كيف تذاكرين لطفلك دون الاستعانة بـ "الشبشب الطائر"؟.. أخصائى نفسى: على الأم توفير الجو المناسب للطفل ومساعدته فى تنظيم وقته وعدم مقارنته بأحد.. جمال فرويز: البعد عن الضرب واللوم والنقد المستمر
ما أن تفتح المدارس أبوابها حتى تسود البيوت حالة من التوتر وتُفرض حالة الطوارئ، يمكن القول أن الأمر يصبح أشبه بالمعركة بين الطفل الذى لا يرغب فى المذاكرة ولا يستطيع الاستيعاب وبين والأم التى تريد أن ينجز ابنها واجباته المدرسية حتى لا يتأخر عن أقرانه وحتى لا يُعاقب فى المدرسة.
بعد دقائق من بداية المذاكرة يعلو الصراخ والبكاء جنبات البيت وربما يصل الأمر إلى قيام الأم بضرب الطفل، ويستمر الوضع على هذا النحو إلى أن تنتهى فقرة المذاكرة ويخلد الطفل إلى النوم، وفى اليوم التالى تُعاد الكرة مرة أخرى وهكذا حتى نهاية الفصل الدراسى.
بالطبع هذا الجو يؤثر بالسلب على الطفل ربما يكره المذاكرة طيلة عمره؛ نظرا لما يلاقيه من تعنيف وضرب ونقد، بالتأكيد تتمنى كل أم أن تتم المذاكرة فى هدوء ولكن كيف؟ هذا ما ستوضحه السطور التالية.
معاناة الأمهات
" معاناة..تعب أعصاب وفرهدة.. والواجب مش بيخلص غير بالضرب ..وكمان بناخد وقت طويل جدا" هكذا بدأت منار محمود ،أم، حديثها ووصفت ما يحدث بينها وبين طفليها –فى مراحل تعليمية مختلفة-، أثناء المذاكرة.
وتضيف" المدرسة تطلب من الأولاد كم كبير من الواجبات، وعليهم كتابتها إلى جانب المذاكرة وحفظ الكلمات والنصوص، وبعد دقائق من المذاكرة يمل الأولاد ويبدأوا فى التهرب من المذاكرة ومن هنا تبدأ المشكلة وتبدأ (الخناقة اليومية)".
أما أمنية مصطفى ، ولى أمر، فتقول " ابنتى تعانى من تشتت الانتباه وعدم التركيز، وقت المذاكرة هذا عبء على كلانا،هى تبكى لعدم قدرتها على الحفظ والتحصيل الدراسى بالشكل المطلوب وترفض المذاكرة، وأنا أصل إلى مرحلة لا أستطيع فيها التحكم فى أعصابى ويعلو صوتى".
وترى أن المدرسة من المفترض أن تراعى فروق القدرات العقلية بين التلاميذ، وأن تساعد الأم فى إعطاء الطفل عدد أقل من الواجبات، مضيفة " ابنتى عندما لا يمكنها التحصيل والاستيعاب تطلب منى أن أعطيها اوميجا 3 حتى تتمكن من التركيز".
لا تنادى الطفل يا"غبى"
ومن جانبها تقول الدكتورة بسمة محمود سليم، أخصائى نفسى وتعديل سلوك، " الطفل دائما ما يتأثر بالتجارب الأولى فى حياته، فلو كان هناك جو من المرح والهدوء بينه وبين الأم أثناء المذاكرة سيحبها والعكس صحيح، ومن هنا لابد أن تراعى الأم خلق بيئة هادية بعيدة عن المشتتات والشد والجذب".
وتضيف لـ" مصر تايمز": على الأم أن تحرص على عدم نعت طفلها بألفاظ غير ملائمة مثل "غبى"أو "فاشل" بل تقوم باستبدالها بكلمات التشجيع، وعندما لا يقدر على الإنجاز فى المذاكرة تتقبل هذا، وتقول له لا يهمك سنجرب معا ونكرر مرات أخرى حتى تستوعب بشكل أفضل".
وتتابع سليم " هناك أمر هام وهو ضرورة معرفة الأم بإمكانيات طفلها وقدراته فى التحصيل الدراسى، بالإضافة إلى إلمامها بأهم الجوانب التى تمكنها من استغلال حواسه فى التحصيل بشكل جيد، مثلا هناك طفل يحب أن يسمع المعلومة أكثر من مرة كى يستوعبها، وهناك طفل آخر يحب القراءة ومشاهدة الصور، هنا التكامل الحسى مطلوب بمعنى استخدام كافة المثيرات كى تصل إليه المعلومة".
وتنصح الأم بضرورة الانتباه إلى عدم مقارنة الإبن بأحد حتى لو كان أخاه لأن هذه المقارنة غير عادلة نتيجتها أن الطفل سيكره أخاه، بخلاف هذا لن يذاكر عندما تقولى له فلان أحسن منك.
ضرورة تنظيم الوقت
وتشير أخصائى النفسى إلى ضرورة أن ينظم الطفل فى سن المدرسة يومه ووقته بحيث يكون لديه 150 دقيقة مذاكرة يوميا تقسم على 3 مواد 45 دقيقة للمادة الواحدة، وذلك مع مراعاة التنوع فى المواد حتى يقدر المخ على استيعاب المعلومة وتخزينها، موضحة ضرورة ممارسة الرياضة حتى لو كانت فى المنزل.
على ضرورة قيام الأم بتوفير الجو المناسب للطفل ومساعدته فى ترتيب يومه بالشكل الملائم لاحتياجاته وتؤكد اليومية، مشددة على أهمية التركيز على تغذية الطفل بشكل جيد بما يساعده على التركيز بحيث تقدم له الوجبات فى مواعيد قبل المذاكرة بوقت كافى، لأن الطفل لن يستطيع التركيز فى حالة الجوع أو بعد الأكل مباشرة.
وتختتم سليم حديثها قائلة" تقريب الفجوة بين المدرسة والبيت فى التعاون مع الطفل، يرجع إلى الضمير فى المدارس، فمن المفترض أن تعقد مجلس آباء لمتابعة أمور الطفل ومناقشتها ، بحيث يتم اتباع أسلوب واحد مع الطفل فى البيت والمدرسة".
كيفية خلق جو هادئ
وبدوره يقول الدكتور جمال فرويز،استشارى الطب النفسى،" مع بداية الفصل الدراسى الثانى لابد أن يكون هناك حالة من الهدوء تعم البيت بأكمله سواء كانت بين الطفل وأمه أو بينه وبين أبيه، وذلك حتى يتمكن الأطفال الصغار من المذاكرة بشكل جيد".
ويضيف لـ" مصر تايمز": يجب تأهيل الطفل مع بداية الدراسة للإلتزام بمواعيد النوم والأكل والمذاكرة، وأهم شئ هو الالتزام بالمواعيد حتى تكون الأمور أسهل على الأم"، مؤكدا ضرورة أن يكون هناك دوما حلقة وصل بين المعلمة فى الفصل وبين الأم، وذلك لمتابعة الطفل ومعرفة نقاط ضعفه، وإذا ما كانت هناك مشاكل يعانى منها، وبالتالى العمل على تجنبها وبالتالى ينشأ الطفل بصورة سوية.
ويؤكد استشارى الطب النفسى على ضرورة ألا تقارن الأم أو الأب الطفل بأحد زملائه ولا يُضرب، لافتا إلى أنه لو كان هناك شكوى من الطفل يجب أن تفهمه الأم وتسمعه دون ضرب أو لوم أو نقد مستمر أو مقارنات، منوها أنه كلما كانت متابعة البيت جيدة مع الطفل والمذاكرة فى جو يسوده الهدوء كلما خرج بشخصية سوية.
وينصح الأبوان بعدم الضغط على الطفل أثناء المذاكرة، إذ أن لكل طفل قدراته العقلية التى تختلف من طفل لآخر، وبالتالى فإن الضغط عليه يزيد الأمور سوءا.
خطورة الأوميجا 3
ويحذر فرويز من قيام الأم بإعطاء الطفل الأوميجا 3 والفيتامينات التى تساعد على التركيز حتى يصبح متفوقا دون داعٍ ودون مراجعة الطبيب، موضحا أنه مثلما لتلك الأدوية إيجابيات فإن الإفراط فيها يسبب مشاكل صحية للطفل، بالإضافة إلى أن الطفل عندما يكبر سيصبح شخصية اعتمادية، فضلا عن أنه سيعتاد على أخذ أدوية بلا داعٍ.