السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

استشهاد سيد المقاومة يثير تساؤلات حول دور إيران ومصير حزب الله في لبنان

باحثة في الشؤون الإيرانية لـ "مصر تايمز": طهران تخلت عن بعض القيادات في حزب الله بسبب سياسة الصبر الاستراتيجي وإسرائيل وأمريكا تعتمد على شبكات تجسس إيرانية

الإثنين 30/سبتمبر/2024 - 10:18 ص
حسن نصرالله و خمانئي
حسن نصرالله و خمانئي

أثار استشهاد الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في الهجوم الوحشي الذي شنّه الجيش الإسرائيلي على المقر المركزي للحركة في بيروت، العديد من  التساؤلات حول مصير الحزب ومستقبل المقاومة في لبنان.

 من بين هذه التساؤلات، هل تخلت إيران عن سيد المقاومة؟ ولماذا تتجه الآراء في الأوساط السياسية إلى هذا النوع من التكهنات؟ التقت مصر تايمز بـ شيماء المرسي باحثة دكتوراة في الشؤون الإيرانية، ومديرة وحدة الرصد والترجمة بالمنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية.

أسباب التكهنات حول إيران وحزب الله

قالت شيماء المرسي إن الظروف السياسية المتغيرة في المنطقة تدفع إلى إثارة تلك الشكوك، خصوصًا مع نجاح إسرائيل في الحصول على معلومات دقيقة حول مكان تواجد السيد حسن نصرالله، وتمكنها من تصفيته هذه الحادثة ثثير فكرة التسريب أو الوشاية من داخل الحلفاء.

 

كذلك، هناك شكوك تحوم حول إيران بسبب عدم ردها على اغتيال رئيس حركة حماس إسماعيل هنية في طهران، ووجود تراجع في القوة الهجومية لحزب الله وعدم انتقامه من اغتيال القيادي فؤاد شكر، مما أتاح لإسرائيل الفرصة لزيادة عدوانها على لبنان وغزة هذه التراجعات يُنظر إليها على أنها علامة ضعف، في ظل انشغال إيران في ملفات أخرى أهم، مثل:

الملف النووي

وصرحت شيماء المرسي باحثة دكتوراة في الشؤون الإيرانية في تصريحات خاصة لـ “مصر تايمز”  أن  إعلان وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقتشي، أن إيران مستعدة لاستئناف المفاوضات النووية إذا أبدت الأطراف الغربية، بقيادة الولايات المتحدة، رغبتها في ذلك تعكس تصريحات عراقتشي انفتاح إيران على الحوار مع الغرب ورغبتها في خفض التوتر مع الولايات المتحدة.

الميول الرئاسية نحو التودد للولايات المتحدة

وأشارت شيماء المرسي إلى أن الرئيس الإيراني المنتخب، مسعود بزشكيان، أثار جدلاً كبيرًا بتصريحه "نحن لا نعادي الولايات المتحدة، وعليهم أن يوقفوا عداءهم تجاهنا.

 

 مضيفًا نحو إخوة للأمريكيين أيضًا "وقد أثار هذا التصريح امتعاضًا شديدًا في البرلمان الإيراني. حتى أنه أعاد حملة الهجوم والتشكيك في أهلية بزشكيان للمهام الرئاسية لكن في المقابل، تسابق الإصلاحيون في الدفاع والتبرير لموقف بزشكيان وخاصة السياسي الإصلاحي مصطفى كواكبيان، قائلًا: أن المقصود من تصريحه حول الأخوة مع الأمريكيين هو أنهم يجب أن يثبتوا أولاً أخوتهم لإيران بالطبع، وبنوع من المزاح، قلت إنه إذا جاءت السيدة هاريس من الجهة الأخرى، فسوف تصبح أخوة وأخوات.

 

 وأضافت يبدو أن العزوف الإيراني عن الرد على إسرائيل، وتركيزها على إعادة ترميم علاقتها بالولايات المتحدة سببّ تشتتًا وغضبًا بين أذرعها وخاصة حزب الله الذي يقف وحيدًا في الميدان يدافع عن أرضه ووجوده، في المقابل يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مستميتًا جّر الحزب نحو حرب شاملة على لبنان.

الإختراق الأمني

 كانت الفترة الأخيرة كاشفة لفجوة أمنية واسعة داخل إيران، حيث نجحت إسرائيل في تنفيذ عمليات استخباراتية معقدة، مثل سلسلة اغتيالات لقادة بارزين. يُعزى ذلك إلى وجود مصادر تجسسية وخروقات أمنية داخل نظام الجمهورية الإسلامية. والظاهر أن إسرائيل والولايات المتحدة تعتمد على شبكات تجسس إيرانية، حيث تمكنتا في الماضي من تجنيد شخصيات إيرانية تٌحسب على النظام لتزويدهم بكافة المعلومات المطلوبة.

 

وتعتقد أنه ليس من المستبعد أن تكون إيران تخلت بالفعل عن حماية بعض القيادات الرافضة لسياسة الصبر الاستراتيجي، والتي تسببت في زيادة التوتر داخل الحزب وأركان نظام الجمهورية الإيرانية، بالإضافة إلى ضعف ثقة القيادة في الأجهزة الأمنية، والتشكيك في وجود خونة وجواسيس مقربين.

 

وأكملت  أن إيران أرجأت جهود حمايتها لحزب الله، والذي نجم عنه اغتيال السيد حسن نصرالله، لحين الانتهاء من عمليات التطهير الداخلية من الجواسيس، ومحاولة تحسين التدابير الأمنية لكشف وتعطيل أي اختراقات جديدة.

 

ويبدو أن التراجع الإيراني جزءًا من استراتيجية أوسع لإعادة التمركز والتخطيط للرد في وقت لاحق، وظروف لا تعرض مصالحها الاستراتيجية للخطر. على الرغم من أن إسرائيل والمراقبين الدوليين يفسروه حاليًا ضعفًا، تكتيكيًا، وخوفًا من المواجهة المباشرة. لكنه في الحقيقي عدم استعداد، وكبح للمخاطرة التي ستكلفها تهديدًا للنظام بأكمله. في النهاية الاستراتيجيات العسكرية والدبلوماسية لإيران معقدة ومتغيرة بتغير الظروف الإقليمية ولكن بالتأكيد أن تأجيل المواجهات قد تؤدي إلى تأثيرات متباينة في ميزان القوى.

 

ما مصير الحزب، ومن سيتولى قيادته بعد نصر الله؟


نحن الآن في مرحلة حساسة من تاريخ غرب آسيا، حيث يحذر قادة المنطقة من استمرار احتلال فلسطين واستمرار عمليات القتل والعدوان على فلسطين ولبنان على يد الكيان الصهيوني. علاوة على أن استشهاد السيد حسن نصر الله يشكل صدمة كبيرة وغير قابلة للتعويض لجسد المقاومة في لبنان حاليًا. ومع ذلك يتوقع أن يتزايد التوتر في الحرب بين حزب الله وإسرائيل. وسيكون لهذه الأحداث تأثير قوي على الروح المعنوية والالتزام بالمقاومة، مما سيدفع الحزب لتعزيز سياسته المقاومة بشكل أكبر. كما قد يقوم الحزب برد فعل سريع على استشهاد نصر الله لتعزيز موقعه كحامي للمقاومة في لبنان.

 

فيما يتعلق بمستقبل الحزب، من المرجح أن يتولى قيادة الحزب شخصيات بارزة مثل نعيم قاسم، نائب الأمين العام للحزب، بشكل مؤقت، أو هاشم صفي الدين، العضو في مجلس الجهاد الذي يدير العمليات العسكرية للحزب. ويعتمد اختيار القائد الجديد على توازن القوى داخل الحزب ومدى توافق الأعضاء على القيادة. أما في حالة  لم يكن هناك إجماع على القائد الجديد، فقد يؤدي هذه الانقسامات إلى تغييرات في استراتيجيات وسياسات الحزب. لكن بشكل أو بآخر سيكون هناك تأثير كبير من قبل إيران وبقية محور المقاومة على قرارات حزب الله في المرحلة القادمة. وإذا استمرت التوترات مع إسرائيل، فمن المحتمل أن تلعب إيران دورًا رئيسًا في دعم الحزب.

 

بشكل عام، يعتمد مستقبل حزب الله على قدرته على الحفاظ على وحدته الداخلية، وإدارة القيادة الجديدة بشكل فعال، واستمراره كقوة مقاومة فعالة في مواجهة الكيان الصهيوني في ظل الظروف الحالية، سيكون هناك ردود فعل قوية ومتكاملة على الاستفزازات الإسرائيلية، مع تأكيد على أهمية العلاقات الاستراتيجية مع إيران وبقية محور المقاومة.