مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة.. مقترح مصري- قطري يواجه اختبارات التنفيذ

تتجه الأنظار إلى التحركات المصرية والقطرية، بدعم أمريكي، لمحاولة التوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار، وذلك علي خليفة تزايد الجهود التفاوضية لإنهاء القتال في قطاع غزة، وعلى الرغم من أن الأطراف المعنية تبدي مؤشرات على الانفتاح على تسوية مؤقتة، إلا أن التعقيدات السياسية والميدانية لا تزال تُلقي بظلالها على فرص نجاح الاتفاق.
مفاوضات عقد صفقة تبادل جديدة
نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر مطلعة قولها إن مفاوضات عقد صفقة تبادل جديدة تجري بصورة مكثفة وتتضمن إطلاق سراح مختطفين إسرائيليين مقابل وقف إطلاق النار خلال عيد الفطر والأيام التي تليه.
وأشارت إلى أن المفاوضات التي تحظى بقبول من حماس وإسرائيل تتركز على مقترح مصري - قطري، ينص على وقف إطلاق النار لمدة 40 يوما، يتم خلالها إطلاق سراح خمسة أسرى إسرائيليين، بينهم الجندي الإسرائيلي-الأمريكي عيدان ألكسندر، مقابل فتح معبر رفح وإدخال مساعدات إنسانية، مع تمهيد الطريق لاستئناف المفاوضات حول المرحلة الثانية من الاتفاق.
وأعربت حركة حماس عن أملها في تحقيق انفراجة قريبة بملف وقف إطلاق النار وفتح المعابر في غزة، مشيرة إلى تكثيف الاتصالات مع الوسطاء للتوصل إلى اتفاق.
وقال القيادي في الحركة باسم نعيم في بيان إن الجهود الحالية تركز على وقف الحرب، وإدخال المساعدات، واستئناف المفاوضات حول المرحلة الثانية، مؤكدًا أن حماس تتعامل مع هذه المبادرات بـ "إيجابية ومرونة" لإنهاء معاناة الفلسطينيين.
المقترح المصري الجديد
ويرى المحلل السياسي إياد القرا أن المقترح المصري الجديد جاء بناء على تعديلات أدخلت على مقترح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، بعد الأخذ بملاحظات حركة حماس،لا سيما ما يتعلق بالتأكيد على ربط المرحلة الأولى ببدء المفاوضات حول المرحلة الثانية، وإعادة فتح المعابر، خاصة معبر رفح، دون قيود إضافية، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية بشكل أكثر انسيابية، بالإضافة إلى عدم تأجيل استئناف المفاوضات بعد الإفراج عن الأسرى المختطفين الإسرائيليين.
وبحسب القرا، فإن هذه التعديلات تعكس رغبة الوسطاء في تحقيق اختراق حقيقي في المفاوضات، لكنها لا تضمن تلقائيا نجاح الاتفاق، خاصة أن الطرفين لا يزالان يتمسكان بمواقف متباعدة فيما يتعلق بالخطوات التالية.
وأضاف أن هذا التحرك يشير إلى فرصة حقيقية لتقدم في المسار التفاوضي، وقد تحمل الساعات أو الأيام القادمة جديدا باتجاه اتفاق متجدد، يُمهّد لعدة أسابيع من وقف إطلاق النار.
نتنياهو و الضغوط الداخلية
وفي الجانب الإسرائيلي، يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يواجه تحديا مزدوجا، حيث يحاول تقديم "إنجاز تفاوضي" يُخفف الضغوط الداخلية، لا سيما من عائلات الأسرى الإسرائيليين، وفي الوقت ذاته، يسعى إلى عدم تقديم تنازلات كبيرة لحماس قد تضعف موقفه أمام شركائه في الائتلاف الحاكم.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الولايات المتحدة قدمت عبر قطر مقترحًا جديدًا لحركة حماس بهدف الإفراج عن الجندي الإسرائيلي-الأمريكي عيدان ألكسندر، في محاولة لكسر الجمود في المفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار في غزة.
موقع “والا” الإسرائيلي
وبحسب موقع “والا” الإسرائيلي، فإن واشنطن مارست ضغوطًا كبيرة على مصر وقطر خلال الأيام الأخيرة لحثّ حماس على الموافقة على إطلاق سراح عدد من الأسرى الإسرائيليين، مقابل تمديد الهدنة وإفساح المجال أمام مفاوضات أوسع.
وأشار موقع والا إلى أن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف أجرى محادثات مع رئيس الوزراء القطري حول صياغة مقترح جديد، يتضمن الإفراج عن ألكسندر، مقابل وقف إطلاق نار مؤقت لعدة أيام، واستئناف فوري للمفاوضات بشأن صفقة تبادل أشمل، كما تم إبلاغ الوزير الإسرائيلي رون ديرمر بهذا المقترح.
قالت جيلي كوهين، مراسلة قناة "كان" العبرية، إن هناك تيارًا داخل الحركة يبدي مرونة أكبر في التفاوض بشأن إطلاق سراح عدد محدود من الأسرى، في مقابل وقف إطلاق نار مؤقت.
وأضافت أن التحركات الحالية قد تؤدي إلى اختراق محتمل خلال الأسبوع المقبل، مشيرة إلى أن وقف إطلاق النار المقترح قد يتزامن مع عيد الفطر.
وبحسب كوهين، فإن هذه المرونة لا تعني أن الحركة مستعدة لتقديم تنازلات استراتيجية، حيث تصر على ربط أي اتفاق جزئي بالتزامات واضحة لوقف القتال، وعدم الاكتفاء بصفقة تبادل دون ضمانات طويلة الأمد.
في ظل هذه التطورات، يستمر الدور القطري-المصري في محاولة تقريب وجهات النظر، حيث توجه وفد أمني مصري إلى الدوحة لمناقشة تفاصيل تنفيذ الاتفاق.
ووفقًا لمصادر دبلوماسية، نشرتها الاذاعة العبرية فإن الوسطاء المصريين والقطريين يأملون في تحقيق تقدم قبل عيد الفطر، خاصة أن هناك توافقا على ضرورة إحراز تقدم ملموس في الأيام القليلة المقبلة.
السيناريوهات المحتملة للاتفاق الجديد
ويقول المحلل السياسي من غزة عبد القادر حمودة إن السيناريوهات المحتملة تتلخص أولا في حال قبول الأطراف ببنود المقترح الجديد، فقد نشهد هدنة مؤقتة، تفتح الباب لمفاوضات أوسع تشمل ملفات تبادل الأسرى ومستقبل العمليات العسكرية في قطاع غزة.
أما السيناريو الثاني هو استمرار المراوغة التفاوضية بمعنى إذا تمسكت إسرائيل أو حماس بمواقفهما المتشددة، فقد يتباطأ تنفيذ الاتفاق، مما يبقي الوضع في حالة جمود دبلوماسي، مع استمرار الضغوط الدولية.
وتابع أن السيناريو الثالث هو أنه في حال فشل الجهود الدبلوماسية، قد يعود التصعيد العسكري إلى الواجهة، خاصة مع استمرار العمليات الميدانية الإسرائيلية في غزة.
وتابع حمودة أنه على الرغم من تزايد الحديث عن إمكانية تحقيق تقدم في المفاوضات، إلا أن الطريق إلى اتفاق شامل لا يزال معقدًا. فبينما تسعى الولايات المتحدة ومصر وقطر إلى تحقيق هدنة قصيرة الأمد، لا تزال الحسابات السياسية والعسكرية لكل من إسرائيل وحماس تلقي بظلالها على فرص نجاح الاتفاق.
وتابع أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كانت هذه الجهود ستترجم إلى وقف فعلي لإطلاق النار، أم أن الوضع سيبقى مرشحا لمزيد من التوتر.