هيئة الكتاب تناقش "إبراهيم بك الهلباوي.. النجم الذي هوي" لـ بهاء المري في معرض دمنهور
نظمت وزارة الثقافة، من خلال الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، مساء أمس، ندوة لمناقشة كتاب المستشار بهاء المري «إبراهيم بك الهلباوي.. النجم الذي هوي»، ضمن فعاليات معرض دمنهور السابع للكتاب، المقام حاليا تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، ضمن مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان»، شارك فيها الدكتور محمد عبد الحميد خليفة أستاذ الأدب والنقد ورئيس قسم اللغة العربية بكلية التربية جامعة دمنهور، وأدارها الدكتور محمد محمود أبو علي أستاذ النقد والبلاغة بكلية الآداب بجامعة دمنهور.
في البداية قدم الدكتور أبو علي الندوة قائلًا: «اليوم نناقش كتاب عن واحد من أعلام محافظة البحيرة الكبار، وأسطورة القانون الذي لقب بجلاد دنشواي، إنه إبراهيم الهلباوي من مواليد 30 أبريل 1858 بقرية العطف مركز المحمودية في محافظة البحيرة، ويعد الهلباوي من أبرز المحامين في القرن العشرين، انتخب أول نقيب للمحامين المصريين عام 1912، اشتهر الهلباوي بلقب جلاد دنشواي بعد أن عمل مدعيًا عامًا ضد فلاحي دنشواي، انخرط في سلك العمل والكفاح الوطني ليكفر عن خطئه الذي صدر عنه في دنشواي».
وأضاف أبو على: «يحاول المستشار بهاء المري من فوق منصة العدالة أن ينصف تاريخ النجم والأسطورة الذي سقط من عليائه ومن قلوب المصريين بسبب خطأ عظيم قد ارتكبه فلم يسامحه المصريون، وبعد أن كانوا يسافرون خلفه في كل مكان حبًا وتقديرًا وإجلالًا تولوا عنه مدبرين كارهين وبدأوا يطيرون الحمام في ساحات المحاكم التي يترافع فيها تذكيرًا بدوره غير المغفور في دنشواي».
وتابع: «ولد المستشار بهاء المري بمركز كوم حمادة بمحافظة البحيرة، وعمل مُحاضرًا بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية لتدريس التدريبات العملية في القانون الجنائي من 2005–2019.
بدأ حياته وكيلًا للنائب العام في الثمانينات، ثم معاونًا للنيابة العامة في منوف ثم مديرًا، وعمل قاضيًا بمحكمة الإسكندرية الاستئنافية، ثم رئيسًا لنيابة الدخيلة وغرب الإسكندرية وكفر الشيخ الكلية، عمل مستشارًا فرئيسًا في محاكم الجنايات بعدد من المحافظات.
القتل باسم الوطن والدين
منح عضوية اتحاد كتاب مصر ونادى القصة بعد أن تعددت مؤلفاته الأدبية وأبرزها في مجال الرواية "أنا خير منه"، و"يوميات وكيل نيابة"، و"يوميات قاض"، و"حكايات قضائية"، و"برجولا"، و"لحظة انهيار"، وفى القصة القصيرة "حيرة أمل"، و"فيض الخاطر"، وفى الشعر "الحب قبل المداولة"، ومن مؤلفاته التاريخية والاجتماعية، "القتل باسم الوطن والدين"، و"العزة بالإثم"، و"دنشواى"، و"القضاء في الإسلام و"إبراهيم الهلباوي بك.. النجم الذي هوى"».
وبدأ الدكتور خليفة حديثه بالسؤال عن الجنس الأدبي الذي ينتمي إليه هذا الكتاب قائلًا: «السير الأدبية نوعان سيرة ذاتية يكتبها المؤلف عن حياته وعن شخصه بضمير المتكلم، والسيرة الغيرية يكتبها المؤلف عن غيره عن واحد من الشخصيات التي كان لا شك لها تأثير في عالم من العوالم سواء أكان عالم الثقافة أو السياسة أو المجتمع الي آخره، وكلا النوعين من السيرة هو سرد يقوم على الحكي، الحكي المتصل عن شخصية أو أكثر؛ لذلك فإننا بإيذاء عمل سردي في الأساس، ثم إننا بإيذاء عمل يمكن تصنيفه بأنه "سيرة غيرية"».
وأضاف خليفة أن أهم ما يميز الكتاب أنه نظر إلى الهلباوى في سياقه التاريخي، وفي بيئته التي أنتجته؛ لكي يحكم عليه حكمًا موضوعيًا معتمدًا المنهج التاريخي الموضوعي، حتى في تناوله كبوة الهلباوي الكبرى في دفاعه عن الإنجليز ضد الفلاحين في دنشواي، وقد اتسم المري بالموضوعية من خلال جمل وعبارات تمثل رأيه بوصفه قاضيًا وباحثًا وأديبًا يلتمس له بعض الأعذار ويضع الكبوة في مكانها ليغطي بها تاريخ مديد ومجيد ومنير لهذا الرجل.
تاريخ مهنة المحاماة في مصر
واستطرد خليفة قائلًا: الكتاب يجمع مجموعة من القيم العلمية المهمة؛ القيمة الوثائقية التاريخية التي تكشف نبض الحياة السياسية المصرية في بدايات القرن العشرين، وتاريخ القانون والمؤسسات المصرية، ونشات نقابة المحامين، تاريخ مهنة المحاماة في مصر، والقيمة البلاغية الحجاجية التي قدمها المري في اختياراته لبعض مرافعات الهلباوي لصالح المتهم او ضده، أو أداء الهلباوي في المحاكم.
ورأى أن ما قدمه المستشار بهاء المري من قيم تعد إشارات بليغة؛ تكشف أن مصر دولة تقوم على المؤسسات الحقيقية، وتمور بالأحداث المهمة دائمًا.
وانتقل الحديث إلى المستشار بهاء المري الذي قال: «إنه قد قرر الالتحاق بكلية الحقوق حبًا في تلك الشخصية التي تُكنى بجلاد دنشواي، المحامي إبراهيم بك الهلباوي، تلك الشخصية المحيرة شديدة الذكاء، طليقة اللسان، حماله الأوجه التي تسير بين الإخلاص في مواقف والخيانة في أخري، وبين الصداقة تارة والعداوة تارة أخري، تتغير شخصيته بتغير المواقع مناصرًا للحق أينما كان، مواقفه عديدة، وحياته مليئة، أعطي الكثير، ذلك الذي ذاع صيته وتعالت شهرته في سماء المحاماة مع أنه لم يكن من حاملي الشهادات، صارت بعض دفوعه قواعد قانونية صاغها المشرع من بين نصوص القوانين. كان يقف لنصرة الحق حتى أصبح اسمه سلاح يُشهر في وجه أي ظالم أو مغالِ، كان من أهل القانون ورائد من رواد التغيير، لا يعرف الاستسلام له طريق مادام يسير في سبيل الحق والعدال.
تلك القامة التاريخية التي أصابها بعض الذلل حينما ترافع ضد الفلاحين في دنشواي، وطالب بإعدامهم، ليكونوا عِبرة لغيرهم من أبناء شَعبه، إنه إبراهيم بك الهلباوي ذلك النجم بتاريخه الطويل الذي هوى وحَفر قبره بيده فمثله في ذلك مثل أي إنسان يُصيب ويُخطئ».
حيادية بين الحقيقة والافتراء
وأضاف المري: «في هذا الكتاب وضعنا القارئ بكل حيادية بين الحقيقة والافتراء، لم نشأ تبني اتجاهًا لإقناعه به، تاركين إياه ليحكم بنفسه، ونأمل أن تكون هذه الصفحات وسيلة لتقدير وتخليد ذكرى أعظم المحامين في تاريخ مصر».
ودعا القراء والمفكرين والساسة إلى التأمل في حياة هذا الرجل، والإفادة من دروسها في حياتهم اليومية؛ لأن العدالة والوطنية المخلصة، هما العمود الفقري لأي مجتمع قوي متماسك.