الإثنين 25 نوفمبر 2024 الموافق 23 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

اسرائيل ترفع الستار عن وثائق حرب اكتوبر: جولدا مائير رفضت فكرة ضرب مصر بشكل استباقي قبل بداية الحرب والمعلومات حول هجوم مصر كانت متضاربة .. وديان يعترف بفشل تقديراته

السبت 07/أكتوبر/2023 - 04:10 م
جنود الاحتلال بعد
جنود الاحتلال بعد حرب اكتوبر 1973م

رفعت إسرائيل السرية عن جميع ملفات حرب أكتوبر 1973 والتي كشفت العديد من التفاصيل التاريخية لما سبق الحرب والسجلات عن الفشل الاستخباري الذي سبقها، والمناقشات حول ضربة استباقية.


وكشف الأرشيف الإسرائيلي عن الحرب في 1973 حالة كبيرة من التخبط لدى صناع القرار قبل أيام من بدء الهجوم المصري.
ونشرت إسرائيل آلاف الوثائق والصور عن اللحظات الأخيرة قبل الحرب، بينها صورة لجنود إسرائيليين يحملون قاربا يقل زميلهم وفتاة للاحتفال بزواجهما قبل لحظات من بدء الهجوم المصري.

وقال موقع "تايمز أوف إسرائيل" إن أرشيف إسرائيل نشر مجموعة شاملة من آلاف الوثائق والصور والتسجيلات ومقاطع الفيديو توفر نظرة معمقة على الطريقة التي تم بها التعامل مع الحرب والفشل الاستخباراتي الكبير الذي سبقها.
ولم يختلف الأمر كثيرا داخل الأروقة المغلقة في إسرائيل بعدما كشف الأرشيف عن الاختلاف والتخبط بين الاستخبارات الإسرائيلية والقادة السياسيين حول حجم وطبيعة الهجوم المحتمل لمصر وسوريا.


وأقرت إسرائيل أنها أسائت التقدير فيما يتعلق بحجم الضرر الذي يمكن أن تلحقه مصر وسوريا في هجومهما خلال السادس من أكتوبر 1973.
 

وقالت المسؤولة عن الأرشيف روتي أبراموفيتش "هذه نظرة شاملة على قصة الحرب، التي أثرت على جميع مناحي الحياة في إسرائيل.. هذا هو أكبر كشف قام به أرشيف الدولة على الإطلاق".
 

وتوفر بعض الوثائق سجلات للمداولات التي جرت بين رئيسة الوزراء آنذاك غولدا مئير وقادة الأمن في الأيام والساعات التي سبقت شن سوريا ومصر الحرب المنسقة في 6 أكتوبر 1973، بينما كانت إسرائيل تحيي "يوم الغفران".
 

ولم تتوقع إسرائيل تنفيذ الهجوم ضدها على الرغم من العلامات الصريحة التي أشارت إلى أن الجيشين يستعدان للهجوم، معتقدة أنه في أعقاب هزيمة مصر قبل ست سنوات في حرب "الأيام الستة"، فإن القاهرة لن تهاجم إلا إذا اكتسبت أولا القدرة على شل سلاح الجو الإسرائيلي.
 

قبل يوم من بدء الحرب،  قال رئيس المخابرات العسكرية إيلي زعيرا، لمئير، إن التقييم السائد هو أن جاهزية إسرائيل تنبع بشكل أساسي من الخوف منا.. أعتقد أنهم ليسوا على وشك الهجوم، ليس لدينا دليل.. من الناحية التقنية، هم قادرون على التحرك.. أفترض أنهم إذا كانوا على وشك الهجوم، فسنحصل على مؤشرات أفضل".
 

وفي تقييم آخر بعد ساعات، كرر زعيرا ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي دافيد إليعيزر موقفهما القائل بأن سوريا ومصر تخططان على الأرجح لعدوان محدود أو حتى مجرد نشر قوات دفاعية.


وأضاف إليعزر: "لا بد لي من القول، لا يوجد لنا دليل كاف على أنهم لا ينوون الهجوم.. ليس لدينا مؤشرات قاطعة على أنهم يريدون الهجوم، لكن لا أستطيع أن أقول بناء على المعلومات أنهم لا يستعدون".


وفي صباح اليوم التالي في الساعة 7:30 صباحا، قبل 6.5 ساعات من بدء الحرب، قرأ السكرتير العسكري لمائير برقية ليلية لرئيسة الوزراء من رئيس الموساد تسفي زمير، يشير فيها إلى أن الحرب كانت مسألة ساعات.


ثم ركزت المناقشة على ما إذا كان ينبغي شن ضربة استباقية، كما فعلت اسرائيل في حرب عام 1967 قبل أن تتمكن الجيوش العربية من تنفيذ خطة هجومها.


لكن وزير الدفاع موشيه ديان قال: "لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بتوجيه ضربة استباقية هذه المرة، من منظور دبلوماسي.. في الوضع الحالي، حتى قبل خمس دقائق أمر مستحيل".


ووافقته مائير الرأي وقالت إن "ضربة استباقية هي أمر مغر للغاية، ولكن نحن لسنا في عام 1968.. هذه المرة، العالم يكشف عن وجهه القبيح.. لن يصدقوننا".


وقال الوزير الاسرائيلي غاليلي، الذي لا تزال الجملة التالية التي قالها سرية، إن "مصدر تسفيكا (زمير) يقول إن بالإمكان منع الحرب من خلال تسريب المعلومات.. تسفيكا يقترح القيام بذلك".
 

وأعرب الوزير يغال ألون عن تأييده لتسريب دراية إسرائيل بمخطط الهجوم لوسائل الإعلام قبل جلسة لمجلس الوزراء كان من المقرر عقدها في ظهر اليوم نفسه، لكن مائير أيدت فقط تسريب المعلومات للدبلوماسيين الأجانب، وانتهى بها الأمر بإطلاع السفير الأمريكي كينيث كيتنغ على المعلومات بعد أن قال ديان: "ينبغي علينا السير بحذر، حتى لا تكون هناك حالة من الذعر".
 

وطلبت مائير من كيتنغ خلال لقائهما نقل رسالة إلى مصر مفادها "ليس لدينا شك في أننا سننتصر، ولكننا نريد أن نعلن أننا لا نخطط لهجوم، ولكننا بالطبع مستعدون لصد هجومهم".


وعندما سأل كيتنغ ما إذا كانت إسرائيل ستضرب بشكل استباقي، أجابت مئير بأنها لن تفعل ذلك، "على الرغم من أن ذلك كان سيجعل الأمر أسهل بكثير بالنسبة لنا".
وبعد يوم من وقوع الهجوم، وهو ما فاجأ إسرائيل لأنه حدث في وقت أبكر مما كان متوقعا، اعترف ديان لمئير وألون بأن تقييماته كانت خاطئة.


وقال: "كان لدينا تقييما يستند إلى الحرب السابقة، وكان غير صحيح.. لقد كان لدينا ولآخرين تقييمات خاطئة حول ما سيحدث أثناء محاولة عبور قناة السويس".


وتم توثيق البروتوكولات في المذكرات الشخصية المكتوبة بخط اليد لإيلي مزراحي، مدير ديوان رئيسة الوزراء آنذاك، والتي نُشرت بعض الأجزاء منها سابقا.


وفقا للأرشيف فإن المواد المنشورة حديثا توثق الأحداث في الوقت الفعلي في جميع المجالات: السياسية والعسكرية والدولية والعامة والمدنية، وتشمل هذه المواد مداولات الحكومة، والمشاورات العسكرية السياسية، وجلسات لجان الكنيست، ومراسلات وزارة الخارجية وتقييمات الوضع فيما يتعلق بسير الحرب والدفاع المدني وتنظيم الجبهة الداخلية خلالها.


وأفاد الأرشيف أن هذه المواد توفر لمحة مذهلة عن عملية صنع القرار من قبل القادة في ظل ظروف عدم اليقين، والقتال على مختلف الجبهات، والاتصالات السياسية التي جرت بوساطة الولايات المتحدة في نهاية الحرب وبعدها،وانتهت حرب 1973 بوقف نهائي لإطلاق النار في 24 أكتوبر.