الإثنين 01 يوليو 2024 الموافق 25 ذو الحجة 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
فن وثقافة

"السريالية ونحن"... معرض في "متحف الفن الحديث" بتكساس يستكشف مظاهر السريالية في العالم الحديث

الإثنين 13/مايو/2024 - 12:28 م
صورة  أرشيفية
صورة أرشيفية

ربما كانت الحركة الأدبية والفنية المعروفة باسم "السريالية"، حتمية. وفي أعقاب ما خلفته الحرب العالمية الأولى من موت ودمار، بدت الافتراضات القديمة للمنطق والنظام كأفكار بالية، إن لم تكن مدمرة. واستكشف الكتاب الذي ألفه عالم الطب النفسي الشهير، سيجموند فرويد - والذي صدر في عام 1899 تحت عنوان "تفسير الأحلام" - التجاورات شبه المنطقية والمعاني المحتملة للأحلام. وبحسب ما ورد في تقرير لصحيفة "دالاس مورنينج نيوز"، فقد كانت هناك مادة دسمة للاستجابة الفنية.

ومع وجود سوابق لدى "الحركة الدادية" السابقة-و هي الحركة الثقافية التي شككت في كل شىء- والموضوعات المنصوص عليها في بيان عام 1924 للشاعر والناقد الفرنسي أندريه بريتون، رفضت السريالية المنطق لصالح العفوية، والوضوح لصالح الغموض، والعالم المرئي من أجل عالم الأحلام. كما أدت أيضا إلى حالة من الزخم السياسي، الذي يعارض الفاشية بالاضافة إلى الملكية والاستعمار.

وقد تنوعت الإنجازات الفنية، بداية من الانفصالات المخيفة للفنانين السرياليين الراحلين، الاسباني سلفادور دالي، والبلجيكي رينيه ماجريت، وصولا إلى التشوهات الحيوية للفنان الالماني ماكس إرنست، والمجموعات الحجرية العظمية للرسام الفرنسي إيف تانجوي. وكان من الممكن أن تكون الصور شريرة أو جنسية أو كليهما معا. ويواصل الفنانون المعاصرون استكشاف تداعيات ذلك في العديد من الدول.

ويستكشف معرض مقام حاليا في "متحف الفن الحديث" بمدينة فورت وورث في ولاية تكساس الامريكية، مظاهر السريالية اللاحقة في العالم الحديث. وقامت ماريا إيلينا أورتيز، وهي من الفنانين المعاصرين، بتنظيم المعرض تحت عنوان "السريالية ونحن: فنانو الشتات من منطقة الكاريبي وأفريقيا منذ عام 1940"، حيث يتضمن أكثر من 80 عملا منذ أربعينيات القرن الماضي وحتى الوقت الحاضر، في التصوير والنحت والرسم والتركيب والفيديو.

الإثراء المتبادل للثقافات: لقد كانت جزر مارتينيك وهايتي وكوبا، الواقعة كلها في منطقة الكاريبي، بيئات خصبة لازدهار السريالية من جديد، وذلك من خلال مزيجها من السكان (الأصليين وأحفاد العبيد الأفارقة والمحتلين الإسبان والفرنسيين). وقد تم التحفيز للنمو الجديد من جانب فنانين وكتاب أوروبيين، هربوا إلى هناك بسبب الحرب العالمية الثانية.

وفي عام 1941، هرب بريتون من فرنسا الفيشية (التي كان يتزعمها المارشال فيليب بيتان خلال الحرب العالمية الثانية، والتي كانت ذات طبيعة نظام سلطوي) إلى جزيرة مارتينيك الواقعة في شرق البحر الكاريبي، التي كانت أرضا فرنسية في ذلك الوقت. وكان من بين من رافقه على متن سفينة الشحن التي انتقل إلى هناك على متنها، الرسام السريالي الكوبي ويفريدو لام، وعالم الأنثروبولوجيا الفرنسي كلود ليفي شتراوس، والثوري والروائي الروسي فيكتور سيرج. كما التقى بريتون بعد وقت قصير بإيمي وسوزان سيزار، وهما مؤثران - كما نطلق عليهما في الوقت الحالي - درسا في باريس قبل أن يعودا إلى مسقط رأسهما بجزيرة مارتينيك، بحسب ما ورد في التقرير الذي أعدته "دالاس مورنينج نيوز".

وكان إيمي سيزار سياسيا وكاتبا وشاعرا، كما كان أحد مؤسسي الحركة المعروفة باسم "الزنوجة"، والتي تتحدى المركزية الأوروبية الأدبية والفنية للاحتفاء بإبداع أفريقيا والشتات الأفريقي. وانضم إلى زوجته سوزان في تأسيس مجلة "تروبيك" الأدبية، التي إلى جانب انتقاداتها للاستعمار، صارت الناطقة باسم السريالية الأفريقية الكاريبية.

وقد كانت المواد الطقوسية الواردة من الأمريكتين وأفريقيا وجزر المحيط الهادئ، مصدر إلهام بالنسبة للفنانين السرياليين الأوروبيين، حيث قام بعضهم بالفعل بجمع مثل هذه القطع الأثرية. ويشار إلى أن صالات العرض المخصصة للفنون السريالية غير العادية ضمن "مجموعة مينيل" في هيوستن، تتضمن غرفة مستوحاة من مجموعة تخص بريتون، تضم أقنعة وتماثيل، وغيرها من مثل هذه الاغراض.

وتظهر التأثيرات السريالية بقوة في أعمال الفنانين الأمريكيين المعاصرين من ذوي البشرة السمراء. ويعد عمل "تايم آند أجين" للفنان المولود في ولاية ميسوري، نيك كيف، بمثابة مزار للأسلاف، حيث يتضمن أدوات وزهور معدنية وصلبان كانت تخص جده. وقد كانت النساء من ذوات القوة، صورا متكررة في المعرض، وهي من نسل الأعمال التي تظهر في المنحوتات الأفريقية التقليدية.

وتتجلى مظاهر التجريد الحيوي - المألوف في السريالية الأوروبية - في لوحات من أعمال كوزيت زينو ولام، كما تستحضر مزيجا من إرنست وجان آرب وإيسامو نوجوتشي، ومنحوتات للفنان أجوستين كارديناس.

جدير بالذكر أن الرسام السريالي الكوبي ويفريدو لام، جسد في وقت مبكر الإثراء المتبادل بين الثقافات الأوروبية والأفريقية والكاريبية. وهو ابن لأب صيني وأم أفريقية كوبية من أصل إسباني، كما درس في مدريد وعاش في باريس قبل أن يعود إلى موطنه كوبا.