مصر وقبرص واليونان.. علاقات استراتيجية وتنسيق إقليمي ودولي تنمو في عهد الرئيس السيسي
تشهدت العلاقات بين مصر وقبرص واليونان طفرة كبيرة على المستويات كافة، لاسيما السياسية والاقتصادية خلال السنوات الأخيرة منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي قيادة البلاد في عام 2014؛ لتتحول إلى علاقات صداقة استراتيجية ونموذج يحتذى به في الروابط الثنائية.
على مدار أكثر من عشر سنوات، عقدت كل من مصر وقبرص واليونان، عشر قمم ثلاثية، في ظل حرص القيادة السياسية في الدول الثلاث على تعزيز التعاون والتنسيق المشترك.
وتستضيف القاهرة القمة الثلاثية العاشرة في قصر الاتحادية، حيث يستضيف الرئيس عبد الفتاح السيسي كلا من الرئيس نيكوس خريستودوليدس رئيس جمهورية قبرص، ورئيس وزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس.
القمة الثلاثية الأولى
وقد انعقدت القمة الثلاثية الأولى في نوفمبر عام 2014 ، حيث دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي في مقر رئاسته بقصر الاتحادية كل من ، نيكوس أنستاسيادس رئيس جمهورية قبرص آنذاك، كما استقبل أنتونيس ساماراس رئيس وزراء اليونان حينها، وعقد الزعماء الثلاثة مباحثات مغلقة تلتها جلسة مباحثات موسعة بحضور وفود الدول الثلاث.
وأكد الرئيس السيسي في القمة الثلاثية الأولى إلى أهمية التعاون بين الدول الثلاثة لما تحققه من دور استراتيجي فسي المحافل الدولية والإقليمية.
وأضاف أيضًا أنه خلال المشاورات تبادل وجهات النظر بشأن الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، خاصة القضية الفلسطينية وجهود السلام ، وتطورات الأوضاع في كل سوريا والعراق ، وجهود مكافحة الجماعات الإرهابية والقوى الداعمة لها وسبل تعزيز هذه الجهود، فضلًا عن الوضع في لبيبا وكيفية دعم شرعية المؤسسات المنتخبة ، كما تم استعراض الجهود التي تقوم بها كل من اليونان وقبرص لدعم وتكثيف التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي، وهو ما يعكس رؤيتهما السياسية العميقة، وبعد نظرهما، وإدراكهما الكامل للواقع المصري، كما اتفقـنا على استمرار تكثيف الاتصالات والتنسيق في كافة المحافل الإقليمية والدولية لحماية مصالحنا المشتركة، وتعزيز الاستفادة من تنوع عضويتنا في مختلف التجمعات.
القمة الثلاثية الثانية
كانت القمة الثلاثية الثانية في إبريل 2015 ، حيث توجه الرئيس عبد الفتاح السيسي قبرص،
و توجه الرئيس السيسي إلى مقر القصر الجمهوري بنيقوسيا، وكان في استقباله الرئيس القبرصي “نيكوس أنستاسيادس”.
وعُقدت قمة ثلاثية في 29 إبريل 2015 بمقر القصر الجمهوري القبرصي جمعت الرئيس عبد الفتاح السيسي وكلًا من نيكوس أنستاسيادس، رئيس جمهورية قبرص، واليكسيس تسيبراس، رئيس وزراء جمهورية اليونان في ذلك الوقت.
و صدر عن القمة الثلاثية إعلان نيقوسيا متضمنًا التأكيد على مواصلة تعزيز التعاون والتنسيق بين الدول الثلاث من أجل تنمية واستقرار منطقة شرق المتوسط، وأهمية تكاتف جهود المجتمع الدولي من أجل مكافحة الإرهاب وكشف مصادر الدعم المالي والسياسي الذي تحصل عليه الجماعات الإرهابية، والاستفادة من الاحتياطيات الهيدروكربونية في منطقة شرق المتوسط، وتعزيز التعاون في مجالات السياحة والملاحة البحرية لنقل الركاب والبضائع.
القمة الثلاثية الثالثة
شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي في 9 مايو 2015 ، في القمة الثالثة للآلية الثلاثية للتشاور السياسي والتعاون التي تضم مصر واليونان وقبرص، والتي قامت باستضافتها العاصمة اليونانية أثينا، وذلك بمشاركة كل من نيكوس أنستاسيادس رئيس جمهورية قبرص، واليكسيس تسيبراس رئيس وزراء جمهورية اليونان، في ذلك الوقت.
وأكد القادة الثلاثة خلال القمة دعمهم لجهود المجتمع الدولي في مواجهة الإرهاب، مع التشديد على أهمية تبنى مقاربة شاملة في مواجهة الإرهاب ودعم التحالف الدولي ضد تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية وتفكيك بنيتها الأيديولوجية وتجفيف منابع تمويلها ووقف مصادر تسليحها، وتم التأكيد كذلك على أهمية التصدي لما يقوم به تنظيم داعش وغيره من التنظيمات من تدمير ونهب للممتلكات التراثية والثقافية في المنطقة، والدفع نحو قيام مجلس الأمن بإصدار قرار مشدد لمواجهة وعلاج تلك المشكلة.
تناولت القمة الثلاثية أزمة تدفق المهاجرين، وضرورة التعامل معها من منظور شامل، من خلال التوصل إلى أفق سياسي لتسوية الأزمات الإقليمية والقضاء على الفقر ودفع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة ومواجهة أنشطة التهريب، فضلًا عن معالجة الوضع الإنساني لأزمة اللاجئين بالتعاون مع الدول المعنية، مع التنويه إلى أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه الاتحاد الأوروبي في هذا الشأن.
القمة الثلاثية الرابعة
عقدت القمة الثلاثية الرابعة في القاهرة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس القبرصي "نيكوس أنستاسيادس"ورئيس الوزراء اليوناني “اليكسيس تسيبراس”.
و شهد اللقاء التباحث حول سُبل تعزيز التعاون بين البلدين في عدد من المجالات، منها النقل البحري، والتبادل التجاري، والطاقة، والزراعة والسياحة. كما شهد اللقاء مناقشة تطورات الأوضاع في المنطقة وتنسيق المواقف السياسية بين البلدين إزائها، وفي مقدمتها الأوضاع في سوريا وليبيا، بالإضافة إلى التهديدات الناتجة عن تزايد خطر الإرهاب وتداعيات الهجرة غير الشرعية وتدفق اللاجئين نتيجة استمرار الأزمات القائمة بالمنطقة.
القمة الثلاثية الخامسة
عقدت القمة الثلاثية الخامسة بين مصر واليونان و قبرص في 21 نوفمبر 2017 بالعاصمة القبرصية نيقوسيا.
تم خلال القمة تأكيد أهمية آلية التعاون الثلاثي والإشادة بما تعكسه دورية اجتماعاتها من قوة العلاقات بين الدول الثلاث وحرصها على مواصلة تعزيز أطر التعاون القائمة وتوسيعها لتشمل مجالات جديدة. كما تناولت المباحثات استعراض الموقف التنفيذي للمشروعات الجاري تنفيذها في إطار الآلية، ومن بينها مركز الإبداع المشترك لتكنولوجيا المعلومات بمدينة برج العرب، والذي قام القادة الثلاثة بافتتاحه عقب جلسة المباحثات بالفيديو كونفرانس. كما تم التأكيد على الآفاق الرحبة المتاحة لتعزيز التعاون بين الدول الثلاث، وأهمية استكشاف الفرص المتوفرة لتعزيز العمل المشترك في شتي القطاعات، وبما يوفر فرص عمل جديدة للشباب في الدول الثلاث، ويلبي تطلعاتهم نحو المستقبل.
وعقب انتهاء أعمال القمة، تم التوقيع على مذكرة تفاهم في مجال التعاون السياحي بين الدول الثلاث، كما عقد السيد الرئيس والرئيس القبرصي ورئيس الوزراء اليوناني مؤتمرًا صحفيًا مشتركًا.
القمة الثلاثية السادسة
عقدت القمة الثلاثية السادسة في 10 أكتوبر 2018 في دولة اليونان ، وأكد الرئيس السيسي خلال إلقاء كلمته، أن القمة الثلاثية شهدت تقاربًا معهودًا في الرؤى تجاه القضايا والأزمات التي تمر بها بعض دول المنطقة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والأوضاع في كل من سوريا وليبيا، فلا مجال لوقف نزيف الدم وإعادة البناء والإعمار إلا بتسوية الأزمات سياسياً، وتلبية طموحات الشعوب في مستقبل أفضل، وبما يفوّت الفرصة على التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، التي تستغل تلك الأزمات للنيل من دولنا وترويع شعوبنا، مستندين في ذلك إلى ما يتلقونه من دعم مالي وسياسي ولوجستي من بعض الأطراف، التي لا تتردد في الخروج عن القوانين والأعراف الدولية، كي توجد لنفسها موطئ قدم ونفوذ، وتُحقق مصالحها الضيقة على حساب أرواح ومقدرات الشعوب المُسالمة.
القمة الثلاثية السابعة
عقدت القمة الثلاثية السابعة في 8 أكتوبر 2019 في القاهرة، و أعاد القادة الثلاثة خلال هذه القمة التأكيد على ضرورة تعزيز الجهود الدولية في مكافحة الإرهاب والتطرف، وحثوا المجتمع الدولي – لا سيما الأمم المتحدة – على اتخاذ مزيد من الإجراءات المتوافقة مع القانون الدولي ضد جميع الجماعات الإرهابية بغض النظر عن هياكلها وأيديولوجياتها، فضلًا عن اتخاذ تدابير ملموسة لمساءلة الفاعلين الإقليمين المنخرطين في تمويل الجماعات الإرهابية، وتزويدهم بالأسلحة والمقاتلين الإرهابيين الأجانب، وتوفير ملاذ آمن ومنصات إعلامية لهم، وجميعها ممارسات تمثل انتهاكا واضحا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. كما أبرز القادة التهديد المباشر الذي يشكله الإرهاب على التمتع بكافة حقوق الإنسان، ولا سيما الحق في الحياة والحرية والسلامة الشخصية للأفراد.
القمة الثلاثية الثامنة
عقد القمة الثلاثية الثامنة في 21 أكتوبر 2020 في العاصمة القبرصية نيقوسيا، و تناول الزعماء الثلاثة أوجه تعزيز مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والسياحي والثقافي، وذلك بهدف تأسيس مرحلة جديدة من التكامل الاستراتيجي بين الدول الثلاث، قائمة على الأهداف التنموية المشتركة، لا سيما في ضوء الروابط التاريخية القوية والتراث الثقافي الثري الذي تتمتع به الدول الثلاث.
تطرقت القمة إلى أبرز القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصةً تطورات الأوضاع في ليبيا وسوريا، فضلًا عن مستجدات قضية سد النهضة.
القمة الثلاثية التاسعة
عقد القمة الثلاثية التاسعة في 19 أكتوبر 2021 في العاصمة اليونانية أثينا، وتناولت القمة أوجه التعاون بين الدول الثلاث في إطار آلية التعاون الثلاثي، حيث تم التأكيد على نجاحها في تكريس التشاور الدوري والتنسيق الوثيق حول الملفات الإقليمية والدولية التي تؤثر على كافة شعوب المنطقة، كما عكست كذلك التزاماً متبادلاً بترجمة التوافق السياسي إلى حزمة من المشروعات المثمرة على أرض الواقع في مختلف القطاعات الاقتصادية والثقافية والأمنية والعسكرية، فضلاً عما شهدته من تعاون مشترك خلال الآونة الأخيرة للتصدي للتحديات والأزمات الطارئة مثل حرائق الغابات، ومواجهة التداعيات الصحية والاقتصادية لجائحة كورونا.