الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق 19 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
مقالات الرأى

مختار عثمان.. رفض منصب وزير من أجل أن يكون ممثلاً

الثلاثاء 21/مايو/2024 - 09:41 م

لم يكن ممثلاً عادياً ولكنه كان أحد أهم رواد فن التمثيل في المسرح ثم السينما، رافق يوسف وهبي مسيرته الفنية و كان صديق عمره حتى أن يوسف وهبي وصفه بأنه " صاحب عمره " .

 مختار محمد أحمد عثمان ، مواليد  ساحل سليم محافظة أسيوط  ١٣ مارس سنة ١٨٨٩، من أكبر أعيان أسيوط و عائلته تعمل في السياسة وكان عمه من أصدقاء سعد باشا زغلول حتي أن سعد باشا زغلول نفسه كان بيزورهم كتيراً في أسيوط .

 سافر إنجلترا و درس هناك ولما رجع  انضم لفرقة جورج أبيض وقدم هناك مسرحيات عظيمة لدرجة أن الملك فؤاد كان يطلبه بالإسم من أجل أن يسلم عليه شخصياً .

كان صديقه طلعت باشا حرب الذي حمسه علي عالم التمثيل في السينما بعد ما كان رافض تماماً و يعتبر السينما ضد المسرح ولكن سرعان ما أقنعه طلعت باشا حرب بأهمية السينما ليشترك في بطولة أول فيلم يتم تصويره في ستوديو مصر ١٩٣٦ فيلم { وداد } و هو أول أفلام كوكب الشرق أم كلثوم ثم يتقاسم بطولة أهم فيلم في تاريخ الشاشة العربية فيلم { العزيمة } ١٩٣٩ .

قدم في السينما مجموعة أفلام  مهمة مثل { العزيمة و ضربة القدر و نهارك سعيد و الحبيب المجهول و حب و دموع و بلبل أفندي و الدكتور و قلب المرأة و وداد و السعد وعد و عدو المجتمع و أولاد الفقراء }.

وتميز أدائه بالجدية و الصرامة حتي أن زكي رستم نفسه كان يعمل حساب وقوفه في أي مشهد بينه وبين مختار عثمان.

وفي إحدي المرات حضر الملك فاروق عرض فيلم {أولاد الفقراء} ١٩٤٢ وكان هناك مشهداً واحداً ظهر فيه مختار عثمان مشهد واحد فقط لكن مختار عثمان جعل  دموع الملك فاروق تنهمر منه من شدة إتقانه للمشهد وطلبه و سلم عليه .

كان معروفا بأنه صاحب موهبة كبيرة، وأنه قادر على تقديم كافة الألوان الفنية، لكن مشكلته الكبرى كانت فى انتمائه لعائلة كبيرة تعد من أكبر عائلات الصعيد، وهى عائلة محمد محمود باشا رئيس حزب الأحرار الدستوريين، الذى تولى رئاسة الوزراء أكثر من مرة، و أصبح فيما بعد هناك شارع بإسمه في ميدان التحرير بالقاهرة وهو إبن عمه و كان من أقرب المقربين له من عائلته .


وقد  دخل فى خلافات كثيرة مع "مختار" بسبب رفضه بأن يعمل أحد أفراد العائلة بمجال التمثيل خوفا على سمعتها، حيث كان التمثيل فى تلك الفترة  لا يليق بأبناء الطبقة الارستقراطية .

كان مختار عثمان، على عكس عائلته والأفكار السائدة فى عصره يرى أن التمثيل والفن عموما رسالة، ولذا لم يبالى بقرار العائلة حين أعلنت تبرئها منه، وقرر أن يمتنع عن زيارة بلده ساحل سليم فى أسيوط، إلا على فترات لتحصيل إيجار الأرض الزراعية التى يمتلكها.
 

رفض منصب وزير من أجل أن يكون ممثلاً


ورغم أن "عثمان" انسلخ من جلد العائلة، إلا أن البعض كان يحاول على فترات أن يعيد الأمور بينهم إلى سابق عهدها، حتى وصل الأمر فى مرة إلى تلقيه عرضا مغريا بأن يُرشحه حزب الأحرار الدستوريين عضوا فى البرلمان بشرط أن يترك التمثيل، غير أنه رفض بشكل قاطع حتي أنه تلقي عرض بأنه قد يصبح وزيراً في يوم قريب إذا سلك طريق الأحزاب السياسية و وعده بذلك أحد أهم رجال السياسة فكانت إجابته " أنا لا أقبل أن أكون وزيراً في الحياة و لكن أقبل أن أمثل دور الوزير علي خشبة المسرح " .

وبرغم ذلك أصبح أداة يستغلها المغرضيين السياسيين ضد إبن عمه محمد محمود باشا حتي وقع فريسه في يديهم لولا عناية الله و تدخل أحد رجال السياسة المخلصين و تم تبرأته مما نسب إليه و تم كشف المؤامرة و ما يحاك ضد محمد محمود باشا .

مختار عثمان أعتزل التمثيل بسبب تعب في أواخر أيامه و كان  دائم السؤال عنه يوسف وهبي و أم كلثوم التي سعت  لسفره للخارج للعلاج لكن كانت حالته تدهورت للغاية  و مات في ١٩ مايو ١٩٦٤ وكان عمره ٦٦ سنة.