مقاطعة أمريكية تقدم تدريبا على تقديم الإسعافات الأولية لمساعدة من يعانون من أزمات نفسية في أوقات الطوارئ
من المعتاد أنه عندما يصاب شخص ما بنوبة قلبية، أو في حال توقف عن التنفس، أن يجري أحد المارة نحوه لإجراء تنفس صناعي له لكي يبقيه على قيد الحياة لحين وصول المسعفين المدربين.
وعلى صعيد متصل، تقدم مقاطعة "كينج" التابعة لولاية واشنطن تدريبا يهدف إلى جعل مساعدة أي شخص يعاني من أزمة تتعلق بالصحة العقلية أمرا عاديا.
وفي تقرير لها، توضح صحيفة "ذا سياتل تايمز" الامريكية، أن "برنامج الإسعافات الأولية للصحة العقلية" القائم على منهج وطني، يقوم بتعليم الأفراد كيفية التعامل مع شخص ما يمر بأزمة نفسية، وتقديم الدعم الأولي له لحين يتمكن من الحصول على المساعدة من أحد المتخصصين.
فعوضا عن قيام المرء بالضغط على صدر الشخص المحتاج للمساعدة والاتصال بالنجدة، من الممكن أن تتضمن إجراءات الإسعافات الأولية للصحة العقلية مساعدة الشخص الذي يعاني من نوبة ذعر من خلال التنفس العميق، أو الاتصال بالخط الساخن للتعامل مع الأزمات، أو بالموظف المسؤول عن تقديم خدمات الصحة العقلية عندما يكون هناك شخص ما مصابا بالاختلال العقلي.
وتتعاقد "فالي سيتيز بيهيفيورال هيلث"، وهي مؤسسة محلية تقدم خدمات الصحة العقلية، مع مقاطعة "كينج ي" لتوفير تدريب (إما شخصي أو افتراضي) بالمجان، لأي شخص يعيش في المقاطعة أو يعمل بها. ويضم برنامج "فالي سيتيز" ثلاثة موظفين يعملون بدوام كامل، كما يعملون أيضا مع نحو 40 من المتعاقدين المستقلين الذين يقدمون التدريبات.
ومن جانبها، تقول ليزا فلويد، مديرة قسم الصحة السلوكية والتعافي التابع للبرنامج، والمعني بتمويل التدريب في مقاطعة "كينج": "إذا كان هناك عشرة أشخاص معا في مكان ما وأصيب أحدهم بنوبة قلبية، فسيتمكن أحد هؤلاء العشرة من تقديم المساعدة له حتى نتمكن من نقل هذا الشخص إلى المستشفى".
وتضيف: "إننا نحاول الوصول إلى هذه النقطة فيما يخص الصحة العقلية في مقاطعة كينج . وهي أن نتمكن من قول عبارة /هل يمكنني مساعدتك؟/ إذا كان هناك شخص ما في مكان عام يعاني من أزمة نفسية".
وتوضح صحيفة "ذا سياتل تايمز" أن البرنامج – القائم على برنامج كان قد انطلق في أستراليا عام 2001 - يهدف إلى الحد من وصمة العار المرتبطة بالأمراض العقلية. وتعمل الجلسات التي تستغرق مدتها ثماني ساعات، وذلك بالمقارنة مع نحو ساعتين من التنفس الصناعي أو التدريب الأساسي على الإسعافات الأولية، على أن يُطرح على المشاركين سيناريوهات لأشخاص تعاني من مجموعة من التحديات، التي تشمل الاكتئاب والقلق واضطرابات تعاطي المخدرات وحتى الصدمات ووصولا إلى الاختلال العقلي.
وفي النهاية، يحصل المتدربون على قائمة بخطوط المساعدة في أوقات الأزمات التي يمكنهم الاتصال بها، والتي يكون العديد منها خاص بمجتمعات أو قضايا مختلفة. ويتم تركيز بعض التدريبات على تحديات الصحة العقلية لدى البالغين، في حين يكون بعضها مخصص للأشخاص الذين يتعاملون مع فئة الشباب.
ومن الممكن استخدام الإسعافات الأولية للصحة العقلية في مجموعة من المواقف، بداية من الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب أو القلق، ووصولا إلى الأشخاص الذين يعانون من الاختلال العقلي النشط. وقد يعني ذلك ببساطة الاستماع إلى شخص يشعر بالضغط بسبب حصوله على وظيفة جديدة ولديه حالة من الإحباط وتقييم حالته الصحية. أو قد يعني التحدث بهدوء إلى شخص يعاني من الهلوسات والأوهام، بينما يتم الاتصال بأخصائي الصحة العقلية لمساعدته بقدر أكبر.
ولا يهدف التدريب إلى أن يحل محل تلقي العلاج الخاص بالصحة العقلية، كما أنه لا يؤهل أي شخص لتشخيص مرض شخص ما أو علاجه. ويتم تشجيع المشاركين على وضع سلامتهم وراحتهم في الاعتبار، والتراجع في حال شعروا بأنهم غير مجهزين للتعامل مع موقف ما.
وتظهر البيانات الصادرة عن "المجلس الوطني للصحة العقلية"، الذي يقوم بالاشراف على معايير التدريب والمناهج الدراسية، أنه منذ عام 2008، هناك ثلاثة ملايين شخص بالغ في أنحاء البلاد انتهوا من تلقي التدريب على تقديم الإسعافات الأولية في مجال الصحة العقلية. ويظهر ما يقوله أشخاص تلقوا التدريب، كيفية لجوء بعضهم لاستخدام ما تعلمونه أثناء التدريب في حياتهم الخاصة.
وبينما ينمو البرنامج، يعتقد المدربون أنه سيساعد الأشخاص في أوقات الأزمات، وأن يستمر في الحد من وصمة العار المرتبطة بالحديث عن الصحة العقلية.