صابر رشدي يناقش مجموعته القصصية "كي أحتفظ بكفي دافئة" بمعرض الكتاب
شهدت قاعة «فكر وإبداع» بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، ندوة لمناقشة ديوان "كي أحتفظ بكفي دافئة" للمؤلف صابر رشدي، وشارك في الندوة كل من الناقد الأدبي د.عادل ضرغام ، والكاتب عبد الزراع، وأدار الندوة الشاعر أمل سالم.
قال الشاعر أمل سالم: "نحن أمام مجموعة قصصية كتبت بعناية فائقة؛ فاختيار المفردات جاء في محلها، كما أن الجملة تحمل طاقة تجعل القارئ يتفحصها بدقة.
وأضاف: "بعض النصوص -وهي الأرقى من وجهة نظري- التي يختفي فيها المؤلف تمامًا؛ ليحل محله القارئ، على الرغم من وضوح الوجهة داخل العمل، وتحديدها مسبقًا من قِبل المؤلف، لكن أية وجهة؟ لا يعني تحديد الوجهة الشكل الخطي بين نقطتين؛ البداية والنهاية، الحكاية والسرد. وحتى هذه الوجهة المحددة تقع تحت الاحتمالات؛ إن وعيّ المؤلف ذلك، إذ أن الدقة في التحديد تُخرج العمل من سرده إلى مجرد الحكي عن حدث حقيقي أو متخيّل محاكٍ للحقيقة".
وتابع أن النص الواقع تحت تأثير الاحتمالات يدعم، إذ تضمن استفزازا داخليا، هذا الاستفزاز الدائم داخل العمل محفز للمتلقي على الدخول إلى عالم النص، ثم هيكلة أو إعادة هيكلة هذا العالم من وجهة نظره (القارئ/ النص)، فما أن يتأكد القارئ من ثبات رؤيته.
وقال الناقد د. عادل ضرغام، "في مجموعة (كي أحتفظ بكفي دافئة) الكاتب مارس نوعا من الخديعة المحببة للقارئ، بإشعاره من خلال العنوان ببساطة ما يقدم من كتابة فنية، ولكن الإنصات إلى المكتوب يجعل القارئ يدرك أن هذا العنوان الذي قد يوحي بانسحاب ما، يؤسس وجودا لافتا داخل المتن الكتابي للقصة القصيرة العربية، وأن هذه الكتابة لها قدرة على خلق الحالة الفنية، وعلى التحليق في مدار خاص بها.
وأوضح ضرغام أن هذا التبسيط الخادع يوجهنا نحو استنبات جماليات خاصة، لا تركن إلى الاحتشاد بقدر ما تركن إلى التصفية وتأسيس نهج أو أسلوب في مقاربة العالم والارتباط به. قصص المجموعة تمثل كتابة من المناطق الغائرة بكل خوفها وهواجسها، ولا تعطي نفسها بسهولة داخل حيز تصنيفي سابق التجهيز، أو داخل أطر فنية مؤسسة.
وأشار إلى أن هذه المجموعة القصصية يستطيع القارئ أن يدرك أنه أمام كتابة سهلة البناء، لكنها محكمة، فيّاضة بمعان ودلالات وتساؤلات عن وضع الإنسان الهشّ في مواجهة عالم لا يمكن مواجهته إلا بمهادنات وألاعيب، حتى تتولّد لديه القدرة على الاستمرار، مهادنات تحتمي بالمتخيل والعجائبي والغريب. العالم في هذه المجموعة لا يخلو من توحش وضخامة بوصفهما صفتين لهما ديمومة واستمرار ووجود قار، ومواجهة هذا العالم، والدخول في تجربة معه، لا يمكن أن يحدثا من منطق القوة، ولكن من يقين بالعجز، عجز المعرفة، لأن هناك أسئلة - وهذه أسئلة كل أدب حقيقي- تطل برأسها، ولا تكفّ عن الطرق على الأبواب المغلقة، بالرغم من اليقين أنها لن تفتح أبدا.
واعتبر أن الأدب بما يصنعه من حدس ومتخيل يمثل السبيل الناجحة للكشف عن جوانب هذه المعرفة، حتى لو تمثّلت المعرفة التي تجنيها الذات عند حدود الهدهدة أو التبرم المكتوم. فالقصص تتوسل بالخيالي لمراودة الواقعى.
ومن جانبه، قال الكاتب عبد الزراع: من خلال متابعتي لما يكتبه الصديق الكاتب المبدع صابر رشدي، هو من أهم كتاب القصة القصيرة فى جيل التسعينات، أولا لأنه يكتب بمزاج كبير، ويختصر ويحذف وفن القصة القصيرة هو فن الحذف والتكثيف، وفيما يكتب بالقاص الراحل يحيى الطاهر عبد الله الذي كان يكتب قصصه القصيرة ويحفظها ويلقيها في الندوات الأدبية، وصابر يشبهه في أن معمار قصته القصيرة شديدة التماسك، لدرجة لو حذفت كلمة من هذا البناء من الممكن أن يختل هذا البناء، بالإضافة إلى أن صابر رشدى ابن القرية المصرية بتراثها الشعبي الغني بقصصه وحكاياته وأغانيه وأمثاله، ومن ثم استطاع أن يخلق عوالم فانتازيا خرافية مليئة بعالم الجن والعفاريت بتمكن شديد، بل استطاع أن ينتقل من الواقعي إلى الخرافي بنعومة.