل الأحلام التي يراها الشخص في نومه، وحسب كمال فقد كان هناك غرفة مخصصة في معبد فيلة، كان يعتقد أن لها تأثيرا في تحرير العقل الباطن من قيود الجسد ليحلق في سماء الأحلام، معبرا عما يدور في نفس ذلك الشخص، فينام الرجل وإذا ما استيقظ سألوه عن حلمه، فيقومون بتفسيره وتحليله، وطبقا لذلك يتم تشخيص حالة الشخص، إذ يلمح كمال إلى أنه وجدت بعض التعليقات في بعض البرديات الطبية تصف حالة شخص بأنه يعاني من الحزن أو الخوف.
يشير كمال إلى نظرية السير آلان جاردنر، والتي شرح فيها كتاب الأحلام الفرعوني، والذي يعتقد أن الكتاب هو الأقدم من نوعه تاريخيا، ويعود إلى عصر الأسرة الثانية عشر (2000-1790 ق.م)، واصفا الكتاب بأنه عبارة عن جدول لما يراه الإنسان في نومه وأمام كل رؤيا تفسيرها.
ويورد حسن كمال بعض الأمثلة لتفسير بعض الرؤى الواردة بالكتاب، الذي قسم إلى ألواح يحتوي كل منها على مجموعة من الرؤى ما بين 5 إلى 28، وتبدأ جميعها بعبارة متكررة “إذا رأى شخص نفسه في الرؤيا…”، ومنها: يأكل اللوتس، فهو أمر جيد، وإذا رأى نفسه يسدد سهما إلى علامة يعني ذلك تحقيق هدفه، أما إذا نفسه يكسر إناء بقدمه، دل ذلك على حدوث مشاجرة أو أمر سيئ، وإذا رأى أنه يوخز نفسه بإبرة، فيعني ذلك أنه يكذب.
ويلمح كمال إلى أن القدماء اعتقدوا أن الشخص قادر على أن يصنع حلمه طبقا لسلوكه الشخصي وأفكاره ومعتقداته، مشيرًا إلى أن المصريين القدماء اعتبروا الحلم مثل عالم مواز حقيقي يمكن تحقيقه، لذلك فقد نشأ بينهم تقليد اعتمد على الدعاء إلى الآلهة لتحقيق الرؤى والأحلام.
ويوضح كمال أن قرطاس تفسير الأحلام والمسمى اصطلاحا كتاب الأحلام الفرعوني – طبقا لجاردنر – قسم الأشخاص إلى قسمين، قسم خيّر وقسم شرير، وأورد لكل فريق منهما تفسير الرؤى الجيدة والسيئة، ملفتا إلى أن ذلك يعني أن القدماء عرفوا أن ثمة علاقة تربط بين الأحلام والشخصية وأن كليهما يؤثر في الآخر.
قدماء المصريين اهتموا بتفسير الأحلام ودوّنوا كتب عنه , و من أشهر الكتب كتاب لتفسير الأحلام يُنسَب لكاتب مصرى
أسمه "قِنِى حِر خِبِش إف" , ويعتبر أول كتاب لتفسير الأحلام فى العالم .
كتاب الأحلام عبارة عن بردية من عصر الأسرة 19 (حوالى 1200 سنة قبل الميلاد) مكتوبة بالخط الهيراطيقى , عُثر عليها فى دير المدينة بالأقصر و محفوظة حالياً فى المتحف البريطانى باسم بردية شيستر بيتى البردية بتحتوى على 108 حلم و تفسيرها و بتبدأ بالأحلام المبشرة التى فيها بُشرَى وفى الآخرى تذكر الأحلام المخيفة والتى فيها نذير سوء .
و فى حالة الكوابيس و الأحلام السيئة الكتاب ينصح الحالم إنه أول ما يستقظ من النوم ياكل عيش طازج ( مخبوز) و معه منقوع أعشاب و يقول التلاوة هذه :
تعالى لى يا أمى , تعالى لى يا إيزيس يا أمى خلينى أشوف البعيد (إمنحينى
البصيرة)
ومن أمثلة الرموز التى وردت فى كتاب تفسير الأحلام المصرى :-
لو رأيت نفسك فى الحلم بتموت : إشارة لطول العمر .
لو رأيت نفسك فى الحلم بتجمع بلح : رزق سيأتى لك .
لو رأيت نفسك فى الحلم تدفن شخص عجوز : صحة و بركة و طول العمر .
لو رأيت نفسك فى المرأة : وفاة الزوجة و الزواج من أخرى .
لو رأيت نفسك بتشرب بيرة : ألم و معاناة .
لو رأيت فى الحلم تِعبان : فيه نزاع هيتحل .
لو رأيت نفسك بتغطس فى مياة باردة : شفاء من مرض .
لو رأيت أسنانك تقع : شئ مؤسف لأن معناه وفاة الحالم .
لو رأيت نفسك فى الحلم بتبص من شباك : الناس هتسمع صراخك .
لو رأيت بئر عميق : سجن .
لو رأيت فى الحلم قمر ساطع : غفران . لو رأيت فى الحلم قطة كبيرة : محصول وفير .
أذا حلم المرء انه يموت فهذا حلم جيد لانه انه يعني سيعيش عمر مديد
الواحد حلم بفرح معناه حزن أو نكد
لو واحد مثلا حلم انه ظهره عريان فهذا معناه انه سيصبح يتيم الاب أو الام
لو حلم انك تنظر في المرآه فهذا معناه حياه جديدة في العالم الآخر يعني موت
لو واحد حلم ان سريره ولع هذا حلم سيئ
وهناك احلام شهيرة في مصر القديمة مثل حلم المهندس أيمحوتب الذي حدث في عهد الملك زوسر ويطلق علي هذا النوع من الاحلام " الاحلام المقصودة " يعني النائم نام قاصدا ان يحلم والاماكن التي يحدث فيها هذا النوع من الاحلام يسمي " حضانة الاحلام " ويكون معبد او جزء من معبد مثل حضانة الاحلام التي كانت جزء من المشفي النفسي في معبد حتحور في دندرة او معبد خنوم في اليفانتين
.واحيانا ما تكون الاحلام المقصودة هدفها الاستشفاء من علة او مرض وهذه تحدث في معابد كثيرة في مصر القديمة
واستخدمت الاحلام في اغراض سياسية مثلما جاء في لوحة الحلم التي بين مخالب ابي الهول وحاول تحتمس الرابع في حلمه ان يثبت ان الاله جاءه في الحلم ليؤكد شرعيته.واحلام الملوك في الغالب كان يأتي فيها الالهة وان كان لا يمنع ان تأتي لافراد ايضا
ومن أشهر الأحلام فى مصر القديمة نجد
لوحة أبو الهول تعرف أيضا ب "لوحة الحلم" وهي لوحة تذكارية أمر بوضعها الملك "تحتمس الرابع" بين الذراعين الممتدة لتمثال أبو الهول في الجيزة وذلك تخليدا لحلم رآه قبل أن يعتلي عرش مصر في عام 1401 قبل الميلاد.
كان تحتمس الرابع هو ابن الملك "أمنحتب الثاني" و الملكة "تي عا" وهو الملك الثامن من الأسرة الثامنة عشر وقد حكم من 1401 إلى 1391 قبل الميلاد
وعندما كان "تحتمس الرابع" أميرا شابا في عصر الدولة الحديثة كان له عدد من الأخوات من أمهات مختلفات، وفي سبيل تأييد حقه في العرش، أشاع قصة عُرفت اصطلاحاُ باسم "قصة الرؤيا"، ومؤداها أنه في إحدى رحلات صيده للغزلان بصحراء الجيزة آوى إلى الظل بجوار تمثال أبو الهول، وأخذته سنة من النوم، فرأى الإله فيها يتحدث إليه، ويقول له في ما روي: "ولدي تحتمس.. تأملني فأنا أبوك، إني واهبك ملكي على الأرض لتصبح سيداً على الأحياء وستكون لك الأرض بطولها وعرضها".
وبشره بأنه سوف يتبؤ عرش مصر وطلب منه أن يزيل فيما بعد ما تراكم عليه من رمال.
بعد عدة سنوات اعتلى بالفعل الأمير "تحتمس الرابع" عرش مصر وأمر خلال السنه الأولى من حكمه بتسجيل هذا الحلم على لوحة كبيرة ووضعها بين ذراعي أبو الهول الممدودة بعد إزالة الرمال عنه ، حيث كان من عادة ملوك الدولة الحديثة التأكيد على أهليتهم في حكم مصر من قبل الآلهة.
وسجل ذلك الحلم عندما تولى العرش فى لوحة ذات شكل مستطيل حافته العليا مقوسة يبلغ ارتفاع اللوحة 144سنتيمتر وعرض حوالي 40سنتيمتر و سمكها حوالي 70سنتيمتر ، وفي الجزء العلوي من اللوحة شكلان منحوتان للملك "تحتمس الرابع" إلى اليمين وإلى اليسار يقدم القرابين لأبو الهول.
وفي نيل أسوان جزيرة فريدة عجيبة تسمى "سهيل".تتألف من جرانيت أسوان الشهير
يذهب علماء الآثار إلى أن النقش الموجود على هذه اللوحة يؤرخ للعصر البطلمي (ربما في عهد بطلميوس الخامس 205-180 ق. م).
ورغم أن النقوش تمت قبل 2200 سنة إلا أن الأحداث التي تحكيها اللوحة تعود إلى آلاف السنين الماضية السابقة على زمن اللوحة.
فهي تحكي عن واقعة مجاعة أصابت مصر في عصر الملك زوسر من الأسرة الثالثة ( 2686 ق. م – 2649 ق. م).
وهذا أمر بالغ الأهمية في الموضوع، فالفارق الزمني بين تاريخ الأحداث التي ترويها اللوحة وتاريخ نقشها يبلغ نحو 2450 سنة !
يقول النقش إنه في ذلك العام انتاب الملك شعور بالقلق مع تزايد الجفاف والقحط بالبلاد المصرية بسبب ضعف مياه النيل لسبع سنوات عجاف فأصاب الناس خوف وهلع وخرجوا عن كل قانون ونظام وهاجوا في شغب وقتل وسلب ونهب وفوضى عارمة.
وبالاستعانة بالمستشار والمهندس الشهير في ذلك الوقت "إيمحوتب" عرف الملك زوسر أن الفيضان رهين بإله الخلق "خنوم" في إليفنتين (أسوان) التي ينبع منها النيل من ينبوع مقدس.(لم يكن الاعتقاد وقتها بأن النيل يأتي من منابع الحبشة أو هضبة البحيرات الاستوائية.
سافر إيمحوتب إلى ينبوع النهر في إليفنتين (شلال أسوان) وخلال صلاته أخذته سنة من نوم فرأي في منامه خنوم يعده بإعادة الفيضان من جديد.
رجع إيمحوتب من أسوان إلى منف وقص على زوسر الرؤيا فسعد زوسر بالأمر وأمر بالاهتمام بعبادة خنوم وبث الحياة في معبده وتقديم العطايا له، فضلا عن منح ثروات لكهنة معبد خنوم في إليفنتين وأن يشارك المعبد في الأرباح التي يجنيها إقليم النوبة من التجارة.
أحلام الملوك هدفها التوظيف السياسي
ظهور الآلهة في أحلام الملوك تحمل دلالة معينة سياسية أو تاريخية، كأن يطلب الإله من الملك إصلاح وترميم هيكله المتهدم، وهذا ما يبرر أعمال سونسرت الأول في معبد اليفانتين في أسوان. وقد يعد الإله بتحقيق النصر قبيل قيام المعارك الحربية، كما حدث لكل من أمنحتب الثاني ومرنبتاح، وفي بعض الحالات كان الإله يعلم فرعون المنتظر بأنه اختاره ليعتلي العرش، وهو ما حدث لـ"تانوات آمون"، الذي فسر رؤياه باعتلائه عرش كوش ومصر، أو كما رأى تحوتمس الرابع أثناء غفوته الإله حور إم آخت، يعده بالعرش شريطة أن يزيح الرمال عن تمثال أبي الهول بالجيزة، الذي يمثل أحد مظاهره. وكثيراً ما ازداد تمسك بعض الملوك بالدين وكرامات معبودهم الأكبر "آمون رع"، كلما شعر أحدهم بشبهة يمكن أن تمس شرعية ولايته للعرش، حينئذٍ يسارع عبر الأحلام إلى تأكيد تدخل "آمون" رب الدولة بنفسه في اختياره، أو يسارع بتأكيد بنوته المباشرة له نتيجة لتقمصه روح أبيه حين أنجبه.