الأمم المتحدة تتهم الجيش المالي ومسلحين بجرائم حرب ضدّ الإنسانية
أكدت اللجنة الدولية بشأن مالي التي أنشأتها الأمم المتحدة أن الجيش المالي ارتكب "جرائم حرب" فيما ارتكبت مجموعات مسلحة "جرائم ضدّ الإنسانية"، وذلك في تقرير أُرسل إلى أعضاء مجلس الأمن وحصلت وكالة فرانس برس حصرياً على نسخة منه.
وذكرت
وكالة الأنباء الفرنسية، أن الجيش المالي هو في طليعة لائحة المتهمين من جانب هذه
اللجنة التي تعتبر أنها جمعت "أسبابا وجيهة للاعتقاد" بأنه "ارتكب
جرائم حرب"، وفق ما جاء في التقرير المؤلف من نحو 350 صفحة ويدعو إلى إنشاء
محكمة خاصة للجرائم الدولية.
ويأتي
كشف هذه الوثيقة في الوقت الذي أطاح فيه ضباط الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا في 18
آب/أغسطس. واحتفظ الانقلابيون بالسيطرة على الهيئات الرئيسية التي من المفترض أن
تعيد المدنيين إلى السلطة بعد 18 شهرا، حيث أجرت هذه اللجنة تحقيقا يشمل الفترة
الممتدة بين 2012 و2018. وقد أُنشئت في كانون الثاني/يناير 2018 وتتألف من
السويدية لينا سوند والكاميروني سيمون مونزو والمتحدر من جزر موريشيوس فينود بوليل.
وسلّمت
منتصف العام 2020 تقريرها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي
أرسله الأسبوع الماضي إلى الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن.
وردا
على أسئلة وكالة فرانس برس، رفض جهاز الإعلام في الأمم المتحدة التعليق على النصّ
الذي لم يُنشر بعد، ويوثق التقرير بالتفصيل نحو 140 حالة ارتكبت فيها جرائم، في
انتهاكات أسفرت عن سقوط آلالاف الضحايا (قتلى وجرحى ومعذبون ومشردون).
في
العام 2012، استولى عسكريون ماليون على الحكم عقب انقلاب كان يُفترض أن يوقف هزيمة
الجيش مقابل المتمردين الانفصاليين والجهاديين في الشمال، إلا أنه في الواقع
سرّعها، ما أغرق البلاد في أزمة لا تزال مستمرة.
في
عامي 2012 و2013، أُدينت قوات الأمن والدفاع بارتكاب "جرائم" تستهدف
"خصوصاً أعضاء من قبائل الطوارق والعرب" الذين اعتبرتهم مرتبطين
بالمتمردين الانفصاليين ومجموعات جهادية.
ويرد
في التقرير مقتل ثلاثة دركيين من الطوارق في 2 نيسان/ابريل 2012 و16 واعظا عربيا
في 9 أيلول/سبتمبر 2012 و"15 شخصا على الأقل" يشتبه في انتمائهم إلى
جماعة جهادية في 11 كانون الثاني/يناير 2013.
وبعدما
ظهرت في 2015 مجموعة جهادية يقودها الداعية الفولاني أمادو كوفا، كان أفراد
الفولاني في وسط مالي ضحايا هجمات إثر نسب أفكار معينة إليهم. وجاء في التقرير أن
"الجرائم التي ارتكبتها القوات المسلحة المالية استهدفت بشكل متزايد أعضاء
(هذه) الجماعة"، حيث تم ارتكاب إحدى هذه الجرائم المزعومة خلال عملية مشتركة في
وسط مالي بين قوة برخان الفرنسية المناهضة للجهاديين وجيشَي مالي وبوركينا فاسو في
العام 2017.
وخلال
هذه العملية، كان على الجنود الماليين تفتيش القرى القريبة من موندورو (قرب حدود
بوركينا فاسو). و"في 2 أيار/مايو، قرابة الساعة 16,00 (...) قبض جنود ماليون
على أشخاص عدة معظمهم من أفراد الفولاني" في قريتي مونيكاني ودونا.
ثم
نقلوا إلى معسكر سيفاري وتعرضوا "للضرب المبرح على أيدي جنود ماليين بالعصي
لإجبارهم على الاعتراف بانتمائهم إلى جماعات مسلحة متطرفة وتم تهديدهم بالقتل إذا
لم يقروا بذلك". وقد توفي ثلاثة رجال في المعسكر.
وقالت
اللجنة أيضا إن موقعين على اتفاق السلام من بينهم المتمردون السابقون من الحركة
الوطنية لتحرير أزواد ومجموعة "غاتيا" الموالية للحكومة، مسؤولون أيضا
عن "جرائم حرب"، واتّهمت أيضا بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" أطراف أخرى
في النزاع، خصوصاً مجموعات جهادية مسلحة لا تكفّ عن توسيع نطاق نفوذها وعنفها في
المنطقة، بالإضافة إلى ميليشيا دان نان أمباساغو التي نصّبت نفسها مدافعة عن اتنية
دوغون في وسط مالي، وقد اتُهمت بجرائم ضد قرويين من قبائل الفولاني.
ارتكب
أعضاء هذه الميليشيا "جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب" خلال هجمات في
حزيران/يونيو 2017 على قرى قبائل الفولاني قرب كورو (وسط) قتل خلالها "39
مدنيا على الأقل من بينهم أطفال" بحسب اللجنة، وخلافا لتقارير أخرى، يمكن أن
تشكل خلاصات هذه اللجنة أساسا قانونيا لمحاكمات في المستقبل.