محمد الشربينى: سهولة الحصول على المعلومة سبب سحطية فى التفكير
أكد الدكتور محمد الشربيني، الأستاذ بكلية العلوم ونائب رئيس جامعة الأزهر السابق، أن الثورة الرقمية التي نشهدها اليوم قد أتاحت لنا إمكانيات غير مسبوقة في جمع وتحليل "البيانات الضخمة" واستخدامها عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي
وأشار الأستاذ بكلية العلوم ونائب رئيس جامعة الأزهر السابق، خلال تصريحات تليفزيونية، اليوم الثلاثاء، إلى أن هذه البيانات لم تُستخدم فقط لتحسين الخدمات أو التفاعل مع المستخدمين، بل أصبحت أداة فعّالة تؤثر في حياتنا بشكل غير مباشر، وقد تغير الكثير من طرق تفكيرنا وتفاعلاتنا اليومية.
وقال: "من خلال استخدام الأدوات المتاحة في الذكاء الاصطناعي الآن، أصبح بالإمكان أن نطلب من الأنظمة الذكية كتابة مقال عن أي موضوع نريد، وتحويله إلى عرض تقديمي (بوربوينت) أو حتى إعداد فيلم توضيحي كامل، لكن، نحن هنا لا نتعامل مع معلومات وبيانات ثابتة؛ بل مع سلوكيات متغيرة وتفاعلات ديناميكية تجمعها الأنظمة وتتطور بها".
وتابع أن الذكاء الاصطناعي يستخدم هذه البيانات لإنشاء "نماذج تعلم" (Learning Models) يمكنها التفاعل وتبادل المعلومات فيما بينها، على سبيل المثال، في الأنظمة التي تتعلم من سلوكيات الأفراد، يمكن للبرنامج الذي يحتوي على سلوكيات شخص مثل "الشربيني" أن يتفاعل مع نموذج آخر يحتوي على سلوكيات شخص مثل "أحمد"، ويبدأ كل من النموذجين بتعلم من الآخر وتطوير ردود أفعال بناءً على تجارب سابقة، وهذا النظام يمكن أن يساهم في تطوير حلول ذكية تتسم بالكفاءة.
وأوضح الشربيني أنه عندما نتحدث عن الذكاء الاصطناعي، نحن لا نتحدث فقط عن آلة تلتقط البيانات أو تحللها، بل عن آلة قادرة على التعلم من هذه البيانات، ومن ثم اتخاذ قرارات قد تكون أكثر دقة من تلك التي يتخذها البشر في بعض الأحيان، مضيفا: "الموديلات الذكية الآن يمكن أن تتعلم كيفية التفاعل مع الآخرين بناءً على تصرفاتهم، ويمكنها توقع ردود الفعل المستقبلية بناءً على المعطيات الحالية".
ومع هذه الفرص، أشار الدكتور الشربيني إلى أحد المخاطر التي قد تحدث جراء كثرة البيانات، وهي حالة من "التشويش المعرفي" التي يعاني منها الكثير من الأفراد في عصر البيانات الضخمة، موضحا: "كلما زادت كمية المعلومات المتاحة لنا، أصبحنا نواجه مشكلة حقيقية في تحديد ما هو الأهم أو الأكثر مصداقية.. أصبحنا نعيش في فوضى معرفية".
وبالنسبة للتناقضات التي تظهر في هذا العصر الرقمي، أوضح الشربيني أن الأشخاص أصبحوا يعيشون في حالة من "الغرور المعرفي"، حيث يعتقد الكثيرون أنهم يمتلكون كل المعرفة المتاحة، لكنهم في الحقيقة يغفلون عن التأثيرات النفسية الناتجة عن كثرة المعلومات، موضحا: "إننا في عصر يمكن فيه لأي شخص أن يبحث عن أي معلومة بكل سهولة عبر الإنترنت، لكن هذه السهولة قد تخلق نوعًا من السطحية في التفكير، حيث أصبحنا نعيش في عالم مليء بالتناقضات".
وأكمل: "التواصل السهل عبر الإنترنت قد يكون سببًا في العزلة الاجتماعية، رغم أنه يبدو وكأنه يزيد من تفاعلنا.. بينما قد نشعر بأننا دائمًا على اتصال بالآخرين، إلا أن الحقيقة أننا في عزلة نفسية حقيقية.. وهذه العزلة تؤدي إلى قلق لا نهائي لدى الأفراد، وهو أمر لا يشعرون به مباشرة، لكنه يتسلل إلى عقولهم الباطنة".