القصة الكاملة لحريق عقار الهرم.. ليالى سوداء يعيشها أهالى الجيزة فى انتظار الكارثة
الإثنين 01/فبراير/2021 - 10:05 م
ليالى من الرعب يعيشها أهالى منطقة الهرم بمحافظة الجيزة، عقب نشوب حريق فى أحد العقارات التى تطل على الطريق الدائرى، وتسارع كل أجهزة الحماية المدنية لإخمادها ولكن باءت كل جهودها بالفشل، رغم مرور 3 أيام على أول إنذار بالحريق.
استيقظ أهالى منطقة الهرم، فجر يوم السبت على أدخنة غطت سماء الجيزة، وصراخ تصم له الآذان، فخلال عودة العاملين بأحد مصانع الأحذية فى عقار مواجه للطريق الدائرى، من صلاة الفجر، فوجئوا بنشوب حريق يلتهم ما هو أمامه، ورغم أن مواد التصنيع كالتنر والجاز وغيرها مفيدة فى عملية تصنيع الأحذية، إلا أنها سببت كابوسًا استمر لمدة 3 أيام، فهى التى ساعدت على تزايد ألسنة النيران وصعّبت عملية إخمادها.
مواد قابلة للاشتعال وبدروم مغلق كانا عنصرين أساسيين فى الكارثة، فلم تمضى دقائق إلا والتهمت النيران كل ما وجدته فى طريقها داخل البدروم، بل وامتدت للطابقين الأرضى والأول، الملحقين بالمخزن وطالت الشقق العلوية لتُصبغ باللون الأسود خلال بضع ساعات .
تصاعد كثيف للأدخنة وارتفاع ألسنة اللهب داخل مصنع ومخزن أحذية أسفل برج سكنى متاخم للطريق الدائرى بنطاق مركز كرداسة شمال الجيزة.
45 طفاية حريق استخدمها العمال فى محاولة للسيطرة على الحريق، ساعتان و45 دقيقة باءت معها المحاولات بالفشل فجاء الخيار البديل الاتصال بالنجدة.
أخطرت غرفة عمليات النجدة مسؤولى الحماية المدنية بالجيزة بنشوب حريق هائل فى تلك المنشأة الصناعية، انطلق اللواء هشام صادق، مدير الإدارة العامة للحماية المدنية بالجيزة، إلى محل البلاغ على رأس قوة ضمت 7 سيارات إطفاء و3 خزانات استراتيجية سعة (35،15،،8 أطنان).
فريق إطفاء رفيع المستوى ضم اللواءين هانى محمد وعلاء سعيد والمقدم محمد إمام عكفوا على مجابهة النيران لكن تأخر الإبلاغ عن الواقعة جعل المهمة أكثر صعوبة.
رغم وصول دعم من 4 محافظات إلا أن رئيس لجنة المنشآت الآيلة للسقوط وأساتذة كلية الهندسة جماعة القاهرة أوصوا بتوقف عملية الإطفاء بقولهم "هيتهد هيتهد".
أخلت الشرطة الوحدات السكنية المجاورة للبرج محل الحريق حفاظا على الأرواح فى ظل تصاعد كثيف للأدخنة وتوقفت أعمال الإطفاء بسبب خطورة الموقف واحتمالية انهيار البرج بسبب النيران المشتعلة بالداخل وتأثيرها على الأعمدة الخرسانية .
ساعات كالكابوس مضت بعد أن سارع الأهالى للنفاد بأرواحهم وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لتهرب 15 عائلة من العقار الذى احتوى على 108 وحدة سكنية، ويشاهدوا حياتهم تلتهمها النيران أمام أعينهم وقلوبهم ترتجف خوفًا من صوت تآكل الجدران بفعل ألسنة اللهب.
بضع ساعات مضت، وسط النيران بعد نشوب الحريق وحاول الأهالى بذل قصارى جهدهم فى إخماده فتارة ينهالون على النيران بالتراب، وتارة آخرى يفجرون فيه خراطيم المياه، ليفاجئ الجميع بتجدد النيران مرة أخرى بعد أن اطمأنت قلوبهم.
وقت مر كالكابوس على سكان العقار وهم يشاهدون بأعينهم ظهور تصدعات وتشققات وسط النيران المشتعلة بمحل سكنهم وملجأهم الوحيد، وسط حالة من الذهول بينهم، وأجهزة الحماية المدنية تواصل عمليات التبريد للسيطرة على الحريق الذى فشلت جميع المحاولات فى إخماده، فالمبنى يفتقر لأى وسيلة من وسائل السلامة والأمن الصناعى .
ويحوى البرج السكنىى فى "البدروم" مصنعا للأحذية وتحويل الطابقين الأول والثانى إلى مخزن على مساحة ألف متر امتدت إليها النيران حتى أصبح العقار متصدعاً من كافة أركانه .
وتبين أن المصنع على مساحة ألف متر، واندلاع الحريق فى "البدروم" قبل انتقال النيران إلى الطابق الأولى ومنه إلى الثانى؛ بسبب وجود مواد سريعة الاشتعال مثل "الكلة" التى تستخدم فى لصق النعال، ورجحت المعاينة نشوب الحريق نتيجة ماس كهربائى.
المعاينة كشفت عن اهتمام صاحب العقار والمصنع بتأسيس البرج بشكل جيد، البرج مقام على قاعدة مسلحة مساحتها ألف متر حتى أن الطابق الأول مُشيد بالأسمنت المسلح دون استخدام الطوب، تحول معه إلى أشبه بالقبر لا منفذ له.
طبيعة المكان الذى يفتقر لوسائل الأمن والسلامة الصناعى جعلت مهمة السيطرة على الحريق أشبه بالعملية الانتحارية حتى أنه تم الاستعانة بـ"دقاق" أحدث 4 ثقوب فقط من قوة وصلابة التسليح.
خلال عمليات التبريد، تفقد اللواء أحمد راشد، محافظ الجيزة، موقع الحريق، كما وجه الأجهزة المعنية بسرعة إخلاء العقارات المجاورة حرصًا على سلامه المواطنين ولحين التأكد من عدم تأثير الحريق على السلامة الإنشائية للعقارات، فيما كلف المحافظ بالتواجد الدائم على مدار اليوم من الاجهزة المعنية لحين الانتهاء من أعمال الإطفاء والمراجعة للعقارات المحيطة وكذا تأمين حركة السير على الطريق الدائرى.
وأعادت الإدارة العامة لمرور الجيزة، فتح الطريق الدائري أمام القادم من الوراق اتجاه المريوطية كليا، أمام حركة السيارات، بعدما تم غلقه بسبب تصاعد أدخنة الحريق الذي اشتعل بمخزن للأحذية بأحد العقارات بمنطقة فيصل.
من جهتها، أمرت نيابة شمال الجيزة، أمس، بحجز سمير حمودة، مالك برج فيصل ومخزن ومنفذ بيع أحذية، بعدما تبين أن العقار مخالف ولم يتم إصدار تراخيص له حتى الآن؛ ولحين ورود تحريات أجهزة الأمن بشأن الواقعة، والتحفظ عليه داخل المستشفى بعد إصابته باختناق جراء الحريق.