محمد الشربيني: بيانات الأشخاص لا تستخدم فى الإعلانات التجارية فقط
أكد الدكتور محمد الشربيني، الأستاذ بكلية العلوم ونائب رئيس جامعة الأزهر السابق، أن "البيانات الضخمة" أصبحت أحد المفاهيم الرئيسية التي تميز عصرنا الحالي، حيث يتم جمع كم هائل من البيانات الشخصية من مختلف المصادر الرقمية التي نستخدمها يوميًا، مثل الهواتف الذكية، وشبكات التواصل الاجتماعي، والتطبيقات المختلفة، لافتا إلى أن هذه البيانات يتم تخزينها وتحليلها بشكل مستمر من أجل استخدامها لأغراض متعددة، وهو ما يطرح العديد من الفرص والتحديات في الوقت ذاته.
بيانات الأشخاص
وقال الأستاذ بكلية العلوم ونائب رئيس جامعة الأزهر السابق، خلال حلقة برنامج "مع الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء: "في عصرنا الحالي، أصبحنا نتعامل مع كميات ضخمة من البيانات التي يتم جمعها بشكل شبه يومي، الهواتف الذكية أصبحت مركزًا رئيسيًا لتخزين معلوماتنا الشخصية، من حسابات مصرفية إلى كلمات المرور والتفضيلات الشخصية، بل إن الأجهزة نفسها أصبحت 'ذكية' بما يكفي لتتبع أماكننا وأنشطتنا، فكل خطوة نخطوها تترك وراءها كمية هائلة من البيانات، وكل هذه المعلومات تُخزن الآن على 'الكلاود'، وهي مساحات تخزين سحابية نستخدمها مقابل دفع مبالغ معينة".
وأضاف: "لكن السؤال الذي يطرحه العديد من الأشخاص هو: ما الذي يحدث لهذه البيانات؟ وهل نحن، كمستخدمين، نعلم حقًا كيفية استغلالها؟ بمعنى آخر، نحن ندفع من أجل تخزين بياناتنا، لكننا لا نعلم من يستفيد منها وكيف يتم استخدامها.. فعلى الرغم من أننا نتعامل مع هذه التقنيات بشكل يومي، إلا أننا نغفل عن حقيقة أننا قد نكون نحن أنفسنا 'السلعة' في هذا النظام الرقمي.. كل حركة نقوم بها على الإنترنت، سواء كانت على الفيسبوك أو تويتر أو أي تطبيق آخر، تُسجل وتُحلل لمعرفة اهتماماتنا وتوجهاتنا".
وأوضح أن هذا الكم الهائل من البيانات لا يُستخدم فقط للإعلانات التجارية أو الترويج للمنتجات، بل يمكن أن يُستغل أيضًا لأغراض أخرى قد تكون أكثر خطورة: "قد يتم استخدام هذه البيانات من قبل شركات التكنولوجيا أو حتى جهات غير مرخصة لعدة أهداف، بعضها قد يكون لصالح المستخدم، مثل تحسين الخدمة أو تسهيل الوصول إلى المنتجات والخدمات، لكن البعض الآخر قد يكون ضارًا.. فعندما يتم تحليل سلوكنا على الإنترنت وتوجيهنا نحو محتوى معين، قد نبدأ في الشعور أن هذه التكنولوجيا بدأت تتحكم في خياراتنا الفكرية والعملية".
وأكد على أهمية التعامل بحذر مع هذا الكم الكبير من البيانات المتاحة على الإنترنت، محذرًا من إمكانية استخدامها في نشر الأخبار الكاذبة أو التأثير على الرأي العام: "لقد أصبح من السهل استخدام هذه البيانات لتوجيه الرأي العام بشكل متعمد، سواء في السياسة أو في أي مجال آخر.. إن الأهداف التي يمكن تحقيقها عبر جمع وتحليل هذه البيانات قد تكون أكثر تعقيدًا من مجرد الإعلانات، حيث يمكن أن تُستخدم في التأثير على تفكير الأفراد أو حتى تشتيت انتباههم".
واختتم حديثه مشددًا على ضرورة الاستخدام الحكيم للبيانات الضخمة، قائلاً: "نحتاج إلى أدوات رقابة وتشريعات تحكم كيفية جمع واستخدام هذه البيانات، بما يضمن حماية خصوصية الأفراد ويحد من الاستغلال السلبي لهذه المعلومات، لافتا إلى أن التحدي الأكبر اليوم هو أن نستخدم هذه التكنولوجيا لصالح الإنسانية ولتحقيق أهداف نبيلة، دون أن تتحول إلى أداة للضغط أو التلاعب بعقول الناس."