بعد ارتفاع الأسعار.. هل تغيب اللحوم عن مائدة رمضان؟.. شعبة الدواجن: نطالب الحكومة بالتدخل وعمل إفراجات للأعلاف لضبط الأسعار.. شعبة القصابين: الرابح هو كبار المربين.. والجزارين لا يحققوا أرباحا
(اللحمة مدخلتش البيت من شهور.. الميزانية متسمحش بشراء اللحمة.. بلاها فراخ ولحوم خلينا فى البروتين النباتى.. مش هنموت لو ما أكلناش لحمة.. رمضان هيجى إزاى من غير لحوم) إذا تحدثت عن أسعار اللحوم والدواجن مع أى مواطن بسيط لا تلبث أن تسمع أى من العبارات السابقة، فلقد شهدت أسعار اللحوم والدواجن قفزة جنونية فى الأيام الماضية ووصل سعر كيلو اللحمة 450 جنيها، بينما تخطى سعر كيلو الدواجن البيضاء 100 جنيه.
الاستغناء عن اللحوم الحمراء والدواجن بات قرار ملايين من الأسر المصرية، خاصة بعد ارتفاع أسعارها، فميزانية هذه الأسر لا تحتمل شراءها بتلك الأسعار الخرافية، بل إن هناك حالة من الترقب من زيادة الأسعار بشكل أكبر مع قرب حلول شهر رمضان.
وهنا يبقى السؤال ما هو سر هذا الارتفاع الكبير فى أسعار اللحوم والدواجن؟ وهل هناك زيادات الفترة المقبلة أم أن الأسعار ستتراجع؟! ،كل ذلك يجيب عنه المختصون وخبراء الاقتصاد فى السطور التالية.
الوضع غير مستقر فى الأسواق
وحول هذا الأمر يقول الدكتور عبد العزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية بالقاهرة،" الانخفاض الذى حدث فى الدولار الأيام الماضية، ساهم فى حدوث انخفاض فى سعر الدواجن والأعلاف، فهناك مصانع خفضت سعر العلف من 500 – 750 جنيه، وأيضا وصل سعر الدواجن إلى 89 جنيها للكيلو بعدما وصل سعر الكيلو إلى 94-95 جنيها للكيلو".
ويضيف فى تصريحات خاصة لـ" مصر تايمز": هذا الانخفاض فى الأسعار يعد بادرة أمل جيدة، لكنها لا تحقق طموح المستهلك والذى يريد أن يتراجع السعر إلى 60 جنيه كما كان من قبل"، مؤكدا أن هذا الانخفاض لن يتحقق إلا إذا انخفضت أسعار مدخلات الإنتاج بما فى ذلك الأعلاف (الذرة وفول الصويا) والتحصينات والأدوية البيطرية.
ويتابع السيد قائلا" الوضع فى السوق المصرى غير مستقر والمتغيرات سريعة، إذ لا توجد هناك آليات أو لوائح أو قوانين وأطر محددة يتم من خلالها ضبط السوق وتوقع ما سيحدث الفترة المقبلة وبخاصة مع قدوم شهر رمضان من انخفاض أو ارتفاع فى الأسعار بصفة عامة".
ويؤكد أن الدعوات التى تم إطلاقها من اتحاد منتجى الدواجن بشأن مقاطعة شراء الدواجن لمدة أسبوع كى ينخفض أسعارها غير منطقية على الإطلاق، لافتا إلى أنه من المفترض أن يضع الاتحاد آليات تساهم فى حل الأزمة بدلا دعواته تلك، قائلا" هل سنجعل المواطن لا يشترى كل شئ".
ويختتم رئيس شعبة الدواجن حديثه قائلا" كل ما نستطيع القيام به كغرفة تجارية من الاستعداد لرمضان هو عرض السلع الخاصة بها بسعر التكلفة، القضية الأساسية هى توفير مستلزمات الإنتاج بأسعار تتناسب مع مدخلات الصناعة نفسها وبما يقلل تكلفة الإنتاج، العلف يمثل 70% من صناعة الدواجن لو استطعنا توفيره، جزء كبير من المشكلة سيُحل"، مطالبا الحكومة بالسعى الحثيث لتوفير الدولار، إضافة إلى عمل إفراجات مستمرة، مما يساعد فى ضبط السوق.
قصة اللحوم البلدى والمستوردة
ومن جانبه يقول هيثم عبد الباسط، رئيس شعبة القصابين بالغرفة التجارية بالقاهرة،" إن انخفاض سعر الدولار سيؤدى بالطبع إلى انخفاض سعر اللحوم، موضحا أن مصر دولة غير منتجة للحوم، إذ تقوم باستيراد 60% من احتياجاتها من اللحوم (مجمدات ولحوم حية)، وأيضا تستورد الأعلاف من الخارج".
ويضيف فى تصريحات خاصة لـ" مصر تايمز": تقوم الحكومة باستيراد اللحوم من خلال الشركة القابضة من دولتى السودان وتشاد، ثم تقوم بطرحها فى صورة لحوم مجمدة بمنافذ الدولة فى مجمعات أمان والعربات المتنقلة والثابتة بأسعار تتراوح ما بين 300 – 320 جنيها".
ويتابع عبد الباسط قائلا" أما العجول الحية فهى إما عجول بلدى يقوم عليها صغار المربيين، وإما عجول مستوردة من كولومبيا وأسبانيا والبرازيل يقوم عليها كبار المربين"، موضحا أنه فى عهد مبارك صدر قرار بأن تُعامل اللحوم المستوردة معاملة اللحوم البلدية بحيث تُذبح فى مجازر الدولة وتأخذ نفس ختم اللحوم البلدى، لكن رئيس شعبة القصابين والقائمين على صناعة اللحوم تصدوا لهذا القرار فى ذلك الوقت؛ لأنه كان سيعمل على إهدار الثروة الحيوانية وصناعة اللحوم المصرية.
ويوضح أن تنفيذ هذا القرار يصب فى صالح أصحاب المزارع الكبيرة، ويضر بكلا من صغار المربين وأصحاب محلات الجزارة الذين أصبحوا لا يحققوا هامش ربح، لافتا إلى أن اللحوم المستوردة دخلت مصر قبل عيد الأضحى ب3 أشهر تقريبا وكان سعر الكيلو 100، والآن هذه العجول نفسها فى المزارع تباع ب 180 جنيه، رُغم أن الأعلاف كما هى ، فما الداعى لزيادتها!.
ويستكمل رئيس شعبة القصابين حديثه قائلا" معدل التحويل فى العجول المستوردة يزيد 2 كيلو فى حين معدل التحويل فى العجل البلدى يزيد نصف كيلو، وذلك نتيجة لتغيير ثقافة الأكل بالنسبة للعجل البلدى (فول وذرة وغيرها مزروعة على الأرض المصرية) وبالتالى لا يستجيب للأعلاف المستوردة ومن ثَم لا يزيد وزنه بصورة كبيرة".
450 جنية سعر كيلو اللحمة
ويشير إلى أن سعر كيلو اللحمة اليوم فى محلات الجزارة وصل إلى 450 جنيها، وهذا لا يحقق هامش ربح للجزارين وبالتالى خرج عدد كبير من محلات الجزارة من الأسواق، مطالبا إياهم بالتوقف عن أخذ اللحوم من المذبح لمدة أسبوع أو يوم على الأقل، مضيفا" الجزار يأخذ نصف عجل ولا يستطيع بيعه وتظل اللحمة معه لا تُباع نظرا لانخفاض القوة الشرائية، ويأتى يوم الجمعة ويقوم بالاقتراض".
ويستطرد عبد الباسط قائلا" أتمنى ألا تحدث زيادة كبيرة فى أسعار اللحوم فى شهر رمضان المقبل، وفى ظل تدنى الأجور وانخفاض القوة الشرائية يجب على الحكومة سرعة التدخل لضبط الأسواق حيث تجتمع برؤساء الغرف التجارية لوضع رؤية واضحة ،وأيضا تقوم بالسيطرة على كافة كبار المستوردين بالنسبة لجميع السلع، وتجتمع بهم وتضع لهم هامش ربح، ونربط السلعة من أول العام لآخره، على أن يكون هناك لجنة لمتابعة كافة السلع".
غياب الرقابة
وبدوره يقول الخبير الاقتصادى إلهامى الميرغنى " إن العلاقة بين انخفاض سعر الدولار وانخفاض سعر الأسعار علاقة غير مباشرة، لكن المشكلة تكمن فى أن كلا من صناعة الدواجن واللحوم تعتمد على مستلزمات إنتاج يتم استيرادها من الخارج وبالتالى تتأثر بسعر الدولار؛ لذا يجب وضع خطط لزراعة الأعلاف التى تعد العامل الرئيس فى مستلزمات الإنتاج ، الأمر الذى سيؤدى إلى توفير العملة الصعبة".
ويضيف فى تصريحات خاصة لـ " مصر تايمز" : بدلا من تنمية الأعلاف ومستلزمات الانتاج نجد أن هناك اتجاه لتقليص مساحات زراعة قصب السكر علي سبيل المثال والذى يعد مصدر هام للأعلاف، الأمر الذى يعكس غياب التخطيط وسيطرة المستوردين علي السوق والضغط علي المزارعين والصناع لصالح المستورد الأجنبي".
الخروج من أزمة لأخرى
ويتابع الميرغنى قائلا" عندما تغيب الدولة وتغيب الأجهزة الرقابية وتعمل الأسواق بدون أى ضوابط تنظيمية، تكون النتيجة ظهور عصابات من تجار الأزمة من المستوردين وكبار التجار المحتكرين تتحكم بالأسواق وتخلق الأزمات من أجل تحقيق المليارات من المكاسب من دم الشعب الذي يعيش أكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر".
ويتوقع الخبير الاقتصادى زيادة الأسعار مع حلول شهر رمضان خاصة فى ظل تضاعف الاقبال على السلع وزيادة الاستهلاك فى هذا الشهر، موضحا أن الحل بسيط للخروج من هذه الأزمة الاقتصادية وهو وضع خطة لتوفير مستلزمات الإنتاج، بالإضافة إلى تقليل الاستيراد وتشديد الرقابة على الأسواق، فضلا عن محاربة الاحتكار وتشديد العقوبات وإلا سنخرج من أزمة لأخرى.