الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
سياسة

مصر والهند بعد 9 سنوات من حكم الرئيس السيسي..شراكة ونموذج حضاري يحتذى

الإثنين 05/يونيو/2023 - 10:20 ص
مصر تايمز

منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي قيادة البلاد في عام 2014.. شهدت العلاقات بين مصر والهند طفرة كبيرة، خلال السنوات التسع الأخيرة، ولتتوطد من روابط تاريخية إلى شراكة استراتيجية بين دولتين كانتا منذ فجر التاريخ مهدًا للحضارة الإنسانية، شراكة تستند في جوهرها وفلسفتها لما ذكره الرئيس السيسي ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي من أن الحضارات القديمة في الهند ومصر لديها مُمارسات حياتية مُستدامة مُتجذرة في ثقافتها وتقاليدها، بما يُمكنها من أن تقدم للعالم أجمع نماذج يُحتذى بها عن الاستدامة، وكيفية العيش في وئام مع الطبيعة.

 

مصر والهند بعد 9 سنوات من حكم الرئيس السيسي..شراكة ونموذج حضاري يحتذى
 

 

وفى هذا الإطار، حرصت مصر خلال الأعوام التسعة من حكم الرئيس السيسي على تعزيز شراكاتها الاستراتيجية مع القوى العظمى وتلك البازغة، وفي مقدمتها القوى الآسيوية بهدف تعظيم المصالح الوطنية مع الأطراف الدولية الفاعلة كافة، تنفيذًا لرؤية القيادة السياسية المصرية نحو زيادة أواصر التعاون المصري - الآسيوي وتعميق العلاقات مع الدول الآسيوية من خلال تحقيق أقصى استفادة من خبرات العديد من الدول الآسيوية الرائدة.


سياسة خارجية حكيمة ورؤية ثاقبة للقيادة السياسية في التحرك الخارجي شرقًا وغربا، شمالًا وجنوبًا ونجاحًا لأداء الدبلوماسية المصرية العتيدة في تعظيم العلاقات مع كل الدول في ربوع العالم استمد زخمًا إيجابيًا من رؤية القيادة السياسية للأوضاع الدولية والإقليمية وتحديدها الواضح للأهداف، والتفاعل المباشر والواضح على المستوى الرئاسي مع القضايا الإقليمية والدولية كافة، إدراكًا لكون تحديد صانع القرار السياسي للأهداف والمبادئ التي تحكم تحركات السياسة الخارجية أهم عناصر نجاحها.

 

ثوابت السياسة الخارجية المصرية رسخها الرئيس السيسي الذي تولى مقاليد الحكم في مصر بعد ثورة الشعب المصري العظيم بمختلف أطيافه في الثلاثين من يونيو.

 

وبالفعل.. وعلى مدى السنوات التسع جنت مصر بقيادة الرئيس السيسي ثمار سياستها الخارجية الجديدة بما في ذلك مع القارة الآسيوية لتحقق زخمًا في العلاقات تعكسه وتيرة عالية تمثلت في تبادل الزيارات رفيعة المستوى على المستوى الرئاسي أو على المستويات الوزارية وكبار المسئولين بغية تعزيز التعاون الثنائي بين مصر والعديد من الدول الآسيوية والمنظمات الإقليمية الآسيوية.

 

ويؤكد الخبراء أن التعاون في المجالات الفنية والتقنية يعد إحدي أهم ركائز العلاقات المصرية مع الدول الآسيوية، لاسيما في قطاعات التعليم والتعليم العالي والصحة وبناء القدرات والتكنولوجيا والبحث العلمي والتبادل الثقافي والسياحة والبنية التحتية والاستثمار والتجارة.

 

فالسنوات التسع الماضية كانت شاهدة على تعضيد التعاون بين مصر والهند التي احتفلت العام الماضي بمرور 75 عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما.

 

زخم في العلاقات الثنائية أسهم في تعزيز الزيارتين اللتين قام بهما الرئيس عبدالفتاح السيسي للهند في أكتوبر 2015 وفي سبتمبر 2016.

 

ومع مطلع عام 2023 وخلال زيارته التاريخية إلى نيودلهي..أكد الرئيس السيسي عزم مصر والهند على الارتقاء بعلاقتهما الثنائية إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية والتنسيق المتبادل في مختلف القضايا والموضوعات محل الاهتمام المشترك، وأشار إلى أن تكامل قدرات مصر والهند يمكنه أن ينشئ منظومة صلبة قادرة على مواجهة التحديات المشتركة والأزمات الدولية المستجدة بما في ذلك أزمتي الطاقة والغذاء.

 

ويشير المحرر الدبلوماسي لوكالة أنباء الشرق الأوسط إلى أنه خلال زيارة الدولة إلى الهند التي حل فيها الرئيس السيسي كضيف رئيسي في الاحتفالات بيوم الجمهورية في السادس والعشرين من يناير الماضي بدعوة من رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، شهدت العلاقات مرحلة جديدة، حيث أعلن عن الارتقاء بها لمستوى "الشراكة الاستراتيجية" حيث أصدر الجانبان بيانًا مشتركًا من 38 بندًا يتضمن التأكيد على الارتقاء بعلاقاتهما الثنائية إلى مُستوى "الشراكة الاستراتيجية" التي تغطي المجالات السياسية والأمنية والدفاعية والاقتصادية والطاقة.

 

وجاء فى البيان أنه تلبيةً لدعوة ناريندرا مودي، زار الرئيس السيسي، الهند خلال الفترة من 24 إلى 26 يناير 2023.

 

وأشار البيان إلى أن هذه الزيارة تعكس الأهمية الكبيرة التي توليها الهند لعلاقاتها مع مصر، حيثُ يحل الرئيس بالهند كضيف الشرف في احتفالها بـ"يوم الجمهورية" يوم 26 يناير 2023، وتُعَد زيارة الدولة هذه هي الثانية التي يقوم بها رئيس الجمهورية إلى الهند، حيثُ رافقه خلالها وفد رفيع المُستوى يضم وزراء الخارجية والكهرباء والطاقة المُتجددة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وكذلك عدد من كبار مسئولي الحكومة المصرية.

 

وعقد الرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي مُحادثات مُنفردة ومُوسعة بحضور وفدي البلدين في أجواء من الصداقة والتفاهم، وأعربا - في الييان - عن تقديرهما للتعاون المُثمر بين الجانبين على المُستوى الثنائي وفي المحافل الدولية.. وأشارا إلى أهمية توقيت هذه الزيارة، إذ تحتفل الدولتان الصديقتان بالذكرى الخامسة والسبعين على تدشين العلاقات الدبلوماسية بينهما.

 

وفي ضوء تطور العلاقات الثنائية بين البلدين وإمكانية نموها في المُستقبل، قرر الزعيمان الارتقاء بعلاقاتهما إلى مُستوى "الشراكة الاستراتيجية" التي تغطي المجالات السياسية والأمنية والدفاعية والطاقة والاقتصادية، ويسعى الجانبان من خلال ذلك إلى تعظيم المصالح المُشتركة وتعزيز الدعم المُتبادل للتَّغَلُّب على الصعوبات الناجمة عن مُختلف الأزمات والتحديات المُتتالية التي يواجهها العالم، واستعرضا وضع العلاقات الثنائية القائمة على ركائز تَهْدِف لتوثيق التعاون السياسي والأمني، وتعميق المُشاركة الاقتصادية، وتقوية التعاون العلمي والأكاديمي، فضلًا عن توسيع الاتصالات الثقافية والشعبية.

 

وتقديرًا للبادرة الودية التي قامت بها الهند بدعوة مصر للمُشاركة كضيف في اجتماعات وقمة مجموعة العشرين، عبر الرئيس عبدالفتاح السيسي عن ثقته في أن هذا المحفل سينجح في تحقيق أهدافه خلال الرئاسة الهندية، واتفق الزعيمان على العمل سَوِيًّا بشكل وثيق خلال فترة رئاسة الهند لمجموعة العشرين، وأكدا مجددًا أن مصالح وأولويات "الجنوب العالمي" يجب أن تحظى باهتمام وتركيز في المُنتديات العالمية الرئيسية، بما في ذلك مجموعة العشرين.

 

وشارك الرئيس السيسي في فعالية اقتصادية ألقى خلالها كلمة رئيسية، ودعا مُجتمع الأعمال الهندي لاستكشاف فرص الأعمال الجديدة والناشئة في مصر، لا سيما من خلال الاستثمار في قطاعات البنية التحتية والبتروكيماويات والطاقة والزراعة والرعاية الصحية والتعليم وتنمية المهارات وتكنولوجيا المعلومات.

 

وفيما يتعلق بالعلاقات السياسية، أكدت الدولتان - في بيانهما المشترك - التزامهما بالتعددية، ومبادئ ميثاق الأمم المُتحدة، والقانون الدولي، والقيم التأسيسية لحركة عدم الانحياز، واحترام سيادة وسلامة أراضي جميع الدول، واتفق الجانبان على العمل معًا لتعزيز وحماية هذه المبادئ الأساسية من خلال إجراء المُشاورات والتنسيق المُنتظم على المستويين الثنائي والمُتعدد الأطراف، مع الأخذ في الاعتبار الحساسيات الثقافية والاجتماعية لجميع الدول.

 

علاقات قوية وراسخة تضرب بجذورها في عمق التاريخ بين القاهرة ونيودلهي تتعزز يومًا بعد يوم فكانت السنوات التسع الأخيرة شاهدًا على الإرداة السياسية للجانبين لتعميقها، من خلال الزيارات المتبادلة على كل المستويات التي زادت وتيرتها، خاصة منذ عام 2022، حيث قام وزيرا الخارجية والدفاع الهنديان بزيارة إلى القاهرة، كما شارك وفد رفيع المستوى في فعاليات مؤتمر المناخ الذي عقد في نوفمبر الماضي بشرم الشيخ.

 

وعكست زيارة وزير خارجية الهند الدكتور سوبرامانيام جايشاكنار في أكتوبر الماضي عمق التعاون الذي يربط بين البلدين في شتى المجالات، حيث أتت في مرحلة مهمة من تطوير العلاقات.

 

نشاط كبير للعلاقات يعكس الإرادة المشتركة لتعزيز العلاقات والتنسيق المشترك بين البلدين أكد عليه وزير الخارجية سامح شكري خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع نظيره الهندي خلال الزيارة، حيث أشار إلى أن الفترة القليلة الماضية شهدت زيارة وزير الدفاع الهندي إلى مصر وانعقاد اجتماع مجلس الأعمال المصري الهندي، بالإضافة إلى المباحثات التي عقدها الوزير مع نظيره الهندي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي.

 

وأوضح أن الهند حققت خلال الفترة الماضية إنجازات تنموية نستطيع الاستفادة منها، ومصر أيضًا حققت خلال السنوات الثماني الماضية إنجازات تتعلق بالاستقرار والارتقاء بمستوى المعيشة بما في ذلك في إطار مبادرة حياة كريمة.

 

كما قام شكري في شهر مارس الماضي بزيارة إلى العاصمة الهندية، حيث شارك في فعاليات اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين في إطار الدعوة الموجهة لمصر للمشاركة كضيف للرئاسة الهندية للمجموعة.

 

وإيمانًا من العالم بأهمية ودورها القيادي وتجسيدًا لمكانة مصر إقليميًا ودوليًا، حرصت الرئاسة الهندية الحالية لمجموعة العشرين على أن توجيه الدعوة لمصر للمشاركة كضيف للرئاسة في كل اجتماعات مجموعة العشرين خلال فترة رئاسة الهند للمجموعة التي تستمر لمدة عام.

 

وبالفعل تشارك مصر بشكل نشط ومؤثر في مختلف اجتماعات "العشرين" من أجل تعزيز العمل الدولي المشترك، لاسيما أن المجموعة تمثل ما يقرب من 80% من الناتج الإجمالي العالمي، و75% من حجم التجارة العالمية، و60% من سكان العالم، وهو ما يجعلها من أهم أطر اتخاذ القرار الاقتصادي على المستوى الدولي .

 

وفي هذا الإطار..أعربت مصر عن اعتزامها التعاون والتنسيق اللصيق مع الرئاسة الهندية لمجموعة العشرين بشأن الموضوعات ذات الأولوية المشتركة، وبشكل خاص إعداد وإطلاق مبادرة من المجموعة حول تعزيز الأمن الغذائي العالمي، ودعم مؤسسات التمويل الدولية لجعلها أكثر كفاءة في مواجهة الأزمات العالمية المتعاقبة.

 

وتتولى وزارة الخارجية المصرية مهام التنسيق الوطني فيما بين الوزارات والجهات المصرية المشاركة في الاجتماعات القطاعية لمجموعة العشرين، حيث إنه من المقرر مشاركة وفود رفيعة المستوى من الوزارات المختلفة في اجتماعات قطاعية للمجموعة خلال فترة رئاسة الهند للمجموعة.

 

وعلى الصعيد الاقتصادي والتجاري.. شهد التعاون بين البلدين طفرة غير مسبوقة خلال الفترة الأخيرة.. طفرة أكد عليها سفير الهند بالقاهرة اجيت جوبتيه، حيث أشار إلى زيادة حجم التجارة البينية بسرعة بنسبة 75% في 2021/2022 لتصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق إذ بلغت 7.26 مليار دولار أمريكي واستمرت في النمو أيضًا في 2022/2023.

 

وقال سفير الهند بالقاهرة- فى تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط- إن حوالي 50 شركة هندية لديها استثمارات ضخمة في مصر بقيمة إجمالية تزيد على 3.2 مليار دولار أمريكي في قطاعات عدة، من بينها الكيماويات والطاقة والسيارات وتجارة التجزئة والملابس والزراعة وغيرها، مشيرًا إلى أن هذه الشركات توفر بصفة عامة فرص عمل مباشرة لما يقرب من 38 ألف مصري.

 

وكشف السفير جوبتيه عن أن هناك العديد من هذه الشركات تخطط لتوسيع استثماراتها بضخ استثمارات تراكمية تصل إلى 800 مليون دولار أمريكي في مصر، كما أبدت العديد من الشركات الهندية اهتمامًا بتطوير مشروعات الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء في مصر، وقال إن ثلاث شركات هندية رائدة وقعت مذكرات تفاهم مع الحكومة المصرية بقيمة 18 مليار دولار أمريكي.

 

واستعرض السفير، الجهود التي تقوم بها السفارة بالقاهرة بهدف تعزيز التجارة، حيث قامت بتنشيط الآليات المؤسسية وعقدت اجتماعات الدورة الخامسة "للجنة التجارية الهندية المصرية المشتركة" والدورة الخامسة "لمجلس الأعمال المشترك" في يوليو 2022، ونتيجة لهذه الجهود، شارك أكثر من 14 وفدًا تجاريًا يمثلون حوالي 600 شركة هندية بزيارة مصر منذ منتصف عام 2021.

 

مصر والهند.. تاريخ طويل من العلاقات الوثيقة على مر العصور.. وشراكة استراتيجية في عهد الرئيس السيسي في جميع المجالات..ومستقبل واعد للبلدين في ظل تكامل قدراتهما، الأمر الذي يمكن أن ينشئ منظومة صلبة قادرة على مواجهة التحديات المشتركة والأزمات الدولية المستجدة.