بالقلاع والمحميات والمواقع الأثرية الفريدة.. قطر وجهة مميزة لعشاق السياحة التراثية
في إطار المقاصد والمنتجات السياحية العصرية المتنوعة التي توفرها دولة قطر لزوارها، و للمقيمين بها، يعتبر التراث القطري والمواقع الأثرية نقطة جذب متميزة تستهدف شريحة مهمة من عشاق السياحة الثقافية والتاريخية من مختلف دول العالم.
وتأتي السياحة التراثية في قطر ضمن مزيج سياحي مميز يجمع بين المحميات الطبيعية والقلاع الأثرية، والمرافق والمنتجعات السياحية والبنية التحتية الحديثة والخدمات ذات الجودة العالية التي تضمن تجربة ثرية وممتعة لزوار هذه المقاصد التراثية.
وتعد منطقة وقلعة الزبارة واحدة من أهم المزارات السّياحيّة التّراثيّة في دولة قطر، وهي تقع على بعد 105 كيلومترات شماليّ البلاد، وقد أقيمت عام 1938، في عهد الشّيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني، ثم تحولت في عام 1986 بعد ترميمها، إلى متحف إقليميّ خاص بمنطقة الزبارة. وفي عام 2013، أدرجت مدينة الزبارة الأثرية على قائمة منظمة التربية والعلوم والثقافة" اليونسكو" للتراث العالمي.
وفي الوقت نفسه، تمتاز المنطقة بوجود مجموعة جيدة من المنشآت والمنتجات السياحية عالية المستوى القريبة منها، ما يجعل زيارتها والتعرف على جزء من تاريخ تطور دولة قطر رحلة ممتعة، وميسرة.
وعلى مسافة أقل من 30 كيلومترا إلى الشمال من الزبارة، يوجد "منتجع زلال الصحي"، وهو وجهة فريدة من نوعها للصحة والعلاج والاستجمام، والأول من نوعه في الشرق الأوسط، وأكبر وجهة سياحية صحية في قطر. ويعتمد المنتجع في علاجه على مبادئ الطب التقليدي العربي والإسلامي. كما يستمتع زوار منطقة الزبارة بالطقس المعتدل لشمال قطر معظم أوقات السنة، وهو ما يسمح بإقامة منتجعات سياحية رائدة توفر تجربة ترفيهية وصحية مميزة في المنطقة.
وبفضل شبكة الطرق الحديثة التي أقامتها دولة قطر، أصبح الوصول إلى منطقة الزبارة أمرا يسيرا إلى حد بعيد، حيث يحتاج الزائر إلى نحو ساعة للوصول إليها بالسيارة من وسط العاصمة الدوحة.
ويحرص الكثيرون من زوار المنطقة على ركوب الكاياك حول غابات القرم بالذخيرة أو استكشاف جزيرة بن غنام، المعروفة أيضاً بالجزيرة الأرجوانية، لأنها كانت مركزا لإنتاج الأصباغ والألوان في العصور القديمة.
وعلى بعد 10 كيلومترات من مدينة الزبارة، توجد قلعة الثقب، الّتي تتميّز بشكلها المستطيل، وتشبه قلعة الزبارة في تصميم جدرانها والأبراج الموجودة في زواياها. ويعود تاريخ قلعة الثقب إلى القرن التّاسع عشر، وتستمد القلعة اسمها من كلمة الثقب وهو ما يتبقّى في قعر الوادي من مياه بعد هطول المطر، وكذلك ما يحفره السيل من أخاديد. وفي محيط الزبارة، توجد قلعة الركيات ذات الشكل المستطيل أيضًا.
وتنظم شركات سياحية عديدة في قطر رحلات لزيارة المنطقة وقلاعها الشهيرة، فضلا عن الاستمتاع بشواطئ مدينة الشمال المميزة، حيث تضم منطقة الخور فنادق عدّة ومتنزّهات عامّة ومراكز تسوّق تضم عددًا من العلامات التّجاريّة العالميّة والإقليميّة الّتي تخدم قطاعات واسعة من الجمهور.
أما عشاق سياحة المحميات والطبيعة، فيمكنهم العثور على بغيتهم في مجموعة المحميات التي تضمها قطر، والتي تمثل حوالي 23% من إجمالي مساحة البلاد.
وتعتبر محميّة الرّيم شمال، غربيّ قطر، من أهمّ المحميّات الطبيعيّة في البلاد، وهي تحتل حوالي 16% من مساحة اليابسة في قطر، ولا توجد قيود على زيارة المحميّة، إنّما يتعيّن مراعاة الالتزام بحماية البيئة وعدم التّعرض للحيوانات والطّيور الموجودة بها.
وتوجد في الشّمال محميّة الذّخيرة، وفي الجنوب محميّة المسحبيّة الّتي افتُتحت رسميّا في عام 1997 ومساحتها 54 كيلومترًا مربّعًا، وفي الجنوب الغربيّ محمية العريق بنباتاتها النّادرة، وفي وسط قطر وعلى بعد 45 كيلومترًا من الدّوحة توجد محميّة الشيحانيّة وغيرها.
ويعيش في هذه المحميّات أعداد من حيوان المها العربيّ المميّز لدولة قطر، والمهدّد بالانقراض، ومحميّة الشيحانيّة مخصّصة للمها، وهي أوّل محميّة طبيعيّة أنشئت في قطر عام 1979، بمساحة 12 كيلومترًا مربّعا، كما تضمّ أعدادًا من النعام وغزلان الرّيم، وهي الغزلان سوداء الذّيل المعروفة في آسيا وشبه الجزيرة العربيّة، فضلًا عن الأيل الأرقط الّذي تتميّز الذكور منه بقرونها كفّيّة الشّكل، ويصل طولها إلى 70 سنتيمترًا.
أما على السّاحل الشّرقيّ، فتوجد محميّة الوسيل، وهي واحدة من أكبر المواقع التّاريخيّة، وتحتوي على مظاهر جيولوجيّة مميّزة. وفي الجنوب الشّرقيّ تقع محميّة خور العديد (البحر الدّاخلي)، وفيها حيوانات ونباتات فريدة النّوع.
وبالاتجاه من الشّمال نحو الدّوحة، ستبهر الزائرين "قلعة أم صلال محمد"، وهي واحدة من القلاع السّكنيّة الكبيرة، أقامها الشّيخ محمد بن جاسم آل ثاني حول بحيرة تتجمع فيها المياه، وذلك في نهاية القرن التّاسع عشر، ثم تحوّلت إلى معلم سياحيّ وأثريّ مهمّ.
أما عشاق سياحة المغامرة والإثارة، فيمكنهم زيارة دحل المسفر على بعد 40 كيلومترًا من العاصمة، وهو واحد من الأماكن الخلّابة الّتي يقصدها الزّوار، فهو أكبر وأعمق كهف في دولة قطر بعمق يصل 40 مترًا، ويحتاج الوصول إليه إلى السير عبر طرق وعرة تحتاج إلى سيارات الدفع الرباعي ثم السير على الأقدام مسافة وهو ما يعد متعة في حد ذاته، لكنه يحتاج إلى ارتداء ملابس وأحذية مناسبة سواء بسبب انخفاض درجات الحرارة أو طبيعة الأرض. ورغم وجود سياج حول دحل المسفر فإن الدخول إليه مجاني.
ولا تتيح زيارة دحل المسفر تجربة مثيرة وفريدة، فحسب، بل أيضا إمكانية الاستمتاع بحديقة الألعاب المائية-قطر الموجودة بالقرب من الكهوف، وهي توفر متعة لجميع أفراد الأسرة، فيما يوفر خور العديد (البحر الداخلي) والكثبان الرملية الغنية المزيد من المغامرات في هذا الموقع الذي يتوغل فيه البحر في عمق الصحراء. كما تعطي التكلّسات الليفيّة الموجودة بالدحل وهجًا فوسفوريًّا من حين لآخر، ما يجعله خلّاب المنظر لا سيّما في وقت الغروب.
وفي قلب الدوحة، توجد قلعة الكوت، والتي تعرف أيضًا باسم قلعة الدوحة، وهي تقع غرب سوق واقف التراثي الشهير في قلب العاصمة، ويرجع تاريخها إلى عهد الشّيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني، بنيت عام 1880، واستعملت قاعدة عسكريّة.
وفي شمال شرق قطر، وعلى بعد نحو 60 كيلومترًا من العاصمة، يوجد موقع الجساسيّة الأثريّ، والذي يضم عددًا كبيرًا من النّقوش الصّخريّة الّتي تكوّنت عبر مئات السنين. وتتنوّع أشكال تلك النّقوش ما بين خطوط حُفرت على الصّخور- منها بعض آثار الأقدام- وأدوات استعملها الإنسان في حياته اليومية، مثل أكواب متراصة، وورود منسّقة، ورموز غامضة وغيرها.
وبالقرب من موقع النقوش الصخرية يوجد شاطئ الجساسية، واحة خفية مميزة بأشجار القرم التي تستعرض خلفية خضراء على اللون الأبيض للرمال والمياه الكريستالية الضحلة التي تجعلها مقصدا مميزا لعشاق السياحة الساحلية.
وأخيرا يشكل كل ذلك مزيجا رائعا من الأثار التاريخية والمحميات الطبيعية مع بنية تحتية عصرية تشمل شبكة الخطوط التي تربط بين مختلف أنحاء قطر، وتجعل الوصول إلى المقاصد الأثرية والتراثية يسيرا، إلى جانب مجموعة الفنادق والمطاعم والمنتجعات السياحية القريبة من هذه المواقع والتي تجعل زيارتها تجربة سياحية فريدة تروق لكل الشرائح من المقيمين والسياح الوافدين.