سعاد صالح لـ"مصر تايمز": تعدد الزوجات جائز بشرط و لم يصدر مني أي فتاوي بإباحة إغتصاب غير المسلمات
الثلاثاء 29/مارس/2022 - 06:42 م
حصلت على ثانوية عامة بمجموع 99% في عام كان يمتنع فيه دراسة الفتيات في الأزهر، إلى أن جاء قرار جمال عبد الناصر وسنّ قانون 103 لسنة 1961، وأمر بفتح باب الأزهر للفتيات الراغبات في الالتحاق بأحد كليّات الجامعة العريقة.. تخرّجت عام 1967 بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى، وحصلت على الماجستير وتخصصت في "الفقه المقارن"، ثُمّ عُينت بجامعة الأزهر عام 1975 بدرجة مدرس مساعد، ومرّت بتجارب عديدة في مسيرتها، إلى أن أصبحت رئيسة قسم الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية.. إنها الداعية الإسلامية الدكتورة سعاد صالح، التى فتحت قلبها لـ"مصر تايمز" لتتحدث معنا عن مسيرتها.
وإلى نص الحوار:
- بداية؛ حدثيا عن مشوارك مع الأزهر؟
أنا حاصلة على ثانوية عامة في عهد كان ممنوعًا على الفتيات الدراسة بالأزهر، وما أن قام جمال عبد الناصر بسن قانون 103 لسنة 1961 وقام هذا القانون بفتح باب الأزهر للطالبات بعد ان كان قاصرًا على الطلبة فقط، ومع هذا القانون قام بإنشاء الكليات العملية مثل الطب والزراعة والتجارة والصيدلة وبواسطة هذا القانون سمح لنا أن ندرس بكليات جامعة الأزهر.
كان هناك كلية واحدة تسمى "كلية البنات الإسلامية" وكانت عبارة عن مجموعة شعب منها شعبة "الدراسات الإسلامية، والدراسات العربية، وعلم الاجتماع، والتجارة" كان والدي شيخ من شيوخ الأزهر وتمني أن أكون أزهرية مثله، وكان دائمًا ما يقول لى مشجعًا "أنتِ هتطلعى داعية إسلامية كبيرة، وهتقومي بالتدريس لبنات من إندونيسيا وماليزيا، وهيبقي فيه وعي للمجتمع ككل" فقد تنبأ بمستقبلي على الرغم من وفاتة منذ قرابة 23 عامًا.
- ومتى التحقتِ بكلية البنات الإسلامية؟
حصلت على 99% في الثانوية العامة، والتحقت بكلية البنات الإسلامية عام 1963 وتخرجت فى عام 1967، وكنت متفوقة وحصلت في آخر عام علي امتياز بمرتبة الشرف الأولي، وكانت رغبتي الأهم آخر عام لي في الكلية هي مقابلة الرئيس جمال عبد الناصر في عيد العلم، ولكن مرت مصر في هذا الوقت بالنكسة، وتم إلغاء كل الأعياد بما فيها عيد العلم.
- ومتى تم تعيينك معيدة بالكلية؟
في يناير عام 1968 وحصلت على الماجستير عام 1973، ثم تخصصت في الفقه المقارن، وفي عام 1975 ناقشت رسالة الدكتوراة بعنوان "الحجر على الصغير والسفيه في الشريعة الإسلامية" وعُيِّنت بدرجة مدرس في الفقه المقارن، ثم سافرت مرافقة لزوجي الذي كان يعمل صحفي إلي المملكة العربية السعودية وقمت بإنشاء قسم للدراسات الإسلامية في كلية البنات بجدة عام 1977، وكانت تجربة جديدة لي حيث لم تكن لدي خبرة إدارية كاملة، ولكن عميدة الكلية هناك ساندتني ودفعتني إلى النجاح، فقمت بإنشاء القسم وقبل مغادرتي لانتهاء مدة المرافقة كانت قد تخرجت أول دفعة بالقسم، وتم تعيين معيدات سعوديات من هذه الدفعة.
حصلت على الأستاذية وقمت بتأليف كتاب "أحكام عبادات المرأة في الشريعة الاسلامية"، وهو موسوعة للمرأة المسلمة، وكل ما تحتاجه من أحكام الطهارة والصلاة ومفسدات الصيام والحج، إلى أن تم ترقيتي لدرجة أستاذ سنة 1986، بعدها سافرت للسعودية ودرست هناك، وعدت إلى مصر لأتولى العمادة بالمنصورة، وأصبحت رئيسة قسم في الأزهر، إلى أن أصبحت متفرغة لتدريس الدراسات العليا.
- هل طَمِحت سعاد صالح يومًا في ترأُّس منصب بالأزهر؟
كان هذا أحد طموحاتي، لكن مما لا شك فيه أن هناك تعصب داخل الأزهر ضد المرأة وقتها، فلم يتم تعييني كمعيدة إلا بعد تولي أزهري متفتح رئاسة الأزهر، وأنا لا أسعى إلى تولي المناصب في المجمل، لكن هذا لا يبرر أن الدين يحرم ذلك، بل إن الدين يجيزه كما أنه يجيز تولي المرأة لقيادة الدولة في عصرنا هذا، ولما قد اشترط الفقهاء الذكورية في تولي القيادة فإنما كان المقصود بها تعيين خليفة واحد للمسلمين أو الإمامة العامة وقد انقرض ذلك منذ انتهاء الخلافة العثمانية ووجود الأنظمة والدول.
- سعاد صالح من الشخصيات التي يكثر حولها الجدل والانتقاد، هل يعود ذلك إلى مواقفك الدينية؟
اتفق معك في ذلك، وأرجع ذلك بفضل الله لقوة شخصيتي التي منحني الله إياها، وبروزها في السنوات الأخيرة والتي تكاد تكون متساوية مع الأساتذة الرجال، إضافة إلى إصدارى الفتوى دون الخضوع إلى الميول أو المواقف الشخصية، وأيضًا الثقة من الرجال والنساء أصبحت أكثر في الداخل والخارج، فضلًا عن مبدأي في الحياة، فأنا لا أخشى إلا الله في أي قول أو موقف، وعندما أرى أي خطأ في فتواي فمن شجاعتي أن أتراجع عنها دون استشعار أي نقص أو تقليل من شخصيتي.
- فتوى "عدم جواز سفر الزوج بدون علم الزوجة" أثارت ضجة، فما رأيك في هذا؟
الأسرة عبارة عن شركة بين الزوج والزوجة، فإذا سافر الزوج وخرجت الزوجة للعمل من سيرعى الأبناء؟ فالأم ليست مسئولة وحدها عن تربية أبنائهم، ولابد من رقابة الأب، فالزوج راعٍ ومسئول عن رعيته والزوجه أيضًا.
- ماذا عن فتواك بعدم جواز تعدد الزوجات؟
تعدد الزوجات جائز بشرط أن يستطيع الزوج أن يعدل بين زوجاته، ويعدل أمام الله في حق أبناءه من زوجاته المختلفات، الله أباح لهم تعدد الزوجات ولكن شرطه هنا العدل.
فهناك دول عربية وضعت قيودًا على تعدد الزوجات وكانت النتيجة انتشار العلاقات المحرمة في هذه الدول، وعلينا أن نأخذ من تجربة تلك الدول العبرة، كما علينا أن نأخذ من الانهيار الأخلاقي الذي يعاني منه الغرب العبرة، فقد حظر تعدد الزوجات وأباح من خلال ثقافته ومنظومته الاجتماعية العلاقات الجنسية خارج إطار الأسرة، وأصبح من الطبيعي والمألوف أن يترك الرجل زوجته ويذهب إلى أخريات، وكثيرًا ما تضطر الزوجة التي يهملها زوجها بسبب علاقاته المحرمة لإقامة علاقات مماثلة مع رجال آخرين، وهكذا تنتشر ثقافة الانهيار الأخلاقي في هذه البلاد، فمنع التعدد ليس فيه مصلحة حقيقية للمرأة، فالمرأة الكريمة العفيفة ترحب بأن تشاركها امرأة في زوجها أفضل من تنقله بين أحضان العاهرات، وهناك الكثير من اللاتي تأخرن في الزواج أو طلقن أو ترملن، فمن الأفضل لهن أن يتزوجن من رجل متزوج عن أن يعشن وحيدات يعانين الملل والكآبة والاضطراب النفسي والعاطفي، ولابد أن يدرك الجميع أن حظر الزواج بأخرى يفتح أبوابًا واسعة للفساد، وعلينا أن نتخلى عن الانسياق وراء دعوات غريبة وأفكار شاذة لا تعود بالنفع والفائدة على أحد.
- طالبت إحدى الجمعيات النسائية من قبل بحصر التعدد على المطلقات والأرامل، فهل هذا الشرط مقبول من الناحية الشرعية؟
يمكن أن يتحقق هذا الهدف عن طريق النصح والإرشاد لا عن طريق الإلزام، فهذا شرط باطل من الناحية الشرعية لأن الله عز وجل يقول في كتابة العزيز "فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ" ولم يقل الحق سبحانه فانكحوا المطلقات والأرامل، ثم إن هناك الكثيرات من اللاتي تأخرن في الزواج ودخلن دائرة العنوسة ويحتجن إلى رجل حتى ولو كان متزوجًا من ثلاث أخريات، فلماذا نضيق على أنفسنا وعلى الآخرين أمرًا جعلته شريعة الإسلام فسيحًا ورحبًا ويستوعب كل الحالات؟.
أثارت فتوى إباحة إغتصاب المسلم لغير المسلمات غضب شديد بين العلماء وعامه الناس، ما تعليقك؟
استغفر الله، فأنا لم يصدر مني أي فتاوي بذلك، وما يقال ليس بصحيح، كيف وقد أمرنا الله بالعفو عنهم، إما منًا وإما فداء، بمعنى العفو بالمن أو بالفدية، ويحرم بعد ذلك التعرض للأسير سواء بالضرب أو بالإهانة أو الاغتصاب، بل وضع الله قاعدة إطعام الأسير بالحب، قال تعالى"وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيرا".ً
- صدرت عدة فتاوي بأن النقاب ليس فرضًا وليس سنه، ما رأيك في النقاب عامة؟
مبحبهوش لأنه عادة جاهلية كانت موجودة قبل الإسلام، والإسلام تركها، لم يبطلها ولم يجزها، فالبعض قال يضربن بالجلباب أي العباءة السوداء الواسعة، والبعض الآخر يستشهد بنساء النبي.
- هل هذا يعني أنك ترين النقاب خطر على المجتمع؟
جدًا، فالنقاب ليس الإسلام، وبعض المنتقبات الآن ضد أمن المجتمع، وعلينا أن نحارب التبرج بالحكمة والموعظة الحسنة، والطفل في الحضانة يخاف في حال كانت المعلمة منتقبة، والشريعة الإسلامية أمرتنا بالاحتشام فقط.
- كيف تنظرين إلى السوشيال ميديا التي حظر منها كثير من علماء ودعاة الإسلام؟
بداية أؤكد أن الإسلام يرحب بكل وسيلة تيسر للناس حياتهم وتقضي لهم مصالحهم وتحقق لهم طموحاتهم، والإنترنت وسيلة عصرية مفيدة لا يمكن الاستغناء عنها الآن، لكن للأسف نحن في العالم العربي نأخذ من الوسائل العصرية أسوأ ما فيها، وهذا ما يحدث بالنسبة للسوشيال ميديا في مصر.
- هل تؤيدين عدم وقوع الطلاق إلا أمام القاضي؟
أنا مع كل وسيلة تحافظ على كيان الأسرة، فالإسلام أتخذ جميع الاحتياطات لاستمرار مؤسسة الزواج والأسرة، وعلينا أن نتخذ كل الوسائل لتحقيق هذا الهدف.
والاقتراح في حد ذاته ليس مرفوضًا ويمكن صياغته في صورة شرعية مقبولة من جانب المؤسسات الفقهية، ولذلك علينا ألا نرفضه لإننا نعيش في عصر ضعف فيه الوازع الديني إلى حد كبير وخربت فيه ذمم كثير من الناس، لذلك أنا أؤيد وأساند كل اجتهاد جديد يستهدف حماية الأسرة من الانهيار ويضع حدًا للاستهتار بأبغض الحلال عند الله، وربط مصير المرأة بكلمة أنتِ طالق التي قد تصدر من شاب أو رجل طائش ردًا على كلمة أوموقف تافه.
- كيف ترى سعاد صالح زواج الـ"فريند أي"؟
لا خلاف على أن هذا الزواج يحقق مصلحة وهي حماية الشباب المسلم المغترب من كل أشكال الرذائل والعلاقات المحرمة التي نحيط بهم في مجتمعات كل شيء فيها مباح، لكن في مقابل هذه المصلحة هناك مفاسد وأضرار كثيرة، فهذا الزواج في الغالب لا يتم من عفيفات طاهرات محصنات، ثم إنه كثيرًا ما يخلف أطفالًا ضائعين، وهو من الناحية الشرعية مثل زواج المتعة محرم حيث لا يستهدف تكوين أسرة.
- كان لسعاد صالح دور قوي في دعم الفن وبعض الفنانين في وقت سابق، حدثينا عن ذلك؟
أولا الفن ليس كله حرام، ومن يقول غير ذلك فلابد من التأكد من قواه العقلية، هناك فن اجتماعى تشخيصي يناقش العديد من قضايا المجتمع، كيف لنا أن نقول على هذا الفن حرام؟، ولابد أن يعلم الجميع أن هذا الفن يساعد رجال الدعوة في مهامهم، أما ما تلبسه الفنانات من عري أو تبرج في المهرجانات الرسمية لا علاقة له بالفن نهائيًا وحسابهم عند الله، حيث لم يجعلنا الله أوصياء على أحد، ولابد أن نتعامل مع المخالفين بالحكمة والموعظة الحسنة، والهداية بيد الله.
- البعض يرى أن الفترة الأخيرة ظهرت فوضى في الفتاوى، كيف ترين هذا الأمر؟
المؤسسات الدينية وبالأخص الأزهر لم تقصر في واجباتها فيما يتعلق بالفتوى، ومن وجهة نظري فوضى الفتاوى تعود إلى تزاحم العقول "الفارغة" على مواقع التواصل الاجتماعي، من بعض الأشخاص غير المتخصصين، إضافة إلى وجود بعض الأشخاص الذين ظهروا من قبل على بعض القنوات التي تبحث عن الكاريزما فقط دون التركيز على المحتوى وصناعته، وهذا الأمر أدى إلى ترسيخ مفاهيم خطئ في عقول وأذهان المتابعين لهم.