"سيد المداحين" النقشبندى أيقونة رمضان الخالدة
اعتاد المصريون على سماع التواشيح والابتهالات الدينية المذاعة عبر إذاعة القرآن الكريم والفضائيات قبل لحظات الإفطار ووقت السحور فى رمضان، حيث تعد واحدة من أبرز مظاهر الاحتفال فى رمضان.
يعد الشيخ سيد النقشبندي من أبرز وألمع الذين قدموا التواشيح الدينية في رمضان والابتهالات التى تأثر الروح و تخطف القلوب، وأضحى علامة من علامات شهر رمضان حيث ارتبط اسمه بشهر الصوم، واكتسب شعبية كبيرة ومنحه الجمهور لقب "إمام المداحين"، و"الصوت الخاشع"، و"الكروان الربانى".
ظلت ابتهالات النقشبندى الصوت الرئيس لفترات طويلة في شهر رمضان الكريم، وأصبح الناس يرددون ابتهالاته بسهولة لتكرار إذاعتها، ولعل من أجمل تواشيح رمضان للنقشبندى والتى تذاع قبل الإفطار "رمضان أهلا، رب هب لي هدى، الآذان، يا ليلة في الدهر، في رحاب الله، مولاي إني ببابك".
"رمضان أهلا.. مرحبا رمضان.. الذكر فيك يطيب والقرآن "، مَنْ منا لم يطرب ويستمتع عند سماع هذا الابتهال الذى يقدمه النقشبندى، عقب ثبوت رؤية رمضان أو قبل موعد آذان المغرب يوميا.
ابتهال بقرار جمهورى
"مولاي إني بابك قد بسطت يدي، من لي ألوذ به إلاك يا سندي.. أقوم بالليل والأسحار ساهية، أدعو وهمس دعائي بالدموع ندي، بنور وجهك إني عائد وجل" هذا الابتهال كان واحدا من أروع الابتهالات التى قدمها النقشبندى وأنتج بقرار جمهورى من الرئيس الأسبق محمد أنور السادات.
بدأت قصة هذا الابتهال عندما دعاه الرئيس الراحل محمد أنور السادات إلى حفل خطبة ابنته في ميت أبو الكوم، فقد كان حريصا على وجود إنشاد دينى في حفلاته الخاصة، وكان موجودا بالحفل أيضا بليغ حمدي، فقال السادات للحكيم " افتحوا الإذاعة للنقشبندي عايز أسمعه مع بليغ".
وعندما ناقشه توفيق الحكيم في الأمر داخل مبنى الإذاعة المصرية أنذاك، قال له النقشبندى:" على آخر الزمن أتعاون مع ملحن أغاني بهية وعدوية"، ومع إصرار الشيخ على الرفض اتفق معه توفيق الحكيم أن يستمع أولا إلى اللحن في الإذاعة وإذا لم يعجبه سيعتذر لبليغ وينتهى الأمر، لكن إذا أعجبه سيقوم بخلع عمامته.
وافق النقشبندى على اقتراح الحكيم، وذهب للإذاعة وجلس مع بليغ حمدى الذي قال له :" سأصنع لك لحنا يعيش 100 سنة"، وعندما استمع الشيخ إليه قام واقفا وخلع العمه والقفطان أيضا وقال :" بليغ دا جن"، ليصبح هذا الابتهال علامة من علامات الإذاعة المصرية.
كما أثمر التعاون بين النقشبندى وبليغ حمدى عن 6 ابتهالات قال عنها الشيخ في حوار له مع توفيق الحكيم: "لو مكنتش سجلتهم مكنش بقالي تاريخ بعد رحيلي.
نشأته
ولد الشيخ سيد النقشبندي بقرية ديميرة بمحافظة الدقهلية عام 1920م ثم انتقل مع أسرته إلى طهطا بالصعيد وفيها حفظ القرآن صغيرا وتعلم الإنشاد الديني من خلال حلقات الذكر.
وفي عام 1955 عاد إلى مدينة طنطا واستقر بها طوال حياته حتى ذاعت شهرته في مصر والدول العربية والأفريقية والأسيوية وغيرها، وفي عام 1966 التقى بمسجد الحسين بالإذاعي الكبير أحمد فراج الذي قام بتسجيل بعض البرامج له بموافقة رئيس الإذاعة محمد محمود شعبان في هذا الوقت ومنها برنامج في رحاب الله عام 1967وبرنامج دعاء الذي كان يذاع يوميا عقب آذان المغرب، ثم البرنامج الإذاعي " الباحث عن الحقيقة سليمان الفارسي، ثم بدأ بالاشتراك في العديد من الأدعية والابتهالات الدينية بالإذاعة والتليفزيون وأهمها كان بشهر رمضان.
قدّم النقشبندي خلال مسيرته ما يقرب من 40 ابتهالاً، وتعاون خلالها مع عمالقة الموسيقى في ذلك الوقت ومنهم محمود الشريف وسيد مكاوي وبليغ حمدي وحلمي أمين وأحمد صدقي.
رحل النقشبندي عن عالمنا في 14 فبراير 1976، إثر أزمة قلبية، ولكنه لا يزال موجودا بيننا بسبب أعماله الرائعة.