وزير الخارجية: أي إخفاق في التعامل مع التحديات المناخية يذهب بالعالم إلى مرحلة "اللاعودة"
أكد سامح شكري وزير الخارجية سعي مصر إلى أن يشكل مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ "COP27" محطة مهمة على صعيد تنفيذ تعهدات والتزامات المناخ، داعياً إلى تجنيب القمة التي تستضيفها بلاده في شرم الشيخ خلال الفترة (من 6 إلى 18 نوفمبر المقبل ) الصراعات والنزاعات الدولية وعدم نقلها إلى الحدث.
وزير الخارجية: أي إخفاق في التعامل مع التحديات المناخية يذهب بالعالم إلى مرحلة "اللاعودة"
وحذر سامح شكري في حوار مع وكالة أنباء الإمارات عقد بمقر الخارجية المصرية بالقاهرة - من أن أي إخفاق في التعامل مع التحديات المناخية يذهب بالعالم إلى مرحلة اللاعودة ..داعيا إلى التعاون بين الدول للخروج بنتائج تتناسب مع أهمية الحدث.
وفي هذا الصدد نوه سامح شكري بالتعاون والتنسيق المصري الإماراتي خلال قمة المناخ التي تستضيفها مصر، وأشار إلى جهود البلدين لتنمية قدراتهما في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة وزيادة الاستثمارات في كل منهما.
وتطرق الحوار إلى الاحتفالات المصرية الإماراتية بالذكري الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين والتي تنطلق الأسبوع المقبل تحت شعار "مصر والإمارات.. قلب واحد" .. وقال إنها تشكل مناسبة لاستحضار الحاضر والماضي والاعتزاز بالمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" وأثره ودوره في ترسيخ المحبة العميقة بين البلدين والشعبين الشقيقين.
كما أشار شكري في حواره إلى الهموم العربية المشتركة مؤكداً أن الأمن القومي العربي كل لا يتجزأ، وأن كافة الدول العربية تعمل سوياً لهذا الغرض، وفيما يلي نص الحوار..
يعقد "COP27" بشرم الشيخ خلال الفترة من 6 - 18 نوفمبر المقبل، فما هي خطة مصر للخروج بأفضل النتائج لكافة الأطراف للتعامل مع التغيرات المناخية؟
تعقد هذه الدورة من "COP27" في ظل ظروف جيوسياسية معقدة وتوتر واستقطاب نأمل ألا ينتقل إلى دائرة المفاوضات المعنية بتغير المناخ، وهذه رسالة نحن نبعثها للأطراف من خلال وسائل عديدة سواء من خلال الاجتماعات الوزارية غير الرسمية التي عقدت على مدار العام أو من خلال الاجتماع التحضيري لـ"COP27"، والذي عقد في الكونغو الديمقراطية أوائل الشهر الجاري، بضرورة أن تضطلع الأطراف بمسؤولياتها كاملة والتركيز على القضية الوجودية التي تواجه البشرية وهي "تغير المناخ"، لأن الصراعات والأزمات الدولية والاستقطاب الحالي لا يجب أن ينتقل إلى هذا المجال، إذ إن أي إخفاق أو أي تراجع في الخطوات نحو التعامل مع تحديات تغير المناخ سوف يصيب العالم ويجعله ينتقل إلى مرحلة اللاعودة للآثار المدمرة المرتبطة بتغير المناخ.
بالإضافة إلى التقارير العديدة التي صدرت عن المؤسسات العلمية، فيما يتعلق بضرورة الحفاظ على 1.5 درجة مئوية زيادة في حرارة الأرض وما دون درجتين مئويتين هو أمر جوهري، وإذا ما تجاوزنا هذا الحد فإن تفاقم الاضطراد الذي يحدث في الآثار السلبية المترتبة على تغير المناخ سوف يستحيل معه أن نعود إلى الوضع السابق.
على الأطراف المشاركة في قمة المناخ أن تقدر أن الهدف خلال هذا المؤتمر هو تناول تحديات التغير المناخي وأنه ليس محفلاً لتناول أي قضايا أخرى غير مرتبطة بتحديات المناخ، ولذلك المصلحة مشتركة ليستمر الدفع قدما نحو تضافر الجهود الدولية من الجميع لمعالجة قضية تؤثر على الجميع.
ما هي أبرز توجهات الرئاسة المصرية في دعم جهود مواجهة التغير المناخي؟
ج2: العناصر الرئيسية لـ"COP27" ترتكز حول، تخفيض الانبعاثات، والتكيف مع الآثار السلبية المتولدة عن تغير المناخ، وقضية التمويل، وقضية الخسائر والأضرار.
هناك توافق على أن هذه القضايا الرئيسية مرتبطة بقدرة المجتمع الدولي على التعامل مع تحديات تغير المناخ والعمل على بناء الثقة فيما بين الأطراف (الدول المتقدمة والدول النامية)، وتوفير الموارد اللازمة حتى تضطلع الدول بمسؤوليتها في الانتقال العادل من الاعتماد على الوقود الأحفوري إلى الطاقة الجديدة والمتجددة، وبدء مسار التفاوض والتشاور فيما بين الأطراف على قضية الخسائر والأضرار.
تعمل الرئاسة المصرية على توفير المناخ المواتي لتشجيع الأطراف على بلوغ نقطة التوافق، وتقديم التنازلات التي في النهاية تخدم المصلحة الجماعية لتحقيق الإنجاز.
وخلال هذا العام تم العمل على تشجيع الدول بأن تعظم من التزاماتها الوطنية الطوعية في إطار تخفيض الانبعاثات، ولكن أيضاً التأكيد على أهمية عنصر التكيف، ونحن نرى الآثار المدمرة مثل ما حدث في الفيضانات والسيول في باكستان وضرورة اتخاذ باكستان إجراءات تحمي من هذه الأضرار، وحتى يتحقق ذلك لابد أن تكون هناك الموارد المادية المتوفرة للدول لتدارك هذه الآثار والعمل على احتوائها، ونأمل أن تحقق هذه العناصر الوصول لتوافق وإرادة سياسية واضحة تؤدي لتحقيق الهدف المشترك.
ما هي الرسائل الاستراتيجية التي تعتزم مصر إيصالها عبر مؤتمر المناخ؟
أولاً: هي رسائل من المجتمع الدولي، فخلال أول يومين من المؤتمر سوف ينعقد شق رفيع المستوى، وهنا كانت الدعوة لمشاركة وفيرة من قادة العالم للإعراب عن الإرادة السياسية للتعامل مع قضية التغير المناخي، وهناك تأكيد من عدد كبير من الرؤساء ورؤساء حكومات الدول المشاركة، ونأمل أن يكون خطابها خطابا داعما للتوصل إلى توافق لاتخاذ الإجراءات لمزيد من تحقيق الثقة بين الدول الأطراف.
بالتأكيد، هذا الشق رفيع المستوى مهم ويعطي الإشارة للمفاوضين بضرورة مراعاة فكرة المرونة في التفاوض حتى نصل إلى نتائج تلبي احتياجات كافة الأطراف.
كذلك، هناك المبادرات المصرية التي سيتم إطلاقها خلال مؤتمر المناخ سواء الأمن الغذائي، والزراعة، والهيدروجين الأخضر، والطاقة الجديدة والمتجددة، وحياة كريمة في أفريقيا؛ عدد من المبادرات نأمل أن تحظى بتأييد ودعم وتفاعل ليس فقط للحكومات، ولكن أيضا دوائر الأعمال ومؤسسات المجتمع المدني والتي لا غنى عنها في إطار التوصل لتضافر جهود كافة الأطراف حكومية وغير حكومية لمواجهة قضايا التغير المناخي.
أيضا، سيتم خلال "COP27"عقد موائد مستديرة رئاسية تتناول عناصر رئيسية ومبادرات في إطار قمة المناخ والتحديات التي تواجهنا، بالإضافة إلى قمم تعقد لإبراز بعض المبادرات التي أطلقتها دول شقيقة وشركاء لتعزيز أسلوب التعامل مع تحديات المناخ.
كيف ترون الشراكة المصرية الإماراتية في مؤتمر المناخ؟
الشراكة المصرية الإماراتية تتعدى مؤتمر المناخ فهي علاقة أخوة وشراكة ومحبة تربط بين القيادتين والشعبين على كافة المستويات، وبالتأكيد هناك تنسيق قائم بين مصر والإمارات من خلال الفريق المصري في "COP27" والفريق الإماراتي الذي يعمل على الإعداد لـ "COP28"، وهذا التنسيق يهدف أيضاً إلى أن يكون هناك التداول المعتاد، فأي نجاح أو أي تقدم يتم إحرازه في إطار المؤتمر يجب أن ينتقل للمؤتمر القادم ليتم البناء عليه للسير نحو الأمام في تحقيق الإنجازات تجاه التحديات المناخية.
هناك تنسيق وثيق بين الفريق المصري والإماراتي سابقا ولاحقا لـ"COP27" باعتبار أن مصر ستتولى رئاسة الـ"COP" لمدة عام بعد انعقاد المؤتمر وتسلم الراية للأشقاء في الإمارات لمواصلة الجهود الموفقة لإحراز تقدم آخر خلال "COP28".
وفي هذا الصدد يسعدني التنويه بالاحتفالات المصرية الإماراتية بالذكري الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين والتي ستنطلق الأسبوع المقبل تحت شعار "مصر والإمارات.. قلب واحد"، فمثل تلك الاحتفالات تشكل مناسبة لاستحضار الحاضر والماضي واستلهام مآثر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” ودوره في ترسيخ المحبة العميقة بين البلدين والشعبين الشقيقين.
كيف تقيمون هموم وطموحات مصر والإمارات في مجال البيئة؟
بالتأكيد، هناك اهتمام من جانب البلدين بهذه البيئة وإدراك لمدى خطورتها وضرورة التعاون على المستوى الثنائي والإقليمي والدولي.
في إطار العلاقات الثنائية هناك اهتمام مشترك لتنمية قدرات الدولتين في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة وزيادة الاستثمارات في كل منهما، وتعزيز التكنولوجيات الحديثة المتصلة بمواجهة تحديات التغير المناخي، والعمل على تعزيز القدرات الذاتية في كلا البلدين من خلال التعاون والاستثمار والمسؤولية الواقعة عليهما في استضافة "COP27" و"COP28"، فهذه أول مرة يكون لدولتين عربيتين هذه المسؤولية، وإن شاء الله يكون الاضطلاع بمسؤوليتهما على خير وجه.
ما هي رؤيتكم للتحديات التي تواجه الدول العربية وكيفية التعامل معها ؟
كدول عربية لدينا موارد ضخمة وقدرات سواء بشرية أو مادية تؤهل لأن يكون تأثيرها الأقوى على الساحة الدولية وقدرتها على أن تحتوي وتتعامل مع التحديات بالشكل الذي يتناسب مع أطروحات شعوبها ويعفيها من أي آثار سلبية للأوضاع الدولية الراهنة.
الشيء الجوهري هو أن الأمن القومي العربي كل لا يتجزأ وكافة الدول العربية تعمل سوياً لحماية الأمن القومي وحماية مصالحها في إطار العلاقات الدولية المبنية على الاحترام المتبادل وتعزيز المصالح فيما بيننا ومع الشركاء الدوليين.
وهناك قمة عربية قادمة تعقد بالجزائر لها أهميتها الخاصة في هذا الصدد كونها تأتي بعد انقطاع ترتب على جائحة كورونا، وبالتالي استعادة وتيرة ودورية انعقاد القمم العربية وإتاحة الفرصة أمام الزعماء العرب للتواصل والتشاور وتعزيز التضامن والعمل العربي المشترك خاصة في مواجهة التحديات الدولية التي تواجه الأمة العربية، والتي لابد من التعامل معها والقدرة على مواجهتها من خلال العمل المشترك.
والتأكيد أيضا على الاهتمام بالقضية الفلسطينية باعتبارها قضية محورية في العالم العربي ودعم نضال الشعب الفلسطيني في تحقيق طموحاته وإقامة دولته، بالإضافة إلى تناول العديد من القضايا الدولية والإقليمية التي لها أثرها على الأمن والاستقرار.
ونأمل أن تكون القمة العربية محطة أخرى تعزز من تداول الزعماء حول التحديات ووضع إطار مناسب للتعامل مع تلك التحديات من خلال تعزيز التضامن والتكامل بين الدول العربية.