بطلان حق السعاية فى الحياة الزوجية
الحياة الزوجية ، شراكة مجتمعية تقوم على " السكن والمودة والرحمة " والمشاعر الإنسانية الراقية السامية التى لا تعادلها كنوز الأموال إلا عند الماديين بنظرتهم الضيقة والتى تجعلها شراكة مالية تقوم على الطمع والجشع والأنانية ! .
بطلان حق السعاية فى الحياة الزوجية
والنصوص الشرعية من آى القرآن الكريم وأحاديث النبى والحياة التطبيقية العملية له ولإخوانه من الأنبياء والرسل – عليهم السلام – ولصدر الأمة المسلمة من آل البيت والصحابة وأمهات المؤمنين وخلفائه الراشدين – عليهم جميعاً رضوان الله – شاهدة ناطقة بالسمو والرقى .
وتأتى محاولات لبواعث عديدة منها المعلن ومنها الخفى للعبث فيها استقر عليه العمل فى الحقوق والآثار لعقد الزواج الصحيح ، ومنها إصدارات منشورة فى صدور كتب ومقالات ، وتأييد موسع من جهات متنوعة .
وحق الكد والسعاية أو ما أسماها منّظر ذلك فى الحياة الزوجية ( الوظيفية المنسية ) من البدع المنكورة لما يلى :
1 ) دليل القرآن الكريم : قول الله – عز وجل - : " لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا " ( ) .
وجه الدلالة : لكل فريق من الرجال والنساء حظ مقدّر مما اكتسبوه من أعمال ، ونصيب معين فيما ورثوه أو أصابوه من أموال ، ولا يليق بعاقل أن يتمنى خلاف ما قسم الله له من رزق ( ) ، وعليه فالقول بحق الكد والسعاية فى الحياة الزوجية والأسرية منهى عنه ، واستدراك على الشارع الحكيم .
2 ) دليل السنة النبوية : منها :
أ ) روت أسماء بنت أبى بكر – رضى الله عنهما – قالت : " زوجنى الزبير – رضى الله عنه – وما له فى الأرض مال ولا مملوك ولا شئ غير ناضح " ناقة تعمل فى حمل الماء " وغير فرسه ، فكنت أعلف فرسه واستقى الماء وأخرز غَرْبه " الدلو " ، وأعجبه ، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التى أقطعه رسول الله - - على رأسى وهو منى على ثلثى فرسخ ( ) حتى أرسل إلىّ أبو بكر بعد ذلك بخادم تكفينى سياسة الغرس ، فكأنما اعتقنى " ( ) .
وجه الدلالة : أن رسول الله - - لم يفرض لها أجراً فى إعانتها لزوجها ، ولو كان لها حق لأعطاها.
ب ) كدّ السيدة فاطمة فاطمة الزهراء – رضى الله عنها – فى بيت زوجها الإمام على – رضى الله عنه – ودون خادم يعينها بل ورفض أبوها سيدنا رسول الله - - أن يمنحها خادماً ( ) .
ج ) روت السيدة عائشة – رضى الله عنها – أن النبى - - قال : " كل شرط ليس فى كتاب الله فهو باطل ولو كان مائة شرط ، قضاء الله أحق ... " ( ) .
وجه الدلالة : اشتراط حق السعاية للزوجة فى حال زوجها مقابل إعانتها أو قيامها بالأعمال المنزلية باطل .
3 ) دليل المعقول : بوجوه منها :
أ ) بطلان إجتماع حق السعاية للزوجة مقابل الأعمال المنزلية مع عقد النكاح للنهى عن عقدين فى عقد واحد .
ب ) تناقض وتعارض حق السعاية للزوجة فى الأعمال المنزلية مع قاعدة : " من ملك شيئاً ملك توابعه ولوازمه أو ملك ضرورياته " .
ج ) عدم اتفاق حق السعاية للزوجة نظير إعانتها زوجها مع القواعد ذات الصلات باستحقاق الغلة أو الربح المرهون بالضمان لخبر " الخراج بالضمان " ( ) ، وفى رواية " الغلة بالضمان"
وجه الدلالة : من ضمن شيئاً فله غلته ، والزوجة فيما نحن فيه لا تضمن مال زوجها فلا تستحق فيه ربحا .
التوضيح : معلوم أن ما تقرر شرعاً أن كل من الزوجين له ذمته المالية الخاصة .
وعليه فكل من الزوجين يمتلك أمواله المكتسبة وغيرها لنفسه دون أن يشاركه الآخر فيها وهذا إجماع الأمة .
ء ) القول بحق السعاية فى مال زوجها مقال أعمالها المنزلية يتناقض مع حقوقها المترتبة على عقد زواجها الصحيح من استحقاقها النفقة والإرث حال موته ، ويعّد إستدراكاً على الشرع الذى أعطى كل ذى حق حقه .
هـ ) أنّ حق السعاية للزوجة فى مال زوجها نظير أعمالها المنزلية ينزلها من زوج رؤوم إلى أجيرة أو شغالة أو خادمة تأخذ أجراً عن أعمالها .
و ) القول بحق السعاية – سالف البيان – يهدد الأمن المجتمعى ، ويوصد أبواب الزواج ، ويؤدى إلى عزوف الناس عنه ، مما يسبب الإنحرافات الجنسية ، وتزايد الفواحش ، وما أدى إلى الحرام فهو حرام ، ودفع المفاسد مقدم على جلب المصالح ( ) .
تأسيساً على ما ذكر :
القول ببطلان حق الكدّ والسعاية للزوجة فى مال زوجها مقابل أعمالها المنزلية المتعارف عليها ، والله – تبارك وتعالى – ولى التوفيق.