تحول إلى مسكن للأشباح.. الإهمال يضرب المعبد اليهودي ببورسعيد.. والأهالي: قالولنا اللي يدخله هيموت
مدينة بورسعيد ترتبط تحديداً بذكريات سعيدة وأخرى أليمة لدى عدد كبير من اليهود، تعود إلى ما قبل عام 1956 عندما كان يعيش فى مدينة بور سعيد طائفة يهودية تضم 300 أسرة كانت تعد من طبقة الصفوة فى المدينة؛ نظراً لثرائهم الشديد ووضعهم الإجتماعى المتميز.
وكانت العلاقة بين اليهود ونظرائهم من المسلمين والمسيحيين طيبة، ومن أمام المعبد اليهودي وحارة اليهود ببورسعيد أجرينا “بثا مباشرا”؛ لنقل صورة حية لتلك الحقبة الزمنية التي اندثرت.
وانتشرت الشائعات حول المعبد اليهودي الذي كان معظمها يثبت أنه أصبح مهجورا ومخيفا فمنهم من يقول انه بيت الاشباح، ومنهم من يجزم بأنه مسكون وغير ذلك من الأقاويل والبعض الآخر يقول إن مرارت أو حاولت فتح الباب ستموت.
ونقلنا صورة حية من أمام المعبد اليهودي لنروي ما يجسده المعبد من حقبة زمنية ثرية جدا بالأحداث، حيث اشتهر يهود بورسعيد بالدقة والحنكة فى التعاملات التجارية، حيث كان معظم أبناء الجالية فى بورسعيد يشغلون مناصب اقتصادية رفيعة.
وقاموا بتنفيذ بعض العمليات التخريبية على أيدي عدد من أفرادها فى الأسكندرية وبورسعيد؛ ضد المنشئات البريطانية والغربية، حتى يتم إلصاق التهمة بالسلطة المصرية ومن ثم لا تنسحب القوات البريطانية من مصر وعرفت العملية بعد ذلك باسم عملية لافون.
وتفاقمت أزمة يهود بورسعيد الأثرياء بعد عملية لافون وتم فصلهم من وظائفهم المرموقة وعمل معظمهم فى وظائف صغيرة فى بعض البنوك المصرية_الفرنسية دون الكشف عن ديانتهم اليهودية.
وفى أكتوبر عام 1956 ومع اندلاع حرب العدوان الثلاثى صدرت أوامر من الدولة المحتلة بتكليف اثنين من عملاءه وهما أبراهام دار أو جون دارلينج وجندى بالجيش "الدولة المحتلة" يدعى لوبا إلياب للدخول إلى مصر لتهريب أبناء الجالية اليهودية من بور سعيد، وتم تنسيق العملية مع قائد القوات الفرنسية فى بورسعيد، ولسرعة تهريب أفراد الجالية اليهودية من بورسعيد.
وتم إعداد قائمة بعدد اليهود الذين سيتم تهريبهم وبلغ عددهم 100 يهودى، وبعد اندلاع العدوان تم عقد أكثر من عشر اجتماعات داخل بيوت الأسر اليهودية فى بورسعيد؛ للتخطيط حول كيفية تهريبهم، وتم إبلاغهم كذباً بتهريبهم إلى فرنسا حتى لا يرفضوا السفر إلى الدولة المحتلة.
فى هذا الوقت العصيب، تم إبلاغهم بضرورة عدم إخراج أكثر من حقيبة واحدة لكل فرد وتحدد مكان التجمع فى النادى اليهودى فى تمام الساعة الخامسة بعد الظهر وقبل ساعة من موعد حظر التجوال الذى تم فرضه على المدينة .
ووصلت سيارتين عسكرتين فرنسيتين إلى النادى اليهودى وعلى متنها جنود الدولة المحتلة، وتم التوجه بها نحو المدرسة اليهودية بحارة اليهود ببورسعيد، لنقل الفوج الثانى التى كان يختبىء بها بعض أفراد الجالية اليهودية.
وحدث وقتها أن أرادت سيدة عجوز تقبيل مدخل المعبد اليهودى قبل فراقه ،وتم الإنصياع لأمرها بصعوبة خوفاً من يتم إكتشاف عملية التهريب، لتكون اخر يهودية تخرج من بورسعيد ويكون اخر مشهد للتعامل مع المعبد اليهودي.