برلماني يتقدم بطلب إحاطة بشأن وجود شبهة إهدار مال عام في صفقة بيع 12 طائرة من أسطول مصر للطيران
تقدمت الدكتورة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب ونائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، بطلب إحاطة موجه لكل من رئيس مجلس الوزراء، ووزير الطيران المدني، بشأن وجود شبهة إهدار مال عام في صفقة بيع 12 طائرة من أسطول شركة مصر للطيران.
قالت «عبد الناصر» في طلب الإحاطة، إننا تابعنا خلال الساعات الماضية تصريحات التي أقل ما يُقال عنها انها في غاية الغرابة من جانب السيد رئيس مجلس إدارة شركة مصر للطيران، مفادها أن الشركة تعاقدت على بيع 12 طائرة من طراز أيرباص A220-300
وذلك بعد شرائها من حوالي 5 سنوات بسبب عدم ملاءمتها للظروف الجوية المناخية، ولا نعلم ما هي الظروف المناخية والجوية التي يتحدث عنها رئيس الشركة التي تؤثر على طائرات تُحلق بمختلف بقاع الأرض وفي جميع أجواء المناخ بالعالم!!
وأوضحت عضو مجلس النواب، أن هذا يُشير بشكل كبير لعدم قيام مصر للطيران بإجراء دراسات اقتصادية وهندسية صحيحة قبل التعاقد على تلك الصفقة، حيث أن السبب الوحيد المنطقي الذي تلجأ اليه الشركات لمثل هذه الامور هو وجود أخطاء فنية في تحديد إحتياجات الشركة، أو أن تلك الصفقة بنيت على أسباب غير تجارية أو مصالح غير مباشرة.
وأضافت النائبة أن ذلك ليس هو أغرب ماجاء بتلك الواقعة، حيث صرح رئيس الشركة بأن مصر للطيران إتجهت لبيع تلك الطائرات كي تستخدم عوائد الصفقة في سداد ثمن القرض الذي تم شراؤها من خلاله.
وأكدت عبد الناصر أن ذلك الأمر الغريب والمُريب هو الذي دفعنا للبحث في أبعاد وملابسات تلك الواقعة التي تُشير بكل وضوح إلى وجود شبهة إهدار صريح وواضح للمال العام، حتى توصلنا لما يلي:
تعاقدت الحكومة المصرية في عام 2017 على شراء تلك الطائرات على دفعات، بدأت ما بين شهري سبتمبر 2019 وسبتمبر 2020، وكان الهدف المُعلن من تلك الصفقة تنفيذ خطة تطوير لشركة مصر للطيران من أجل رفع معدلات تنافسيتها، بعد التراجع الكبير في أدائها وتصنيفها في مؤشرات جودة خطوط الطيران العالمية، أي أن معدل تشغيل تلك الطائرات هو فقط 4 سنوات، فما الذي تغير خلال تلك المدة القصيرة، أم أن تلك الطائرات من البداية لم تكن مطابقة للمواصفات أو بها عيوب لم تُعلن عنها الشركة منذ وقت التعاقد، أم أنه لم يتم تجربة تلك الطائرات قبل التعاقد على شرائها، كلها أسئلة وجيهه تحتاج إلى توضيح حقيقي وواقعي.
واستكملت، أنه وفقًا لما هو مُعلن فإن تلك الطائرات تم شراؤها بواسطة قرض، وهنا يأتي تساؤل هام للغاية ما هي تكلفة ذلك القرض ومن سيتحمل فوائد ذلك القرض التي تم سدادها على مدار السنوات الماضية؟
بلا شك تحملتها خزينة الدولة، وهو ما نرى أنه إهدار غير مسبوق للمال العام.
وأشارت، إلى أنه في الفترة ما بين عامي 2020 – 2024 كانت معدلات الفائدة على القروض التجارية بمختلف أنحاء العالم في إرتفاع بسبب الاضطرابات الاقتصادية التي عصفت بمختلف الدول جراء جائحة كورونا ومن ثم النزاع العسكري بين روسيا وأوكرانيا، واخيرًا تبعات الحرب على قطاع غزة ، مما يعني أنه بأقل التقديرات يمكن القول إن فائدة ذلك القرض تتراوح ما بين 5% - 7% سنويًا..
فإذا افترضنا وفق ما هو متداول أن سعر الطائرة الواحدة تقريبًا 91 مليون دولار، أي أن إجمالي سعر الصفقة حوالي مليار و92 مليون دولار، مع وضع أقل معدل فائدة على ذلك القرض وهو نسبة الـ 5% سنكون بصدد ربع مليار دولار تقريبًا تحملتهم خزينة الدولة كفوائد عن ذلك القرض نتيجة قرارات غير مفهومة ولا مدروسة، فبكل تأكيد لن تجني صفقة بيع تلك الطائرات قيمة القرض وفوائده، بل إنها من الممكن ألا تجني قيمة القرض بدون احتساب الفوائد من الأساس
فحتى الآن لم تُعلن الشركة عن قيمة صفقة البيع، وهو ما يجب أن تُعلن عنه بكل وضوح وشفافية نظرًا لأن تلك المعلومة في غاية الاهمية..
كما أكدت «عبد الناصر»، على أن الشركة طالما قررت بيع هذا العدد من الطائرات فإنها ستكون بحاجة إلى التعاقد على طائرات جديدة، وفي حالة أن البيع قد تم بقيمة تقل عن سعر الشراء سنكون أمام ثلاث خسائر، الأولى هي فرق ثمن القرض بدون الفوائد، والثانية هي قيمة الفوائد التي تم سدادها على مدار 4 سنوات، والثالثة هي أنه بكل تأكيد ستلجأ الشركة للإقتراض كي تتعاقد على طائرات أخرى، وهو ما سيحملنا فوائد دين جديدة
خاصة وأن الشركة بلا شك لا تمتلك السيولة الكافية لشراء طائرات جديدة نقدًا في ذات الوقت الذي تكبدت فيه خسائر تجاوزت الـ 30 مليار جنية خلال السنوات القليلة الماضية، وهو ما جعلها تتجه للإقتراض بشكل مكثف، حتى أن إجمالي إقتراضها قد تجاوز حاجز الـ 190 مليون دولار من البنوك المحلية فقط.
وبهذا الصدد أشارت الدكتورة مها، إلى أن شركة مصر للطيران والقائمين عليها يسيرون نحو الهاوية بسرعة البرق، فالوضع بالشركة أصبح من سيء لأسوء، حيث أن الشركة قد خرجت مؤخرًا من تصنيف أفضل 100 شركة طيران على مستوى العالم لأول مرة في التاريخ، على الرغم من أنه منافسيها الإقليميين مثل الخطوط الجوية الإثيوبية في المرتبة الـ 35، والخطوط الجوية الجنوب إفريقية في المرتبة الـ 72، والخطوط الجوية الكينية في المرتبة الـ 73، فكيف يعقل هذا الوضع الذي آلت إليه تلك الشركة العريقة التي كانت واحدة من عمالقة الطيران حول العالم!!
وأختتمت «عبد الناصر» طلب الإحاطة مُطالبة الحكومة وكافة الجهات الرقابية في مصر بفتح تحقيق عاجل وسريع وشفاف حول أبعاد وملابسات تلك الصفقات سواء صفقة شراء الطائرات أو صفقة بيعها، والوقوف على أسباب إهدار المال العام بهذا الشكل المستفز، ومحاسبة المسئولين عن الشركة ووزارة الطيران في حال ثبوت وجود قرارات من شأنها إستنزاف موارد خزينة الدولة فالمال العام لا يجوز أن يكون عرضة لمثل تلك الوقائع وأوجه الإنفاق الغير سليمة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية العصيبة التي تمر بها الدولة، فغض الطرف عن مثل تلك الوقائع هي بمثابة جريمة سياسية واقتصادية في حق الدولة والمواطنين الذين تحملوا سداد تكلفة هدر للمال العام في وقت يحاربون فيه من أجل توفير أبسط إحتياجاتهم الأساسية.