الأحد 06 أكتوبر 2024 الموافق 03 ربيع الثاني 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

"نسوا أسماءهم" .. نصر أكتوبر مرض نفسي يعانى منه أجيال فى إسرائيل

الأحد 06/أكتوبر/2024 - 02:02 م
الاسرى الاسرائيليين
الاسرى الاسرائيليين يرتدون البيجامات الكستور المصرية

"هذه أول  حرب للجيش الاسرائيلى التى يعالج فيها الاطباء جنودا كثيرين مصابين بصدمة القتال ويحتاجون الى علاج نفسي..هناك من نسوا أسماءهم وهؤلاء كان يجب تحويلهم الى مستشفيات نفسية" هذه الكلمات كانت للصحفى والمراسل الحربي الاسرائيلى زئيف شيف صاحب كتاب "زلزال أكتوبر..حرب يوم الغفران".


يبدو ان الصدمة كانت لها أثر يفوق أى توقعات لتمتد لجيل بعد جيل من الابناء والاحفاد سواء فى نصر اكتوبر المجيد او فى العمليات القتالية التى سبقته,,فى 21 أكتوبر 1967 ،قامت القوات البحرية المصرية بإغراق المدمرة إيلات من طرازHMS ZEALOUS\R39  فى البحر المتوسط بعد أربعة اشهر من نكسة 67. 

 

لم تتوقع اسرائيل بعد نكسة 67 ان تقوم مصر بمثل هذه العملية،بسبب انخفاض الروح المعنوية للجيش المصرى بعد الهزيمة،لذلك أصبحت الصدمة مرض وليس عرض،وهو مارواه أحد جنود البحرية الاسرائيلية اريه مرمرى فى جريدة يديعوت أحرنوت وكان شاهد عيان على هذا اليوم الذى لم ولن ينساه .


كان أريه مرمرى أخد ضباط المدمرة إيلات برتبة ملازم، يبلغ من العمر حينها 22 عاما، حديث الزواج،يروى أريه عن ذلك اليوم قائلا فجأة شعرت أن جهنم أصبحت على سطح البحر المتوسط، والجثث والاشلاء في كل مكان حولى، زملائي يتلاشون فى وسط النيران، كل هذا كان يحدث فى أقل من دقيقة، ومن يحاول الفرار والنجاه ليس لديه وجهة سوى البحر هو الملجأ الوحيد لنا .


يستكمل مرمري حديثه قائلا..لم تكن النجاه وحدها كافية لكي نعيش من جديد، ظل شبح تلك الليلة يطاردني طوال الوقت فى الكوابيس التى كنت أستعيد فيها الذكريات الاليمة لهذا المشهد كل ليلة، والتوتر والانفعال الذى شُخص بعد ذلك على انه مرض نفسي يسمى (اضطراب ما بعد الصدمة) ،يعاني منه الكثير من الجنود اللذين تعرضوا لويلات الحروب والمشاهد الدموية.


لكن أريه ظل يشعر بالاسي مجددا، عندما أنجب طفله الاول الذي يدعى غال سنة 1968، وكانت الصدمة الحقيقية عندما تم إكتشاف ان غال يغال يعاني ايضا بمتلازمة اضطراب ما بعد الصدمة للجيل الثاني، ويمر بنفس الاعراض التى يعاني منها والده اريه مع إختلاف انه لا يشاهد القتلي لانه لم يعيش الحدث الحقيقي، لكنه يري والده احيانا فى مشاهد مأساوية ودموية بشكل مفزع،ظلت هذه الاعراض مصاحبة لغال حتى انها أصبحت تعوقه عن أداء اى شئ في حياته.


اليوم يؤكد أريه انه يشعر بالندم حتى الان لوجوده على متن المدمرة إيلات،و يقول كان الجدير به ان يكون فى ذلك الوقت مع أبنه على الاقل كان إستطاع ان يحميه من مايمر به الان من إكتئاب وتوتر وقلق وعزلة.  


وعاني كوبي جيرا البالغ من العمر 64 عاما من كوابيس شديدة و نوبات من الهلع والبكاء غير المنضبط ومشاكل فى العلاقات الشخصية مع الاخرين بعد حرب 6 اكتوبر 1973، ولكن تم تشخيص هذه الاعراض على انها اضطراب ما بعد الصدمة فى وقت متأخر عندما أصيب بإنهيار عقلي وعصبي بسبب عمله فى السنوات الاخيرة كفني إشعاعي لمرضي السرطان فى مستشفي شنايدر للاطفال، فتعرض لعدد كبير من المآسي العائلية والوفيات،فبدأ يشعر بالذنب انه على قيد الحياة فى حين أن آخرين لم ينجوا.


وأكد على ذلك ابنه راني الذى يبلغ من العمر 23 عاما، أن الامر كان غير مؤلم بشكل لا يستطيع احد تحمله ، وان والده مر بظروف نفسية صعبة للغاية،ولم يكن لديهم أى فكرة ان هذه الاعراض التى كانت تحدث له لها علاقة بالازمات التى تعرض لها أثناء الحرب والتى كانت هى نقطة البداية فى مرضه النفسي،الا انهم أدركوا فى الاونة الاخيرة ان أكتوبر 73 كان أساس كل الازمات التى مر بها كوبي جيرا.


قدم أحد الباحثين فى جامعة بار ايلان البروفيسور زهافا سالمون المتخصصة فى دراسات المعارك، دراسة عن أطفال المقاتلين الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة ، ووجدت الدراسة ان مستوي شدة المرض لدى الاطفال المولودين للاباء الذين عانوا من الصدمة أكبر بأربع مرات من الاطفال العاديين، وان الاعراض البارزة للصدمة الاصلية ، مثل القلق والاكتئاب والوحدة وصعوبة أداء اي عمل.


و يقول الدكتور عميشاى ليفي مدير منشأة علاج ضحايا اضطراب ما بعد الصدمة فى شالفا التابع لجيش الاحتلال "إن حجم نقل الصدمات كبير ليس عن طريق العدوى ولكن وراثيا ويظهر ذلك فى الدراسات انه من يعاني أحد الوالدين من الاكتئاب سيكون الطفل أكثر غرضة للاصابة بالاكتئاب في حياته."