"مؤذن رمضان".. الشيخ محمد رفعت علامة مسجلة فى رمضان
ارتبط آذان المغرب فى أذهان المصريين فى شهر رمضان بصوت الشيخ محمد رفعت، فمنذ أن بدأت الإذاعة المصرية وحتى الآن ويذاع آذان المغرب بصوته، ليصبح أيقونة وعلامة مسجلة لشهر رمضان، لذا عُرف بـ"مؤذن رمضان".
اعتاد المصريون قبيل لحظات الإفطار وهم يلتفون حول مائدة الإفطار سماع صوته الملائكى العذب الذى يأسر القلوب يصدح معلنا عن موعد الإفطار، حيث كان الشيخ محمد رفعت يؤذن لصلاة المغرب يومياً في رمضان ويبث مباشرة دون تسجيل.
وعلى الرغم من رحيله منذ 74 عاما إلا أن صوته فى آذان المغرب يشعرنا وكأنه ما زال حيا، وحتى الآن لم يستطع أحد أن يحل مكانه أبدا.
حاز الشيخ محمد رفعت بالعديد من الألقاب مثل (مقرئ الشعب، مؤذن رمضان، إمام المقرئين، المعجزة، قيثارة السماء، الروحانى، الربانى، القرآنى، كروان الإذاعة ، الصوت الذهبى، الصوت الملائكى،صوت عابد)، ويرجع تسميته بكل هذه الألقاب لأن صوته يضم 18 مقاما موسيقيا.
أجمل ما قيل عنه
ولعل أجمل ما قيل فى وصفه ما قاله الشيخ محمد متولى الشعراوى "إن أردنا أحكام التلاوة فالحصريّ، وإن أردنا حلاوة الصوت فعبدالباسط عبدالصمد، وإن أردنا النفَس الطويل مع العذوبة فمصطفى إسماعيل، وإن أردنا هؤلاء جميعًا فهو محمد رفعت".
نشأته
ولد الشيخ محمد رفعت في مايو 1882 بـ"درب الأغوات" في المغربلين بالقاهرة، وكان أبوه مأمور قسم شرطة الخليفة، وفي الثانية من عمره أصيب بالرمد فأجريت له عملية جراحية فقد على إثرهابصره.
بدأ الشيخ محمد رفعت حفظ القرآن الكريم وهو في سن الخامسة من عمره، وأتم حفظه وهو في سن الحادية عشرة، ثم توفي والده وهو في التاسعة عشرة من عمره وتركه ليتحمل المسؤولية ليعول أمه وأخته وأخويه، فبدأ يشترك في إحياء ليالي المآتم بالسرادقات وسمعه مشاهير القراء آنذاك فأحبوه وقدروا موهبته وتنافسوا في مساعدته حتى تم تعيينه قارئا في مسجد فاضل باشا بشارع درب الجماميز بالقاهرة.
قصته مع الإذاعة المصرية
رفض الشيخ محمد رفعت العمل في الإذاعة عند بدايتها وفضل عليها المساجد فحينما بدأت الإذاعة عملها عام 1934 تزاحم عليها المقرئون للاشتراك فيها في حين رفض الشيخ محمد رفعت التعاقد مع الاذاعة.
وأصرت الإذاعة أن تفتتح برامجها بصوته، لكنه أصر على الرفض الأمر الذى اضطر مدير الإذاعة إلى اللجوء إلى شيخ الأزهر وقتها لإقناعه، الذى بدوره ذهب إليه ليسأله عن سبب رفضه فيقول له أخشى أن يكون وجود الراديو في الأماكن العامة كالحانات والبارات يجعل القرآن الكريم يقرأ على سكارى فارتكب إثما، وهنا يقنعه شيخ الازهر بأن هذا حتى لو حدث ففيه توعية للغائبين فيقتنع، ليفتتح بث الإذاعة أول إرسالها بصوته وهو يتلو سورة الفتح عبر الأثير.
استمر رفعت في التلاوة مرتين يومى الإثنين والجمعة من كل أسبوع وكان الشعب يلتف حول الراديو في المقاهي والمنازل والنوداي يومي لسماع القرآن الكريم بصوته ولمدة نصف ساعة على الهواء مباشرة ولهذا سمي بمقرئ الشعب، إلى أن صدر قرارا من الملك فاروق بعودته للإذاعة ليذاع صوته ثلاث مرات يوميا.
وذاع صيت الشيخ محمد رفعت فسمعت به الإذاعة البريطانية (بى.بى.سى) وأرسلت إليه وطلبت منه تسجيل القرآن، فرفض ظناً منه أنه حرام لأنهم غير مسلمين، فاستفتى الإمام المراغى فشرح له الأمر وأخبره بأنه غير حرام، فسجل لهم سورة مريم
وكانت إذاعات لندن وبرلين وباريس تذيع تسجيلاته أثناء الحرب العالمية الثانية، لتشد المستمعين في العالم الإسلامي الى برامجها ونشراتها الاخبارية.
ظل الشيخ يقرأ للإذاعة من دون أن تسجل له، لذا حين مرض لم يجدوا شيئاً يقدمونه إليه، لكن كان هناك أحد الباشوات، يدعى زكريا مهران، كلما استمع لصوته سجله من دون أن يعرف، لأن الشيخ كان يرفض ذلك، وقد بلغ عددالتسجيلات 278 أسطوانة تضم 19 سورة مدتها 21 ساعة.
وفاته
أصيب الشيخ رفعت عام 1943م بمرض سرطان الحنجرة وتوقف عن القراءة، وبرغم أنه لم يكن يملك تكاليف العلاج إلا أنه اعتذر عن قبول أي مدد أو عون وكانت كلمته المشهورة "إن قارئ القرآن لا يهان"، حتى انتقل إلى جوار ربه عام 1950م.