الإثنين 25 نوفمبر 2024 الموافق 23 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
حوادث

حكم نهائى ينتصر للمرأة ويؤكد حقها في مرافقة والديها فى الحج

الأحد 18/يوليو/2021 - 11:33 ص
المستشار محمد خفاجى
المستشار محمد خفاجى

قضت المحكمة الإدارية العليا دائرة الفحص في جلسة سابقة بإجماع الآراء برفض الطعن رقم 7989 لسنة 60 ق عليا المقام من الجهة الإدارة ضد امرأة ووالديها، وتأييد الحكم التاريخي الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة القاضي الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة الذي انتصر لسيدة ناضلت من أجل والديها وضربت مثالاً للبر بالوالدين والحكم بأداء مناسك الحج لهما وهى برفقتهما بنظام القرعة طبقا للقواعد التي وضعتها الإدارة في حقوق المسنين الأكبر سنًا.  

وتثير هذه القضية ذات الرأي العام مدى تميز المرأة بالبر بالوالدين سيما في أواخر العمر والمطالبة بحقوقهما كمسنين خاصة وأن المحاكم في بلادنا العربية مليئة بقصص عقوق الوالدين بما يدمي القلوب، بخلاف حالات كثيرة لم يتقدم الآباء والأمهات بشكوى أبنائهم وبناتهم للمحاكم لاعتبارات اجتماعية وإنسانية، فماذا قالت المحكمة في هذه القضية المهمة التي تهم البيوت العربية والمصرية وتعد نموذجًا في البر بالوالدين والمطالبة بحقوقهما في أرذل العمر؟.

تعود القصة بوقوف السيدة (ر.ع.م..ا) يملأ عينيها الدموع أمام القاضي الإنسان الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة ومعها والديها الأب (ع.م.م.ا) والأم (ن.م.ع.ش) تشرح حبها الشديد لوالديها وإخلاصها وبرها لهما بعد أن ربياها أحسن تربية رغم أنهما من محدودي الدخل، خاصة وأنهما بلغا من العمر عتيا فالأب 85 عاما والأم 73 عاما وأنها تقدمت للجهة الإدارية بمحافظة البحيرة عن إعلانها بالحج بطريق القرعة وتخصيص نسبة 10% من تأشيرات الحج لكبار السن المحدد 70 عاما فأكثر.

وأن شروط الجهة الإدارية لمن بلغ سن 75عاما فأكثر وكذلك أصحاب الحالات المرضية المزمنة يصطحب معه مرافق من أقاربه حتى الدرجة الرابعة قادر على رعايته ولم يسبق له الحج خلال الخمس سنوات الهجرية الماضية عدا المرافق لأحد والديه، وبالرغم من ذلك فإن الجهة الإدارية امتنعت عن إدراج أسماء والديها واسمها باعتبارها مرافقة لهما بكشوف الحج وهذه أغلى أمنية تتمناها لوالديها . بينما طلب الحاضر عن الجهة الإدارية رفض الدعوى، فقال القاضي الحكم أخر الجلسة.

وقضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة بإلغاء قرار الإدارة بعدم إدراج اسم الوالدين ومعهما ابنتيهما كمرافقة لهما ضمن كشوف حجاج البحيرة الفائزين بالسفر لأداء فريضة الحج  وما يترتب على ذلك من أثار أخصها تمكينهم من أداء فريضة الحج بنظام القرعة والزمت الإدارة المصروفات. وقد أصبح حكمها نهائيا وباتا بحكم المحكمة الإدارية العليا.

قالت المحكمة برئاسة القاضي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة ان الدستور حرص في المادة 83 منه على رعاية حقوق المسنين لأول مرة في تاريخ الدساتير المصرية الذي ألزم الدولة بضمان حقوق المسنين صحيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وترفيهيا، كما أنه تضمن تشجيع منظمات المجتمع المدني على المشاركة في رعاية المسنين، وقد كشف الواقع العملي أن الحجاج المسنين يجتهدون لأداء شعائر فريضة الحج ومعظمهم يؤدون المناسك على مقاعد متحركة يرافقهم أفراد من عائلاتهم بحسبان أن فريضة الحج أمنية غالية راودت الكثيرين منهم سنوات طويلة ادخروا خلالها ليتمكنوا من أدائها وهم يصرون على أداء الحج طمعاً في مرضاة الله وحسن الخاتمة.

وأضافت المحكمة أن المسنين في الحياة يصلون إلى مرحلة الصمت والهدوء مما يقودهم إلى التأمل والوقوف عند المحطات الأخيرة في عمرهم الذي أقرضوه لذاكرة الزمن الماضي وحينما يستهل موسم الحج ليطوق النفس البشرية المؤمنة ملامح التطهير والاغتسال المتسع بقدر السنوات التي قضوها في الحياة، يصرّون  في الحج أن يقضوا رحلتهم الأخيرة برحاب مكة في بيت الله الحرام لينبثق من الأعماق صوت الإيمان والتوبة الحقيقية يأملون حسن الخاتمة وهم يرتدون ملابس الإحرام حجاجا لله، ولاريب ان تلك الأمنيات تعيش في أذهانهم وهم ما يزالون يتذكرون كل الأجزاء الصغيرة والكبيرة التي عاشوها في ممر حياتهم شبابا ليطوقوا خاتمة حياتهم الطويلة بالحج يزيل بداخلهم وهم في أرذل العمر كافة الأوجاع واللحظات التي مرت في حياتهم ليعودون للرحمن كما ولدتهم أمهاتهم.

ومن ثم وجب على جهات الإدارة ان تستخدم أكثر درجات الحرص مع المسنين في تطبيق القواعد القانونية التي تضعها في نظام الحج بالقرعة دون محاباة أو تفضيل أصغرهم على أكبرهم، وأن مبدأ حظر المحاباة يسري على كافة المواطنين خاصة المسنين منهم في رحلتهم الأخيرة لفرص التطهير والقبول عن الخالق الكريم والتي ربما لا يسمح الزمن لهم بها لاحقًا.

وأشارت المحكمة أنه تنظيما لراغبي أداء فريضة الحج بنظام القرعة وضعت الجهة الإدارية قواعد تنظيمية عامة مجردة  بتخصيص نسبة 10% من تأشيرات الحج لكبار السن "70 عام فأكثر" ومرافقيهم رعاية وتمكينا لهم من أداء هذه الفريضة المقدسة على أن يتم ترتيب المتقدمين تنازلياً الأكبر سناً فالأقل ويكون للفائز بالحج من كبار السن مرافق واحد فقط من أقاربه حتى الدرجة الرابعة ، ويشترط بالنسبة لمن بلغ 75 عاماً فأكثر وكذلك أصحاب الحالات المرضية المزمنة "أمراض الكبد، السرطان، أمراض القلب والفشل الكلوي" أن يصطحب معه مرافق من أقاربه حتى الدرجة الرابعة قادر على رعايته ولم يسبق له الحج خلال الخمس سنوات الهجرية الماضية عدا المرافق لأحد والديه مع مراعاة ضوابط المحارم الشرعية وفقاً لتعليمات الدخول إلى المملكة العربية السعودية.

وبالنسبة لمن لم تشمله نسبة الـ 10% المشار إليها فإنه يتم إدراجه مع باقي الحجاج ضمن القرعة العامة. وهكذا تقديرا للمسنين وتكريما فلهم فرحتان الأولى بالتزكية وفقا لترتيب الأعمار حتى نفاذ النسبة المقررة، والثانية الدخول ضمن القرعة العامة كباقي المتقدمين لأداء فريضة الحج.

واختتمت المحكمة أن الإسلام قد أمر بالبر بالوالدين ونهى عن العقوق، وجاء في القرآن الكريم آيات كثيرة عن وجوب بر الوالدين، وعظيم فضل البر، والثابت بالأوراق أن الابنة السيدة (ر.ع.م.ا) ضربت مثالا عظيما للمرأة بالتميز بالبر بالوالدين وحرصت على التقدم للمسابقة لدى الجهة الإدارية لوالديها الأب (ع.م.م.ا) 85 عاما والأم (ن.م.ع.ش) 73 عاما لأداء فريضة الحج على أن تكون مرافقة لهما لكبر سنهما , إلا أن الإدارة رفضت فأصرت الابنة على أن تقاضى جهة الإدارة؛ فتبين للمحكمة أن الإدارة أدرجت أسماء عدد (2) مرافقين للحجاج (م.م.ع) و(ر.ع.ا) و(ا.ح.س) و(س.ش.ش) بالمخالفة  للقواعد التي  وضعتها في هذا الشأن التي  تضمنت حق  كبار  السن في اصطحاب مرافق واحد فقط، ومن ثم فإن مسلك الإدارة بإدراج أسماء عدد(2) مرافقين للحجاج  المشار  إليهم  ضمن  نسبة الـ10% سالفة الذكر  بدلاً من مرافق واحد فقط من شأنه المساس بحق الأب والأم والابنة كمرافقة لهما في ضوء خلو الأوراق مما يفيد وجود من يكبرهما سناً ممن لم تشملهم نسبة الـ 10% الأمر  الذى  يضحى معه قرار الإدارة مخالفاً للقانون ومكنت المحكمة الأب والأم والابنة مرافقة لهما لأداء مناسك الحج.