الأحد 24 نوفمبر 2024 الموافق 22 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

مصر واليونان "إيد واحدة" لإحباط مخططات أردوغان.. السيسي: توافق بين البلدين على التصدي لإنتهاكات تركيا في شرق المتوسط.. والرئيس: اتفاقية ترسيم الحدود البحرية تتيح تعظيم الاستفادة من مخزون الغاز الطبيعي

الخميس 12/نوفمبر/2020 - 04:29 م
الرئيس السيسي
الرئيس السيسي

قام الرئيس عبدالفتاح السيسي بزيارة رسمية لليونان في الفترة ما بين 11و12 نوفمبر بدعوة من رئيسة الجمهورية اليونانية، في إطار حرص البلدين الصديقين على التشاور المستمر على المستوى الثنائي بالإضافة الي المستوي الثلاثي مع قبرص، حيث شهدت الزيارة عقد مباحثات معمقة للرئيس مع رئيس الوزراء اليوناني "كيرياكوس ميتسوتاكيس"، ولقاء مع رئيسة الجمهورية، ورئيس البرلمان، ووزير الطاقة والبيئة اليوناني، وذلك لبحث موضوعات العلاقات الثنائية وسبل تنميتها وتطويرها، واستعراض آفاق التعاون في مجال الطاقة، والتبادل الاقتصادي، وفرص الاستثمار المتاحة في مصر في ضوء المشروعات القومية الكبرى في كافة أنحاء الجمهورية.

وقام الرئيس السيسي في مستهل الزيارة بزيارة النصب التذكاري للجندي المجهول في العاصمة اليونانية "أثينا" وويضع اكليلا من الزهور علي النصب، فيما عزف السلام الوطني لجمهورية مصر العربية ودولة اليونان.

إستقبلت رئيسة الجمهورية اليونانية، كاترينا ساكيللاروبولو، الرئيس عبد الفتاح السيسي بالقصر الجمهوري باثينا، وحرصت رئيسة اليونان على الترحيب بالرئيس والتعاون المتبادل بين البلدين والمنطقة بشكل عام، وذلك في مستهل الاجتماع.

وجه السيسي الشكر لنظيرته اليونانية لحسن الاستقبال وتوقيع اتفاقية ترسيم الحدود يعكس قوة العلاقات بين البلدين، وأضاف "نسجل كل الدعم لليونان امام اي اعتداءات تواجهه اليونان مخالفة لكل الاعراف الدولية لان مكافحة التطرف هو انحراف فكرى يعانى منها جميع الاديان"، موضحاً أن العلاقات مع اليونان تتقدم بشكل كبير، مشيرا إلى ان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية امر يعكس حجم التفاهم وقوة العلاقات بين البلدين.

وألقى الرئيس السيسي كلمة فى مستهل مأدبة العشاء الرسمي الذي اقامته رئيسة اليونان تكريماً له بالقصر الجمهوري بالعاصمة "أثينا"، قائلا "السيدة إيكاتيريني ساكيلاروبولو، رئيسة الجمهورية اليونانية، أتوجه لفخامتكم بالشكر والعرفان على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال خلال زيارتي لبلدكم الصديق الذي يحظى بمكانة خاصة في نفسي ولدى الشعب المصري بأسره، حيث نتشارك معاً إرثاً حضارياً يضرب بجذوره في أعماق التاريخ، فمصر واليونان من أقدم الحضارات وأكثرها عراقة وأصالة، وكان لهما دور بارز وتأثير لا يمكن إنكاره على تقدم مسيرة الحضارة الإنسانية في مختلف مجالات العلوم والفنون والأدب، إن ما يجمع بين مصر واليونان من قواسم مشتركة ومصالح متبادلة وروابط ثقافية وثيقة يجعل من البلدين الصديقين جسراً مهما للتلاقي والحوار والتعاون بين العالمين العربي والإسلامي من ناحية والقارة الأوروبية من ناحية أخرى، ويضع على كاهلنا مسئولية مشتركة لنشر قيم السلام والتسامح ونبذ العنف والاحترام المتبادل بين شعوب وثقافات جنوب وشمال البحر المتوسط".

وأضاف الرئيس السيسي، "ولقد جاءت زيارتي إلى بلدكم العزيز في وقت تشهد فيه علاقاتنا الثنائية طفرة مشهودة في كافة أوجه التعاون، بما يؤكد ما تتسم به تلك العلاقات من طبيعة استراتيجية تستهدف تحقيق تطلعات شعبي البلدين، كما مثلت فرصة مهمة لاستمرار التشاور وتبادل الرؤى، مع فخامتكم ودولة رئيس الوزراء، ليس فقط حول سُبل الارتقاء بالتعاون فيما بين بلدينا على كافة الأصعدة، وإنما لتنسيق المواقف حول القضايا الإقليمية ذات التأثير المباشر على أمننا القومي. ولعل التوافق في وجهات النظر الذي ساد في محادثاتنا يعكس اقتناعاً راسخاً بضرورة مواصلة التضامن لتحقيق أهدافنا المشتركة".

وتابع، "وتزداد أهمية لقائنا اليوم بالنظر إلى ما تشهده منطقة شرق المتوسط من ممارسات استفزازية ومحاولة زعزعة الاستقرار الإقليمي بالمخالفة لقواعد القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار، بالإضافة إلى حالة التوتر والاحتقان الراهنة بين العالمين الإسلامي والأوروبي جراء الرسوم المسيئة للرموز والمعتقدات الدينية المقدسة وما تلاها من جرائم إرهابية، الأمر الذي يؤكد المسئولية الملقاة على عاتق مصر واليونان للاستمرار في تقديم النموذج الإيجابي للحفاظ على الأمن والاستقرار بالمنطقة والعمل على تصحيح الأفكار المغلوطة وإعمال صوت العقل والحكمة لإرساء الإخاء والمساواة وقبول الآخر ورفض العنصرية والتطرف والكراهية، وفي الختام، يطيب لي أن أوجه لفخامتكم الدعوة لزيارة مصر في المستقبل القريب لمواصلة جهودنا من أجل تعميق أوجه التعاون والتنسيق بين بلدينا، متمنياً لكم كل التوفيق والسداد ولشعب اليونان الصديق مزيداً من الرفعة والرخاء والازدهار. وشكراً".

وألتقى السيسي في أثينا مع السيد أليكسيس تسيبراس، رئيس وزراء اليونان السابق والرئيس الحالي لحزب سيريزا اليوناني، حيث اعتزاز مصر، حكومةً وشعباً، بعلاقاتها مع اليونان معبراً سيادته عن تقديره لمستوى تطور علاقات التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات خلال فترة تولي السيد "تسيبراس" منصب رئيس وزراء اليونان، متطلعاً الي مواصلة التشاور بين البلدين لتنسيق المواقف إزاء مجمل التطورات الإقليمية. 

وأعرب "تسيبراس" عن ترحيب اليونان واعتزازها بتنمية العلاقات مع مصر في كافة المجالات وذلك في ظل الدور المحوري الذي تقوم به مصر في الشرق الأوسط وشرق المتوسط، وما تمثله من دعامة لأمن واستقرار المنطقة، وقد تم خلال اللقاء تبادل وجهات النظر والرؤي حول مجمل المواقف السياسية والقضايا في المنطقة، خاصة الازمة الليبية وتطورات الاوضاع في شرق المتوسط.

اجتمع الرئيس السيسي بعد ذلك مع كونستانتينوس هاتزيداكيس، وزير الطاقة والبيئة اليوناني، لبحث دعم التعاون المشترك بين الجانبين في مجال الطاقة، خاصةً في ضوء الجهود المصرية لتعزيز قطاع الطاقة سواء على المستوي الإقليمي أو الوطني داخل مصر، وقد أكد الرئيس الأهمية التي توليها مصر لتعزيز علاقات التعاون مع اليونان في مجالات الطاقة التقليدية والجديدة والمتجددة، خاصة بعد تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط بالتوقيع علي ميثاقه من قبل دوله الاعضاء، والذي سيمثل محفلاً إقليمياً هاماً في هذا الاطار، بالاضافة الي الاتفاقية الثنائية التي تم ابرامها مؤخراً لترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان والتي ستتيح تعظيم الاستفادة من مخزون الغاز الطبيعي والثروات الهيدروكربونية بالمناطق الاقتصادية لكل الطرفين بالبحر المتوسط، حيث عكس اللقاء  الارادة المشتركة بين البلدين لتفعيل جهودهما للتعاون في مجال الطاقة الي نتائج واقعية من اجل صالح البلدين والشعبين الصديقين.

اصطجب كونستانتين رئيس البرلمان اليونانى الرئيس السيسي لمقر البرلمان اليوناني، قى اليوم الثالث من الزيارة الرسمية إلى أثينا،  ورحب تاسولاس مستعرضاً العلاقات التاريخية التي تربط الشعبين المصري واليوناني، والتي شهدت طفرة كبيرة خلال الفترة الأخيرة، من تعزيز الشراكة بين البلدين في مختلف المجالات. 

وعبر عن تقديره لزيارة البرلمان اليوناني، وتطلع  لأن تمثل هذه الزيارة المزيد من تعميق لعلاقات الصداقة التي تربط بين مصر واليوناني على مختلف الأصعدة، خاصةً في شقها البرلماني من خلال تبادل الزيارات البرلمانية بين البلدين، بما يساهم في تعزيز التواصل بين الشعبين والارتقاء بالتعاون الثنائي المشترك، كما اعرب الرئيس بالاصالة عن سيادته وبالانابة عن الشعب المصري خالص تعازيه للضحايا من المواطنين اليونانيين اثر زلزال بحر ايجة الاخير. 

واضاف الرئيس السيسي أن اللقاء تناول بحث سبل تفعيل أطر التعاون المشترك وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، كما تم استعراض آخر مستجدات الأوضاع في منطقتي الشرق الأوسط وشرق المتوسط، والرؤية المصرية الشاملة بشأن مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف والهجرة غير الشرعية، حيث ثمن رئيس البرلمان اليوناني جهود السيد الرئيس ومبادراته الداعية للسلام والتعاون والبناء مما عزز من الاستقرار في المنطقة.

وعلى هامش الزيارة، قلدت رئيسة اليونان الرئيس عبد الفتاح السيسي، أعلي وأقدم وسام لدي اليونان، ومن جانبه منحها الرئيس وسام قلادة النيل العظمي.

على صعيد متصل، نشرت الصحف اليونانية للرئيس السيسي مقالا بعنوان "مستقبل ملىء بالتعاون وسط التحديات الإقليمية"، جاء نصه كالتالي، التبادل الثقافي بين اليونان ومصر ممتد منذ آلاف السنين، فضلا عن أن الحضارتين المصرية واليونانية ساهمتا في تطور العالم وتقدم البشرية، وهو ما يعد دليلا مباشرا على ما يمكن أن يقدمه البلدان الآن للمنطقة وللمجتمع الدولي.

هناك الكثير من الصراعات في العالم والتحديات غير المسبوقة التي تواجهها شعوب منطقة الشرق الأوسط وشرق المتوسط، وهو الأمر الذي يبرز حالة التعاون بين مصر واليونان ويضعها كنموذج يحتذى به في بناء علاقات بين الدول الآخرى بشكل فعال وبناء، فالتعاون بين الدول يقوم على مراعاة الإرادة السياسية وقواعد القانون الدولي ومبادئ الشرعية الدولية وحسن الجوار.

إن العلاقات بين مصر واليونان تطورت في السنوات الأخيرة إلى مستوى غير مسبوق وارتقت إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية،، ويمثل توقيع اتفاقية تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة للبلدين نقطة تحول أساسية ونقلة نوعية في مستوى وطبيعة العلاقات بين مصر واليونان.

في سياق التهديدات للأمن والاستقرار في المنطقة، يبرز عدد من الأزمات، أهمها الأزمة الليبية في ظل التدخل السافر للأطراف الإقليمية نفسها، بتمويل ودعم الميليشيات بالسلاح، وكذلك نقل آلاف المقاتلين الإرهابيين الأجانب إليهم، و"هذا انتهاك واضح لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ومحاولتهم السيطرة على موارد وثروات ليبيا، حيث يجب التأكيد هنا على أن الحل السياسي الشامل يبقى السبيل الوحيد تحقيق الاستقرار في ليبيا الشقيقة، وما يستتبعه من معالجة الجذور الحقيقية للأزمة، امتثالاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ونتائج عملية برلين وإعلان القاهرة".

تستمر الأزمة السورية في الخطورة مع اقترابها من نهاية عامها العاشر، ولا يقتصر تأثيرها على البيئة الإقليمية، بل امتد إلى القارة الأوروبية، سواء تعلق الأمر باستقطاب الجماعات الإرهابية أو الترحيل الجماعي لملايين اللاجئين».

من ناحية أخرى، تظل القضية الفلسطينية في قلب الصراع في الشرق الأوسط وهي مركزية لحالة لا يمكن تجاوزها أو التغاضي عنها إذا أردنا تحقيق سلام دائم وعادل، ولا بديل عن استئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على أساس قرارات الشرعية الدولية والالتماسات المتفق عليها ومبدأ حل الدولتين».

تأتي زيارتي الحالية لليونان في حالة توتر واحتقان نتيجة بعض الممارسات السلبية التي تساهم في تغذية المشاعر بين المؤمنين من ديانات مختلفة، فنحن بين جزئين أحدهما يسيء إلى المعتقدات المقدسة ويقلل من شأنها، وآخر يرتكب جرائم مروعة بحجة الدفاع عن الدين».

هنا يجب أن نرفع صوت العقل والحكمة ونحاول محاربة ظاهرة الإرهاب ككل وعرقلة كل الوسائل التي تسعى من خلالها التنظيمات المتطرفة إلى نشر أفكارها الخبيثة دون الوقوع في خطأ ربط الإرهاب، مع أي دين أو ثقافة، مع التركيز في الوقت نفسه على تعزيز قيم الوسطية والحوار وقبول الآخر ومكافحة العنصرية والتطرف والكراهية».

أنا مقتنع بأن الإرادة المشتركة لمواصلة العمل والتعاون بين مصر واليونان، سيكون لها أكبر الأثر في تعظيم المصالح المشتركة وتحقيق المزيد من الطموحات لشعبينا الصديقين وتمثل القوة الدافعة لمواجهة التحديات المشتركة من خلال التضامن الحقيقي بين مختلف شعوب ودول المنطقة المحبة للسلام»