مسجد "أبو غنام" الأثرى بكفر الشيخ مُهدد بالانهيار.. والأهالى: "صوتنا اتنبح من الشكاوى"
الخميس 17/ديسمبر/2020 - 03:15 م
سيطرت حالة من الغضب الشديد بين أهالى مدينة بيلا، بمحافظة كفر الشيخ، بسبب التقاعس عن أعمال تطوير وتجديد مسجد العارف بالله سيدى سالم البيلى أبو غنام، والشهير بمسجد "أبو غنام"، وغياب دور وزارتى الآثار والأوقاف، لإنقاذ المسجد الأثرى من المياه الجوفية التى باتت تُهدد جدرانه.
ويرجع تاريخ مسجد "أبو غنام"، إلى العهد المملوكى الشركى، حيث تم إنشائه فى عام 700هـ على هيئة خلوة، ثم توسعت أعمال بناء المسجد مرة أخرى، فى عهد الخديوى إسماعيل، وذلك بعدما أمرت "خوشيار هانم"، والدة "إسماعيل"، بتجديد المسجد، ضمن عدد من مساجد الأولياء على مستوى الجمهورية.
يحتل المسجد مساحة مُربعة بانحدار، وتبلغ مساحته حوالى 2000 متر، ويمتاز بواجهاته الشاهقة، وله أربعة مداخل تقع على أربعة شوارع مُختلفة، ويحتوى على ضريح العارف بالله سيدى سالم البيلى أبو غنام، والذى يُقام له مولد سنوى فى شهر أغسطس من كل عام، يشهده الآلاف من شتى أنحاء الجمهورية وبعض الدول العربية والإسلامية.
كما يحتوى المسجد، على صحن كبير، ومستعجلة، ومُصلى للنساء، ودورات مياه، ومواضئ كبيرة، بالإضافة إلى منبر كبير مُنقرش صُنع عام 1321 هـ، ومرّ على تاريخ صُنعه أكثر من 121 عاماً، كما يوجد أيضاً كرسى خشبى صُنع منذ ما يقرب من 110 عام، ويوجد مُنتزه كبير خاص بالمسجد، ويُسمى الحى الذى يقع فيه المسجد بحى "أبو غنام"، نسبةً للمسجد.
ومرّ على تاريخ إنشاء المسجد، أكثر من 742 عاماً، وكان يُعتبر تُحفة معمارية وفنية رائعة فى تاريخ البناء والعمارة، إلى أن طالته يد الإهمال منذ سنوات عديدة، وأصبح فى طى النسيان، وبات مُهدداً بالانهيار فى أى وقت، على الرغم من انضمامه إلى وزارة الآثار فى عام 2000م.
"صوتنا اتنبح من الشكاوى".. بهذه الكلمات بدأ البيلى عبد الرحمن، أحد أهالى بيلا، حديثه، لـ "مصر تايمز"، لافتاً أن مسجد "أبو غنام" أصبح فى حالة يُرثى لها، خاصةً مع دخول فصل الشتاء، وتراكم مياه الأمطار أعلى سطح المسجد، والذى يتكون من الألواح الخشبية القديمة، تُغطيها طبقة من الأسمنت، ولذلك أصبحت المياه تتساقط من سقف المسجد على المُصلين أثناء الصلاة، نظراً لوجود ثقوب صغيرة فى سقف وجدران المسجد.
وأكد عبد الناصر السعيد، أحد الأهالى، أن المسجد يُعانى منذ سنوات كثيرة من الإهمال على الرغم من مكانته التاريخية والإسلامية، وذلك لغياب دور المسئولين عن المسجد سواء وزارة الآثار أو الأوقاف، الذين لا تتجه أنظارهم إلى مسجد "أبو غنام" كغيره من المساجد الأثرية.
وأوضح هشام صبح، أحد أهالى بيلا، أن مسجد "سيدى سالم البيلى أبو غنام" كان منارة لنشر تعاليم قيم الدين الإسلامى السمح، من خلال شيوخه الأجلاء الذين تولوا إدارة المسجد على مدار عقود كثيرة، مُشيراً إلى أن القارئ الشيخ أبو العينين شعيشع، نقيب قراء مصر السابق، كانت بداية دخوله عالم التلاوة من هذا المسجد، حيث قرأ القرآن بمسجد "أبو غنام" فى طفولته، وذاع صيته مُنذ هذا الوقت، وأصبح من كبار القراء الكريم فى مصر والعالم الإسلامى.
وأضاف سامى عبد العليم، أحد الأهالى، أن التشققات ملأت أركان المسجد، كما أن هناك بعض شروخ الواضحة فى مأذنة المسجد مما قد يُؤدى إلى انهيارها فى أى وقت مُمكن، وتُهدد حياة المارة، مُتابعاً أنه منذ عدة سنوات حدث هبوط أرضى بالحديقة التابعة لمسجد "أبو غنام"، وتبين أنه سرداب، يُشير إلى وجود مقابر أثرية فى منطقة المسجد، وتمت مُعالجة الأمر بصورة عشوائية بإغلاق السرداب دون التمهل والبحث عن مضمونه.
وفى سياق متصل، صرح الشيخ عبدالوهاب خليفة، إمام المسجد السابق، أن مسجد "أبو غنام" أصبح من فى حالة يندى لها الجبين، وتزرف لها العيون، لما كان عليه من الهيبة وازدحام الزوار من أجل الصلاة به، حيث كانت الزخارف والمُقرنصات داخل المسجد وخارجها تبدو للناظر بمنظرها البديع وألوانها الثابتة، إلى أن طمستها يد الإهمال، مُستطرداً: "المسجد اليوم فى شيوخة وكأن ما بعدها شباب، وننتظر العودة إلى ما كان عليه فى الماضى".
وقال مصدر مسئول بهيئة الآثار الإسلامية والقبطية بكفر الشيخ، أن وزارة الآثار أجرت مُنذ أكثر من 12 عاماً قبل دراسات استشارية لمسجد "أبو غنام"، وتم إرسال تلك الدراسات الاستشارية إلى هيئة البناء والتشييد بوزارة الأوقاف لتخصيص المبالغ المالية اللازمة لأعمال الترميم، وحتى اليوم لم يتم تخصيص أى مبالغ للمسجد، مع العلم أن المسجد يقع عند انحدار تل ما أدى إلى تجمع المياه الجوفية أسفل منه، وارتفاع درجة الرطوبة التى تبدو واضحة عليه.
وفى سياق متصل، ناشد أهالى مركز ومدينة بيلا، الدكتور خالد العنانى، وزير السياحة والآثار، واللواء جمال نور الدين، محافظ كفر الشيخ، بسُرعة إدارج مسجد "أبو غنام"، بميزانية الدولة، وترميمه، حفاظاً على التراث الأثرى والمعمارى، وحفاظاً على حياة المُصلين والزائرين.
كما طالب الأهالى أيضاً، بوضع المسجد على خريطة السياحة الداخلية لمحافظة كفر الشيخ، أسوةً بآثار مدينتى دسوق وفوه، وإبراز مكانته التاريخية والأثرية، ولاسيما أنه يُعد أحد أقدم مساجد المحافظة.