كنائس الطوائف المسيحية في الدول العربية تختلف في صيغة الاحتفال بعيد الميلاد عن الأعوام السابقة تضامنا مع غزة
إستقبلت كنائس الطوائف المسيحية في الدول العربية احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة هذا العام وسط أجواء من الصمت والحزن، وأشجار تخلو من الزينة، وأبنية ومتاجر خالية من كل مظاهر الفرح التي كانت تتميز بها في مثل هذه الأيام، وذلك تضامنا مع تردي الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة بسبب الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس والتي تدخل شهرها الثالث.
وتحتفل الطوائف المسيحية، التي تعتمد التقويم الغربي في أنحاء العالم، بعيد الميلاد في 25 ديسمبر، في حين تحتفل الطوائف التي تعتمد التقويم الشرقي في السابع من يناير المقبل.
وكان البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، قد أدان في رسالة الميلاد أمس الإثنين "الوضع الإنساني اليائس" للفلسطينيين في غزة، داعيا لوقف "العمليات العسكرية في الحرب بين إسرائيل وحماس والإفراج عن الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في القطاع".
إختلاف أجواء احتفالات عيد الميلاد في شوارع دول عربية
اختفت أجواء احتفالات عيد الميلاد في شوارع مدن سورية عديدة بعد أن أعلنت الكنائس الرئيسية في البلاد إقامة الصلوات فقط تضامنا مع الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأعلنت الكنائس الرئيسية الثلاث في سوريا في بيان: "نظرا للظروف الراهنة وخصوصا في غزة، يعتذر البطاركة عن عدم تقبّل المعايدات والتهاني في عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية، ويكتفون بالصلوات مرسلين البركة لكل أبنائهم".
ووقع البيان كل من بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، يوحنا العاشر، وبطريرك السريان الأرثوذكس، مار إغناطيوس أفرام الثاني، وبطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك، يوسف العبسي.
وفي مدينة حلب شمالي البلاد، قال مطران السريان الكاثوليك، مار ديونوسيوس انطوان شهدا، لوكالة فرانس برس: "في فلسطين، في المكان الذي ولد فيه السيد المسيح، الناس يتألمون".
وأضاف: "في سوريا ألغينا الاحتفالات والاستقبالات الرسمية في كنائسنا تضامنا مع ضحايا القصف في غزة واقتصرنا فقط على الصلوات لربنا حتى تتوقف الحروب في العالم وفي الشرق".
كما غابت شجرة الميلاد الكبيرة التي كانت تنتصب مزينة حي العزيزية في حلب كل عام، كما خلت الساحة هذه السنة من الزينة أو الإضاءة.
وغابت أيضا الاحتفالات عن كنائس وشوارع وأسواق في العاصمة دمشق، التي اعتادت الاحتفال في هذا الوقت من كل عام، ولم تزيّن الأشجار المضاءة شوارع العاصمة التي ليس للميلاد حضور فيها اليوم سوى في وسط المدينة، كما اكتفت الكنيسة المريمية التابعة لبطريركية الروم الأرثوذكس بوضع زينة وأضواء خفيفة وشجرة صغيرة في باحتها.
لبنان
استقبلت الكنائس في لبنان المصلين وركزت عظاتها جميعها على السلام والوضع في غزة وفي الجنوب
كان الاحتفال غائباً في لبنان وسط حالة من الحزن بين المواطنين، إذ حرص البعض على الاكتفاء بترديد الترانيم والصلوات، كما امتنع العديد عن تزيين البيوت بشجرة عيد الميلاد التقليدية تضامنا مع الفلسطينيين واحتجاجا على ما يحدث من صراع في غزة.
أما بالنسبة للمدن اللبنانية الحدودية والتي تضررت من الحرب وتعرضت فيها بعض الكنائس للقصف فضلا عن نزوح الأهالي، اختفت فيها مظاهر الاحتفالات بالكامل حدادا على ما تشهده المنطقة، ولم يتبق للأهالي سوى "الرجاء في أن يعم السلام"، إذ تشهد الحدود الجنوبية تبادلا منتظما لإطلاق النار، بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله منذ اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر
واستقبلت الكنائس المصلين وركزت عظاتها جميعها على السلام والوضع في غزة وفي الجنوب. وقال البطريرك الماروني، مار بشارة بطرس الراعي، في عظة قداس الميلاد، في بكركي: "العيون تدمع لدى العائلات المنكوبة جرّاء الحرب الإبادية في غزة، وعائلاتنا في جنوب لبنان نتيجة امتداد الحرب المشؤومة والمرفوضة إلى قراهم مع ما خلّفت من قتلى وتدمير منازل".
كما أعرب عن أمله في أن "يحدث هذا الميلاد إنقلابا روحيا في حياة كل إنسان"، مضيفا: "عالم اليوم، عالم الكبرياء والاستقواء، هو بأمس الحاجة لهذا الانقلاب وإلّا ظلّت المآسي على حالها من الفساد والظلم والحروب والاستبداد واللعب بمصير الأوطان والشعوب والثقافة والتاريخ".
الأردن
دفعت المأساة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة مجلس رؤساء الكنائس في الأردن، إلى إعلان عدم تقبل المعايدات في عيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية لهذا العام، والاكتفاء بالصلوات الكنسية.
وقال المجلس إن "القرار يأتي احتراما لأرواح الشهداء في غزة، وعموم فلسطين، وتعبيرا عن تضامنه مع الأهالي فيها، في ظل استمرار معاناتهم؛ بسبب العدوان الإسرائيلي."
وتغير المشهد في الأردن مقارنة بمظاهر الاحتفال العام الماضي، التي شهدت تزيين الشوارع والمدن بالاحتفال بعيد الميلاد، مع انتشار حالة تضامن شعبي كبيرة مع قطاع غزة وعموم الأراضي الفلسطينية.
كما اقتصرت مظاهر الاحتفال على الصلاة والقداس والشعائر الدينية داخل الكنائس والمنازل، وأقيمت الصلوات من أجل دعم الفلسطينيين في قطاع غزة، كما هو الحال في كنيسة "دخول السيد إلى الهيكل" للروم الأرثوذكس في العاصمة عمّان.
وداخل كنيسة دير اللاتين في منطقة الفحيص، في محافظة البلقاء، أقيمت الصلوات والترانيم من أجل أن يعمّ السلام وإيقاف آلة الحرب التي يتعرض لها قطاع غزة وفي عموم الضفة الغربية.
مصر
انطلقت احتفالات عيد الميلاد بالكنيسة الكاثوليكية بعد أن ترأس الأنبا إبراهيم إسحق، بطريرك الأقباط الكاثوليك في مصر، قداس عيد الميلاد
لم يختلف المشهد في مصر عن بقية الدول من حيث مظاهر الاحتفال بعيد ميلاد التي يكسوها الحزن والألم هذا العام تضامنا مع الشعب الفلسطيني والحرب الدائرة في غزة.
وانطلقت طقوس عيد الميلاد بالكنيسة الكاثوليكية يوم الإثنين بعد أن ترأس الأنبا إبراهيم إسحق، بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك في مصر، قداس عيد الميلاد بكاتدرائية السيدة العذراء مريم في القاهرة، بحضور مطارنة الكنيسة الكاثوليكية من بعض محافظات مصر.
ودعا في عظته إلى وقف الحرب في غزة قائلا: "نرفع صلاتنا من أجل وقف الحرب والدمار والآلام في كل مكان، ونوجه النداء إلى كل من يحمل أمانة المسؤولية في العالم إلى التحرك بعزم لإرساء أسس السلام والعدالة وحماية حياة الناس وحفظ كرامتهم".
وفي مصر، يحتفل عدد من الكنائس وفقا للتقويم الغربي الموافق 25 ديسمبر من كل عام، في مقدمتهم الأقباط الكاثوليك والروم الأرثوذكس والروم الكاثوليك والكنيسة الأسقفية والطائفة المارونية بمصر.
ويحتفل عدد آخر من الكنائس بعيد الميلاد المجيد وفقا للتقويم الشرقي والذي يوافق 7 يناير/كانون الثاني من كل عام وفي مقدمتهم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وعلى رأسها بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الأنبا تواضروس الثاني، فضلا عن الطائفة الإنجيلية بمصر.