خطيب الجامع الأزهر: الإيمان بالغيب هو جوهر رسالة نبينا الكريم
ألقى الدكتور محمود الهواري، الأمين العام المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية، خطبة الجمعة اليوم من الجامع الأزهر، وجاءت تحت عنوان: "الإسراء والمعراج..قراءة معاصرة".
وقال خطيب الجامع الأزهر، إن رحلة الإسراء والمعراج هي أمر خارق لقانون الأسباب الذي اعتاده الناس في الدنيا، فبها قصة تخرق الأسباب، وحدث قرب نبينا صلى الله عليه وسلم من رب الأرباب، مضيفا أن هذه الرحلة، في ضوء واقعنا وما نعيشه، هي شيئ جديد، ورسالة لا يمل مطالعها من الإيمان بها حينا بعد حين، فقصة الإسراء والمعراج قصة تجديد الإيمان وبيان لمكان العقل من هذا الدين، وكشف لأخص صفة من صفات الأمة الإسلامية وهي الإيمان بالغيب.
وبين خطيب الجامع الأزهر أن رحلة الإسراء والمعراج تجدد فينا قضية الإيمان، تلك القضية التي يجب أن تتجدد فينا بأمر الله وبأمر رسوله "صلى الله عليه وسلم"، خاصة أننا في زمان طغت فيه المادة، وقدم فيه الإنسان الشهوة وأله ذاته، كما قدم هواه على الوحي، وقدم مراده على الشرع، وقدس العقل على النص، وقاس الغيب على الشهادة، مشددا على أنه وفي مثل هذه الأجواء تتأكد فينا قضية تجديد الإيمان، في الأفراد والمجتمعات والمؤسسات والأوطان، وذلك لأن الإيمان أمان للأفراد والأوطان على السواء، والذي يضمن الأمن حقا هو الإيمان.
وأضاف الدكتور محمود الهواري أن مراد الله تعالى في خلقه أن يكونوا أهل سلام ومسالمة مع الكون كله، لذا فنحن في حاجة إلى تجديد معنى قضية الإيمان وفهمها، وأن تتأكد فينا حقيقة أن الإيمان في أصله هو تسليم القلب لله، وأن تسلم ذاتك لربك، ومن ذلك قوله تعالى "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين"، وقد قدم لنا القرآن الكريم وصفا عجيبا للإيمان في أول آياته حين قال "ألم. ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين"، ثم قدم وصف هؤلاء المتقين على أنهم "الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون"، وهو وصف دقيق قدم الله تعالى فيه الإيمان بالغيب، الذي هو عمل غيبي خالص، على الصلاة والزكاة، اللذان هما عمل بدني ومالي، وبما يتأكد معه أن الإيمان بما غاب عنا هو جوهر رسالة نبينا الكريم "صلى الله عليه وسلم"، وأن الرسل قد أرسلت لنؤمن بالغيب الذي لم تراه عقولنا.
وأوضح خطيب الجامع الأزهر أن قصة الإسراء والمعراج تؤكد حاجتنا للإيمان بالله وبما غاب عنا، وأن أدوات الحس والمشاهدة والعقول مهما بلغت، فهي قاصرة عن إدراك الغيبيات، والأصل أنه لا تعارض بين العلم والإيمان، فأمتنا هي أمة العلم، علم الدين والدنيا، ودليل ذلك أن علماء الإسلام السابقين، كان لهم إسهام في الكثير من علوم الدنيا كالحساب والجغرافيا والفلك والطب والهندسة وغيرها، ولم تكن علومنا فقط مقتصرة على العلوم الشرعية.