وكيل الأزهر يشارك بافتتاح المسابقة العالمية للقرآن الكريم الحادية والثلاثين بمسجد مصر الكبير
شارك الدكتور محمد عبدالرحمن الضويني، وكيل الأزهر الشريف، نائبًا عن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في افتتاح المسابقة العالمية للقرآن الكريم الحادية والثلاثين بمسجد مصر الكبير.
وفي كلمته نقل "الضويني" تحيات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، راجيًا السداد والتوفيق وداعيًا بأخلص الدعوات لمن قام على هذه الجهود العظيمة خدمةً لكتاب الله عز وجل، مرحِّبًا بالحضور، ومحتفيًا بالحفظة، ومهنئًا لهم بالشرف والعزة بإضافة أسمائهم إلى دواوين الشرف من الحفظة.
مركز مصر الثقافي الإسلامي
وأكد وكيل الأزهر الشريف، أن الاجتماع اليوم بمركز مصر الثقافي الإسلامي حول كتاب الله منبع للخيرات، ومصدر للبركات، فحوله نجتمع وبه نهتدي ونلتزم، ولتوجيهاته نخضع، مضيفًا إن القرآن الكريم وصفه رسول الله "صلى الله عليه وسلم" بأنه لا يشبع منه العلماء، ولا تزيغ به الأهواء، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، والصراط المستقيم، مؤكدًا أن المسابقة تأتي في زمان يجب أن نلتف فيه حول القرآن الكريم، لا بتلاوة آياته فحسب، بل بفهم مقاصده وغاياته.
مشكلات واقعنا المعاصر
كما أشار "الضويني" إلى أن القرآن الكريم وضع الحلول الناجعة لمشكلات واقعنا المعاصر، ووصف الأدوية الشافية لأدواء النفوس والعقول، فحرص القرآن في كثير من المواطن على وحدة الأمة، يقول تعالى: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)، مبينًا أن القرآن الكريم أحد الأسباب القوية في تحقيق وحدة الأمة في قوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)، موضحًا أن حبل الله هو القرآن، وذلك في قول رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "وَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ"، مبيّنًا ما حذر منه القرآن الكريم من الفرقة والاختلاف، والأسباب الداعية إليهما، والنتائج المترتبة عليهما، في قوله تعالى: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ).
وأكد "الضويني"، أن القرآن الكريم جعل النزاع بين شعوب الأمة وطوائفها طريقًا للفشل، وأن من النزاع تغيّر أحاسيس الأمة؛ فلا يشعر بعضها بآلام بعض، مؤكدًا أن الجماعة رحمة، وأن الفرقة عذاب، مستشهدًا بقول الشاعر:
كونُوا جميعًا يا بَنِيَّ إِذا اعتَرى
خَطْبٌ ولا تتفرقُوا آحادَا
تأبَى القِداحُ إِذا اجتمعْنَ تكسُّرًا
وإِذا افترقْنَ تكسَّرتْ أفرادا
وشدد وكيل الأزهر، على أن المسابقة العالمية للقرآن الكريم تحيي فينا آداب القرآن الكريم وأخلاقه، وتقيم الحجة على كل فكر منحرف، وتقيم السلام الذي دعا إليه القرآن في قوله تعالى: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)، ما يؤكد حاجتنا إلى وحي السماء حفظًا ومدارسةً بما يضمن للإنسان حياة سعيدة وآخرة أسعد.
وأوضح "الضويني"، أن حفظ ومدارسة القرآن الكريم هو العمل الدائم الذي يتصل ثوابه أبد الدهر حتى يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه، وأن القرآن العظيم هو المعجزة الخالدة الباقية التي تعصم الأمة من الغواية، وتصون أبناءها من العماية، وبقدر تمسك الأمة به تبقى عزيزة، وذكر قول النبي "صلى الله عليه وسلم": "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده، كتاب الله".
تزييف وتحريف الأفكار
وأضاف أن القرآن يذكرنا أننا أمة لها تاريخ، ومهما حاول المغرضون تزييف وتحريف أفكارنا فإننا راسخون كالجبال الشمّ، وأن فصاحة القرآن وبلاغته ورسالته توجب علينا أن نتخلق بأخلاقه، وأن نكون على صراط مستقيم، ويذكرنا بالعلم والعمل، وأننا خير أمة أخرجت للناس نحمل الخير لهم عقيدة وشريعة وسلوكًا.
وتابع أن الواقع يشهد في اللسان عجمة وغربة، وفي السلوك والأخلاق انحرافًا واعوجاجًا، وفي جغرافية الأرض استهدافًا وقتلًا من عصابة مجرمة، ويأبى التاريخ أن يقبل ذلك، سائلًا الله عز وجل الفرج، وأن يقر الأعين بنصرة أهل فلسطين على العدو الصهيوني.
وأردف أن القرآن الكريم يأتي في هذه الأجواء المؤلمة ليجدد فينا الأخلاق والقيم والعز والنصر والسيادة، وأن المسابقة تفتح لنا بابًا للتعلق بكلام الله، وحبلًا متينًا ننجو به من الفرقة والشتات.
وفي ختام كلمته، بشر "الضويني" أهل القرآن بما بشرهم الله تعالى به في حديث رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "إنَّ للَّهِ أَهْلينَ منَ النَّاسِ"، قالوا: يا رسولَ اللَّهِ من هُم؟ قالَ: "هم أَهْلُ القرآنِ أَهْلُ اللَّهِ وخاصَّتُهُ"، مبينًا مكانتهم عند الله بحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "من قرأ القرآن، وتعلمه، وعمل به، أُلبس والداه يوم القيامة تاجًا من نور، ضوؤه مثل ضوء الشمس، ويكسى والداه حُلتين لا تقوم بهما الدنيا! فيقولان: بم كسينا؟! فيقال: بأخذ ولدكما القرآن"؛ مؤكدًا أن من لم يفز بالجائزة فقد فاز بكتاب الله، شاكرًا وزارة الأوقاف على الجهد الكبير في خدمة القرآن الكريم، سائلًا الله عز وجل أن يحفظ مصر من كل مكروه وسوء.