الخميس 19 سبتمبر 2024 الموافق 16 ربيع الأول 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
فن وثقافة

الكاتب عبده الزراع يكشف أهمية أدب الطفل في تربية وتعليم وتثقيف النشء العربي بشكل صحيح

السبت 17/أغسطس/2024 - 09:58 ص
عبده الزارع
عبده الزارع

قال الكاتب المصري المتخصص في أدب الطفل عبده الزراع، إن أدب الطفل بالعالم العربي "يمر بأزهي عصوره مقارنة بما مضى حيث عاني كُتّاب الأطفال لسنوات طويلة من الإهمال والتهميش واقتصار الاهتمام على من يكتبون أدباً موجهاً للكبار".

 

وأضاف الزراع ،أن هذه النظرة  تغيرت اليوم "وأصبح كُتّاب الأطفال هم الأكثر رواجا وشهرة وصار يُنظر لأدب الطفل على أنه الأدب الذي يسهم في تنشئة الأجيال".

 

وأرجع الزراع تلك النهضة التي يشهدها حقل أدب الطفل ببلدان العالم العربي إلى "انتباه الحكومات مؤخراً لقيمة وأهمية أدب الطفل في تربية وتعليم وتثقيف الأطفال العرب بشكل صحيح وإدراك قيمة تحريك عقول وأخيلة الصغار وجعلهم يسبحون في عوالم خيالية لتوسيع مداركهم وتغذية وجداناتهم بالفن والأدب الذى يرقق المشاعر ويجعلها منفتحه لاستقبال كل ما هو جميل".

 

وأضاف الزراع أن "المشهد الثقافي والإبداعي العربي يشهد اليوم اهتماماً كبيراً بنشر الكتب الموجهة للأطفال وذلك من قبل الهيئات الحكومية المعنية بالثقافة أو من خلال النشر الخاص"، إضافة إلى رصد جوائز مادية كُبرى باتت تُنافس الجوائز المخصصة لأدب الكبار، حيث أدى ذلك إلى تغير حال كُتّاب الأطفال للأفضل، هذا بجانب تخصيص ملتقيات ومهرجانات ومؤتمرات بكثرة في جميع الدول العربية يلتقي فيها المبدعون من شتى ربوع الوطن لخدمة الطفل العربي.

 

وحول رؤيته لدور المعارض والمؤتمرات والمهرجانات في خدمة أدب الطفل، قال الزراع إن للمعارض والمؤتمرات والمهرجانات دورا كبيرا ورئيسيا في خدمة أدب الطفل والترويج له على المستوي العربي، "ففي المعارض والمهرجانات يتم التعرف على أهم إصدارات كتب الأطفال في الدول الأخري وما وصل إليه كتاب الطفل من مستوى في الطباعة والرسوم والإخراج، وإقامة حفلات توقيع للكتب المهمة وإتاحة فرصة للقاءات المشتركة بين كُتّاب الأطفال وتبادل الرؤى والخبرات فيما بينهم، إضافة إلى الندوات المتخصصة التي تُناقش أهم القضايا الخاصة بأدب الطفل وثقافته.

 

وحول رؤيته للنهوض بحركة النشر في مجال أدب الطفل، قال الزراع إن حركة النشر الآن مزدهرة في العالم العربي وأن هناك اهتماما بالتقنيات المستخدمة في إخراج وطباعة الكتب وحرص على جودة الورق والطباعة والاخراج والألوان والرسوم، وأن كتاب الطفل العربي أصبح لا يقل في جودته عن مثيله بالعالم.

 

وشدد الزراع على ضرورة أن تهتم الحكومات العربية أكثر بفتح نوافذ جديدة للنشر الورقي والرقمي ودعم كتب ومجلات الأطفال من أجل مواجهة ارتفاع أسعار تلك الكتب والمجلات وضرورة التوسع في إقامة مكتبات ثقافية تجوب المدن والقرى.

 

وحول رؤيته لحضور التراث في المؤلفات الموجهة للطفل ومدى أهمية ذلك، قال الزراع إن الكتابة للطفل منذ بدايتها الأولي جاءت متكئة على التراث وأن أهم كتابين نهل منهما كُتّاب الأطفال ببلدان العالم العربي هما ألف ليلة وليلة، وكليلة ودمنة.

 

وأوضح أن كاتب الأطفال كامل كيلاني استلهم أول قصة كتبها للأطفال في عام 1928 من كتاب ألف ليلة وليلة، وهي قصة السندباد البحري، وأنه على ذلك المنهاج جاءت الكثير من القصص مثل عبدالله البري، وعلاء الدين والمصباح السحري وغيرهما.

 

ونوّه إلى أن الأجيال التي جاءت بعد الكيلاني من الكُتّاب ظلت تنهل من هذين الكتابين حيث لا يوجد كاتب لم يتخذ من التراث ملهما له.

 

واعتبر أن التراث "مكون رئيسي ومهم في الهوية الثقافية العربية والإسلامية، لافتا إلى ضرورة أن يُقدم ذلك التراث للأطفال في قالب شائق وممتع خاصة وأن التراث صالح لكل زمان".

 

وتحدث الزراع عن المجلات العربية الموجهة للأطفال، "فقال إن عدد تلك المجلات لا يتناسب وعدد الأطفال بدول العالم العربي، وكذلك عدد كُتّاب الأطفال العرب، بجانب توقف بعض المجلات مثل مجلة باسم السعودية، ومجلة أحمد اللبنانية، ومجلة حكيم الأردنية، ومجلة نونة المصرية، وأصبح عدد المجلات الموجة للطفل قليل جدا".

 

وطالب بضرورة دعم مجلات الأطفال من أجل مواجهة التغريب والاختراق التكنولوجي الذي يجتاح الوطن العربي لضياع الهوية وطمسها وخلخلة الانتماء للأوطان.

 

وحول مصادر الإلهام لديه وعوالمه وشعوره وهو يُمارس الكتابة، قال الزراع إن "الكتابة الإبداعية  تشبه الحلم أو هى الحلم الذي يراود المبدع ويأخذه إلى عوالم جمالية وخيالية ممتعة"، وإنه ينسج خيوط عمله الإبداعي بسهولة ويسر حتى يكتمل وكأن طفله الوليد الذي كَبُرَ أمام عينيه حتى استوى على عوده، وأنه في لحظة الكتابة يكون  ككل مُبدع  في عالم بين الواقع والخيال، خاصة حين تستحوذ عليه وعلى مشاعره فكرة وتلح عليه، فيصبها على الورق أو على جهازه اللوحي، ثم يعاود الرجوع إليها مرة ومرات يضيف ويحذف وينمق ويجمل حتى يصبح عمله الإبداعي في أبهى صورة.

 

وأوضح أن طفولته وعوالم قريته هي "المصدر الذي ينهل منه أفكار كتاباته وكأنهما الكنز المخبوء الغني بالدرر والجواهر"، والذي يلجأ إليه في وقت الحاجة، مبينا أن القرية بعوالمها السحرية التي تربى عليها في ستينات وسبعينات القرن الماضي تختلف كلية عن قرية هذا العصر، حيث كانت خليط ما بين السحر والجمال والبكارة، غنية بألعابها وأغانيها الشعبية وحقولها ومزارعها الخضراء، وعاداتها وتقاليدها ووشائج المحبة بين أهلها.

 

ولفت إلى  غنى القرية بالغناء الشعبي حيث كان لكل مناسبة غناء خاص، "فكانت هناك أغانٍ للسبوع وأخرى للزفاف وثالثة لموسم الحج  وحتى الموت الذي كان له ما يُعرف بفن العديد، وكذا أغاني البذر والحصاد وغير ذلك، ويستلهم أعماله من ذلك العالم القروي الرحب الغني بالموروث الشعبي الثري الذي لا تغيب عنه أيضا عوالم الجنيات والخوارق والغيلان والمردة وتلك الحكايات التي كانت ترويها جدته في ليالي الشتاء الباردة".

 

وأشار إلى أن التراث حاضر بقوّة في كل أعماله الأدبية من قصة ومسرح وشعر وأنه استهلم الأغاني الشعبية التي تربى عليها في صغره، وأعاد صياغتها بما يناسب وطفل اليوم مع المحافظة على إطار الأغنية ونشر ذلك في كتاب من جزءين بعنوان "غنواية في لعباية" الذي صدر في الهيئة المصرية العامة للكتاب.

 

ولفت الزراع إلى أنه استلهم العديد من الحكايات الشعبية وأعاد صياغتها كذلك ونشرها في باب ثابت بمجلة قطر الندى  حمل عنوان "أجمل الحكايات"، كما نشرها في مجموعة من إصداراته المنفصلة مثل كتاب "حسناء في قرية القمر"، وكتاب "نخلة الشيخ فارس"، ، وكتاب "ورد شان والأمير حسان"، وكتاب "رنا وكورية البحر"، وغيرها من الكتب بجانب أعماله المسرحية التي استلهمها من التراث ومن عالم القرية.

 

يُذكر أن الكاتب المصري عبده الزراع درس الإعلام بجامعة القاهرة ونشط ككاتب في مجال أدب الطفل بجانب ممارسته لكتابة الشعر والنصوص المسرحية والأبحاث ذات العلاقة بأدب الأطفال.

وصدرت له الكثير من المؤلفات داخل مصر وخارجها ونال العديد من الجوائز والتكريمات، ويرأس شعبة أدب الأطفال باتحاد كتاب مصر إلى جانب عضويته بلجنة فنون الطفل بالمجلس الأعلى للثقافة في مصر.