من أهوال الحرب لأشباح الوحدة.. لاجئ فلسطيني يعيش مع الزهور والدمى بمخيم اليرموك
الخميس 03/ديسمبر/2020 - 09:30 م
وسط تلال الركام في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في سوريا، رجل ضعيف البنية طاعن في السن يبحث عن زهور تحت الأنقاض.
إنه جلال أبو حشيش "70 عاما"، لاجئ فلسطيني يعود أصله إلى صفد التي أصبحت الآن مدينة داخل إسرائيل وقضى معظم سنوات عمره في هذا المخيم، لكن المعارك الضارية بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة اضطرته للفرار عام 2011.
وانتقل مع زوجته إلى شقة صغيرة في حي جرمانا، لكن الحرب بمآسيها ظلت تطارده، فأصابت قذيفة مسكنه الجديد وقتلت زوجته وأصابته بجروح.
قبل ستة أشهر، سمحت الحكومة السورية بالعودة إلى المخيم المهجور، فكان أبو حشيش بين أوائل العائدين،
ولتخفيف إحساسه بالوحدة، يجمع أبو حشيش الزهور الصناعية وتماثيل العرض والدمى التي تشبه التماثيل، ويضعها أمام منزله الصغير.
ويتمنى أحيانا لو كانت التماثيل والدمى بشرا، ينظر إليها ويضع على رأسها القبعات، يقول "هدول مانوكان "تماثيل عرض" شفتهم برا بالشارع جبت معي واحدة بنت وواحد شاب، بقعد ع الصوفاية "الأريكة" وبتأملهم حتى أحس حالي عايش مع ناس وبحط عليهم طاقية "قبعة".. إيشارب "غطاء رأس" حتى أسلي حالي شوي، أحيانا بمسك هذه الوردة وبغير مكانها وبجيب وحدة تانية دائما بغير المألوف".
ورغم الشعور بالوحدة في المخيم، يقول أبو حشيش إنه يفضل هذا الوضع عن تحميل أبنائه عبء دفع إيجار في مكان آخر.
ويوضح "الشغلة ما سهلة "الأمر ليس سهلا"، ولادي ما عم يشتغلوا، وما عندي ولا ولد برا "خارج البلد" وعم يساعدوني. كان الإيجار "أجرة السكن" 50 ألفا صار 100 ألف و150 ألفا وزاد فصار ما في مجال
"أصبح الوضع صعبا" قدمنا طلبا للعودة على المخيم ووافقوا ورجعت".
ويتحدث عن اللحظات الأولى بعد العودة، ويقول "أول ما سكنت هنا خفت "شعرت بالخوف" صار ييجي كتير كلاب لعندي. مرة كنت أتناول ساندويش "شطيرة" جاء كلب كبير قعد جنبي. خفت فقالوا لي لا تخف هاي
الكلاب ليست شرسة، هاي الكلاب جوعانة".
وأضاف "صرت أنا شربهم ماء وأطعمهم خبز"، ومضى قائلا "مرة سلقت بيض وقطعت صحن بندورة "طماطم".. حطيت الخبر هنا ورحت أجيب البيض، رجعت لقيت الكلب أخذ كيس الخبز وهرب، ركضت وراءه وقلت له أعطيني خبزة وحدة بس".
قبل اندلاع الصراع السوري في 2011، كان المخيم موطنا لنحو 160 ألف لاجئ فلسطيني، كثير منهم نازحون منذ حرب 1948 التي قادت لتأسيس الكيان الصهيوني.
وفي 2018 انسحب المعارضون المسلحون من المخيم متجهين صوب الشمال بموجب اتفاق مع الجيش السوري يسمح لهم بالانسحاب الآمن، ومنذ ذلك الحين أغلق المخيم في وجه ساكنيه.
ولم يعد صالحا للسكن اليوم سوى عدد قليل من المنازل حسبما تقول الحكومة، وهذه المنازل هي التي سُمح لأصحابها بالعودة إليها، خدمة الشرق الأوسط التلفزيونية.