كاتب أمريكي يكشف خطة انهاء الحرب.. يؤكد: الرجل الذي انسحب من غزة لديه إمكانيه وقف الصراع
ذكرت وكالة بلومبرج للأنباء مقابلة الكاتب الأمريكي مارك شامبيون مع رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إيهود أولمرت صاحب قرار الانسحاب من قطاع غزة من جانب واحد في عام 2005.
واستهلت انه مع دخول القتال بين الإسرائيليين والفلسطينيين في قطاع غزة يومه التاسع عشر وسقوط آلاف الشهداء، بل وفي ظل احتمال قيام إسرائيل بعملية اجتياح بري للقطاع ستضاعف الخسائر البشرية لدى الجانبين وقد تحول معركة غزة إلى حرب إقليمية أوسع نطاقا
ويقول شامبيون في المقابلة إن أولمرت الذي أعد خطة إخلاء قطاع غزة من الوجود العسكري والاستيطاني الإسرائيلي كوزير في حكومة رئيس الوزراء الراحل آرييل شارون، مازال قادرا على طرح حل نهائي للأزمة في غزة والصراع الفلسطيني الإسرائيلي ككل.
ويشير شامبيون إلى أن خطة الانسحاب من جانب واحد كانت مثيرة للجدل في إسرائيل منذ البداية ووصفها البعض بأنها خطة ساذجة خاصة بعد فوز حركة حماس الفلسطينية التي لا تعترف بحق إسرائيل في الوجود بالانتخابات التي أجريت في القطاع.
واستقال نتنياهو من حكومة شارون احتجاجا على قرار الانسحاب، وقال إنه سيؤدي إلى مزيد من الهجمات على إسرائيل ويفقدها الأراضي التي كسبتها في حرب يونيو 1967.
وقال آخرون إن هذه الخطة خدعة إسرائيلية لتجنب التوصل إلى تسوية شاملة مع الفلسطينيين عبر المفاوضات.
ولكن أولمرت يقول في مقابلة مع شامبيون "هناك شخص واحد يستطيع الرد على هذا الكلام وهو أنا... لقد كانت رؤيتي واضحة تماما وصريحة ودون أي شك وهي حل الدولتين" لإنهاء الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مضيفا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعمد السماح بتنامي قوة حركة حماس في غزة وإضعاف السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية لكي يقضي على وجود أي شريك يتمتع بمصداقية في عملية السلام وهو ما أدى إلى تغيير كامل في مسار الأحداث طوال تلك السنوات.
وسبب اعتقاد أولمرت بذلك أنه في عام 2008 وبعد ثلاث سنوات من فك الارتباط مع قطاع عزة اقترب الفلسطينيون والإسرائيليون بشدة من تسوية للصراع على أساس وجود الدولتين. ولو نجحا الطرفان في تلك التسوية لتغير مسار التاريخ تماما.
والان فإن تحديد أيهما كان على حق أولمرت أم نتنياهو ينطوي على أهمية كبيرة، لأن الإجابة على السؤال ستحدد بدرجة كبيرة المسار الذي ستمضي فيه الأحداث بعد انتهاء العملية العسكرية في قطاع غزة بما في ذلك الاجتياح البري للقطاع.
ويقول أولمرت إن نتنياهو على مدى 15 عاما سمح لحماس بتعزيز قوتها العسكرية، وسمح لليمين الديني والوطني المتطرف في إسرائيل بالتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة، فلم يدع أي أمل ولا أفق للسلام أمام معسكر السلام الفلسطيني.
ويضيف أولمرت إنه على إسرائيل التوقف عن سياسة التوسع الاستيطاني وإذلال الفلسطينيين الحالية. ويقول إن هدف فك الارتباط مع غزة في عام 2005 كان اتخاذ خطوة من جانب واحد لإنهاء احتلال عزة أولا ثم الضفة الغربية بعد ذلك، لأن مفاوضات السلام كانت جامدة وكان هناك حاجة إلى كسر هذا الجمود.
ويتابع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أن دافعه الأساسي وراء قرار فك الارتباط هو التخلص من "ثمار الاحتلال المرة، ثماره المرة بالنسبة لما نفعله نحن معهم، وثمارها المرة لما يفعلونه معنا وما يفعله الاحتلال في النفسية الإسرائيلية والتوجهات الإسرائيلية وفقدننا للشعور بالإنسانية واللياقة".
ويحكي أولمرت في مقابلته مع كاتب بلومبرج قصة خطاب بخط اليد تلقاه اثناء وجوده في منصب رئيس الوزراء من وزير في السلطة الفلسطينية قال فيه إنه كان متجها إلى القدس لمقابلة نظيره الإسرائيلي واصطحب ابنه معه ليرى المسجد الأقصى.
ولكن على نقطة تفتيش أجبر الجنود الإسرائيليون الوزير الفلسطيني على الخضوع لعملية تفتيش ذاتي تعني خلع ملابسه تماما والوقوف عاريا أمام ابنه، مضيفا انه اتصل بالوزير الفلسطيني واعتذر له واعتذر لابنه بشكل خاص، لكن من المؤكد أن هذا الطفل الذي شاهد والده يهان بهذه الصورة قد تحول إلى عضو في حركة حماس.
وهناك بالتأكيد مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين يتعرضون لهذه الممارسات المذلة والمهينة والذين ينضمون إلى الجماعات المتطرفة على الجانب الفلسطيني.
أما السبب الثاني لقرار فك الارتباط، إلى جانب التأثيرات السلبية للاحتلال، كان البعد الديموجرافي. فقد كان واضحا تماما أن النمو السريع للفلسطينيين سيصب في مصلحتهم في حال قيام دولة واحدة على كامل أرض فلسطين تضم العرب واليهود، حيث سيكون الفلسطينيون أغلبية واليهود أقلية
وفي هذه الحالة ستحكم الأغلبية أو تضطر الأقلية اليهودية للتخلي عن الطابع الديمقراطي لدولة إسرائيل. وجاء فك الارتباط مع غزة لحماية إسرائيل من هذا السيناريو.
وما يزال أولمرت يرى أن حل الدولتين مازال هو الحل الوحيد السليم للخروج من معضلة المواجهات الدامية المتواصلة منذ 1967 على الأقل بين اليهود والفلسطينيين.
ولكن لن يحدث هذا قبل القضاء على حركة حماس في غزة "فلا يمكن التفاوض معهم ويجب قتلهم، فإما أن يموتوا أو تموتوا انتم".
وبعد ذلك على إسرائيل التخلي عن سياساتها الحالية وفتح الأفق أمام الفلسطينيين، وكبح حركة المستوطنين اليهود في الضفة الغربية والقبول بفكرة أن كل جانب من جانبي الصراع سيقدم تنازلات وإعادة بناء السلطة الفلسطينية كشريك سلام موثوق به.
وقد اظهر استطلاع مشترك للرأي في كانون الثاني/يناير الماضي تراجع تأييد حل الدولتين على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلى الثلث، حيث يرفض ثلثا الفلسطينيين هذا الحال في حين يرفضه 53% من الإسرائيليين.
لكن هذا ليس حكما نهائيا وإنما يمثل تحديا لأي سياسي قوي من أجل استعادة دعم الأغلبية للتسوية السياسية للصراع.
وأخيرا يقول شامبيون إنه من الواضح أن نتنياهو لا يستطيع أن يقود فكرة تخلي إسرائيل عن سياساتها الحالية وفتح الأفق أمام الفلسطينيين،
فقد انهارت سياسته الفلسطينية في 7 تشرين الأول/أكتوبر الحالي، وكذلك ليس من المرجح أن يستطيع أولمرت ذلك
فقد استقال من منصبه على خلفية اتهامه بالفساد ودخوله السجن.
ولكن أولمرت على حق في أن السبيل الوحيد للخروج من دائرة الحرب هو العودة إلى مسار حل الدولتين.