"معلومات الوزراء" يستعرض تأثير جائحة كوفيد 19 على العملية التعليمية عالمياً
سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء الضوء على الفجوة التعليمية التي خلقتها جائحة كوفيد 19 حول العالم، حيث أدت تدابير الإغلاق التي تسببت فيها جائحة كوفيد (Covid-19)، إلى إغلاق المدارس في معظم البلدان، وعدم تمكين 1.5 مليار طالبًا في 188 دولة من الالتحاق بالمدارس شخصيًا، ونتيجة لذلك، فقد حددت بعض المدارس الخاصة أيامًا كاملة للدراسة في فصول افتراضية، أما بالنسبة للمدارس الحكومية، فإن العديد من الطلاب الملتحقين بها حول العالم لم يكن لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت أو جهاز كمبيوتر شخصي حتى يتمكنوا من الوصول إلى الفصول الافتراضية التي تم تعيينها من قبل معلميهم، مما أدى إلى حدوث اضطرابات في التعليم على نطاق غير مسبوق، وآثار طويلة المدى على تعليم جيل بأكمله، فقد تبين أن ترك الطلاب لمدارسهم والتوقف عن التعلم لفترة طويلة من الممكن أن يتسبب في نسيان الكثير مما تعلموه بالفعل. كما هو الحال في معظم الأزمات، وتشعر البلدان النامية الفقيرة بآثار فقدان التعلم بشكل أكثر وضوحًا من الدول المتقدمة.
"معلومات الوزراء" يستعرض تأثير جائحة كوفيد 19 على العملية التعليمية عالمياً
وأشار مركز المعلومات إلى أن جائحة فيروس كورونا كان لها تأثير سلبي على التعليم، وهو الأمر الذي أكده التقرير الصادر عن منظمة اليونيسف UNICEF, originally called the United Nations International Children's Emergency Fund)) بعنوان (Are Children Really Learning)، خلال عام 2022، حيث أوضح تسرب نحو 147 مليون طفل من التعليم في الفترة بين عامي 2020 و2022.
ويشير التقرير إلى أن العديد من الطلاب، وخاصةً المنتمون لطبقات كادحة (ضعيفة) معرضون لخطر التسرب من التعليم تمامًا، وقد أشارت بيانات منظمة اليونيسف أيضًا إلى أن حوالي 43٪ من الطلاب في ليبيريا لم يعودوا عندما أعيد فتح المدارس في ديسمبر 2020. كذلك في جنوب إفريقيا تضاعف عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس ثلاث مرات من 250 ألف إلى 750 ألف خلال الفترة من مارس 2020 وحتى يوليو 2021. وفي أوغندا عندما أعيد فتح المدارس بعد إغلاقها لمدة عامين، كان واحد من كل عشرة أطفال تقريبًا مفقودًا من الفصول الدراسية. وفي ملاوي ارتفع معدل التسرب بين الفتيات في التعليم الثانوي بنسبة 48٪ بين عامي 2020 و2021.
جدير بالذكر أن الجائحة قد تسببت في انخفاض فرصة التعليم للطلاب، ونسيان ما تعلموه بالفعل في مجموعتي الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، وتسرب حوالي مليار طفل لمدة عام كامل من تعليمهم الشخصي بسبب إغلاق المدارس، وتغيب أكثر من 700 مليون طالبًا لمدة عام ونصف تقريبًا عن المدارس. ونتيجة لذلك، ازداد فقر التعلم بحوالي 57٪ عن مستويات ما قبل الوباء وبشكل أكبر في هذه الدول وذلك وفقًا لبيانات البنك الدولي، كما بلغت نسبة الأطفال ممن بلغوا سن العشر سنوات الغير القادرين على قراءة وفهم نص مكتوب بسيط حوالي 70٪ خلال عام 2022 مما أدى إلى محو عقود من التقدم في بناء رأس المال البشري وبطء في النمو الاقتصادي.
أضاف المركز في تحليله أن إغلاق المدارس في الأشهر الأولى من جائحة COVID-19 أدى إلى تفاقم مشكلات التعلم والتعليم، وتأخير العديد من أنظمة التعليم في إنشاء قوة عاملة جاهزة لمواجهة التحديات، فقد اختلفت مستويات التعليم اختلافًا كبيرًا داخل الدول وفيما بينها، كذلك لم يقتصر الأمر على توزيع سنوات التعليم فحسب، ولكن جودته أيضًا، فوفقًا لبيانات تقرير البنك الدولي 2023 الصادر بعنوان (COVID-19’ s Impact on Young People Risks a Lost Generation) من المتوقع أن يخسر الطلاب الذين تضررت دراستهم بسبب فيروس كورونا المستجد COVID-19 حوالي 21 تريليون دولار من الأرباح مدى الحياة وما يقرب من 17٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بالقيمة الحالية.
كما تتحمل الدول منخفضة ومتوسطة الدخل عبء هذه التكلفة الاقتصادية، بالإضافة إلى صدمة عدم المساواة بين الأجيال، وتشير البيانات أن الجائحة قد أدت إلى تفاقم عدم المساواة بين الجيل الحالي من الأطفال، حيث عانى أولئك الذين ينتمون إلى طبقات اجتماعية واقتصادية دنيا وغيرهم من الفئات المحرومة من خسائر أكبر في التعلم قدرت بحوالي 975 دولارًا من الدخل الثانوي للأفراد وذلك وفقًا لبيانات التقرير الصادر عن البنك الدولي 2022.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الجائحة وجهت ضربة للقوة العاملة من الشباب؛ حيث كان من المقدر أن يحصل أربعون مليون شخص عاطل على وظيفة في نهاية عام 2021 قبل الوباء، مما أدى إلى تفاقم اتجاهات البطالة، وتقلص دخول الشباب بنسبة 15٪ في عام 2020 و12٪ في عام 2021، وعلاوةً على ذلك، سيحصل الوافدون الجدد ذوي مستويات التعليم الأقل على أرباح أقل بنسبة 13٪ خلال العقد الأول لهم في سوق العمل؛ حيث أظهرت البيانات أن 25٪ من الشباب في كل من البرازيل وإثيوبيا والمكسيك وباكستان وجنوب إفريقيا وفيتنام لم يتمكنوا من تلقي التعليم أو التدريب أو العمل في عام 2021. لذا كان من الضروري التطرق إلى أهم السياسات اللازمة لتحسين المهارات وتقليل خسائر التعلم.
وقد أبرز التحليل أهم العناصر الرئيسية لإعادة بناء نظام تعليمي أكثر مرونة وقدره على التكيف مع أي ظروف طارئة مثل الأوبئة والكوارث وهي:
أولًا: أن يسلط القادة السياسيون الضوء للجمهور على التهديد الخطير الذي تشكله أزمة التعلم، ومدى تفاقمها بسبب الاضطرابات في التعليم والتعلم أثناء الأوبئة، وجعل حلها أولوية قصوى.
ثانيًا: إنشاء تحالفات وطنية لاستعادة التعلم تشمل الأسر والمعلمين والمجتمع المدني ومجتمع الأعمال والوزارات المختلفة مع وضع مقياس للتعلم، وأهداف واضحة للتقدم، وخطط قائمة على الأدلة مدعومة بالتمويل الكافي والتنفيذ الجيد.
ثالثًا: تقييم مستويات التعلم بانتظام؛ حيث يعد قياس مستويات التعلم الحالية للطلاب بعد عودتهم إلى المدرسة أمرًا ضروريًا، لمساعدة المعلمين على توجيه التعليمات في الفصل لكل طفل. وهذا يتطلب تزويد المعلمين بأدوات التقييم التكويني التي يمكنهم تطبيقها بسهولة في الفصل الدراسي، وهناك حاجة أيضًا إلى إجراء تقييمات منتظمة للتعلم بهدف توجيه القرارات المتخذة على مستوي المنظومة التعليمية ككل للحد من فقر التعلم والتسرب من التعليم.
رابعًا: المساواة في إمكانية الوصول للتعليم أو ما يُعرف بتكافؤ الفرص التعليمية وإنشاء نماذج توفر وصولًا عادلًا للطلاب الذين تخلفوا عن الركب، فقد تأثرت الفتيات في جميع أنحاء العالم، والأطفال في المجتمعات الريفية، وغيرهم من الفئات المهمشة بشكل كبير بعدم المساواة في الحصول على التعليم أثناء حائجة كوفيد (Covid-19). فلا يمكن أن يقتصر التعلم فقط على أولئك الذين لديهم إمكانية الوصول إلى الفصل الدراسي الشخصي والمعلم.
خامسًا: دعم الأسر محدودة الدخل بتحويلات نقدية للأطفال في سن الدراسة، وزيادة الوقت التعليمي في المدارس وتبسيط المناهج الدراسية والتركيز على التعليم الأساسي، أما بالنسبة للشباب يعد البرنامج الملائم لرفع مستويات التعلم ودعم التدريب وبرامج ريادة الأعمال والتدريب أثناء العمل Job-Training)) أمرًا بالغ الأهمية.
سادسًا: تعزيز مهارات خريجي المنظومة التعليمية، بحيث توافق ومتطلبات سوق العمل المستقبلي والذي يقدر بنحو مليار وظيفة غير موجودة الآن، كذلك تلبي احتياجات استراتيجيات التنمية المستدامة 2030 للدول والتي تركز على هدف العمل اللائق.
وأفاد التحليل أن الاستثمار في المعلمين وتوفير فرص التطوير لديهم لرفع مهاراتهم باستمرار وخلق ميزة تنافسية لجذب أفضل المواهب إلى المهنة، وحتى يكونوا قادرين على إعداد الطلاب بشكل أفضل لاقتصاد أكثر ازدهارًا.