الإثنين 29 أبريل 2024 الموافق 20 شوال 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

جدل كبير حول إعادة ترميم هرم "منكاورع".. كبير الأثريين: الإعلان عن المشروع قبل دراسته خطوة غير إيجابية أثارت جدلا.. ومؤرخ: مشروع القرن إنقاذ للهرم وإضافة جديدة لتاريخنا

الإثنين 05/فبراير/2024 - 10:04 م
هرم منكاورع - أرشيفية
هرم منكاورع - أرشيفية

جدل كبير فى الشارع المصرى بسبب إعلان الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار،  الدكتور مصطفى الوزيرى، عن البدء فى تنفيذ مشروع إعادة كساء الهرم الأصغر "منكاورع"، حيث تباينت الآراء ما بين مؤيد ومعارض، هناك من يرى أن هذا المشروع يعد بمثابة إنقاذ للهرم، وهناك من يرى أن "تبليط" الهرم من الممكن أن يشوه الهرم ويغير من معالمه، إضافة إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها مصر الآن لا تسمح بتنفيذ ذلك المشروع.

 

جدل كبير حول إعادة ترميم هرم "منكاورع".. كبير الأثريين:  الإعلان عن المشروع قبل دراسته خطوة غير إيجابية أثارت جدلا..  ومؤرخ:  مشروع القرن إنقاذ للهرم وإضافة جديدة لتاريخنا

 

مشروع القرن

وكان "الوزيري"، أعلن الجمعة الماضية عن البدء فى "مشروع القرن"، والذى يستهدف إعادة كساء الهرم الأصغر "منكاورع" بالجرانيت، على أن يتم  إعادة تلك الأحجار إلى أماكنها بعد أن تساقطت حول الهرم مع مرور الزمن، مضيفًا أن المشروع الآن في طور الدراسة لمدة عام، وبعدها ستطرح النتائج على لجنة علمية دولية متخصصة لاتخاذ القرار النهائي وبالتعاون مع اليونسكو.

 

وأكد أن الحفائر الأثرية حول هرم منكاورع لم تكتمل منذ عام 1837، وحتى الآن بسبب أحجار الجرانيت المتساقطة حوله، وأن إعادة تلك الأحجار إلى أماكنها ربما يكشف عن المراكب الجنائزية للملك منكاورع أسفلها.

 

قرار تشكيل لجنة علمية

السبت الماضى أصدر أحمد عيسي وزير السياحة والآثار قراراً وزارياً بتشكيل لجنة علمية عليا برئاسة عالم الآثار ووزير الآثار الأسبق الدكتور زاهي حواس، وعضوية عدداً من كبار العلماء المتخصصين في الآثار لاسيما الأهرامات، والهندسة من المصريين والأجانب من الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية التشيك ودولة ألمانيا، لمراجعة المشروع المشترك بين المجلس الأعلى للآثار وبعثة جامعة واسيدا اليابانية، والمقدم لإجراء أعمال الترميم المعماري لهرم منكاورع بمنطقة آثار الهرم.

 

ومن المقرر أن تقوم اللجنة بعد الإنتهاء من مراجعة المشروع، بإعداد تقرير علمي مفصل عن نتائج أعمالها، وما انتهت إليه المراجعة العلمية التي قاموا بها، وإتخاذ قرار بشأن المضي قدماً في المشروع من عدمه، على أن يتضمن التقرير أيضا كافة الإجـراءات والخطوات الواجب إتباعها للتنسيق المطلوب مع منظمة اليونسكو.

 

وسوف يتولى المجلس الأعلى للآثار إمداد اللجنة بكافة البيانات والمعلومات والمستندات الخاصة بالمشروع، حتى يتسنى لها إنجاز أعمالها على الوجه الأمثل، وفور الانتهاء من أعمال اللجنة وعرض التقرير على الوزير سيتم تنظيم مؤتمراً صحفياً عالمياً للإعلان عن النتائج التي توصلت إليها اللجنة والقرار الذي أتُخذ حيال البدء في المشروع من عدمه.

 

التسرع فى الإعلان عن المشروع 

وقال الدكتور مجدى شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار،" إن الإعلان عن مشروع كساء هرم "منكاورع" فى هذا الوقت وبهذه السرعة لم يكن خطوة إيجابية تسبب فى حدوث جدل، فكان من المفترض والأفضل أن تتم بعد انتهاء المرحلة الأولى والمتمثلة فى عمل دراسة جدوى للمشروع وإنهاء أعمال الحفر حول الهرم ورؤية الأحجار، ومعرفة ما إذا كان ستكتمل هذه الخطوة أم لا"، مؤكدا أنه فى حالة عرض المشروع بشكل جيد فإنه مهما لاقى من هجوم فسينجح.

 

وأضاف "شاكر" في تصريحات خاصة  لـ"مصر تايمز"، أن  هناك فرق مابين إعادة البناء وإعادة التركيب، ففى علم الترميم إذا كان هناك مبنى تدمر جزء منه نتيجة الظواهر الطبيعية كالزلازل أو الفيضانات أو الحروق، فإنه فى هذه الحالة يمكن عمل إعادة بناء له، مثلما حدث فى معبدي أبو سمبل".

 

 وأشار إلى أن هناك مواثيق دولية خاصة بالترميم مثل قوانين البندقية، وفينسيا تقر بأنه لا يتم التدخل فى الأثر إلا فى حالة واحدة فقط، وهى إذا كان يحتاج للحماية، ولو تم التدخل يكون بنسبة لا تزيد عن 20%، ويكون بلون مختلف وبحجر مختلف، موضحا أن جمال الشئ أحيانا فى أن يكون ناقص مثل برج "بيزا" المائل.

 

ويتوقع أن اللجنة العلمية من الممكن أن توافق على المرحلة الأولى بحيث يتم دراسة الأحجار طولها وحجمها، والمكان الذى ستوضع فيه وما إلى ذلك، على أن يتم استخدام أجهزة حديثة والصور والكمبيوتر.

 

وتابع كبير الأثريين: " اتوقع أن تنفيذ المرحلة الثانية سيكون أمر صعب ومعقد، هناك عدة تساؤلات يجب وضعها فى الحسبان أولا هل الأثر محتاج إلى حماية؟.. وهل الأحجار التى سيتم وضعها لن تؤثر على شكل الهرم وعلى الامتداد الكبير؟..  وهل هناك لدينا كمية من الأحجار تكفى لارجاع الهرم كما كان؟.. وهل سيتقبل الناس الشكل الجديد للهرم بعد الترميم؟.. موضحا أن المشكلة تكمن فى أنه لا يوجد لدينا تصور عن شكل الهرم لا فى العصور الوسطى أو القديمة.

 

تغيير الهرم تغيير للهوية

وأوضح أن اللجنة العلمية التى تم تشكيلها تضم عددا كبيرا من علماء وخبراء الآثار وبالطبع ستتبع الأساليب العلمية الحديثة، منوها أن عمر الهرم الأصغر يبلغ 4556 سنة وأى "لعب" أو تغيير فيه سيؤثر على الهوية المصرية باعتباره رمزا للبلد.

 

واستطرد "شاكر": " أرجح المرحلة الأولى لكنى لا أنصح بالمرحلة الثانية فى الوقت الحالى على الاقل حتى نجد تكنولوجيا، من الممكن أن نرجع الشئ لأصله لكن هل سأضمن أن هذه الاحجار ستعيش ولا تكون حِمل على الهرم وتقلل من عمره، لا نستطيع توقع ما سيحدث، أرى أن نترك شئ للاجيال القادمة فنحن كدولة لا نمتلك إلا مجموعة من الآثار".

 

واختتم، كبير الأثريين حديثه قائلا"  ترميم هرم منكاورع يحتاج إلى دراسة أكثر ووقت أطول، لذا أنصح بعدم التدخل إلا إذا كانت نتائج الدراسة مؤكدة مليون بالمائة، تم إبلاغ اليونسكو".

 

الكساء الجرانيتى إنقاذ للهرم

ومن جانبه، قال الدكتور بسام الشماع، المؤرخ والمحاضر الدولى والمتخصص فى علم المصريات، إن مشروع ترميم منكاورع كان الحديث عن أنه للدراسة لمدة عام، على أن تُقدم الدارسة لليونسكو، وبعدها سيتم اتخاذ القرار اللازم".

 

وأكد "الشماع" في تصريحات  لـ" مصر تايمز": أدعم هذا المشروع لعدة أسباب، منها إنقاذ الحجر والهرم وإرجاع الهرم إلى صورته الأولى كما كان فى عهد منكاورع، وهذا من أصول فكرة الترميم، وبالتالى سيثبت للعالم كله كفاءة المرمم المصرى".

 

وذكر، أن اللجنة العلمية هى مَن ستقول قولها إما بالموافقة على هذا المشروع ، وتبدأ بعمل  الدراسات للأحجار أو سترفض، مشددًا على أنه فى أوقات كثيرة يجب التدخل فى الأثر لحمايته مثلما حدث فى معبد أبو سمبل فى الستينات، حيث تم تقطيعه ونقله من مكانه تحت إشراف 40 دولة وتم إنفاق 40 مليون دولار لإنقاذه وقتها.

 

وتوقع أن الأحجار التى يتم البحث عنها سيكون عليها هيروغليفيات، يوجد تحت مدخل هرم منكاورع يوجد جرانيت يكتب عليها نص ونقوش"،  موضحا إمكانية إرجاع الهرم إلى صورته الأولى بوضع الكساء الجرانيتى بما يساهم فى إنقاذه من الرطوبة وحماية الحجر الجيرى.

 

ولفت المؤرخ  والمحاضر الدولى إلى أنه من الممكن أنه أثناء عمل الحفر حول الهرم فى المشروع تستطيع أن تصل إلى الحجر الأم، وأيضا اكتشاف القوارب الجنائزية لمنكاورع، مقترحا أن تقوم وزارة الآثار باستخدام "درون" -أى الطيارات المسيرة بدون طيار- لمعرفة مكان تلك القوارب.

 

وأوضح: " من حقنا نرجع الهرم لأصله، وبدراسة الأحجار جيدا سنعرف أسباب ووقوع الأحجار، فضلا عن إعادة كتابة تاريخ منكاورع ثانية،و إضافة فصول جديدة لتاريخنا واكتشافات أخرى من الممكن أن تحدث".