في ذكرى رحيل عميد المسرح العربي .. أبرز المحطات في حياة يوسف وهبي
تحل اليوم الذكرى ال 41 لرحيل يوسف وهبي و الذي يعتبر أحد الرواد الأوائل في السينما و المسرح، حيث لقبه الجمهور بعميد المسرح العربي .
في ذكرى رحيل عميد المسرح العربي .. أبرز المحطات في حياة يوسف وهبي
ولد يوسف وهبي في 17 يوليو عام 1898 بالفيوم على شاطئ بحر يوسف و سمي يوسف تيمنا باسمه، و كان والده يعمل مفتشا للري بالفيوم، و كان يسكن في منزلا يقع على شاطئ بحر يوسف، بدأ تعليمه في كتاب العسيلي، و بعدها تلقى تعليمه بالمدرسة السعيدية في الجيزة، ثم بالمدرسة الزراعية، و لا يزال تراث والده موجودا في الفيوم إذ انه هو الذي حفر ترعة عبد الله وهبي بالفيوم، كما أنشأ المسجد المعروف باسم مسجد عبد الله بك، و الذي يطل على كوبري مرزبان بالفيوم، احترف يوسف وهبي المصارعة و تدرب على يد بطل المصارعة وقتها عبد الحليم المصري .
المشوار الفني ليوسف وهبي
بدأ اهتمام يوسف وهبي بالتمثيل لأول مرة في حياته و ذلك عندما شاهد فرقة الفنان اللبناني سليم القرداحى في سوهاج، وبدأ هوايته بإلقاء المونولوجات وأداء التمثيليات بالنادى الأهلى والمدرسة، ثم سافر إلى إيطاليا بعد الحرب العالمية الأولى بإغراء من صديقه القديم محمد كريم، وتتلمذ على يد الممثل الإيطالى كيانتونى، وعاد إلى مصر سنة 1921 بعد وفاة والده، حيث حصل على ميراثه عشرة آلاف جنيه ذهبي بالتساوي مع إخوانه الأربعة، ثم انضم للعمل في فرقتي حسن فايق وعزيز عيد كبداية لحياته الفنية على سبيل الهواية وليس الاحتراف ولكن واجهت هذه الفِرَق المسرحية العديد من المشاكل المالية لذلك ذهب عزيز عيد مع مختار عثمان إلى يوسف وهبي في إيطاليا كمحاولة لإقناعه بالعودة إلى مصر ومتابعة المشروع الفني الذي يسعون من أجله وكان يوسف وهبي الممول الأول لهذا المشروع حيث أنه بواسطة المال الذي ورثه كان وهبي يهدف إلى ما اعتقده تخليص المسرح من الهاوية التي رآها قد نتجت من الشعرِ الراقص لنجيب الريحاني وعلي الكسار فأنشأ شركة مسرح باسم فرقة رمسيس في نهاية عشرينيات القرن الماضي.
أسس يوسف وهبي فرقة رمسيس المسرحية مع عدد من الممثلين الكبار مثل عزيز عيد ومختار عثمان وحسين رياض، وأحمد علام، وفتوح نشاطي، وزينب صدقي، وأمينة رزق، فاطمة رشدي، وعلوية جميل، واُفتُتِح مسرح رمسيس في 10 مارس 1923.
وبدأت الفرقة بمسرحية المجنون كباكورة لأعمالها المسرحية حيث عُرضت على مسرح راديو عام 1923 وكانت معظم مسرحياتها في بداياتها مترجمة عن أعمال عالمية لشكسبير وموليير وإبسن، ويعتقد البعض أن يوسف وهبي هو الذي أدخل فكرة الموسيقى التصويرية قبل رفع الستار التي لم تكن معروفة إلا في أكبر المسارح في العالم، وقدمت الفرقة بعد ذلك عددًا كبيرًا وصل إلى أكثر من 300 من المسرحيات المؤلفة والمقتبسة باللغة العربية أو بلغات أخرى منها الفرنسية، ونقلت العديد من مسرحيات الفرقة إلى السينما مثل: كرسي الاعتراف، راسبوتين، المائدة الخضراء، بنات الشوارع، أولاد الفقراء، وبيومي أفندي، واتسمت معظم مسرحيات الفرقة بالميلودراما مما جعلها مختلفة عن المسرحيات في ذلك الوقت التي قدمها الفنانون أمثال نجيب الريحاني وعلي الكسار وغيرهم والتي كانت تحمل الطابع الكوميدي الراقص أو الساخر أو المسرحيات الغنائية، كما كانت المسرحيات التي تُقدم على مسرح رمسيس من روائع الأدب الفرنسي والإيطالي والإنجليزي مخالفةً بذلك ما كان يقدم من مسرحيات ومن هذه المسرحيات: خليفة الصياد، وهارون الرشيد، ووصلاح الدين الأيوبي، وصدق الإخاء، وأصدقاء السوء.
اهتم يوسف وهبي بتوعية جمهور المسرح، وتغيير الاهتمام بالمسرح الهازل إلى الاهتمام بالفن والمسرح الجاد، وقد منع التدخين في قاعات العرض، وعمل على احترام مواعيد رفع الستار، ووضع إتيكيتًا للممثل، متمثلًا في الحفاظ على المواعيد، والالتزام بالنص، وتنفيذ تعليمات المخرج، وهو ما دفع الحكومة لتكليفه عام 1933م بتشكيل فرقتها المسرحية التي كانت نواة المسرح القومي فيما بعد، كما عمد يوسف وهبي بجانب تمثيله الأدوار الرئيسة في مسرحياته إلى التأليف والإخراج، فإجمالًا قام يوسف وهبي بتمثيل 302 من المسرحيات العالمية، وأخرج منها 185 مسرحية، وقام بتأليف 60 مسرحية، وكان يهدف من وراء أعماله إلى نشر الوعي الاجتماعي ونقد عيوب المجتمع؛ حيث عرض مشكلات مثل: الزواج من أجنبيات، وأطفال الشوارع، وأبناء الخطيئة، والصراع بين الضمير والعاطفة، كذلك عمد إلى محاربة الاستعمار والفساد.
و في عام 1930 أنشأ وهبي شركة سينمائية باسم رمسيس فيلم التي بدأت أعمالها بفيلم زينب سنة 1930، والذي كان من إنتاجه وإخراج محمد كريم، وفي عام 1932 أنتج أولاد الذوات الذي كان أول فيلم عربي ناطق وكان الفيلم مقتبسًا عن إحدى مسرحياته الناجحة، حيث قام بكتابة النص وقام ببطولة الفيلم، كما قام محمد كريم أيضا بإخراجه، ثم كتب فيلمه الدفاع سنة 1935، ليخرجه هذه المرة بنفسه بالتعاون من المخرج نيازي مصطفى حتى بلغ به التكامل الفني إلى تلحين أغاني هذا الفيلم. ثم في عام 1937 قدم فيلمه الثالث المجد الخالد وهذه المرة كان هو الكاتب والبطل والمخرج، ثم قدم فيلم ساعة التنفيذ 1938 من بطولته وتأليفه وإخراجه وبذلك قدم يوسف وهبي مجموعة من أوائل أفلام السينما المصرية فكان عدد الممثلين السينمائيين قليل وكانت الأفلام غالبًا ما تكون من بطولة يوسف وهبي أو نجيب الريحاني أو علي الكسار في فترة الثلاثينيات.
بعد ذلك بدأ يوسف وهبي في تقديم ثنائي ناجح مع المطربة والممثلة الشابَّة في ذلك الوقت ليلي مراد حيث شارك معها في ثلاث أفلام متتالية هي ليلة ممطرة 1939، ليلى بنت الريف 1941، وليلى بنت المدارس 1941، وكانت هذه الأفلام من إخراج توجو مزراحي.
كما لم يشغل يوسف وهبي دخوله عالم السينما عن استكمال مشواره المسرحي حيث قدم في عام 1939م ست مسرحيات وهي:" ناكر ونكير" ، ا" لشبح" ، “العدو الحبيب،” ابن الفلاح، “يد الله ”، “ألف ضحكة وضحكة ” .
كانت مرحلة السطوع السينمائي ليوسف وهبي عندما بدأ في الالتفات إلى السينما ومواصلة رسالته الهادفة المتمثلة في نقاش القضايا الاجتماعية ونقد عيوب المجتمع والسعي نحو حلها حيث قدم وهبي في هذه الفترة مجموعة من أهم وأعظم أفلامه الخالدة.
بدأت هذه المرحلة بفيلم الطريق المستقيم من تأليف يوسف وهبي وتوجو مزراحي ومن إخراج توجو مزراحي، وشارك في بطولة هذا الفيلم أمينة رزق التي كونت مع يوسف وهبي أشهر ثنائي درامي على الإطلاق حيث قدمت معه حوالي 11 فيلمًا، كما شاركت في فيلم الطريق المستقيم الفنانة فاطمة رشدي، وبشارة واكيم، ومحمود المليجي، حتى أنَّ إسماعيل ياسين أسطورة الكوميديا ظهر في مشهد قصير في الفيلم كرجل مخمور وكان هذا من أوائل مشاركاته في السينما، ودارت أحداث الفيلم حول رجل طيب يحب أسرته ويتفانى في رعايتهم، ويمضي حياته في طريق مستقيم، تعترضه امرأة توقعه في حبائلها فتغير من أحواله وينشغل بها عن أسرته، ويهمل في عمله فتنقلب حياته، ينتهى به الأمر إلى قتل هذة المرأة التي قضت عليه وخانته، ثم يهاجر إلى سيناء حيث يعيش هناك بضع سنوات، وعندما يعود إلى أسرته يجد الأبناء قد صاروا كبارًا ومتزوجين، ورغم أن زوجته تتعرف عليه، إلا أنه يموت برصاص الشرطة دون أن يعرف الأبناء حقيقته؛ لأنه أراد أن يترك لديهم انطباعًا جيدًا عن أبيهم ولم يُرِد أن يعلموا أنه صار مجرمًا، وبذلك ناقش الفيلم قضية اجتماعية هامَّة وهي الانشغال بالنساء واللهو والملذَّات عن الحياة الأسرية والانحراف عن الطريق المستقيم.
أعمال يوسف وهبي
قدم يوسف وهبي بالسينما “ ليلى بنت مدارس ”، “ ليلى بنت الريف ”، “ عريس من اسطنبول ”، “ بنت ذوات ”، “ أولاد الفقراء ”، “ جوهرة ”، “ الطريق المستقيم ”، “ غرام و انتقام ”، “ برلنتي ”، “ ابن الحداد ”، “ سفير جهنم ”، “ كرسي الاعتراف ”، “ بيومي أفندي ”، “ حبيب الروح ”، “ إشاعة حب ”، “ اعترافات زوج ”، “ القاهرة 30 ”، “ دلع البنات ”، “ الرداء الأبيض ”، “ البؤساء ”، “ إسكندرية ليه ”، “ دماء على الثوب الوردي ”، “ السلخانة ” .
كما قدم في المسرح “ عطيل ”، “ الكوكايين ”، “ يوليوس قيصر ”، “ الطمع ”، “ الدنيا مسرح كبير ”، “ هاملت ”، “ بيومي أفندي ”، “ حب عظيم ”، “ ناكر و نكير ” .
وفاة يوسف وهبي
توفي يوسف وهبي في 17 أكتوبر عام 1982 عن عمر ناهز 84 عاما إثر اصابته بأزمة قلبية مفاجئة تاركا ورائه رصيد كبير من الأعمال الفنية بالسينما و المسرح .