غزة وقبلها أوكرانيا.. "حرب الفيتوهات" في مجلس الأمن
ذكرت صحيفة سعودي جازيت ان الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية المندلعة منذ نحو 3 أسابيع، فجرت مرة أخرى "حرب الفيتوهات" المتضادة ما بين الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، الولايات المتحدة وروسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا، المالكة حق النقض على القرارات المطروحة للتصويت.
فما أن تطرح موسكو وبكين قرارا للتصويت حول الأزمة، تقابله العواصم الثلاث الأخرى واشنطن ولندن وباريس، برفع بطاقة الفيتو عليه وبالعكس، ما يضع الجهود الأممية لاحتواء الصراع المحتدم وإيقافه أمام حائط مسدود وفق الخبراء.
سيناريو الأزمة الأوكرانية
وهو مشهد يتكرر في مختلف الأزمات الدولية الكبرى والمزمنة، وآخرها الأزمة الأوكرانية التي فشل مجلس الأمن في معالجتها ووضع حد لتفاقمها على مدى نحو عامين، منذ اندلاع حربها في 24 فبراير 2022.
دعوات لإصلاح المنظمة
فيما ترتفع على خلفية هذه الإخفاقات، أصوات تطالب بإصلاح المنظمة الأممية وتغيير نظامها وميثاقها وبما يسمح بتوسيع عضويتها الدائمة، لتشمل بلدانا تمثل مختلف القارات كإفريقيا وأميركا الجنوبية، وبإيجاد آليات عملية وواضحة لمعالجة ظاهرة تضاد الفيتوهات، والتي تشل عمليا قدرة مجلس الأمن على التحرك والتعاطي الجاد والمثمر مع الحروب والأزمات حول العالم .
ذكر الباحث والأستاذ في مدرسة موسكو العليا للاقتصاد رامي القليوبي للصحيفة
"علينا العودة للعام 1945 عندما تأسست منظمة الأمم المتحدة، على يد الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية مقسمة العالم لمناطق نفوذ فيما بينها، وبما يضمن سيطرتها على مجلس الأمن واحتكار المنظمة الأممية، من قبل الخمس دائمي العضوية في المجلس.
لذلك فلا مجال لتعديل هذه المنظومة الدولية، كونه لن تقبل أي من الدول الخمسة هذه نزع حق النقض ( الفيتو ) منها، ولن تسمح بالمساس بشكل وجوهر هذا النظام المعمول به منذ نحو 80 عاما.
والأنكى أن تغيير هذا النظام لا يمكن حدوثه إلا بعد حرب عالمية كبرى، وهو ما لا يتمناه أحد بطبيعة الحال، كون هذه الدول جميعها دول تمتلك ترسانات نووية فتاكة، والتي هي في الواقع توفر الرادع لاندلاع حروب عالمية جديدة، وتضمن الثبات والديمومة للنظام الدولي القائم منذ منتصف القرن العشرين عبر توازن الرعب النووي.
هذا النظام رغم كل ما يعتريه من سلبيات ومثالب، لكنه مع ذلك يشكل قاعدة للأمن الدولي والاستقرار الاستراتيجي، ويضبط الصدام والتنافس بين اللاعبين الكبار، لكن مع الأسف فإن الدول والشعوب الصغيرة والضعيفة تدفع عادة فاتورة توازن القوى بين أركان هذا النظام العالمي، والذي هو في النهاية أفضل من اندلاع حروب وفوضى عالمية مدمرة.
قال الباحث والخبير في العلاقات الدولية طارق سارممي، في تصريح للصحيفة ان ما يحدث ليس جديدا ولا غريبا، ففي كل حرب أو أزمة كبرى نرى كيف أن مجلس الأمن يتحول بدوره لساحة تبارز بين مالكي حق النقض، وهو ما يسهم مع الأسف في تعقيد الأزمات الدولية وتأزيمها وليس العكس كما هو مفترض.
ومع كل أزمة يخفق مجلس الأمن في التعاطي معها ومعالجتها نتيجة انقسام الخمس الكبار وتضارب مصالحهم وأهدافهم، يدور الحديث عن ضرورة إصلاح المنظمة الدولية وحتى اعادة النظر بها ككل، ولكنه مع الأسف كلام حالم وغير واقعي، فنحن نتحدث عن منظمة تمثل الشرعية الدولية والتي تشكلت بعد حرب عالمية مكلفة راح ضحيتها عشرات ملايين البشر.
ولهذا فأي انقلاب على هذه الشرعية الأممية رغم كل الملاحظات عليها، هو لعب بالنار وخيار غير قابل للتحقق حتى، ولهذا فإن تطوير وإصلاح الأمم المتحدة مرهون حصرا بتوافق اللاعبين الكبار عليه.
الأمم المتحدة
مع وضع الحرب العالمية الثانية أوزارها بانتصار الحلفاء على المحور، اجتمع ممثلو 50 دولة في مؤتمر الأمم المتحدة حول التنظيم الدولي في سان فرانسيسكو، كاليفورنيا، في الفترة من 25 أبريل إلى 26 يونيو 1945.
وعلى مدار الشهرين التاليين، تمت صياغة ميثاق الأمم المتحدة ثم التصويت عليه، الأمر الذي أدى لإنشاء منظمة دولية جديدة، الأمم المتحدة .
بعد 4 أشهر من انتهاء مؤتمر سان فرانسيسكو، بدأت الأمم المتحدة عملها رسميا في 24 أكتوبر 1945، عندما ظهرت إلى الوجود بعد أن صدقت الصين وفرنسا والاتحاد السوفييتي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة ، على ميثاقها إضافة لغالبية الموقعين الآخرين.