جدل كبير بعد "الصحة" بإلزام الأطباء بكتابة الأدوية المحلية.. شعبة الدواء:القرار جيد وسيطبق على المستشفيات الحكومية فقط.. الحق فى الدواء: القرار غير مجدِ و الأدوية المستوردة تغطى 15% من احتياجات السوق
فى ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية الحالية، ونقص السيولة الدولارية، ظهرت توجهات جديدة باستبدال كل ما هو مستورد بالمحلى، وذلك لتخفيف العبء على الدولار، وبالطبع طال مجال صناعة الأدوية هذه التوجهات.
الخميس الماضى أصدرت وزارة الصحة والسكان قرارا رقم 44 لسنة 2024 بالتزام الأطباء أثناء مباشرة عملهم بكافة الجهات أو الهيئات التابعة للوزارة أو لمديريات الشؤون الصحية بالمحافظات وعلى الأخص المستشفيات والمراكز الطبية ومراكز ووحدات الرعاية الصحية الأساسية وصحة الأسرة بها بوصف الأدوية الضرورية للمرضى مع مراعاة أن تكون الأولوية للدواء المحلى وألا يتم وصف الأدوية المستوردة إلا حال عدم توافر المثيل المحلى لها.
وهنا يبقى السؤال هل سيوفر هذا القرار العملة الصعبة؟، وما هى النتائج المترتبة على ذلك؟، وهل سيمكن تطبيق هذا القرار من الناحية العملية؟ وهل سيؤثر هذا القرار على الأدوية المحلية ويؤدى إلى وجود نواقص أم لا؟ .
القرار لم يصل بعد
وحول هذا الأمر يوضح عبد الحكيم سمير، أخصائى قلب وأوعية دموية،" أنهم لم يتلقوا حتى الآن أوامر بتنفيذ قرار إلزام الأطباء بكتابة الدواء المحلى وعدم كتابة الدواء المستورد إلا فى حالة عدم وجود بديل له محلى.
ويضيف لـ" مصر تايمز" : الدواء المصرى يغنى فى معظم الأحوال، أكثر من 90%، ةيتم كتابة الدواء المستورد فى حالة ما المريض لديه رفاهية كتابة الدواء المستورد، أو إذا كانت الحالة مستعصية إلا لو كان المريض عنده رفاهية كتابة الدواء المستورد من الأول أو الحالة ليست مستعصية، هناك أدوية لم تصنع فى مصر فيتم استيرادها من الخارج.
لو هناك مريض ضغط نكتب له دواء مصرى وإذا تحسن واستجاب له يكون أمر جيد أما إذا لم يستجب هنا نلجأ للأدوية المستوردة، مثلا المريض الذى أجرى عملية قسطرة القلب يكون هناك خطورة للدعامات فى أول عام هنا يتم كتابة الأدوية المستوردة له دائما حتى لا تسد الدعامة دائما ما نلجأ للمستورد.
قرار يحتاج إلى دراسة
أما عمرو سيد، صيدلى بإحدى مستشفيات وزارة الصحة، يقول إن قرار وزارة الصحة هذا يحتاج إلى دراسة بشكل جيد، بحيث يتم معرفة ما إذا كانت المصانع والمعدات مستعدة أولا لتغطية احتياجات السوق ولديها الإمكانية أم لا.
ويضيف لـ"مصر تايمز": حدث من قبل وتم وقف استيراد الأنسولين من الخارج لكن الانسولين المصرى لم يكن كافيا لتغطية احتياجات السوق، فأصبح هناك عجز فى السوق لا يوجد أنسولين مصرى ولا مستورد، وكذلك حدث الأمر ذاته فى أدوية الغدة".
ويتابع سيد قائلا" مصر عملت مباردة فى عام 2020 تخص الصناعة المحلية للدواء أعطت امتيازات كبيرة للشركات التى تقوم بتصنيع الأدوية سواء التى تريد التسجيل أو التى تريد البدء من جديد، وذلك لتصنيع أدوية بديلة عن التى يتم استيرادها ، بالإضافة إلى تقليل العبء على الدولار، وفى عام 2021 بدأ الحديث عن تصنيع بدائل أدوية نقص المناعة، وبدأت شركة إيفا بالفعل تقوم بعمل هذا".
تنفيذ القرار فى المستشفيات الحكومية
ومن جانبه يرى الدكتور على عوف، رئيس شعبة الدواء بالغرفة التجارية بالقاهرة، أن قرار وزارة الصحة بإلزام الجهات التابعة لها بوصف الدواء المحلى بدلا من المستورد قرارا جيدا يصب فى مصلحة الدواء المصرى والبلد.
ويضيف لـ"مصر تايمز": هذا القرار ينطبق فقط على مستشفيات وزارة الصحة والتأمين الصحى التابعة لها، أما بالنسبة للمستشفيات الجامعية ومستشفيات الجيش والشرطة والقطاع الخاص كلها غير خاضعة لهذا القرار".
كتابة الدواء باسم علمى
ويتابع عوف قائلا" دعونا نلقى الضوء على ما يُطبق حاليا فى المستشفيات الحكومية التابعة لوزارة الصحة، حيث يتم كتابة الدواء باسم علمى، بمعنى أن الأطباء فى هذه المستشفيات لا يكتبوا الأدوية باسم تجارى بل يكتبوا بأسماء علمية، والأدوية المتاحة فى المستشفى يتم صرفها"، موضحا أن الأدوية المستوردة التى ليس لها بديل مصرى سيتم صرفها، أما الأدوية التى لها بديل فسيتم استبدالها بالدواء المحلى.
ويشير إلى أن تطبيق هذا القرار سيساهم فى عدم وجود أزمة نواقص فى الأدوية حيث لا يتم البحث عن اسم تجارى معين، لافتا إلى أن الأهم من ذلك هو أن وزارة الصحة على يقين أن الدواء المصرى هو دواء فعال مثله مثل المستورد.
ويؤكد رئيس شعبة الأدوية إلى أن الاعتماد على الأدوية المحلية لن يتسبب فى وجود أزمة فى الدواء، فالمواد الخام موجودة بالفعل فى المصانع، إضافة إلى أن المواد الخام والموجودة فى الجمارك تم تدبير عملة وحدثت هناك انفراجة لها منذ أكثر من 10 أيام، وبالتالى لا يوجد هناك مشكلة.
ويختتم حديثه قائلا" متى نقلق؟ عندما يكون هناك دواء باسم تجارى معين غير موجود وليس له بديل أو مثيل، لكن حاليا أى دواء له بديل ومثيل فى الأسواق، هيئة الدواء تعمل بشكل جيد وحريصة على كل جرام مادة خام فى السوق تتابعها ولا تتركها إلا إذا تأكدت من وجودها بحيث يكون هناك مخزون استراتيجة".
قرار غير مجدِ
ويختلف معه محمود فؤاد، المدير التنفيذى للمركز المصرى الحق فى الدواء، فى أن قرار وزارة الصحة هذا لا جدوى منه، مضيفا" هذا القرار هو هروب من المسؤولية، فالحكومة لا تحل المشكلة الأساسية وهى الأزمة الاقتصادية التى أثرت بالفعل على صناعة الدواء وليس العكس".
ويضيف لـ"مصر تايمز": هناك أمر فى منتهى الخطورة وهو أن هناك بروتوكولات علاجية يتم وصف الأدوية المستوردة فقط فيها، لأنه لا توجد أية أدوية محلية بالكفاءة ذاتها هنا كيف سيتم التصرف فيها؟، وما يقال عن أن الأدوية المحلية ستوفر العملة الصعبة هذا أمر جيد، لكن ينبغى الإشارة إلى أن 95% من المواد الفعالة التى تدخل فى صناعة الأدوية المحلية يتم استيرادها من الخارج".
ويتابع فؤاد قائلا" الأدوية المحلية تغطى 85% من احتياجات السوق المصرى فى حين يتم استيراد 15% فقط، وهنا القرار لن يكون مجدى بشكل كبير، وهنا يبقى السؤال كيف يُحرم مريض التأمين الصحى من الأدوية المستوردة التى تُصرف له، فهو يدفع ثمنها من جيبه مسبقا؟!".
تشكيل لجنة مختصة بالدواء
ويوضح أن هذا القرار سيطبق داخل المستشفيات الحكومية فقط وليس خارجها، مؤكدا أن وزارة الصحة غير مخولة للحديث عن الدواء، فللدواء فى مصر هيئة مستقلة تابعة لمجلس الوزراء تسمى بهيئة الدواء المصرى أنشئت عام 2019 وهى التى تعرف كل شئ يتعلق بالأدوية سواء كانت المحلية أو المستوردة ويعرف الموجود منها والنواقص.
ويؤكد مدير الحق فى الدواء أنه كان من الأفضل أن تشكل لجنة تضم الفريق الطبى من أطباء وصيادلة بالإشتراك مع هيئة الدواء المصرى ووزارة الصحة لتحديد ما هى القوائم الموجودة وغير الموجودة، مضيفا" المستشفيات الحكومية لا يوجد بها أدوية مستوردة منذ سنوات طويلة بالتالى فإن الحديث عن استبدال الأدوية المستوردة بالمحلية مجرد كلام مرسل، نشكو منذ فترة أن هناك أدوية غير موجودة فى المستشفيات الحكومية، الناس تشترى الشاش والقطن وغيرها من الأدوية من خارج المستشفى".