معارك غزة على "فيسبوك" تصطدم بجدار الخوارزميات العازل
أصبحت المنصات المختلفة لوسائل التواصل الاجتماعي واحدة من أهم أدوات التأثير في الرأي العام، ويظهر هذا جلياً خلال الأحداث الكبرى التي يشهدها العالم على المستويات كافة، وفي مقدمتها الأحداث السياسية في حين تعد الأزمة الأخيرة التي تعيشها الأراضي الفلسطينية النموذج الأكثر وضوحاً.
فمع تصاعد التطورات الأخيرة يتصفح المتابعون مواقع التواصل الاجتماعي فلا يجدوا أثراً لمنشورات داعمة للفلسطينيين، وينشر آخرون محتوى متعلقاً بالأزمة فلا يحقق مشاهدات رغم وجود آلاف وربما ملايين المتابعين في حالة الشخصيات العامة والمؤثرة، ليتساءل غير المتخصصين عن السبب فتكون الإجابة إنها "الخوارزميات".
والخوارزميات آلية تعتمدها مواقع التواصل الاجتماعي، لتنظيم المحتوى المقدّم من خلالها سواء بإظهار منشورات معينة لأشخاص بعينهم، لأنها تتلاءم مع اهتماماتهم أو بحجب محتوى معين عن آخرين لأسباب مختلفة، وهنا تبرز الأزمة عندما يكون هذا الحجب لأغراض معينة، مثل العمل على إضعاف قضية محددة عبر تحجيم المشاهدات المتعلقة بها وهذا ما كان ظاهراً بقوة في ما يتعلق بالأحداث الفلسطينية الأخيرة.
طرق تحليل الخوارزميات
(فلسـtين، حما س، المقاو-مة، الاٯصى)، تمثل الكلمات السابقة نماذج لابتكارات مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لصيغة جديدة يمكن عن طريقها كتابة الكلمات التي ستؤدي إلى حظر المحتوى، والقائمة تزداد كل يوم ومع كل حدث بكلمات جديدة وتتوالى معها الحلول التي يلجأ إليها مستخدمو وسائل التواصل فما بين كتابة حرف باللغة الإنجليزية أو ترك مسافة بين حروف الكلمة، وربما الفصل بين الحروف بفاصلة أو علامة معينة، وفي أحيان أخرى كتابة الكلمة من دون نقاط تبقى آلاف المنشورات رغم ذلك عرضة للحذف أو عدم المشاهدة.
وعن مفهوم الخوارزميات وأهدافها، يقول المتخصص في الإعلام الرقمي محمد فتحي، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، إن الخوارزميات تتبنى فكرة أنه لو شخص لديه مثلاً 5000 متابع سيصل المحتوى الذي ينشره في البداية إلى 50 شخصاً، وإذا حدث تفاعل أكبر سيزداد العدد، لكن هناك بعض الكلمات تكون مدرجة مسبقاً لدى الذكاء الاصطناعي لأسباب معينة ليست بالضرورة سياسية ينتج منها تحجيم انتشار هذا المحتوى، وفي أحيان أخرى حجبه تماماً.
بدأ هذا الأمر وسيلة للتعامل مع المحتوى العنيف أو الإباحي كحماية للمراهقين وضمان لمعايير المجتمع، وفق فتحي، وهذا هو الاستخدام الجيد للخوارزميات، لكنه لاحقاً تحوّل إلى أداة للتحيز لمصلحة توجهات معينة وحشد الرأي العام باتجاه محدد مثل ما يحدث حالياً في غزة.
بيان "ميتا"
في الـ13 من أكتوبر الماضي ، أصدرت شركة "ميتا" المالكة لمنصات ("فيسبوك" و"إنستغرام" و"واتساب" و"ثريدز") بياناً متعلقاً بالوضع الأخير في فلسطين، معلنة فيه بشكل واضح أنها حذفت 795 ألف منشور متعلق بهذه الأحداث، موضحة أن حركة "حماس" تصنف كمنظمة إرهابية، مما يعني أنها محظورة على المنصات كافة التي تملكها "ميتا" وعليه فإنها تحذف المنشورات التي تضم الإشادة والدعم لها.