حصاد 2020: هيئة كبار العلماء بالأزهر الحصن الحصين ومرجعية المسلمين
الإثنين 28/ديسمبر/2020 - 02:43 م
واصلت هيئة كبار العلماء بالأزهر في عام 2020 جهودها الملموسة في تجديد الخطاب الديني كونها الحصن الحصين للمسلمين يركنون إليه في النوازل، من خلال ما أظهرته الجائحة التي ما زالت بين ظهورنا إلى الآن، وهو ما يؤكد أن أكبر مرجعية فقهية في الأزهر، تمتد اهتماماتها من الجانب الدعوي إلى الجانب المجتمعي والإنساني والعلمي.
ونظرًا لما حل بالبشرية من وباء يقضي بعدم اجتماع الناس حتى في عباداتهم، وتخفيفًا على الناس في أمور دينهم؛ أفتت هيئة كبار العلماء بإعمال فقه النوازل، فأصدرت بيانها الأول بتاريخ 15/3/2020م، والذي نص على "جواز إيقاف الجُمَعِ والجماعات"؛ خوفًا من تفشي الفيروس وانتشاره والفتك بالبلاد والعباد، وجاء ذلك انطلاقًا من دورها الديني في حفظ مقاصد الشريعة بما لا يمس بثوابت الدين، وإتمامًا لدورها الوطني والمجتمعي في مساندة الدولة في استكمال الإجراءات الاحترازية منعًا لتفشي فيروس كورونا.
الحالة الروحية التي تستجديها أيام رمضان الذي حل على المسلمين هذا العام بهيئة تُدمي القلوب، نظرًا لتعطل بعض طقوسه وحبس عاداته، جعلت من مروجي الشائعات يلعبون على أوتار العاطفة لدي المسلمين في دعوة لخلع رداء الوقاية واجتماع الناس في المساجد بقصد الدعاء، وهو ما يُحمل الدولة مزيدًا من الأعباء في التصدي لهذه الجائحة، فقطعت هيئة كبار العلماء بحسها الوطني وواجبها الشرعي الطريق على هؤلاء من خلال بيانها الثاني بتاريخ 4/4/2020م، في دعوة صريحة من رجال لا تتشابه مع غيرتهم على دين الله غيرة أخرى، ونادوا في الناس أن احتكام الشرع في هذا الأمر مرده إلى الأطباء، والذين حذروا من اجتماع الناس في مثل هذه الظروف، وأن الانصياع لرأي الطب هو واجب شرعي وكل من يستمع لهذه الدعوات المضللة آثم شرعًا، وحتى تغلق طريق الفتنة أمام كل من يحاول أن يستخدم مشاعر المسلمين للعبث بحياتهم؛ أصدرت الهيئة بيانها الثالث بتاريخ 5/5/2020م بشأن صلاة العيد في البيوت، وكيفية أدائها على الوجه الصحيح في ضوء استمرار انتشار فيروس كورنا.
واختتمت الهيئة العام ببيان فصل لا لبس فيه، يحمل كل ما يحتاجه المستفتي في أمور دينه مع اشتداد ما يسمى بالموجة الثانية من وباء كورونا، بعدما أشارت التقارير إلى أن الخطر الحقيقي للفيروس هو في سرعة انتشاره، مؤكدة أنه يجب شرعًا التقيد بالإجراءات والتدابير الوقائية التي حددتها الجهات المختصة، موضحة أن التباعد بين المُصلّين في الجماعات وأثناء الاستماع إلى خطبة الجمعة لا يؤثر في صحة الصلاة، كما أن استعمال المواد الكحولية المعدة للتطهير والتعقيم طاهرة حلال بل واجب في مثل هذه الظروف، مشددة على ضرورة تجنب الاجتماع للأفراح أو التعازي، وأن التهنئة أو التعزية بالهواتف أو وسائل التواصل الاجتماعي تجزئ شرعًا، لتغلق الباب أمام مفاسد كثيرة لا يحمد عقباها.
• الإنتاج العلمي لهيئة كبار العلماء
أكثر من ثمانية وخمسين كتابًا ومئتين وخمسين بحثًا، تروي الظمأ الفكري والعطش الثقافي بمنهج أزهري منضبط، أعدتها وأشرفت عليها هيئة كبار العلماء، تضع حلولًا لمشاكل الناس وتتلاقى مع احتياجات المجتمع، فتقوى ركيزته الفكرية في مواجهة كل التحديات الفكرية المنحرفة التي تحاول أن تَعصف بعقول الناس وتشتت أفكارهم، كما أنها عونًا للباحثين ترشدهم في البحث في قضايا العصر بشكل يضمن وجود ميراث فكري منضبط.
واستكمالًا للجهود العلمية لهيئة كبار العلماء في تجديد الخطاب الديني، قامت الهيئة بإعداد كتاب يجمع أبحاث مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي، تيسيرًا على الباحثين والدارسين في القضايا التي تَوافق عليها علماء العصر بما لا يخالف تراث الأمة.
• الأنشطة العلمية
الإعداد والتجهيز للدورة العلمية للهيئة المعاونة بالكليات الشرعية والعربية بجامعة الأزهر، وهي دورة علمية بدأت في التاسع من فبراير 2020م واستمرت فعاليتها لمدة ثلاثة أشهر، لعدد 371 من أعضاء هيئة التدريس المعاونة، حاضر فيها أعضاء هيئة كبار العلماء وتناولت أهم القضايا التي تطرأ على المجتمع وكيفية بيان الحكم الشرعي لها، وتأهيل الدارسين للاستعانة بفقه النوازل نظرًا لحاجة الناس وما تتطلبه الضرورة الشرعية.
تشكيل لجنة من كبار علماء التفسير وعلوم القرآن لوضع تفسير الأزهر للقرآن الكريم، مع البدء في العمل الرسمي في مشروع "الشبهات"، واستكمال مشروع تراجم علماء الهيئة وتوثيق آرائهم في كل القضايا المعاصرة.
• مشروع قانون "الأحوال الشخصية"
القضايا الاجتماعية والعصرية هي محور اهتمام هيئة كبار العام، حيث ناقشت في عام 2020 قانون الأحوال الشخصية، لتضع بين يدي الجهات المعنية مشروعًا لقانون متوازن، يراعي حاجة الناس بما لا يمس ثوابت الدين.
• مسابقة الأزهر العالمية للبحوث
امتدادًا لمؤتمر "الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي"؛ دشنت هيئة كبار العلماء "مسابقة الأزهر العالمية للبحوث العلمية"، وهي مسابقة عالمية للوقوف على أبحاث تتسم بالأصالة والعمق تكون مرجعًا في المسائل المستجدة، وبعث روح التجديد المنضبط كنوع من إثراء حركة الاجتهاد، بما يضمن توسيع المشاركة والتمثيل لعلماء وباحثي الأمة في مشارق الأرض ومغاربها، وكآلية لتحقيق التكامل المعرفي من خلال تنوع مصادر البحث التي تشملها المسابقة، والتأكيد